اخر الاخبار

حمل اللسان المتداول لأي مجتمع، أوشعب، أوقومية، أو عرق، أو ديانه، الكثير من العبارات الرمزية التي، ربما، لم ينتبه الناس لما ترمز له من كثر تداولها على الألسنة منذ القدم، هذه العبارات تشرح، وتبيّن، حالة ما بصورة رمزية، غير حقيقية، ولا واقعية، وتتصف بالعمق الفلسفي، وببساطة الانشاء، وسهولة اللغة، أو اللهجة، أو ما تسمى باللسان، وهي متداولة على الألسن وكأنها قرآن منزل، تحول الصورة الحسية الى صورة رمزية عناصرها الكلمات، وتروى بإيمان مفروغ منه على انها قد حدثت واقعا، وهذا ديدن التفكير العامي بأي شيء يصدق فيه منذ بدء الخلق، حتى أيامنا هذه بعد انتشار التعليم، وتطور المواصلان وأجهزة الاتصال، والتقدم التقني والعلمي. هذه العبارت هي:

- قبض وبسط الكف في الولادة والوفاة

يذكر التفكير العامي، وعلى لسان عامة أبناء المجتمع العراقي، ان المولود في لحظة ولادته يسقط بكفوف مضمومة، ويرى في ذلك أنه سيقبض على الدنيا ويتمسك بها، أشد من بخلاء الجاحظ. أما عندما يموت، وفي أي سن، فان كفيه تكونان مبسوطتين، عكس ما كانت عند الولادة، وقد خرج من الدنيا خالي الوفاض، لا يملك أي شيء، وترك كل ما تعب في جمعه، والمحافظة عليه خلفه. وهذه هي المفارقة الكبرى بين الولادة والموت.

هذه العبارة تعني ان الناس قاطبة، من أول الخلق الى الآن، قد خرجوا بمثل هذه النتيجة من حياتهم. انهم تركوا كل شيء قد حافظوا على جمعه خلفهم ولم يفيدهم شيئا. وهناك أمثال شعبية تردد في مثل هذه الحالة، منها: ((الكفن بلايه جيوب))، وينشدون قول الشاعر كعب بن زهير:

كل ابن انثى وان طالت سلامته      يوما على آلة حدباء محمول

- ابتسام وتعبيس الرضيع

لا نعلم ان كان الطفل الرضيع يحلم أثناء نومه أم لا، ولكن هناك عبارة متداولة بين العامة منذ القدم تؤكد انه يحلم، ويحلم حلما واحدا بأمه وأبيه فقط.

فعندما يكون الرضيع نائما ويبتسم يقول الناس عن ذلك: ان الشيطان قد أخبره ان أمه قد ماتت، فيرسم الرضيع على وجهه ابتسامة عريضة لهذا الخبر لأنه قد انتهى من رضع ثدي أمه للتو. وعندما يعبّس “يبرطم” وجهه “أو يبكي” يقولون ان الشيطان قد أخبره ان أبيه قد مات، ولأنه بعيد عنه “يعبّس” كالذي يبكي.

ان استخدام الشيطان في هذه الحكاية لكونه من الشخصيات الشريرة في الفكر الجمعي الشعبي، والخبر الذي ينقله للرضيع كان بدافع الشر.

أرى ان هذه العبارة قد وضعتها النساء لتمجيد مكانتهن في حياة الرضيع، وابعاد الرجل/الأب من تلك الحياة.

عرض مقالات: