في ظل الفوضى السياسية التي تشهدها البلاد، ينتظر المواطنون ان تستكمل إجراءات تشكيل الحكومة الجديدة، من أجل الشروع في اعداد مشروع قانون موازنة العام الحالي، والذي أعدته حكومة تصريف الأعمال بشقيه التشغيلي والاستثماري، لكن المخاوف ما تزال قائمة من تدخل الارادات السياسية في استحداث بعض المشاريع الجديدة على حساب المشاريع المشلولة التي شهدت نسب انجاز معينة. 

يأتي ذلك وسط جدل حول احقية حكومة تصريف الاعمال في إعداد قانون الموازنة من عدمه، فيما تحذر اطراف معنية من تعطيل تقديم الموازنة. 

تشغيلية واستثمارية

وقال المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء، مظهر محمد صالح، في حديث لـ”طريق الشعب”، أن “مسودة قانون الموازنة الحالية التي عدتها الحكومة فيها نفقات تشغيلية واستثمارية، وميزتها الأساسية هي انها سوف تنفذ المشاريع الاستثمارية في الكامل ومن دون توقف، كوننا نمر بفترة وفرة مالية”. 

وأضاف صالح أن “نسبة الجانب التشغيلي في مسودة قانون الموازنة بلغت حوالي 70 في المائة، فيما سيكون للجانب الاستثماري 30 في المائة”، موضحاً انه “غير معلوم حتى الان نسبة العجز الافتراضي في الموازنة القادمة، لكن الموازنة وضعت على سعر تقريبي لبرميل النفط قدره 55 دولارا. وفي ظل سقوف الانفاق للعام الماضي، من المرجح ان تقل نسبة العجز في الموازنة عما كانت عليه”.

وتابع ان “العجز الافتراضي لا يعني ان يتم تمويل الموازنة عن طريق الاقتراض، وانما يمول عن طريق الفائض من الريوع النفطية، حيث ان هناك فرقا بين سعر برميل النفط في الموازنة، وسعر البرميل في السوق”.

وأوضح المستشار أن “فارق أسعار النفط بين ما مثبت في الموازنة والسعر الحالي في السوق يخلق جدلا: اذا افترضنا ان سقف الانفاق ثابت عند 140 ترليون دينار فيجب ان لا يقل متوسط سعر برميل النفط السنوي في الموازنة عن 72 دولارا”.

تكرار سيناريو 

من جهته، توقع عضو مجلس النواب، جمال كوجر، تكرار سيناريو 2021 في اعداد موازنة العام الحالي لثمانية اشهر، مبينا ان حكومة الكاظمي هي لتصريف الاعمال، ولا يحق لها قانونيا اعدادها.

وقال كوجر في تصريحات صحفيّة، أن “الموازنة عام 2022 ستقر لعام كامل  الا انها لثمانية اشهر فقط لعدم وجود نص قانوني يمكن من اعدادها  لـ 8 اشهر”.

واضاف ان “سيناريو 2021 سيتكرر في العام الحالي في ما يخص إعداد الموازنة لتأخرها وانشغال البرلمان بالتشكيل الحكومي”، منوها الى ان “حكومة الكاظمي لا يمكنها اعداد الموازنة قانونيا باعتبارها حكومة تصريف اعمال”.

واشار الى أن “الموازنة ستتضمن تسديد القروض الداخلية والخارجية التي اقترضتها حكومة الكاظمي، والتي يتوجب على العراق دفع اقساط منها  سنويا”.

وبالعودة الى المستشار المالي، فإنه يرى أن “تقديم الموازنة من قبل حكومة تصريف الاعمال الى مجلس النواب المنتخب الجديد ليس عائقاً كبيراً، بل يجب ان تغنى مسودة الموازنة بالنقاشات والأفكار”، مبيناً أن “تعطيل تقديم الموازنة هو اخطر من تقديمها في بلد مثل العراق فيه ركود اقتصادي وبطالة، ومشكلات اقتصادية أخرى كثيرة”. 

ولم يرد النائب جمال كوجر على اتصالات مراسل “طريق الشعب”، للتعليق اكثر حول موازنة العام 2022. 

ووصلت أسعار النفط، أعلى مستوياتها في اخر سبع سنوات، وبلغت 95.73 دولار للبرميل، حيث من المؤمل ان يسبب ذلك وفرة مالية في البلاد، تعود بفائدة إيجابية على القطاعات الخدمية. 

مسؤولية التخطيط

وفي السياق، قال الخبير الاقتصادي نبيل جبار العلي، ان “سعر النفط يمثل نوعا من أنواع التقديرات حيث ان خبراء النفط في “سومو” بالإضافة الى وزارة النفط ستضع التقديرات الأولية لأسعار النفط للعام الحالي وترسل الى وزارة المالية وتعرف من خلالها حجم الإيرادات النفطية”.

وأضاف العلي لـ”طريق الشعب”، أنه “بعد ارتفاع سعر برميل النفط الى 96 دولارا، ينتظر ان تحدث التفاتات الى القطاعات الخدمية مثل التعليم والصحة والاعمار والإسكان”، لافتاً إلى أن “وزارة التخطيط هي المعنية بوضع الاولويات للمشاريع، وأن الجزء التنموي في الموازنة يتمثل في الجانب  الاستثماري وهو من يحدد حجم الانفاق وانعكاساته نحو أي قطاع”، متوقعاً أن “يكون التركيز على المشاريع غير المنجزة التي تبلغ 6 الالف مشروع”. 

ورجح ان “يكون للتأثيرات السياسية دور في استحداث المشاريع الجديدة وتعطل مشاريع أخرى فيها نسب انجاز من اجل الحصول على عمولات من قبل الجهات المستثمرة في المشاريع”، مبيناً أن “ذلك أدى الى اهمال القطاعات الخدمية طيلة السنوات الماضية”.