من المعروف أن عملية الاستثمار في العراق كما هو الحال في أي بلد اخر ، تلعب دورا عميق التأثير في تطوير الاقتصاد ورفع معدلات النمو الاقتصادي والاجتماعي وخصوصا أن الاقتصاد العراقي، الإشارات المعلنة تشي بارتفاع معدلات النمو، يتسم بالانكماش باستثناء قطاع البترول، ورغم أن هذه العملية تساعد في زيادة النمو الاقتصادي والاجتماعي فإنها تحفز عملية الإنتاج في معظم قطاعات الاقتصاد كونها تسهم في توفير فرص العمل ومعالجة البطالة وتحسين معيشة المواطنين عبر مشاريع تعزز القدرة التنافسية فيما بينها، أن كل ذلك يحصل اذا ما منح الاستثمار الأولوية في الخطط الاستراتيجية وتوفرت الإرادة السياسية.
لقد تم تشريع قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 ورغم ما فيه من شروط مشجعة للمستثمرين العراقيين والأجانب غير انه لم يصدر في الوقت المناسب حيث أن العملية السياسية كانت في بداياتها وان الأجواء ملبدة بالاضطرابات السياسية وتدهور الأوضاع الأمنية وهما من العقبات التي لا تستهوي المستثمرين مهما توافرت رغبتهم، لأن رأس المال معروف بجبنه وخاصة في مثل هذه الظروف. لهذه الأسباب ظل القانون مركونا في رفوف الحكومة آنذاك، ومع مستجدات الظروف وتشكل أوضاع تتسم بالاستقرار النسبي فقد أجريت جملة من التعديلات على القانون رقم 13 بتعديل نظام الاستثمار رقم 8 لسنة 2024 المتضمن الكثير من المغريات التي كان من المؤمل أن تحفز عملية الاستثمار، غير أن هذه التعديلات تبقى ضعيفة في مفاعيلها ما لم تتم إزالة العديد من الظواهر والعقبات ومنها عمليات الابتزاز وآليات التنفيذ التي ما زالت تحتفظ بتعقيداتها ورويتنها القديم.
ولابد من الإشارة إلى المزايا الأخرى للاستثمار الأجنبي من خلال مساهمته في توسيع القاعدة الإنتاجية والخدمية للاقتصاد العراقي وتنويع المصادر المالية وإمكانية تحقيق المشاركة مع القطاع الخاص المحلي وفائدته في تعزيز الخبرات ومهارات العمل وتوسيع المشاركة لتشمل القطاع الحكومي وتكوين قطاع مختلط فاعل خاصة وأن هذا القطاع كان قد ترك إرثا في تجهيز السوق العراقي بالسلع على أنواعها وفوائده للعائلة العراقية من ثلاجات ومجمدات وأجهزة تبريد في فصل الصيف، وصولا إلى توسيع القدرة التنافسية للمشاريع المشمولة بالقانون فضلا عن التوءمة مع كافة الدول الإقليمية والعالمية، ونحن اذ نتحدث عن مزايا الاستثمار لابد من الإشارة إلى العوائق التي تواجهه وأولها غياب البيئة المناسبة لتنشيط هذا القطاع ومنها عدم توفير العناصر الجاذبة والافتقار إلى إرادة حقيقية لتنفيذ التعديلات التي أجريت على نظام الاستثمار وفي نفس الوقت كثرة الاجراءات والتشريعات الكابحة وأبرزها عمليات الابتزاز والتهديد والروتين وهو الأكثر إزعاجا أمام المتقدمين للاستثمار التي يستغلها الفاسدون الطامحون في مراكمة غنائمهم.
إن العنصر الجوهري في أية عملية تنموية يرتبط دائما وبالضرورة بالاستثمار سواء من قبل الدولة او القطاع الخاص بجانبيه المحلي والأجنبي، ومن غير المتوقع أن يعطي القطاع الخاص الوطني مفاعيله المتوخاة بسبب ضعفه وافتقاره إلى رؤوس الأموال الضرورية وتخلف الدولة عن تمكينه من التعافي لانكفائها عن الدعم والاعتماد على القطاع العام الذي يتلقى الدعم من الموارد البترولية مع أهمية القطاع العام في كونه قاطرة تجر وراءها القطاعات الأخرى إذ يستمد قوته من الدولة. ومن الجدير بالذكر أن البنك المركزي والمصارف الأخرى قد فتحت أبوابها مشرعة لإقراض المشاريع الاستثمارية وبذلك يكون شرط التمويل وهو أهم الشروط المحفزة للاستثمار قد لعب دورا في بروز العديد من المشاريع لكنها اخذت اتجاها أحاديا متمثلا بقطاع العقارات وبعض المشاريع الخدمية، لكن المستثمرين في هذه الحال يعتمدون في توفير رؤوس الأموال على قروض البنك المركزي ودفعات الراغبين في الشراء وهي في العادة مقتصرة على من لديه وفرة مالية والموظفين ذوي الرواتب المضمونة فيصبح المستثمر والحالة هذه مشرفا ومستربحا بخلاف القاعدة التي توجب أن يكون المستثمر من أصحاب رؤوس الأموال، ووجهة الاستثمار في هذا القطاع فقط لا تنسجم مع أهمية الاستثمار في كافة القطاعات كالصناعة والزراعة والنقل وأنظمة الرعايا الصحية.