اخر الاخبار

ولد لعائلة كادحة في مدينة الحي، التابعة للواء الكوت (محافظة واسط حالياً) في العام 1930. وكان منذ صغره نابهاً ذكياً يتذكر انه وهو تلميذ في المدرسة الابتدائية، كان يقرأ القرآن على مسمع والدته بطلب منها. ولعل قراءته هذه قد وسعت مداركه وجعلته متفوقاً على اقرانه. وبرغم صعوبات العيش التي كانت تواجهها عائلته كان احد الاوائل الثلاثة من تلاميذ المحافظة في نتائج امتحان البكالوريا للصف السادس الابتدائي، الامر الذي أّهّله لدخول كلية الملك فيصل، التي انشئت بادارة انكليزية في العهد الملكي لتستقطب الطلبة النابهين من جميع انحاء العراق وتأهيلهم ليكونوا من الكوادر التي تخدم النظام الملكي. غير ان نباهة طلابها وذكاءهم جعلت من الكلية بؤرة للنشاط الوطني الديمقراطي. وكان من بين منتسبيها عدد ممن اصبحوا في ما بعد من وجوه الحركة الوطنية الديمقراطية اليسارية من امثال الفقيد عامر عبد الله والشهيد حمزة سلمان ونوري عبد الرزاق حسين وشاعرنا زاهد محمد.

وبسبب من نشاط طلبة الكلية الوطني، ايام تصاعد المد الوطني الديمقراطي في النصف الثاني من اربعينيات القرن الماضي، والاضراب الذي اعلنوه، جرى اغلاق الكلية والغاؤها، وكان ذلك قبل ان يكمل زاهد مرحلة الدراسة المتوسطة.

بعد غلق الكلية عمل زاهد في مديرية السكك الحديد في الشالجية. وكان احد قادة اضراب عمال السكك في العام 1948، بعد وثبة كانون الثاني المجيدة. وتعرض وقتذاك الى محاولة اغتيال من قبل احد افراد الشرطة السرية، الا انه نجا من المحاولة الاثيمة بعد ان جرح في يده عندما صد عدوان الشرطي.

وبسبب من نشاطه البارز في الاضراب صدر امر إلقاء القبض عليه من قبل سلطات الامن الملكي، فأضطر الى الاختفاء، غير ان جهاز الامن استطاع اعتقاله وزجه في التوقيف، مما اثار عمال السكك في الشالجية، الذي خرجوا بمظاهرة ضخمة من الشالجية الى دار رئيس الوزراء المرحوم السيد محمد الصدر للمطالبة باطلاق سراحه هاتفين: “حق باطل زاهدنه انريده”! واطلق سراحه على اثر المظاهرة.

وتعرض زاهد للاعتقال خلال الحملة التي شنها الحكم الملكي على القوى الوطنية الديمقراطية، وفي طليعتها الحزب الشيوعي العراقي انتقاماً من الشعب العراقي ووثبته المجيدة.

وجرى تقديم زاهد الى المجلس العرفي العسكري، مع المئات من المناضلين الوطنيين اليساريين، وغالبيتهم من الشيوعيين، والحكم عليه بالسجن لمدة سنتين، تضاعفت الى ثماني سنوات بحجج مفتعلة من قبيل قراءة نشيد او هتاف داخل السجن او القيام بإضراب عن الطعام للمطالبة بحقوقهم، التي نص عليها القانون باعتبارهم سجناء سياسيين.

وفي سجن الكوت ونقرة السلمان وبعقوبة تفتقت قريحة زاهد الشعرية، فنظم الكثير من القصائد والاناشيد الوطنية بالشعر الشعبي والفصيح التي يضمها هذا الكتاب.

اطلق سراح زاهد من السجن في العام 1956 وجرى سوقه الى الخدمة العسكرية في معسكر الشعيبة في البصرة.

وبعد انهائه الخدمة العسكرية عمل في معمل الكوكا كولا في البصرة ليشهد ما يعانيه العمال من استغلال ارباب العمل والتعرف على حياتهم عن قرب.

ولتعلق زاهد بأهداف حركة السلم حاول السفر للمشاركة في مهرجان الشبيبة والطلبة في موسكو في العام 1957، الا انه القي القبض عليه في مركز صفوان الحدودي، واطلق سراحه بكفالة لعدم وجود ذريعة لتقديمه للمحاكمة وسجنه مرة اخرى.

وبعد انتصار ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة في العام 1958 ذاع صيت زاهد محمد باعتباره شاعراً شعبياً متعدد المواهب. وعمل في الاذاعة وساهم في تقديم الكثير من الاغاني والأناشيد الوطنية. الامر الذي اثار حقد القوى اليمينية التي اغتنمت الفرصة لفصله من الاذاعة. وفي اعقاب فصله من الاذاعة نظم قصيدة “ تهيّب يل تهز السوط” التي يجد القارئ قصتها في موضع اخر من الصفحة.

ولعل اشهر قصائده الشعبية بعد ثورة تموز المجيدة هي قصيدة “هر بجي كردي وعرب رمز النضال” التي لحنها وغناها الفنان المشهور الفقيد احمد الخليل. القصيدة/ الاغنية التي ما زالت تلهب احاسيس ابناء الشعب وتعزز وحدة العرب والاكراد في الوطن الواحد.

في العام 1960 تزوج زاهد قريبته الفاضلة زهرة قاسم محمد حسن آل خميس، التي انجبت منه اولاده عمار وبشار وسالار والفقيد بختيار الذي توفي في حادث مؤسف.

وفي العام 1963، وفي اعقاب الانقلاب الفاشي المشؤوم في الثامن من شباط استطاع زاهد الافلات من الانقلابيين بالعبور الى ايران ومنها الى موسكو.

ومُنح الفقيد زاهد وزوجته زمالتين دراسيتين في جمهورية جيكوسلوفاكيا، فالتحقا بالدراسة في براغ ونالا شهادة الدكتوراه في الاقتصاد.

وعندما كان زاهد في براغ ساهم في اعداد برامج اذاعية لـ “اذاعة صوت الشعب العراقي” التابعة للحزب الشيوعي العراقي والتي كانت تبث برامجها من صوفيا عاصمة جمهورية بلغاريا الشعبية من صيف 1963 حتى صيف 1968. كما عمل في نفس الوقت في القسم العربي من اذاعة براغ.

عاد الى العراق في العام 1973 وعمل في وزارة التخطيط ثم في مديرية السكك الحديد. وغادر العراق في الثاني والعشرين من حزيران 1982 ولم يعد اليه.

عمل في السعودية عدة سنوات في اعمال حرة، وساهم وهو هناك في اذاعة صوت الشعب العراقي المعارضة للنظام الدكتاتوري.  ولا يفوتنا ان نذكر ان الفقيد زاهد محمد زهدي كان ينظم القريض ايضاً. كما انه كان يكتب في صحافة المعارضة العراقية في تسعينيات القرن الماضي.

وبرغم المرض الخبيث الذي اصابه في السنوات الاخيرة فانه لم ينقطع عن الاهتمام بعمل المعارضة العراقية والمساهمة فيه قدر استطاعته، ويرنو الى يوم العودة للعراق بعد الخلاص من النظام الدكتاتوري. الا ان المرض لم يمهله لتحقيق امنيته هذه إذ غادرنا في احد مستشفيات لندن في الثامن والعشرين من أيلول 2001. ودفن في مقبرة هايغيت في الركن القريب من ضريح كارل ماركس، وهو الركن الذي يضم رفات العديد من المناضلين العراقيين الذي توفوا في الغربة. وبذلك فقد الشعر الشعبي في العراق علماً من اعلامه وفقدت الحركة الوطنية مناضلاً مخلصاً قدم الكثير في مسيرته النضالية المجيدة.

عبد الرزاق الصافي

لندن تموز 2009

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مقدمة كتيب (أغاني وأناشيد من تراث زاهد محمد) اعداد عبدالرزاق الصافي – دار الرواد 2009. وقد اعتمدت مواضيع هذه الصفحة على محتويات هذا الكتيب.

من اغاني السجون العراقية 1949- 1958

دأب السجناء السياسيون على تحدي سجانيهم بإنشاد الاناشيد الوطنية والاغاني الشعبية التي يغيّرون كلماتها بكلمات يكتبونها هم تشير الى صمودهم واصرارهم على التمسك بمبادئهم وادانة السلطات الدكتاتورية الفاشية.

وفي هذا المجال يشهد الكثيرون، من ارتادوا السجون ان صاحب هذه المجموعة كان له الدور الاكبر في كتابة هذه الاغاني في السجون التي دفع ثمنها محكوميات اضافية وهو داخل السجن.

وبغض النظر عن السجن الذي كانت تكتب فيه الاغنية، سواء الكوت او بعقوبة او نقرة السلمان، او العديد من محطات التوقيف، فانها كانت تنتشر الى المواقع الاخرى بمجرد انتقال احد السجناء اليها.

ومن مجموعة “اغاني الطريق” استقينا بعض ما ورد فيها من تأليف صاحب هذه المجموعة.

اغنية سالم حزبنا

هذه الاغنية كتبت بتاريخ 31/ 3/ 1950 لمناسبة قيام السجناء الشيوعيين واصدقائهم من السجناء السياسيين الوطنيين في سجن نقرة السلمان، بالاحتفال بذكرى تأسيس حزبهم. وكانت في الاساس بعنوان “سالم حزبنا” الا ان الشاعر ابدلها بـ “سالم شعبنا” لاعطائها طابعاً وطنياً عاماً يرتبط بمشاعر كل السجناء وكل الوطنيين تجاه شعبهم الذي ضحوا من اجله ووطنهم الذي أحبوه.

سالم حزبنا

سالم حزبنه.. ماهمته الصدمات .. سالم حزبنه

يخسه اليضدنه.. والشعب حي ما مات.. يخسه اليضدنه

واحنه المشينه.. عالجسر وسط النار .. احنه المشينه

نحفر بدينه .. كَبرك يالاستعمار.. نحفر بدينه

امشي نزوره .. ولنكَرة السلمان .. امشي نزوره

رمز البطوله .. شامخ عله السجّان .. رمز البطوله

سالم حزبنه .. ما همته الصدمات .. سالم حزبنه .

يخسه اليضدنه/ والشعب حي ما مات/ يخسه اليضدنه

نشيد انصار السلام

نحن ندعو للسلام  للسلام

نحن اعداء الحروب                     الحروب

سوف نمضي للامام                    للامام

نحو تحرير الشعوب                 الشعوب

نحن ندعو للسلام

نحن اعداء الحروب

يقبس المشعل منا  نوره الزاهي الجميل

عرف التاريخ عنا ثورة في كل حين

نحن ندعو للسلام

نحن اعداء الحروب

شعلة السلم انيري       افق هذي الكائنات

يا جموع الشعب سيري           نحو اوكار الطغاة

واخرقي ظلّ القبور        كي نرى نور الحياة

نحن ندعو للسلام

نحن اعداء الحروب

كلما راح شهيد           جاءنا الف نصير

لم تفرقنا قيود         او دعايات الاجير

صوتنا نور مضيء       وشذى زاهي العبير

نحن ندعو للسلام

نحن اعداء الحروب

يلرايح للحزب خذني

كانت هذه الاغنية تُغنى خلال الحفل الذي اعتاد السجناء اقامته لكل سجين يحل موعد اطلاق سراحه، وهي تعبير عن رغبة السجناء في مشاركة شعبهم نضاله الدؤوب، إذ يعتبرون سنوات يجنهم بمثابة دين في اعناقهم، بل ويكلفون السجين المطلق سراحه بأن يعتذر نيابة عنهم، اذ هم في السجن عاجزون عن مشاركة شعبهم نضاله المجيد.

أبدل الفقيد كلمة الحزب حيثما وردت في الاغنية وجعلها الشعب. وقد آثرت ان ابقيها كما هي في الاصل مع اشارة الى ما اراده الفقيد. ومن المعروف ان هذه الاغنية كانت من الاغاني الاثيرة للشهيد البطل الرفيق سلام عادل عندما كان سجيناً في سجن نقرة السلمان.  

يلرايح للحزب خذني ...           وبنار المعركة ذبني

برگبتي دين اريد أوفي ...         عن أيام المضت مني

يا خي لو شبت النيران           لو حلت ساعة العدوان

لو نادى حزبك الشجعان         تقدم واعتذر عني

شعبنا يحارب العدوان        وعازم يهزم الطغيان

يا وسفة بنكرة السلمان         أظل مقيد بسجني

شعبك دوم سالم وغانم           شوكة بعين العدو الظالم

ويقوده كل بطل حازم           سعادة للشعب يبني

خل گلبك يحقد اعلى عداك

وعيهم خل يثور دماك

من دمي هاك اخذ وياك

هدية للشعب مني

 ***************************************

في ذكرى رحيل زوجي

الشاعر زاهد محمد

مؤلم جداً فقدان الزوج الذي كان يمثل كل كيان حياتي، أشعر بالحزن العميق يرافقي في كل محطات حياتي منذ رحيله. عشرون عاماً أحارب فيها حزني بتصفح شريط الذكريات التي لا يمكن أن تنسى. عشنا أحداثا مليئة بالمغامرة والتضحيات .. أشتاق لتلك الأيام التي كان فيها ثائراً بشعره الجميل ضد الطغاة، وروحه النضالية التي واجه بها أجهزة القمع .. لا أنسى أبداً صبره وتحمله معاناة الحياة وتضحياته الكبيرة وكفاحه الوطني من أجل عراقنا الحبيب.. بقلبه الحنون كان يكتب أغاني للحياة والوطن، كان يغطي كل لحظاتنا الجميلة وأماسينا بين الأحبة والأصدقاء من رموز الشعر والأدب والسياسة في مجتمعنا العراقي والعربي.

نم قرير العين يا حبيبي، لقد أديت رسالتك الإنسانية العظيمة بكل الود والمحبة، لن ننساك يوما ما حيينا، فأنت الغائب الحاضر، صورتك مشرقة في عيون محبيك، متغلغلة في مخيلتنا، يزداد شوقنا وحنيننا إليك في كل الأوقات.

الرحمة الأبدية على روحك الطاهرة، سيبقى حزني عليك إلى الأبد، أعيش على ذكراك الطيبة، أنشد أشعارك الكثيرة لأشعر بوجودك معنا، أشارك الأحباء بمآثرك وحكاياتك الجميلة التي ستبقى عالقة بذاكرة محبيك.

الدكتورة زهرة قاسم حسن الخميس

********************

 تهيّب يل تهز السوط

هذه القصيدة لها قصة معروفة وطريفة لا بد من ايرادها ليكون القارئ على بينة منها، ذلك انها القيت في احتفال اقيم على حدائق (اتحاد الادباء العراقيين) وبحضور الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ورئيس الاتحاد الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري والكثير من الشعراء والادباء والجمهور.

كان الشاعر حينها قد فُصل لتوه من اذاعة بغداد، كما تم التخلص من عدد كبير من الادباء والشعراء والاذاعيين المحسوبين على الاتجاه التقدمي اليساري، وذلك بعد تفاقم نفوذ القوى التي يحركها البعثيون والقوميون المرتدون عن تأييد الثورة بدعوى ما اعتبروه تنامياً في “المد الاحمر”. اذكر هنا قول الجواهري رحمه الله: “وصنوك الثور يثأر غيضه بالاحمر”.

وقبل موعد هذا الحفل اتصل سكرتير اتحاد الادباء الدكتور الراحل صلاح خالص بالشاعر واخبره عن الحفل وطلب منه ان يهيئ قصيدة شعبية لالقائها في الحفل امام الزعيم عبد الكريم قاسم وسوف يقنعون الجواهري بأن يفتح مع عبد الكريم موضوع فصلي من الاذاعة ويطلب اليه التدخل في الامر واعادتي اليها.

ورغم اعتقادي الثابت في حينه بأن هذا الامر لا يتوقع حدوثه، لان الحملة الشرسة ضد القوى الوطنية كانت قد اتسعت الى ابعاد عريضة، وامتدت الى الكثير من اجهزة الدولة الى جانب حركة نشطة من الاعتقالات والاضطهاد وحتى التعذيب، فان الشاعر آثر الاستجابة لطلب الدكتور صلاح خالص رحمه الله ونظم هذه القصيدة، التي كان لها صدى كبير على المستمعين. واجزم الآن والجواهري بين يدي ربه، انه لو كان اطلع عليها، لما سمح بإلقائها امام الزعيم تجنباً للحرج.

واذكر هنا بعض الامور المتعلقة بهذه القصيدة:

- كان مطلع القصيدة، بحد ذاته، “استفزازيا” كما هو واضح. الامر الذي اثار استغراب واستنكار بعض ضباط الحرس المرافقين للزعيم ممن يكنون العداء للقوى الوطنية. كانت علائم الاستغراب واضحة على الجواهري رحمه الله، اذ لاحظ الشاعر انه كان يتحدث او يلتفت الى الدكتور صلاح خالص بملامح تدل على الشعور بالحرج.

للحقيقة والتاريخ فان الشخص الوحيد من الحضور بين “علية القوم” ممن لم ينفعل او يبدو عليه الانزعاج كان الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم، الذي كانت تبدو عليه علامات الرضا الواضحة والابتسامة الهادئة. بعد انتهاء الشاعر من القاء قصيدته وقف الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم وتقدم من مكانه خطوتين باتجاه الشاعر ليصافحه. وكان هذا الحوار السريع:

الزعيم: هاي شنو؟ انت مفصول من الاذاعة؟

الشاعر: نعم سيادة الزعيم فصلوني، ومعي عدد كبير من الكتاب.

وهنا التفت الزعيم الى احد مرافقيه او سكرتيره – لا ادري – وطلب منه تحديد موعد قريب لي لمواجهته في مكتبه بوزارة الدفاع.

تم تحديد الموعد وكان خلال اسبوع وفي يوم تصدر فيه عادة جريدة كان يحررها المرحوم شمران الياسري (ابو كاطع) فقرر الشاعر عدم الذهاب الى الموعد مع الزعيم عبد الكريم قاسم وطلب بدلا من الذهاب ان ينشر له الياسري في مكان لافت ابياتاً من الشعر لا تتجاوز المقطع الواحد تحت عنوان “ قصيدة جديدة لزاهد محمد – الاسبوع القادم – عنوانها “يفداك من راعك”. (وهي كلمة تقال لمن تعرض لاعتداء او معاملة ظالمة. وكنا نتداولها ايام الحكم الملكي لمن يجري توقيفه او سجنه ويطلق سراحه.

وهكذا تم الاتفاق ونشرت مقاطع القصيدة الجديدة. ولم يذهب الشاعر لملاقاة الزعيم الراحل رحمه الله. فقد كان رجلا مفعماً بالروح الوطنية، بحب العراق وشعب العراق، وقد اراد لعراق خيرا واراد الآخرون على اختلاف مشاربهم أمرا آخر...

اخيراً فان قصيدة “تهيب يل تهز السوط” قد فقدت سوى مقطعها الاول والاخير، وبداية احد مقاطعها الوسطى ذكرني بها احد الاصدقاء. غير ان الامل لا ينقطع بالحصول عليها كاملة، اذ كان الجواهري قد اخذها من الشاعر فور الانتهاء من القائها، ونشرها كاملة في جريدته “الرأي العام” وتحت عنوان “القصيدة الشامخة”.

واليكم  (تهيب يل تهزّ السوط):

عاين گلّب التاريخ

عمر الظلم ليلة ويوم

لا بد ما يشيل الرأس

لو هبّت شمال الريح

بگلوب الشعبْ واشْهر

غاد تضيّع المشراد

أعيد حچايته لسمعك

تهيّب يل تهز السوط

سرى وهز الأرض مسراه

سرى وهز الأرض مسراه

(بقية المقطع مفقودة)

واحذر غضبه المظلوم

عمر الظلم ليلة ويوم

لو عمّر ودام أجيال

مظلوم ويغير الحال

رخوه وانعشت آمال

سلاح اعلى الظلم قتّال

وتگول النذير إشگال

خاف الامر ما مفهوم

واحذر غضبة المظلوم

ضباط وجنود واحرار

مثل سيل انحدر جبّار

اما المقطع الأخير من القصيدة فهو:

يا (عبد الكريم) اسلم

صنفين (المحبة) تصير

حب مزيف وغاوي

وحب أبيض شريف وبى

ذراعك حكم خليّها

يوم اللي جرى دمها

يا (عبدالكريم( إحنه

بتراب الوطن نحلف

تهيب ! لا تهز السوط

واحذر من غدر مستور

حب صادق نقي وحب زور

بثناياه الغدر مضمور

تساوي الباطن ومظهور

بين المخلص وموتور

گلب شامت وگلب يفور

إلك دون النوايب سور

عنك ما انثنيا يوم

واحذر غضبة المظلوم