اخر الاخبار

يبدو الحراك السياسي للقوى المتنفذة، الرامي الى تشكيل الحكومة الجديدة، بعيدا تماما عما يقاسيه المواطنون الفقراء والكادحون، الذين انطلت على بعضهم الشعارات الانتخابية المضللة، التي تناساها اصحابها أنفسهم بعد ان ظفروا بمقاعد البرلمان. وفي اثناء ذلك تستمر الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة المعبرة عن الغضب الشعبي العارم على تفاقم الصعوبات المعيشة وتدهور ظروف الحياة اليومية.

لقد توقفت كافة حملات الاعمار وتبليط الشوارع وتصليح المحولات، بعد يوم واحد لا اكثر من انتهاء الاقتراع الانتخابي في تشرين الأول 2021، وخفتت الأصوات الداعية الى محاربة الفساد وتقويم عمل الدولة ومراقبة الأداء الحكومي. ولم ينفذ شيء من الوعود والتعهدات التي اغدقت أبان الحملة الانتخابية بشأن توفير الحياة الكريمة، ونبذ التعصب والتفرقة، والتوجه نحو تشكيل حكومة تكون خادمة لشعبها.

وفي الاثناء يستمر إنكار وجود أزمة حقيقة بنيوية شاملة تتوجب معالجتها، ويواصل الحاكمون الكذب على الناس زاعمين عدم وجود مثل هذه الازمة، ويعملون على طمس الحقائق الملموسة التي تعكس ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية، وشحة الوقود، وانقطاعات التيار الكهربائي، ونقص الادوية في المستشفيات، وانعدام الخدمات البلدية، وقلة فرص العمل وانتشار البطالة، وإنتشار المخدرات. 

ذلك ما يواجهه المواطنون يومياً واكثر، فيما تأتي تصريحات المتنفذين عكس ذلك تماماً، فهم في وادِ آخر.

لقد خربت القوى الحاكمة كل ما يمكنه ان يعوض النفط كمورد اساسي للموازنة، وهي تسعى للانقضاض على القليل المتبقي من ممتلكات الشعب. وفي الوقت نفسه تجري على قدم وساق  عمليات خصخصة قطاع الخدمات العامة، وبضمنه الكهرباء والصحة والتعليم وحتى النقل العام وقطاع النفط . وهذا ليس الا جزءا يسيرا مما يجري ترتيبه في الغرف المغلقة الى جانب عملية توزيع الحصص والمناصب وتقاسمها قبل تشكيل الحكومة الجديدة، تمهيدا لبسط النفوذ المشترك للمتحاصصين على كل ثروات وممتلكات الشعب. 

وبهذا يتأكد الاستنتاج ان قضايا الناس وعيشهم الكريم ليست ضمن أولويات قوى المحاصصة والفساد، الخاسرة منها والفائزة. بل ان تقاسم الحصص والمغانم والحصول على أكبر قدر من المناصب، هو جلّ ما يسعى اليه هؤلاء المتنفذون، بينما تأتي في النهاية مطالب الناس وحياتهم اليومية، وقد لا تأتي.

ان شعبنا الذي يتطلع الى حياة حرة وكريمة، لن تغيب عنه هذه الأفعال المشينة وهذا التلاعب الصارخ بمقدراته. وهو بالتأكيد متوجه نحو التغيير الشامل، الذي بدأه في انتفاضة تشرين العظيمة، شاء من شاء وأبى من ابى.

عرض مقالات: