اخر الاخبار

أفاد موظفون في دائرة صحة النجف بوجود مخالفات صحية في نقل أكياس دم المتبرعين من مواقع حملات التبرع الميدانية إلى مصرف الدم في المحافظة، مشيرين إلى أن عمليات النقل لا تخضع للمعايير والشروط الطبية، ما يتسبب في تلف الدم وبالتالي يُشكل خطرا على المريض الذي يُنقل إليه.

الموظفون، وقد طلبوا عدم ذكر أسماءهم، أوضحوا لـ"طريق الشعب" أن أكياس الدم يجري نقلها في صناديق من الورق المقوّى (كرتونات) بدلا من الحاويات المبرّدة المخصصة لهذا الغرض، والمعروفة باسم "اي باك"، ما يعرّض الدم إلى التلف نتيجة فقدان سلسلة التبريد.

وأشاروا إلى أن هذه المخالفة تُهدد حياة المرضى المحتاجين إلى الدم، لا سيما المصابون بنزف حاد وذوو الحالات الطارئة، الذين يحتاجون إلى وحدات دم آمنة سليمة، مضيفين القول أن الدم التالف يتسبب في مضاعفات خطيرة للمرضى، من بينها انتقال أمراض أو فشل عمليات جراحية.

وبحسب اختصاصيين في مجال الصحة العامة، فإن الدم مادة حيوية تحتاج إلى الحفظ وسط درجات حرارة ثابتة تتراوح بين 2 إلى 6 مئوية منذ لحظة الجمع حتى الوصول إلى مصرف الدم، مبينين أن أي إخلال بسلسلة درجات الحرارة هذه، يُعرض الدم للتلف السريع، ويحوّله إلى عامل خطر بدلا من وسيلة إنقاذ.

إهمال إداري في ظل أزمة صحية عامّة

أحد الأطباء في مستشفى النجف التعليمي، ندد بطريقة نقل الدم هذه، التي تشير إلى لا أبالية الجهات الصحية المعنية لصحة الناس وسلامتهم.

وقال الطبيب لـ"طريق الشعب"، أن "تلك المخالفة دليل على الإهمال الإداري وضعف الالتزام بالإجراءات الطبية القياسية، وانها ليست حالة فردية استثنائية، إنما انعكاس لأزمة القطاع الصحي العامة في البلاد".

ما يجري في مصرف الدم في النجف ليس سوى حلقة من سلسلة طويلة من المشكلات التي يواجهها النظام الصحي الحكومي في العراق، منذ سنوات. وأبرز مثال على ذلك هو نقص الأدوية. حيث تكشف تقارير رسمية وغير رسمية، باستمرار، عن نقص حاد في الأدوية الأساسية، ما يضطر المرضى إلى شراء أدويتهم من الصيدليات الأهلية بأسعار مضاعفة.

بينما يجري الحديث منذ سنوات عن تهالك البنى التحتية الطبية للمستشفيات، من حيث تقادم الأجهزة وتعطّلها وضعف صيانتها، تُضاف إلى ذلك قلة الكوادر الطبية، التي اضطر الكثير منها إلى الهجرة خارج البلاد بسبب سوء بيئة العمل وضعف الجانب الأمني. فكثيرا ما يتعرض أطباء وممرضون إلى اعتداءات من ذوي مرضى، فضلا عن عمليات القتل والتصفية التي طالت كفاءات طبية كثيرة. 

ونتيجة قلة أعداد المؤسسات الصحية مقارنة بعدد السكان، تكتظ المستشفيات يوميا بالمراجعين، ما يُربك عمل الكوادر الطبية ويشل قدرتها على تقديم العلاج المطلوب، يُضاف إلى ذلك ضعف الرقابة على جودة الأدوية والأجهزة الطبية المستوردة. حيث تدخل إلى البلاد أدوية غير فعالة أو فاسدة، دون رقيب أو حسيب!   

ويرى مراقبون أن هذه الأزمات مجتمعة تضع حياة المواطنين على المحك، وتدفعهم إلى البحث عن العلاج في دول الجوار رغم الكلف الباهظة. بينما يبقى المواطن البسيط رهن التقصير الإداري والفساد المالي الذي ينخر القطاع الصحي، شأن بقية القطاعات الحكومية!

مطالبات بفتح تحقيق عاجل

في ضوء تلك المخالفة الصريحة في عملية نقل الدم، طالب الموظفون الذين التقت بهم "طريق الشعب"، وزارة الصحة والجهات الرقابية بفتح تحقيق عاجل حول آلية نقل الدم، ومحاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات، مشددين على ضرورة توفير الحاويات المبردة الحديثة وضمان التزام الكوادر بالتعليمات الصحية الدولية الخاصة بحفظ الدم.

وفي السياق، رأى ناشطون مدنيون ومتابعون للشأن الصحي، أن معالجة هذا الخلل يجب أن تكون جزءا من خطة إصلاح شاملة للنظام الصحي العراقي، تبدأ بمحاربة الفساد وتحديث البنى التحتية وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية، إلى جانب تأمين بيئة عمل تضمن سلامة الكوادر الطبية والمرضى على حد سواء.