اخر الاخبار

كشف خبراء في مجال مكافحة الفساد ومراقبون عن أن قرابة 173 ألف عقار تابعة للدولة جرى الاستيلاء عليها من قبل جهات متنفذة منذ العام 2003، ولا يشمل هذا الرقم العقارات في المنطقة الخضراء وإقليم كردستان والأراضي الزراعية المملوكة للدولة أيضا. وعلى الرغم من صدور قرار عن المحكمة الاتحادية بالرقم 213 بشأن ملف عقارات الدولة المتجاوز عليها، إلا أن الحكومة تركته حبرا على ورق، ولم تسع الى تنفيذيه على جميع المتجاوزين دون.

رقم كبير

يقول عضو مجلس مكافحة الفساد السابق سعيد ياسين لـ“طريق الشعب” إنه “تم فتح ملف العقارات بشكل عام وعقارات الدولة بشكل فعلي في المجلس الأعلى لمكافحة الفساد 2019، بعد ورود معلومات من اللجنة المالية النيابية. وعلى هذا الأساس تشكل فريق بالأمر الديواني 50 /2019 للمتابعة والتحري وتدقيق السجلات العقارية في عقارات الدولة والتسجيل العقاري”.

ويضيف أنه “ظهر من النتائج أن أكثر من 173 ألف عقار متجاوز عليها، عدا عقارات الدولة في المنطقة الخضراء وكذلك عقارات الأفراد، كما لم تتضمن القائمة الأراضي الزراعية والأراضي والعقارات في إقليم كردستان”، موضحاً أن “النسبة الأكبر من العقارات عائدة لامانة بغداد ولوزارات المالية، الزراعة، الدفاع، البلديات، عدا تلك التي تعود ملكيتها تعود للأفراد”.

وبشأن أشكال التجاوز على تلك العقارات، يقول ياسين: إن “غالبيتها تم التجاوز عليها بالاستحواذ وتزوير السجلات وتمزيق سجلات عقارية، ومن خلال عقود البيع والشراء الوهمية”، مبيناً أن “هناك أكثر من 3 سجلات عقارية في الموصل مزقت وأتلفت، يضم كل سجل منها 300 - 400 عقار”.

وصنّف ياسين التجاوزات على عقارات الدولة الى ثلاثة انواع قائلا: “هناك عقارات مستولى عليها من قبل أطراف متنفذة من دون عقد إيجار، وأخرى مشغولة بعقد إيجار من دون دفع مستحقات الإيجار، والثالثة عقارات مشغولة بعقد إيجار ولكن لا يدفعون إيجار المثل”، منبها الى ان “هناك عقارات وأراضي تم منحها بشكل خاص وبقرارات خاصة من دون إخضاعها للمزاد العلني، ولا اعتماد الأسعار السائدة في المنطقة المجاورة كما في بغداد ومراكز المدن الأخرى”.

ما حلّ بالخطة وفريقها؟

وكان مدير دائرة العقارات في وزارة المالية علي كريم قال في تصريح سابق، إن “عقارات الدولة تشكل مخزونا كبيرا للقيمة الاقتصادية التي يجعلها رافدا اقتصاديا كبيرا إن حسن استغلاله”، مؤكدا ان دائرته “شكلت فريقا لإعداد خطة استراتيجية شاملة ستكون بمثابة منهج متكامل لتطبيق رؤية الوزارة الهادفة لتوحيد الجهود المبذولة للحفاظ على عقارات الدولة وإدارتها والتصرف بها بالشكل الأمثل”.

وبين أن “الخطة تتضمن حصر وتصنيف الملكية العقارية للدولة وإعادة تقييمها والعمل على استخدامها واستثمارها بالشكل الأمثل بما يسهم في تعظيم موارد الدولة والحفاظ على تلك العقارات، ومراجعة وتطوير وتوحيد التشريعات المنظمة للملكية العقارية وإنفاذ وتطبيق تلك القوانين واستبعاد الممارسات والتصرفات التي أرسي التعامل بها في الفترة السابقة”.

وزاد بالقول إن “من بين أهداف الخطة اعتماد معايير التقييم الدولية في عمل لجان التقدير واستخدام الوسائل والتقنيات العلمية الحديثة في إجراءات الكشف الموقعي لمسح وفرز وتصنيف وأرشفة بيانات عقارات الدولة وفقاً لأحدث الأساليب والممارسات واستعادة العقارات المخصصة للمشاريع الاستثمارية المتنوعة التي لم يباشر أو تلكأ المستثمر في تنفيذ التزاماته التعاقدية فيها وفتح تحقيق شفاف وعادل بالعقارات التي سبق وتم منحها سابقاً بأقل من قيمتها الحقيقية والتي أدت الى غبن فاحش بحق المال العام، وإعادة دراسة التخصيصات العقارية الممنوحة للوزارات والمؤسسات الحكومية وتحديد الاحتياجات الفعلية لها واستغلال الفائض منها بالشكل الأمثل، والتوجه نحو تغيير مواقع بعضها سواء المدنية أو العسكرية المتواجدة في مواقع مهمة ومميزة تصلح للاستثمار العقاري أو إنشاء المدن الصناعية والعمل على دمج مقرات تلك المؤسسات”.

أحزاب متنفذة ومليشيات

وفي السياق، يقول الخبير في الشأن المالي والاقتصادي رشيد السعدي لـ“طريق الشعب” ان “احزابا متنفذة ومليشيات مسلحة تهيمن على عقارات لها مردودات اقتصادية غير قليلة على البلاد، خاصة تلك المتعلقة بعقارات الاراضي الزراعية” وبالتالي ان قضية استرجاعها أو اعادة تقييمها تبدو مشكلة معقدة في ظل الهشاشة الرقابية والقانونية.

وينبه الى ان “خسائر البلاد جراء التجاوزات غير القانونية والتماهل في دفع الاجارات والغاء الضرائب عنهم بسبب المحسوبيات تكلف الدولة مئات المليارات”.

ويعد السعدي “ما يعلن عنه من قبل هيئة النزاهة بوضع حد للتجاوز على عقارات الدولة دون المستوى المطلوب، خاصة وان هناك عقارات مستغلة وبشكل واضح من ميليشيات وعناصر متنفذة، لم يجر ردعها”.

ويشير الى ان هناك تجاوزات فرضها واقع الحال بسبب قلة الدعم الحكومي، كالعشوائيات التي جاءت نتيجة ازمة السكن مقابل ارتفاع اسعار العقارات السكنية والكثافة السكانية، اضافة الى قلة فرص العمل، ما أدى الى عدم تمكن الكثير من المواطنين من تغطية مستحقات الايجار”.

ويرهن السيطرة على هذا الملف بإيجاد “ارادة وطنية تعزز الرادع القانوني، والمضي في اجراءات حقيقية لوضع حد لجميع انواع التجاوزات”.

جهود حكومية

وأعلنت هيئة النزاهة مؤخرا، في بيان طالعته “طريق الشعب” عن ضبط عقارات بمساحة 52 دونما، وبقيمة 9 مليارات دينار، مخالفة للقانون في محافظة نينوى.

وقالت الهيئة في بيان لها: إن دائرة التحقيقات في الهيئة “نفذت عمليتي ضبط لمتهمين بالتجاوز على عقارات بقرابة تسعة مليارات دينار”.

وأشار البيان إلى أن “ملاكات مديرية تحقيق نينوى، التي انتقلت إلى جمعية إسكان الأسرة الصناعية، قامت بضبط مسؤول إدارة الجمعية، فضلًا عن اثنين من الأعضاء، لتجاوزهم على 41 دونما من الأراضي الزراعية المملوكة للدولة”، لافتا إلى “قيام المتهمين بتقطيع الأراضي المتجاوز عليها إلى 290 قطعة وبيعها إلى المواطنين بـ6,960,000,000 مليارات دينار”.

وأضاف البيان أن “ملاكات المديرية ضبطت رئيس مجلس إدارة جمعية إسكان منتسبي مديرية زراعة نينوى واثنين من أعضائها، لاستيلائهم على 12 دونما من الأراضي العائدة ملكيتها إلى وزارة الماليّة”، مضيفا أن “المتهمين قاموا بفرزها إلى 125 قطعة تم بيعها بمبلغ 1,791,017,000 مليار دينار بصورة مخالفة للقانون ودون الحصول على الموافقات الأصولية”.

ولفت البيان إلى أن “الهيئة أعلنت خلال العام الحالي عن ضبط 67 متهما في عدد من جمعيات الإسكان فقط في محافظة نينوى، لتجاوزهم على قرابة 2000 دونم من الأراضي العائدة للدولة التي تقدر قيمتها بأكثر من 100 مليار دينار”.