يلاحظ الدارس للدارمي أن هناك تشابها بينه وبين فن أخر من فنون الأدب الشعبي. أنتشر في المناطق الغربية من العراق، وأن وجد في وسط وجنوب العراق فان وجوده محدود وقليل، إذ أستعذب الناس الدارمي وشغلوا به عن أي لون سواه, ومن خلال دراستي للدارمي والسويحلي وجدت أن هناك تقاربا كبيرا بين هذين الفنين، ويمكن تحويل السويحلي إلى دارمي دون الإخلال بمعناه أو إضافة أو إنقاص شيء من مفرداته، وسأورد بعض الأمثلة للدلالة على ما أقول.      

وقد طالعت للأستاذ عبد الأمير جعفر بحثاً عن الأغنية الفلكلورية نشر في مجلة التراث الشعبي العدد9 السنة5 /1974 ص25، أشار فيها الى عدم إمكانية تحويل السويحلي إلى دارمي، ومع تقديري له أرى إنه جانب الصواب ولعل مرد ذلك إلى عدم اطلاعه على نصوص كثيرة من السويحلي أو عدم معرفته لأسلوب التحويل في ذات الفنين، أو عدم ممارسته نظم الشعر وقرظه.

ولعل التشابه في وزنه وطبيعة نظمه وتشابه أغراضه ومعانيه، ليس بحاجة إلى دليل، ودراسة نماذجه الكثيرة توحي بأكثر من ذلك، إذ إن بعضاً من نصوص الدرامي عند انتقالها للمناطق الغربية قد تتحول إلى سويحلي. وهذا ما جرى للسويحلي نفسه عند انتقاله إلى الفرات الأوسط والجنوب وإلى القارئ الكريم بعض النماذج مبتدئاً بذكر السويحلي أولاً ثم يليه الدارمي:

هالـــبلثنيه           والـواشي واگــــف طول

يگرش عليه         خـاف من أحاچي هواي

والواشي واگـف طــول      هـــــا لبلثـنيه

خاف من أحاچي هواي      يگــرش عليــه

يا گلبــــي أشبيـــك     تركــض ورة الاذاك

منهو اليدلـــيك        ضيعـــت درب الزيـن

تركـض ورة الأذاك       يا گلبـــــي أشبيـــك

ضيعت درب الزين           منهو اليدليـــك  

جينه نتعلل               ونشوف حلو الطول

حكو يتدلل                الاسمر وسيع العين            

ونشوف حلو الطول              جينه نتعلل

الاسمر وسيع العين                حكو يتدل

السويحلي

والسويحلي أحد أشهر الألوان الشعرية الغنائية، وهو لون واسع الانتشار في وادي الفرات كله ومنطقة الرقة وشمال حلب ومنطقة الجزيرة والمنطقة الغربية من العراق، ويغنى بكثرة فهو سهل اللحن ولين الأداء. وهو في الأصل يعود إلى بلاد الرافدين ويسمى هناك بـ (نايل مقلوب)، كما أنه معروف في معظم البلاد العربية، حتى وإن كان تقليداً بسيطاً لهذا اللون الأصيل.

وأصل تسميته: يرجعه الباحثون إلى (جر السفن)، أو (سحلها)، ويذكر أن أهل "الفرات" كانوا يغنونه أثناء سحب السفن من الضفة المقابلة، والتي تحمل الركاب أحياناً، والمؤونة أحياناً أخرى، قبل أن توصل الضفتان بالجسور الحديثة، ومن ذلك يقال "سويحلي"، أي (غناء سحل السفن), ويسمى في العراق "النايل" المقلوب، وهو ذاته "الدارامي" شعراً، ولكن بتبديل مواقع الكلمات في بيت الشعر ذاته، ويقول آخرون أن تسميته لحنية، شكله بيت بشطرين، والأصح أن يقسم إلى أربعة أشطر، الشطر الأول مع الثالث موحدا القافية، بينما الثاني والرابع لا يشترط أن يكونا موحدي القافية. مثال:

أشبيك تدوي               يابــوم تالـي الليل

ماراح لك شي            ولامس دليلك ضيم

وبعض الشعراء يوحدون القافيتين الثانية والرابعة، مثلاً:

لا اشري ولا بيع                  مرافج التجار

صدور المرابيع             بيض الحبارى زغار

وهو مزيج من الحزن والفرح بآن واحد، وتارة أخرى وصف للحبيب، ويختلف أحياناً موضوع الشطر الأول عن الثاني، إلا أن الحزن يبقى ظاهراً فيه، ويغنى "السويحلي" على مقامات عديدة، ويجد فيه الموسيقيون راحة في اللحن لسهولة وزنه الشعري، وينسبه أهل "الرقة" للأداة الموسيقية، التي ترافقه عند الأداء فيقال ("سويحلي" ربابة، "سويحلي زمارة"، و"سويحلي منفرد).

ويسمى السويحلي في العراق النايل المقلوب أو (الدارامي) ولا يختلف عنه سوى في تبديل مواضع الكلمات في البيت الشعري، وقد ترافق هذا اللون الغنائي الشبابة والتي تسمى في منطقة الفرات (الشاخولة)، والمجوز (المطبق أو المطبكَـ)، وفي بعض الأحيان الطبل أو المزمار المفرد، وأحياناً الربابة، وقد يُغنى السويحلي بدون أي آلة موسيقية.(راجع محمد الموسى الحومد-السويحلي" من ألوان الشعر الغنائي الرقي-11 تشرين الثاني 2009- موقع الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية) بتصرف.

شلونك بهالعيد                    ياجرح دلالي

أحبابي المباعيد                عنّم علينا اليوم

من العلو لاح                  يامرحبا بها لزول

قلبي مع الراح             وظل القفص هينا

لا أسايلك يابير                      يا ابو جوابي

شالم أحبابي                 مدري ظعنهم وين

مثل المغربي                     لا دوح بالعربان

بلجي ياربي                  تجمع شملنا اثنين