اخر الاخبار

ضمن سلسلة لقاءات البرنامج التفاعلي الاسبوعي “يحدث في العراق”، الذي يُبث على صفحة الحزب الشيوعي العراقي الرسمية في “فيسبوك” مساء كل سبت، ضيّف المركز الاعلامي للحزب الخبيرين الاقتصاديين د. ميثم لعيبي ود. عبد الرحمن المشهداني، في حلقة خاصة، لمناقشة موازنة 2021، حملت عنوان: “الموازنات الانفجارية متى تنصف الفقراء؟”. نستعرض، في ما يأتي، تفاصيل الحلقة التي قدمها عضو اللجنة المركزي للحزب الشيوعي العراقي علي صاحب.

تضخيم ارقام الموازنات جزء منه يذهب

لـ”اقتصادية الاحزاب”

  • المركز: في السنوات الاخيرة بدأ الحديث عن “الموازنات الانفجارية”، هل هذه الموازنات تؤدي غرضها وتحقق شيئا؟ ام هي مجرد تسميات تستثمرها الكتل السياسية، للحصول على مزيد من الاموال على حساب الفقراء؟

- لعيبي: هذه الموازنات بدأت تنفجر على من يعّدها، عندما كان الوضع الاقتصادي منفرجا قبل 2014، وقبل الازمة الاقتصادية كانت الموازنات تتضخم لأسباب متعددة، أغلبها يتعلق بغايات حزبية ومحاصصة وشراء أصوات الناخبين. والغرض منها تحشيد رأي عام قبل الانتخابات. الجانب الاخر هو الجانب الاستثماري في الموازنة؛ فلو عملنا على نوع من المقاربة الاستثمارية، ووزعناها على الوزارات، لوجدنا نوعا من المحاصصة: تضخيم ارقام الموازنات جزء منه يذهب لما يعرف بـ “اقتصادية الاحزاب”.

 

  • المركز: التخصيصات المالية للوزارات المختلفة باقية كما هي، ومع ارتفاع تخصيصات الوزارات الامنية في ظل انخفاض تخصيصات وزارات أخرى كوزارة التعليم، هل تعتقدون أن هذا نوع من التحاصص الذي يجري بين الكتل السياسية؟

- لعيبي: موازنة الحرب ليست جديدة. موازنات العراق حتى قبل 2003 تذهب حصة لا تقل عن 25% للمجال العسكري. أما موازنة 2021 فمنذ بداية انطلاقها وهي غريبة جدا، حيث يتم تقديم اكثر من سيناريو للموازنة. وفي العادة يتم الذهاب لموازنة تخطيطية، والنفط يعطونه اكثر من سعر، وسعر الصرف ايضا.

الموازنة تضمنت نفقات “غير ضرورية”

  • المركز: هناك سجال برلماني واسع على النفقات. برأيك هل البرلمان قادر على ترشيق الموازنة؟ أم سيتقاسمون ويتحاصصون النفقات من اجل الحملات الانتخابية والجيوش الالكترونية وغيرها من هذه التفاصيل الموجودة عند بعض الكتل السياسية؟

المشهداني: في الحقيقة هذا السجال بدأ قبل ان تبدأ تسريبات الموازنة، بين اللجنة المالية ووزير المالية، حول مشاريع الاقراض التي قدمها خلال العام الماضي، خاصة المشروع الثاني. وعملت اللجنة المالية رغم اختلاف اختصاصاتهم وابتعاد الجزء الاكبر منهم عن التخصص المالي والاقتصادي، لكن اعتقد كانت تعمل بمهنية اعلى من مهنية وزارة المالية.

الان التصريحات الاخيرة تقول ان الموازنة خفضت من 164 ترليونا الى 127 ترليونا، وأنا أعتقد ان هذا التقليص الاولي كان مهما رغم القناعة انه لا تزال النفقات عالية، وهناك نفقات غير ضرورية، والاكثر من ذلك ان السادة اعضاء اللجنة المالية يصرحون انه عند تدقيق البيانات المرسلة من وزارة المالية مع الجهات القطاعية، سواء كانت وزارات ام هيئات عامة، وجدوا ان الكثير من الارقام مضخمة، ولا علاقة لها بالورقة البيضاء. وكان من المفترض ان تنطلق الموازنة من مجلس الوزراء الى مجلس النواب يوم 16/ 10، ثم بعد ذلك كانت التسريبات لنسخة من الموازنة، لكن اعتقد ان ترشيق النفقات تم بشكل كبير. وبنفس الوقت تم العمل على رفع الايرادات من خلال رفع سعر برميل النفط من 42 الى 45 دولارا.

  • المركز: هل رفع اسعار النفط سيقلل من عجز الموازنة؟

المشهداني: اجريت اتصالا مع احد اعضاء اللجنة المالية، وكان تبريرهم ان الفرق سيكون موردا اساسيا لخفض العجز. وبالتالي نحن لسنا بحاجة ماسة للاقتراض سواء الداخلي ام الخارجي. والدليل تم تخفيض الاقتراض الداخلي من البنك المركزي من 47 ترليون دينار الى 2 ترليون، والهدف الاساسي ان الفائض سيتوجه لتمويل العجز، لكن الامر الغريب ان السيد وزير المالية لم ينتظر اقرار الموازنة وبدأ مفاوضات للحصول على القروض الخارجية او الداخلية. والدليل على ذلك هناك مفاوضات تجري مع صندوق النقد الدولي للحصول على 6 مليارات دولار، وهناك ايضا مشروع لاقتراض 4 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. وهذا الامر الغريب رافق كل الموازنات؛ فعندما يبدأ اقرار الموازنة تسعى وزارة المالية او الحكومة الى الى الاقتراض الداخلي او الخارجي. هم لا ينتظرون منتصف العام او نهاية العام كي يرون هل الايرادات المتحققة تكفي للنفقات. ومن خلال تتبعي لكل السنوات من 2006 الى عام 2020، لاحظتُ أننا نخطط بأرقام عالية لكن نسبة التنفيذ في احسن الاحوال ـ استثمارية وتشغيلية ـ لم تصل الى 85% طيلة السنوات: الجانب التشغيلي 80 أو 85 في المائة، لكن الاستثماري لم يزد على 15 في المائة.

جهازنا الوظيفي مترهل ويعمل بروتين قاتل

  • المركز: تحدثت عن اشكاليات في بعض الموازنات خصوصا الاستثمارية، قد يكون مجلس الوزراء لم يدرسها بشكل كافٍ. الموزانة تحاول ان تعظم الايرادات غير النفطية من خلال الجباية والضرائب وغيرها. هل جهازنا الوظيفي مؤهل للجباية؟

المشهداني: في الحقيقة جهازنا الوظيفي غير مؤهل لاكمال الصورة مع ما تريد الحكومة. جهازنا الوظيفي مترهل. الجزء الاكبر في ما يخص الحصول على الايرادات فاسد. على سبيل المثال دائرة الضريبة والروتين القاتل. وفي النهاية يأتي الموظف ويطلب منك المال كي ينجز معاملتك! البلدية ايضا يضعون الصبات الكونكريتية امام المحال، ومن ثم يُطلب منك الرشوة لرفعها.

الرواتب التقاعدية قريبة من حد الكفاف 

والتخصيصات تعتمد مبدأ المساومة

  • المركز: الموازنة خصصت بعض المبالغ لبعض الفئات: على سبيل المثال المحاضرون وغيرهم. وحسب المتابعين للشأن الاقتصادي فإن الحكومات المتعاقبة عملت على خطوات ترقيعية، مع اشكاليتنا المتمثلة بالاقتصاد الاحادي بدل تنويع المصادر. وبالتالي توفير فرص عمل بدل ان يكون التوظيف بشكل اساسي. هل تتفق مع هذا الرأي أم ترى اننا بحاجة الى موظفين اكثر؟

لعيبي: للاسف نحن تركنا الاسس والمواد الاساسية لعلم الاقتصاد. الموازنة من المفترض من الشهر العاشر (تشرين الاول) من سنة 2020 تكون مكتملة وجاهزة، على أن تقر قبل العام الجديد. بينما نحن، الان، في الشهر الثاني من العام الجديد ولم تقر. هذه المشكلة جزء منها سياسي؛ حيث يأتون بأجراء يوميين وعقود، وتأتي الحكومة التي تليها، وترى اننا لا نملك ايرادات دائمة ومستدامة، والنفقات تزداد بشكل سنوي، فتكون في ورطة، وتفكر في تدبير موارد لهؤلاء. وهذه كلها حلول ترقيعية. ومهما حاولنا تجميل صورة هذه الموازنة لا ينفع الامر.

  • المركز: هناك قول بان الاستقطاعات رفعت من الرواتب وتم تحوليها على الضرائب، هل هذا صحيح؟

لعيبي: في البداية كانت الاستقطاعات من الرواتب كبيرة، لكن الان قالوا ان الاستقطاعات ضريبية. صلاحية وزير المالية ليست فقط الرواتب، المكافآت ايضا، لكن كل الحكومات السابقة لم تعمل على ذلك. وعندما أتت هذه الحكومة عملت على الاستقطاع من الرواتب التقاعدية، وهذا عرف غريب جدا في المفاهيم المالية العراقية. متطلبات المعيشة اختلفت عن الماضي؛ بحيث اصبحت رواتب المتقاعدين قريبة من حد الكفاف. لا خطة تتضمن نوعا من التنسيق والانسجام بين وزارة المالية والسلطة النقدية والسلطة التشريعية والمجتمع المدني. بالعكس كلها تأتي وفق مبدأ المساومة: اذا كنت تملك حزبا قويا، وزيرا قويا، مديرا عاما قويا، فمن الممكن ان أعطيك، لكن أن تتحدث بالقانون، حتى مستحقاتك لا تصلك! هذا ليس عمل دولة تريد ان تنتقل الى مراحل تنموية، وتفكر في تحقيق عدالة اجتماعية وتبعد المال العام عن الهدر. في الحقيقة هذا عمل ناس دخلاء على العملية السياسية والمالية والاقتصادية.

  • المركز: الموازنة تحدثت عن بعض الاجراءات مثل إيقاف النثريات لبعض الوزارات واجازات الاستيراد والتدقيق بمزاد العملة. هذه الاجراءات بشكل او بآخر هل ستساهم بدعم الموازنة؟ هل ستساهم بتقليل اعتمادنا بشكل اساسي على النفط؟

لعيبي: تم الذهاب الى ثلاث قضايا رئيسية: اولا، الفرق الذي حدث بسبب سعر الصرف، واسعار النفط، وايضا عملوا على زيادة اسعار المشتقات النفطية التي تباع في الداخل. هذه ثلاثة اجراءات لا تصب في التنمية المستدامة. سعر الصرف وتغييره على الرغم من ايجابياته المحتملة غير المضمونة بالاجل الطويل على اساس ان يحسن التنافسية ويشجع النتاج المحلي، لكن اثاره الان تسببت بارتفاع الاسعار من 18 الى 22%، وكذلك رفع سعر النفط يشجع الريعية. في الحقيقة نحن لا نستفيد من تجاربنا. من المفترض ان نفكر بطريقة تنموية.

هناك اعادة توزيع وليس تخفيضا في مخصصات الرئاسات الثلاث

  • المركز: عضو اللجنة المالية السيدة ماجدة التميمي تقول انهم خفضوا تخصيصات الرئاسات الثلاث بمقدار 20 في المائة وهذا ايضا سيشمل تخصيصات اخرى من وزارات اخرى، هل هذه التخفيضات تؤدي الى شيء معين؟

لعيبي: الامر ليس كما يقال. انما جرت اعادة التوزيع وليس التخفيض؛ فهم يخفضون من مجال ويعيدون تخصيصه الى مجالات اخرى، وهذا شيء يحسب لهم: يريدون بناء الف مدرسة ويريدون زيادة عدد المحافظات المنتجة. الشيء الايجابي هو موضوع توسيع شبكة الحماية الاجتماعية. لكن هناك مشروع اخر وهو الغاء البطاقة التموينية، وتحويلها الى بدل نفطي، والبدل النفطي تتحمله شبكة الحماية الاجتماعية، ليشمل كل الفقراء بشبكة الحماية الاجتماعية. وتكون البديل لنظام البطاقة التموينية على اساس ان نظام البطاقة التموينية يحتاج الى اصلاح، لترفع عن الاغنياء، وتذهب تخصيصاتها الى الفقراء، لكن هل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، قادرة على ادارة هذا الملف، على الرغم من انها مكبلة بمشاكل ومعوقات كبيرة؟ هل الاقتصاد العراقي يملك مرونة عالية بحيث يكون قادرا على حساب كم يدخل لهذه الشبكة وكم يخرج منها؟

التوقعات تشير الى وجود 13 مليون مواطن تحت خط الفقر

  • المركز: تحدثنا عن التخصيصات المالية، وأشر الدكتور ميثم الغاء البطاقة التموينية. هل تمت دراسة الموضوع بشكل علمي، لمعرفة اثار الغاء البطاقة التموينية على مستوى السوق، ودعم الفقراء والفئات المهمشة وغيرها. هل سيكون البديل المالي حلا ناجعا لإلغاء البطاقة التموينية؟

المشهداني: منذ عام 2010 بدأ الحديث عن الغاء البطاقة التموينية، والان وزارة التجارة بدأت تمهد لموضوع الغاء البطاقة التموينية، والدليل تعذر توزيع المفردات بشكل منتظم. تم تقديم منحة 30 الف في ايام الحظر الذي حصل في بداية تفشي فيروس كورونا. وما تم تسجيله 18 مليون ونصف. والمستحقون 13 مليون ونصف. وزارتا العمل والشؤون الاجتماعية والتخطيط كانتا توزعان المنحة على خمسين الف شخص، في كل شهر. وليس لديهما قاعدة بيانات. الان المسجلون في شبكة الحماية يبلغ عددهم مليونا و400 الف شخص، لكن توقعاتنا تشير الى 10 ملايين تحت خط الفقر، وبعد تغيير سعر الصرف اضيف لهم 3 ملايين ونصف. هذه تقارير وزارة التخطيط وتقرير البنك الدولي. واعتقد ان الرقم سيزداد في الايام القادمة.

بالون سعر الصرف اطلق قبل ان يناقش مجلس الوزراء موضوع الموازنة، واخذ صداه، وبدأت الاسعار ترتفع بشكل غير معقول. الان سعر الصرف في السوق قريب من سعر الصرف الذي حدده السيد الوزير، لذلك انا اعتقد اننا لا نملك قاعدة بيانات، ولا نعلم ماذا نريد. هناك كذبة اخرى وهي دعم القطاع الخاص. في البرلمان يناقشون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهذا موجود في استراتيجية تطوير القطاع الخاص؛ فاللجنة التي تدير مبادرة الشراكة بين القطاعين العام والخاص مشكلة من 13 شخصا: اثنان فقط يمثلان القطاع الخاص، والبقية هم وكلاء وزارات والسيد الامين العام لمجلس الوزراء.

استثمارات العراقيين في الخارج بلغت 304 مليار دولار موزعة على 114 دولة

عندما يتم الغاء البطاقة التموينية، فلا داعي لبقاء وزارة التجارة، لان وزارة التجارة هي البطاقة التموينية، وكذلك الحال مع وزارة الصناعة والوزارات الاخرى، ليس هناك صورة واضحة لآلية الشراكة مع القطاع الخاص. والقطاع الخاص لا يحتاج الى تمويل بل يحتاج الى توفير أجواء مناسبة. استثمارات العراقيين في الخارج 304 مليارات دولار، موزعة على 114 دولة. والمشكلة في مؤتمر الكويت كان هناك لقاء مع رجال الاعمال العراقيين الموجودين في الخارج، وأبدوا استعدادهم لأن يدخلوا العراق ويأتون باستثمارات تزيد على الرقم الذي تحصلنا عليه، والذي لم نحصل منه على دولار واحد، ولكن بشرط ان نضمن أمنهم، ونضمن عدم ابتزازهم، وعدم خطفهم وخطف عوائلهم. وهذا في الحقيقة امر لا نستطيع توفيره، لا نحن ولا الحكومة. هذه هي اشكالية القطاع الخاص بشكل مفصل.

رفع سعر الصرف جرى باتفاق بين جهات داخلية وخارجية

  • المركز: هل توسعة شبكة الحماية الاجتماعية باعتقادك حلّ لاشكالية الفقر الموجودة في العراق. لدينا اعداد هائلة من العاطلين عن العمل، وفي نفس الوقت لدينا فضائيون في المؤسسات، سواء الامنية ام غيرها. هذه الاجراءات في النهاية هل ستقلل من نسب الفقر، وتساعد المواطنين على تخطي الجائحة؟

لعيبي: لدينا نسبة بطالة مرتفعة، مقترنة حاليا بالفقر خاصة بطالة الشباب، والذين تتراوح اعمارهم من 15 الى 65، والذين يمثلون القوة المنتجة للنشاط الاقتصادي. وهذا يعود بنا الى سبب انتفاضة تشرين، والذي كان وقودها الشباب، وجزء منهم خرج لقضايا الفقر والبطالة. وصلنا الى هذه الحكومة، وفي الحقيقة أنها تنصلت من جزء من الواجبات الرئيسية التي اتت من اجلها، وتجاوزت عليها، وراحت على مهمات ثانية، وكأنما لسان حالها يقول أتينا لنبقى. في حين هذه الحكومة كان من المفترض ان تكون حكومة انتقالية، لتنظيم الانتخابات. نرى اليوم انها تجاوزت على الملفات الرئيسية.

ايضا تأثيرات الجائحة وتأثيرات انخفاض اسعار النفط، أدت الى انكماش كبير في الوضع. وايضا رفع من مستويات الفقر، لأنه يرتبط بالكساد. والكثير من الوظائف فقدت في هذه الفترة، فضلا عن المحافظات الـ6 التي تضررت في احداث 2014؛ فاذا تذهب الى الموصل، ترى المؤشرات مختلفة عن بقية المحافظات بشكل كبير جدا، على مستوى الفقر، وعلى مستوى تردي الخدمات والالتحاق بالمدارس. هذه كلها مشاكل كبيرة.

من جهة اخرى، هل اصبحت الموازنة بحكم المنتهية، ام هل اللجنة البرلمانية تمثل الكتل السياسية، وهم لديهم نوع من الدعاية لأنفسهم؟ بصراحة جملة الاجراءات الوردية التي وضعت غير قادرة على الانتهاء من الموازنة.

هناك ملف خطير وهو سعر الصرف. شخصيا انادي منذ وقت طويل بالإصلاح في هذا الملف. كما اشرت الى اصلاح البطاقة التموينية. وهذا ملف شائك وكبير؛ فهناك اشخاص منتفعون ومستفيدون من مشروع البطاقة التموينية. وهناك تجار وناقلون واصحاب سيارات ومخازن ونقل وحتى المنتجين المحليين يشكلون كارت ضغط على الحكومة، لكن اتوقع ان نستخدم هذه الحكومة اسلوب الصدمة، كما حصل في موضوع سعر الصرف. برأيي موضوع سعر الصرف جرى باتفاق من قبل اكثر من جهة داخلية وخارجية.

 

  • المركز: هل من الممكن استجواب مدير البنك المركزي؟

لعيبي: لا اتصور ذلك، لان الموضوع جاء من صندوق النقد والبنك الدوليين، وايضا من الكتل السياسية الرئيسية. وهذا يمثل اتفاقا بين السلطتين المالية والنقدية. وصار عليه شبه إجماع.

الصراع المقبل ليس اقتصاديا مجرداً بل قد يتطور

الى الوضع الأمني

  • المركز: أشار الدكتور ميثم الى أن هذه الحكومة تتبع اسلوب الصدمة. هل ترى أن الكتل المتنفذة تحاول الهيمنة على المصانع والمساحات الواسعة الصالحة للزراعة، مع امتلاكهم شركات تجارية مستفيدة من المواد التي تدخل الى البلد؟ وهل البرلمان قادر على فرض الارادة السياسية للتصويت على عدم استثمارها بطريقة سيئة؟

 

المشهداني: بعض الكتل السياسية والاحزاب المتنفذة تهيمن على القرار الاقتصادي وحتى على موضوع سعر الصرف، والسيد وزير المالية صرح وقال انه حتى الموازنة والارقام الكبيرة كانت بالاتفاق مع الكتل السياسية الرئيسية. جميعهم لديهم مصالح وارتباطات ولديهم وكلاء يقومون بالاعمال لصالحهم، ونحن مقبلون على انتخابات، وهي انتخابات تختلف عن الانتخابات السابقة. الان اعتقد ان الصراع سيكون كبيرا وليس اقتصاديا او سياسيا فحسب، انما من الممكن ان يتطور الوضع الامني الى الاسوأ.

 

  • المركز: المعالجات التي قدمتها اللجنة المالية البرلمانية هل تعتقد انها لترضية الجميع؟ على سبيل المثال الجهة الفلانية لكم وظائف لأنكم تسيطرون على المؤسسة الفلانية. ومن يسيطر على النفط لهم حصة. ومن يسيطر على الصناعة لهم حصة.. هل يتم التقاسم بهذه الطريقة؟

المشهداني: أعتقد ان اللجنة المالية لم تقلص الارقام فقط، بل تلاعبت بكل الارقام الموجودة، سواء في النفقات ام في الايرادات. وهم يستغلون غياب المحكمة الاتحادية، لانهم يعلمون ان هذا الموضوع فيه جنبة مالية. الحكومة من الممكن ان تطعن به امام المحكمة الاتحادية، والمحكمة الاتحادية غير موجودة. البرلمان اذا اقرها، فالحكومة ستكون في مشكلة أمام بعض الفقرات بما فيها فقرة بيع ممتلكات الدولة.

هذا امر غريب، ان الدولة تصفي ممتلكاتها بهذه الطريقة. القطاع العام موجود في كل دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة الامريكية، فالقطاع العام فيها يشكل بحدود 35%. هنا يصفّونه بطريقة غريبة من دون مزاد. ومن يستطيع منافسة الكتل السياسية التي أشرت اليها. كل واحد منهم يضع عينه على احدى المؤسسات، وهذا ليس اليوم انما منذ العام 2004، عندما شكلت لجنة لتقييم المنشآت التابعة لوزارة الصناعة، وكان بوقتها التصنيع العسكري. وتم تقييم منشأة الجلود بـ100 مليون دينار على ما اعتقد. وإن سبب توقف هذه المعامل انهم لا يريدون تشغيلها وعينوا فيها موظفين اكثر من طاقتها.

عملت سنة 2001 في معمل أدوية سامراء، وهو مصنع ضخم وكبير. وكان هناك 1600 موظف، يعلمون ثلاثة وجبات، ويغطي 70 في المائة من حاجة العراق في وقتها، بسبب الحصار، والدواء يتم انتاجه في معمل سامراء، وفق المواصفات العالمية، بوقتها سألت مدير المعمل، اذا اردنا العمل بنفس الانتاج، ونفس الكفاءة وبنفس الكميات، اجاب انه بحاجة الى 900 عامل، يعني هناك 600 عامل فائض عن الحاجة. الآن المعمل فيه 7500 عامل، ويعمل بنظام وجبة واحدة. لذلك يتعرض الى خسائر. وبقية المعامل كذلك: الاطارات، والجلود وغيرها.

لا توجد خطة لادامة المعامل والمصانع

  • المركز: هناك من يرد علينا ويقول ان اللجنة البرلمانية خصصت أموالا لبعض المصانع، لنصب وتطوير الخطوط الانتاجية التي كانت متوقفة. هل هذا الاجراء حتى تجهز وتتهيأ وتتم خصخصتها في ما بعد؟

المشهداني: تماما اتفق معك. لأنه لا توجد خطة لدى وزارة المالية في استمرار هذه المعامل والمصانع. انا لا اتحدث عن رغبة السادة الوزراء الاختصاصيين. نحن نرى الان السيد وزير الصناعة، وهو حريص على تشغيل كل المعامل والمصانع، لكن هي حكومة مؤقتة ربما بعد الانتخابات سيأتي وزير اخر يخصخص. المتتبع لوزارة الصناعة يرى ان اول وزير كان يبحث عن بيع القطاع العام، والثاني يبحث عن الشراكة، والثالث عن التوأمة. كل وزير يأتي باستراتيجية مختلفة عن الوزير الذي سبقه. ولا تستغرب اذا جاء وزير، وقال سنبيع لان هذه مكلفة ومتعبة. هناك قوى سياسية مستفيدة من جانبين: الاول الاستيراد، والامر الثاني استيلاؤهم على الاراضي والقصور. وبكل الاحوال هي لصالحهم، وماكنتهم الاقتصادية تعمل لديمومة احزابهم وكتلهم.