اخر الاخبار

في وطنٍ يعيش فيه المواطن بين فكي الجوع والعوز، ويكافح يومياً لتأمين أبسط مقومات الحياة، تأتي الحكومة بسيفٍ مسلطٍ على رقاب الموظفين، تقطع من رواتبهم دون استئذان. هذه ليست إنسانية، بل هي دكتاتورية مفضوحة تتدثر بثوب العطاء.

إن العمل الإنساني الحقيقي ينبع من القلب، من رغبة الفرد في المساهمة بما يراه مناسباً وفق قدرته وإرادته الحرة. أما أن تتحول هذه المبادرات إلى إجبار قسري على يد حكومة تعجز عن توفير الخدمات الأساسية لشعبها، فهو انتهاك فاضح للحقوق. كيف تُصدّر الإنسانية إلى من يستحقونها في الخارج بينما الداخل ينزف ألماً وقهراً؟

كل شهرتقريبا، يجد الموظف نفسه أمام ورقة راتبه، وقد نقص منه مبلغ “تبرعي” غير مرغوب فيه. مبلغ قد يعني له شراء دواء لابنه المريض أو طعام لعائلته الجائعة. وفي النهاية، لا يُسأل المواطن عن رضاه، فهو في عُرف هذه السلطة مجرد رقم، يُضاف إلى قائمة المستغلين والمقهورين.

إن التبرعات الحقيقية لا تأتي بالقوة. إنما تُبنى على الثقة بين الحاكم والمحكوم. ولكن كيف نثق بمن يسرقنا باسم العطاء؟ أليس من الأولى أن تعيد الحكومة النظر في أولوياتها؟ أن تعالج مشاكل البطالة، وسوء الخدمات، وانهيار البنية التحتية؟

إن ما يحدث هو نوع من التلاعب بالشعارات والقيم. وقد حان الوقت أن نقف في وجه هذه السياسات الظالمة، أن نطالب بحقنا في تقرير مصير أموالنا.

إن التبرع حين يكون بالإجبار يفقد معناه الأخلاقي، ويصبح شكلاً آخر من أشكال القهر والدكتاتورية.

يا أيها الحاكم، إن أردت أن تمنح، فامنح من جيبك، وليس من جيوب الفقراء والمقهورين.