اخر الاخبار

(1)

في هذه المجموعة الشابّة للشاعرة / ولاء الزبيدي / لابد َّ من الانصات أولاً للغة القصائد ، كون هذه اللغة قريبة جداً من اللهجة الشعبية العراقية . الشاعرة من سوريا ، ولادة ً وحياة ً ، مابين دير الزور ومحافظة الحسكة. ورغم ما في قصائدها بعض من اشتغالات اللهجة الشعبية السورية ، إلا أن َّ اللهجة الشعبية العراقية هي المهيمن الأول . من هنا تكون قراءة قصائد المجموعة محكومة بقدرة القاريء على التواشج بين اللهجتين ، تركيباً وأصواتا ً ، لتجاوز ما يبدو وكأنه عثرات وزنية هنا وهناك حتى وإن كانت بحدود لا تُثير المساس كثيراً بحركة انسياب القصائد وتدفقها الإيقاعي . وليست اللغة / اللهجة هي الأقرب للعراقيّة ، بل حتى نمط البناء الشعري وعروضه وتركيباته الصوّريّة ، كما أنها متشاغلة  عن بُعد بالطبيعة العراقية المائية وتتمنى أن تغسل ضفائرها بمياه دجلة والفرات . ومن هنا تكون الاشارة إلى أن َّ الشاعرة كتكوين شعري بعيدة عن أساليب الشعر الشعبي السوري ، وقريبة جداً إلى ممارسات الشعر الشعبي العراقي وأنماطه الأُولى . وقد عرفتُ منها ، بأن َّ اطلاعها على الشعر الشعبي العراقي هو الأكثر .

(2)

الشاعرة ، وهي في بدايات العمر الشعري  وحتى العمر الزمني ، تمتلك احساساً ، عادة ً ما يوصف به الشعراء ، ألا وهو الاحساس بالتجربة وتراكماتها وخزينها في الذاكرة ، وتطويع هذا الاحساس شعرياً . من هنا تجد قصائدها بعيدة عن التجريد والاستطرادات المملّة ، إنها في مركز التجربة والهدف الشعري ، وما يميّزها ( كأنثى ) ، هو البوح الصادق عن تجاربها دون تردد ، غير ملتفته لاشتراطات مجتمعية معروفة . وتجارب الشاعرة يحاصرها : الفقدان والخسارات ، لوعات الحُب ، الأمومة والأبوّة ، الاشتياق لما هو أنقى وأرقى ، الأحزان الغامضة :

جهال احزاني ..

إوعادي امن الاعبها عالمتون .

......،

وادور ابذكرياتك ..

مالكَيت الوان

خسر لونه الجمال الفاركَاك اسبوع .

.......،

آنه ..

شمسميَه وردتي ..

 يمكن ايهمك ..

اسمها لوردت تندَل وجهتي .

الشاعرة في هذه التشكيلات الصوّريّة وغيرها ، تمنح قصائدها استقراراً يُقرّبها من شكل وتحولات القصيدة الشعبية الحديثة ، وما عليها إلا الاستغراق الأطول لاكتشاف طاقتها في هذه المديات .

( 3 )

في التقييم الفني ،  لا يتسع هذا التقديم لما هو أبعد . غير أن َّ القول الأكثر تناسباً مع تجربة ( رفّة نبض )..، : إن َّ الشاعرة في بداياتها الشعرية ، تكويناً وفنياً ، وهي بدايات يمكن وصفها ، بأنها البدايات التي تُشير إلى حضور شاعرة يمكن لها أن تتقدم باتجاه أفق ٍ أوسع ، حينما تنشغل بما يُفضي بها إلى الاطلاع على الأشكال الحديثة في الشعر الشعبي العراقي والتجارب اللامعة فيه : الستينية والسبعينية  تحديداً . وكذلك النماذج العالية للشعراء  المثقفين المستمرين من تلك التجربتين . وأن تنشغل كذلك بالدراسات الفنية والجمالية والنقدية المتاحة عن الشعر بصورة عامة ، كي تُعزز ذوقها وذائقتها بالأعلى .

( 4 )

رفّة نبض ، مجموعة تمنح متلقيها تجربة شاعرة صادقة بمشاعرها وأحاسيسها ، ولا تفتعل ماهو ليس من مدركاتها الحسيّة والروحية وتجربتها التي تُشير ...

عرض مقالات: