اخر الاخبار

يعد ملف تهريب النفط الأسود الى خارج البلاد، أحد أبرز ملفات الفساد، التي تسبب خسائر مالية كبيرة للدولة العراقية، نتيجة لفرق سعر البيع بين السوق المحلية والسوق العالمية، تلك الخسائر التي يقدرها خبراء الاقتصاد بحوالي مليار و700 مليون دولار سنوياً، تذهب لجيوب المتنفذين الفاسدين. 

خسائر سنوية

ويعلق الخبير النفطي نبيل المرسومي على هذا الموضوع فيقول “ ينتج العراق 40 ألف طن يوميًا من النفط الاسود اي ما يعادل 280 ألف برميل، فيما يُّصدر منه 14 ألف طن او نحو 100 ألف برميل يوميًا، ويرسل الباقي وهو بحدود 26 ألف طن أو 180 ألف برميل للبيع الى معامل ومصانع مختلفة من أجل الاستهلاك المحلي”. ويشير الى ان “صادرات العراق من النفط الأسود بلغت مليار و911 مليون دولار للسنة الماضية”.

وأضاف الخبير في تدوينه له ان “سعر بيع النفط في الأسواق العالمية هو 466 دولاراً، فيما تُزود معامل الجص والطابوق بسعر 68 دولاراً للطن الواحد، وتزود معامل اخرى بسعر 170 دولاراً، أي ان معدل سعر البيع المحلي 119 دولاراً للطن الواحد”، منوها الى ان “الاستهلاك المحلي يبلغ 26 ألف طن يوميًا وهو رقم مبالغ به”.

وتابع ان “واقع الاستهلاك المحلي اقل بكثير من 26 ألف طن، وهذا يعني ان جزءً كبيراً من النفط الأسود يجري تهريبه حاليا من خلال الصهاريج، وبالذات الى محافظة كركوك وخاصة منطقة كفري، فيما يتم تهريب جزء من انتاج أحد المصافي المتخصصة بإنتاج النفط الأسود للإنتاج المحلي، الى بندر عباس من خلال السليمانية”.

وأشار الى ان “الجهات المعنية منحت اجازات مصانع الاسفلت المؤكسد، والتي وصل عددها الى 14 مصنع، لتجهيزها ما بين 500 الى 1000 طن من النفط الأسود. ويبدو ان هناك مصانعاً وهمية تستلم حصصها أيضاً، اذ بلغ عدد مصانع الجص في احدى المحافظات 50 مصنعا، يستلم كل منها الف طن شهريا. وهذا يعني ان هناك مصانع تستخدم النفط الأسود فعلا في انتاجها المحلي، في حين ان هناك مصانع أخرى، تبيع جزءً من حصتها من النفط الأسود لجهات أخرى، لتقوم بتهريبه الى الخارج، وهناك مصانع وهمية تستلم حصتها من النفط الأسود ثم يجري تهريبه كاملاً، ويؤدي كل ذلك بالطبع الى خسارة مالية كبيرة للعراق لا تقل عن 1.7 مليار دولار سنويا”.

اعتقال المهربين

ورغم اعلان مديرية شرطة الطاقة، أخيرا، عن اعتقال متهمين بتهريب النفط ومشتقاته، فإن الجهود الحكومية في متابعة هذا الملف تبدو ضعيفة. وكانت وزارة الداخلية قد ذكرت في بيان لها أنه “بعمليات نوعية في مختلف محافظات العراق، قامت مديرية شرطة الطاقة بضرب عصابات تهريب النفط ومشتقاته، حيث تمكنت المديرية من إلقاء القبض على 12 متهماً”. وأضافت انه “تم إلقاء القبض على ثمانية متهمين في سيطرة شرطة النفط البطحاء في محافظة الناصرية، محملين بمنتوج نفطي داخل براميل حديدية، دون إية موافقات رسمية. كما تم وخلال عملية أمنية آخرى، ضبط محطة وقود غير رسمية ووكر يستخدم لتهريب النفط ومشتقاته في محافظة كركوك. وأسفرت العملية عن إلقاء القبض على ثلاثة متهمين إضافة إلى ضبط محتويات المحطة والوكر”. وأشارت الوزارة الى انه “في واجب آخر تمكنت مفارز مركز شرطة نفط الديوانية من إلقاء القبض على متهم وضبط عجلته التي تحمل براميل حديدية عددها 128 محملة بمنتوج نفطي، دون أي موافقات رسمية”.

جهات متنفذة

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي حسين ثجيل، ان ملف التهريب مرتبط بمجاميع مسلحة وشخصيات متنفذة تعمل على تهريب أي شيء يدر عليها الأموال. وقال ثجيل لـ”طريق الشعب”، ان “ملف التهريب يبدأ من اصدار البطاقات الوقودية للمعامل الوهمية، وتزويدها بحصص من النفط الأسود”، مشيرا الى ان “الدعم ضروري للمعامل الفاعلة، ولكن هناك معامل وهمية مهمتها استلام النفط الأسود ومن ثم بيعه”. وتابع ان “جهات متنفذة تمتلك مئات الاجازات، التي تستخدمها في استلام النفط وتهريبه الى خارج العراق”، مؤكدا على “وجود منافذ حدودية خارج سيطرة الدولة تسّهل عملية التهريب”. وأشار الى ان “على وزارة النفط التدقيق في الاجازات للمعامل ومعرفة المعامل الفاعلة من الوهمية”، مستبعدا “السيطرة على الملف لكونه باباً من أبواب تمويل الفاسدين والعصابات والعناصر المسلحة في البلاد”.