شاءت الحروب والأحداث والصراعات التي شهدها العراق، والخيبات المتواصلة من حكومات وزعامات ما بعد نظام الدكتاتورية، أن تضع المواطن نهب هواجس عميقة، ومؤثرة، تتمظهر في الخوف من المستقبل، وعدم الاطمئنان للوعود، والخشية من الاشخاص الذين يصعدون سلالم الجاه والثروة والمواقع بسرعة، وفي سوء الظن المشروع حيال عبارات الشفقة والتعاطف، والرعب من أصوات الانفجارات، وصفارات سيارات الإسعاف، والشكوك في سِيَر الزعامات ونزاهتهم وتاريخهم المُعلن، وأدوارهم، وسلامة مواقفهم، والاستهزاء من الأرقام والحيثيات طالما أوردتها أقنية الدولة، وعدم الثقة بالخطاب الرسمي حتى وهو يذرف الدموع على معاناة الأرامل والمهمشين وسكان العشوائيات، أو الغيرة على السيادة ومصالح البلاد، وتمتد هذه الهواجس في عمق التاريخ ما أشار لها التوحيدي في "البصائر والذخائر" فكلما يفاجئهم أمرٌ غريب، وغير متوقع، يتعاملون معه بهاجس يتصل بالمستقبل، فاذا صاحت البومة لوحوا لها بالسكين، واذا نعق الغراب قالوا "خير خير وانت شرّ طير" واذا اختلجت عين أحدهم من الأسفل قال إنه سيبكي ، واذا طار الخفاش صاحوا "باطل باطل" أما إذا حلت الخنفساء في بداية الصيف، مثل أيامنا هذه، فكان العراقيون يقولون إنها رسولٌ من العقرب.. ويمدون ايديهم إلى النعال.
*قالوا:
جاءني كابوس بالمنام أني طُردتُ من الوظيفة، فاستيقظت مذعورا، ثم فرحت بعد ذلك لأني عاطل عن العمل".
مترجمة