اخر الاخبار

في الوقت الذي يجري البرلمان فيه نقاشات حثيثة، بشأن مضامين مشروع قانون الموازنة العامة للعام الجاري، عبر السعي الى ضغط النفقات، وإجراء المناقلات المالية، أعلن صندوق النقد الدولي، عن تلقيه طلب مساعدة طارئة من العراق، مؤكدا أن المحادثات جارية بين الطرفين في هذا الإطار.

وفي تلك الاثناء، كشف مستشار حكومي عن تفاصيل طلب الاقتراض وآلياته، وفيما حذر من تداعيات الاستمرار بهذا الطريق، شدد نواب في البرلمان، على أن هذا الأمر مستبعد، لما له من اضرار خطرة، كما انه يكبل الاجيال القادمة بالديون.

ويرى خبير اقتصادي، ان تجارب الاقتراض السابقة شهدت هدرا كبيرا، وخصوصا في عامي 2015 و 2016.

قرض جديد

وقال الصندوق في بيان تداولته وكالات الأنباء، إن السلطات العراقية “طلبت مساعدة طارئة بموجب أداة التمويل السريع بترتيب طويل الأمد، لدعم الإصلاحات الاقتصادية المخطط لها”.

وأوضح الصندوق وفقا لبيان طالعته “طريق الشعب”، ان “المناقشات جارية بشأن طلب السلطات للمساعدة الطارئة”. ويأتي هذا الحديث بعد أن أكد وزير المالية مؤخرا “اجراء العراق محادثات مع الصندوق للحصول على قرض بقيمة 6 مليارات دولار”.

آليات القروض

من جهته، كشف مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، يوم أمس، عن آلية استحصال القروض من صندوق النقد الدولي.

وقال صالح في تصريح صحفي اطلعت عليه “طريق الشعب”، إن “جزءاً من القرض الذي يحصل عليه العراق من صندوق النقد الدولي، يسمى بوسيلة التمويل المتسارع”، لافتاً إلى أن “الصندوق عندما يرى عجزا كبيرا في الحساب الجاري بميزان المدفوعات، لدى أي بلد، يقوم بتقديم قرض ميسر”.

وأضاف المستشار أن “القرض الذي سيحصل عليه، سيكون ملياري دولار، وتوجد أربعة مليارات أخرى. وهذه تأتي لإصلاح الاقتصاد العراقي”، مبينا أن “هذه الأموال تسمى تحوطية، أي ان العراق عندما يحتاج يسحب منها على قدر حاجته. علما أن العراق أجرى مع صندوق النقد الدولي حوالي خمس اتفاقيات بعد عام 2003، ثلاث منها تشمل استعدادات ائتمانية، وواحدة ما بعد الصراعات، وأخرى تسمى استاف مونيتر، وكانت اتفاقات ناجحة”.

وفي تصريح لصحيفة النهار الكويتية، حذر د. مظهر من “استمرار سياسة الاقتراض لسد النفقات التشغيلية للحكومة، بدلا من ذهابها إلى المشاريع الاستثمارية التي تدر إيرادات للدولة. خصوصا وأن الموازنة تواجه قيدين، وهما استمرار تدني عوائد النفط واستمرار الانفاق التشغيلي على وفق مستوياته العالية. وهذا يدفع لا محالة الى الاقتراض لسد فجوة العجز الفعلي في هذه الحالة”.

ونوه الى أنه “لكي تكون لدينا فسحة مالية، اي القدرة على الاقتراض والتسديد، ينبغي اعادة ضبط النفقات التشغيلية مجدداً، والتوجه بالاقتراض ليرتبط بالمشروعات المدرة للدخل وبخلاف ذلك سيحصل ما يسمى بإرهاق الديون والدخول في اخفاقات مالية قلقة جدا، وعليه ارى ان السياسة المالية في ضوء الورقة البيضاء ستأخذ المسار الاتي، اذ ما تم بناء موازنة عام 2021 على عجز فعلي وليس افتراضيا، يمول من فروقات اسعار النفط عند تحسن السوق النفطية لمصلحة المصدرين”.

تحذيرات نيابية

وفي الأثناء، استبعد عضو في اللجنة المالية النيابية اللجوء الى الاقتراض الخارجي، محذرا من خطورته وتبعاته المستقبلية.

وقال النائب ناجي السعيدي، في تصريح صحفي، إن “الاقتراض الخارجي خطر من حيث تبعاته المستقبلية والفوائد المترتبة عليه، والعراق منذ 1990 الى الان يعاني من ديون نادي باريس وغيرها”، موضحا ان “حجم دفعات تسديد اقساطها مع الفوائد في الموازنة المالية العامة، يقارب 15 تريليون دينار سنويا”.

وأضاف، أن لجنته غير مستعدة للتعامل مع أي مشروع للاقتراض الخارجي، مؤكدا “سبق أن اوقفنا الاقتراض الخارجي وقررنا اللجوء عند الحاجة الى الاقتراض الداخلي”.

استثمار واعمار

من جانبها، قالت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، ميادة النجار، إن “البلاد بحاجة إلى استثمار وإعمار. ولم نر في المدة السابقة مشاريع اقتصادية واستثمارية، مما يعني أن الحكومات المتعاقبة، لم تهتم بالاقتصاد وجعلته في خدمتها سياسيا”.

وأكدت النجار، إمكانية “فتح الابواب امام المستثمرين الاجانب بدلا من الاقتراض، من دون تحديد دولة تتدخل او تمنع، بل فتح الابواب امام المستثمرين الاقوياء، ضمن برنامج استراتيجي قوي، يتضمن تشجيع المستثمرين العراقيين الذين يستثمرون رؤوس اموالهم خارج البلاد”.

بوابة للهدر المالي

وفي المقابل، شدد الخبير الاقتصادي محمود داغر، على أن عامي 2015 و2016 شهدا هدرا ماليا كبيرا بقيمة 6،5 مليار دولار، اثناء اقتراض البلد من الخارج.

وقال داغر في حديث متلفز، تابعته “طريق الشعب”، إن “العراق حصل على قروض من صندوق النقد والبنك الدوليين بقيمة 6،5 مليار دولار خلال 2015 و2016، وكان من المفترض ان تذهب لسد عجز الموازنة واصلاح منظومة الكهرباء، لكن هذه القروض اهدرت بالكامل، ولم يتم استثمارها؛ اذ ما نزال نعاني من نقص كبير في تجهيز الطاقة الكهربائية”.

ولفت الخبير الى أن “المشكلة ليست في الجهات المانحة للقروض بل بإدارة هذه القروض وطريقة إنفاقها من قبل الحكومة العراقية”، مردفا “لو انفقت هذه القروض على دعم المصانع المحلية والفلاحين لما كنا بحاجة الى المزيد من القروض”.