اخر الاخبار

تقول الاحصائيات العلمية إن الشيزوفرينيا أو الانفصام هو اضطراب نفسي يصيب حوالي واحد من كل مئة شخص.

وتشير أيضا إلى أن  مريضه يتسم بسلوك اجتماعي غير طبيعي وفشل في تمييز الواقع.

غير أن هذا المرض المتحور  في نسخته السياسية العراقية منذ عام 2003، لم يعد مرضا بالمعني المتعارف عليه اليوم بل أصبح مهنة خطرة وقاتلة.

  فالشيزوفرينيا  السياسية توظف في خلق اضطراب عقلي عند المتلقي أو الضحية ولا تصيب أصحابها، وهي تعد إحدى وسائل الخداع، وتعتمد على الذاكرة القصيرة للشعب، فرجالها من يملكون المال والسلطة يتحكمون في حياة الآخرين ويفعلون بها ما يريدون، والأمثلة عديدة، ففي  وقت قريب، رأينا نوابا يبكون مـتألمين لقمع التشرينيين بهذه القسوة، وشاهدنا مسؤولين حكوميين في الفضائيات يقسمون على إنصاف عوائل  ضحايا الانتفاضة من الشهداء،  وأنهم سيرسلون الجرحى منهم للعلاج، ولكن (بعد عر وجر)، يقول رئيس الحكومة أن مجلس النواب رفض الأمر! وبالتالي لحست الحكومة وعودها بجرة قلم.

وفي الانتفاضة، حين لعلع الرصاص ثاقبا صدور المنتفضين، اجتمع القضاة والمسؤولون الحكوميون والنواب لكشف قتلتهم، وقرروا.. ودخلت قراراتهم دهاليز مظلمة ولم تر النور. ولكن العجيب أن يستيقظ القضاء من نومه فجأة، ويعلن المحاكمة السريعة لمن يتجرأ على تخريب أو إزالة صور المرشحين للانتخابات أو إعلاناتهم الأخرى، وهو إجراء سليم وقانوني ولا يعترض أحد عليه، ولكن لماذا يكون تخريب صورة أهم عند القضاة من قتل إنسان، كل ذنبه انه خرج مطالبا بحقوقه؟!

 ومن جهة أخرى، يعلن أحد الساسة إنه ضد القوى الظلامية من داعش وأخواتها، ولكنه يبدي فرحه بانتصار إحداهن، لأنها هزمت أمريكا، وهو يعرف أن هذه الحركة من صنيعة الأمريكان والمخابرات البريطانية والباكستانية، وأكدتها الراحلة بنازير بوتو رئيسة وزراء باكستان في مقابلة صحفية قبل اغتيالها، وهذه الحركة لم تعد للحكم ثانية دون اتفاق مسبق مع الأمريكان.

 وحين كشفت الحكومة أن مسؤولين كبار فيها يوظفون إمكانيات وزاراتهم لخدمة ترشحيهم أو ترشيح قوى من مناصريهم، لم تفضح هذه الأسماء ولا اتخذت عقوبات إدارية بحقهم، وكأن هذه الجريمة لا تستدعي سوى لفت الانتباه حتى لا يخدش حياء من يستخفون بها أصلا! ولو فعلها موظف بسيط لأعيد شنقه عشرات المرات!

ومن العجائب في العراق التي زادت عن السبعة، يبشرنا هؤلاء الساسة أنهم راجعون الى خدمتنا (نهبنا وإذلالنا) وعلينا أن نبذل الغالي والرخيص من أجل إعادة تدويرهم، فهم العراق، وهم الخير، وهم المستقبل، وقد يصاب البعض بلوثتهم ويرى فيهم الورع والتقوى، ويعتقد أن اقوالهم هذه المرة تطابق أفعالهم، ويوقع بالحبر البنفسجي عبوديته ثانية لهم.

 إن من الصعب على الوطن أن يصحو بدون أن نضع هؤلاء القادة ومجموعاتهم المتلونة كالحرباء في متحف عاديات الزمن، و إلا سنظل نباع ونشترى في مزاد أسواقهم السوداء والبيضاء، وهم الوباء الذي علينا مكافحته باستمرار، وأخذ اللقاح لتجنب عدواه!

عرض مقالات: