التشهير يأتي أحيانا في صالح المطعون بهم، وذلك عندما يكون كيديا، أو بخلفيات واعتبارات شخصية تتصل بتصفيات حساب، أو بمصالح ضيقة، وإلى ذلك، فان التشهير، حتى وإن كان يستهدف جناة، مرفوض في جميع التشريعات المتحضرة، وفي حال يجري التساهل معه من قبل القضاء، او يجري السكوت عنه من قبل السلطات سيصل، لا محالة، إلى أوسع دائرة في المجتمع، ليشمل النزهاء والفاسدين معا، وهو الأمر الذي يصب في مصلحة الفاسدين إذ يضيع الخيط بين النزاهة والفساد.
وإذ يتداول المواطنون (بالسر والعلن) معلومات تثير الفزع عما يحل بثروة الوطن، وعن أبطال الفساد وأقاربهم وأبنائهم وأحفادهم، وعن فنون التغطية على جرائم النهب، وعن مصائر لجان التحقيق في تهم الاختلاس وتصريف القضايا من الأبواب الخلفية، فان التشهير الأعمى، المنفلت، اللامسؤول، الكيدي، السياسي، الشخصي، يفتح الباب على مصراعيه لكي يفلت الفاسدون والملطخة أياديهم بدماء الابرياء من طوق المساءلة.
والمشكلة، أولا، أن أحدا لا يعرف، في مثل هذا المناخ الملبد بالتشهير المنفلت، من بقي خارج الطعون، والمشكلة، ثانيا، أن خيمة البرلمان صارت نفسها ساحة للتشهير: "انت تشهّر بي، فانا اشهّر بك" مقابل "اسكت عليّ، واسكت عليك" وعلى هامش هذه الكارثة، وربما على مرمى منها، تشكلت ثقافة هجينة للقبول بالتشهير والتباهي به.. فالكل يشهر بالكل.. مبروك.
*قالوا:
" شتم رجل من الخوارج الإمام علي فهمّ أصحابه بمعاقبته، فقال لهم: مَهْ.. إنما سبّ بسب، أو عفوٌ عن ذنب".
نهج البلاغة