ما زال التصعيد السمة المرافقة للصراع في الشرق الأوسط، وقد أصبح أكثر ملموسية بعد الرد الإيراني الذي قالت إيران، إنه استهدف القوات الجوية الإسرائيلية، بعد مقتل سبعة من ضباط الحرس الثوري الإيراني في هجوم على مجمع السفارة الإيرانية في دمشق في الأول من نيسان الجاري. ومن المتوقع أن يتخذ مجلس الحرب الاسرائيلي قرارا بشأن رد عسكري على الهجوم الإيراني.

تفاصيل الهجوم

وبحسب الجيش الإسرائيلي، استخدم الجانب الإيراني أكثر من 300 صاروخ في هجومه، وعلى وجه التحديد، يقال إن 170 طائرة بدون طيار و120 صاروخًا باليستيًا و30 صاروخًا كروز شاركت في هذه العمليات.

وصرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأدميرال دانييل هاغاري، أنه تم تدمير 99 في المائة من الصواريخ عند الاقتراب دون الوصول إلى المجال الجوي الإسرائيلي.

وبالإضافة إلى سلاح الجو الإسرائيلي، قيل إن طائرات مقاتلة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وكما أشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية، الى أن الأردن شاركت أيضًا في عملية التصدي.

رد محدود

وكان مجلس الحرب الإسرائيلي قد اجتمع أمس الاثنين، لإجراء مناقشة أخرى بشأن رد محتمل على الهجوم الإيراني غير المسبوق، بينما قال مسؤول إسرائيلي إن المجلس يدرس هجوما محدودا على منشأة داخل إيران.

ويأتي الاجتماع الجديد بعدما قال مسؤولون إسرائيليون إن الأغلبية في حكومة الحرب تؤيد ردا على هجوم إيران، لكن هناك انقساما بشأن توقيته ونطاقه.

وقال مسؤول إسرائيلي إن مجلس الحرب يدرس شن هجوم على منشأة إيرانية كرسالة لكنه سيتجنب التسبب في وقوع إصابات.

طهران تتوعد

على الجانب الآخر، قال وزير الخارجية الإيراني «في حال اعتداء الكيان الصهيوني، فإن رد إيران سيكون فوريا وواسع النطاق وبأقصى حد».

وأشار عبد اللهيان إلى الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة واعتبرها «انتهاكا واضحا لاتفاقية فيينا وتجاوزا للخط الأحمر للجمهورية الإسلامية الإيرانية».

وأضاف انه «أمام التقاعس الدبلوماسي للأمم المتحدة ومجلس الأمن عن إصدار بيان واحد يدين هذا العمل، لم يكن أمام بلاده من خيار سوى معاقبة الكيان الصهيوني في إطار الدفاع المشروع».

بدورها، دافعت حركة حماس عن رد إيران، وقالت في بيان “نعتبر العملية العسكرية التي قامت بها الجمهورية الإسلامية في إيران ضد الكيان الصهيوني المحتل حقا طبيعيا وردا مستحقا على جريمة استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيال عدد من قادة الحرس الثوري فيها”.

دعوات لضبط النفس

ودعت وزارة الخارجية الروسية جميع الأطراف إلى «ضبط النفس».  وقالت في بيان «نحضّ كلّ الأطراف المعنيين على إظهار ضبط النفس. نحن نعوّل على الدول الإقليمية لحل المشاكل الراهنة بوسائل سياسية ودبلوماسية».

وقالت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية إن إسرائيل تطلب منا إدانة رد إيران ولا نذكر أن تل أبيب أدانت أي مرة هجمات أوكرانيا على أراضينا.

وأفادت زاخاروفا أن السفيرة الإسرائيلية لدى موسكو سيمونا هالبرين تقول إن بلادها «تتوقع منا إدانة الهجوم الإيراني الواسع النطاق على البلاد».

وأعربت الصين عن «قلقها العميق» من الهجوم. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن بكين «تعرب عن قلقها العميق إزاء التصعيد الراهن وتدعو كل الأطراف المعنيين إلى ممارسة الهدوء وضبط النفس لتفادي تصعيد إضافي».

وأضاف «تدعو الصين المجتمع الدولي، خصوصا الأطراف ذات التأثير، الى أداء دور بنّاء لصالح الأمن والاستقرار» في منطقة الشرق الأوسط.

فيما حث وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إسرائيل على عدم الرد. وقال إن خطوة طهران «فشلت بالكامل تقريبا «وإن التركيز يجب أن ينصب على التوصل لوقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

وقال كاميرون في تصريحات تلفزيونية «إذا كنت في إسرائيل هذا الصباح فستفكر بشكل سليم بأن لديك الحق الكامل للرد على ذلك».

وفي باريس، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستبذل كل ما بوسعها لتجنب المزيد من التصعيد في الصراع بين إسرائيل وإيران بالشرق الأوسط، مؤكدا أن طائرات فرنسية شاركت في اعتراض بعض الصواريخ والمسيّرات التي أطلقتها إيران نحو إسرائيل في أجواء الأردن.

الضرر الاسرائيلي

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن قيادي عسكري سابق أن إسرائيل أنفقت ما قد يصل إلى 5 مليارات شيكل (نحو 1.35 مليار دولار) خلال ليلة واحدة من أجل التصدي للهجوم الذي أطلقته إيران باستخدام مئات المسيرات والصواريخ.

وقال رام أميناخ المستشار الاقتصادي السابق لدى رئاسة الأركان الإسرائيلية إن هجوم الليلة الماضية كلف ما بين 4 و5 مليارات شيكل (بين 1.08 و1.35 مليار دولار)، وأوضح أن التكلفة تشمل فقط التصدي للمسيرات والصواريخ دون إدراج الخسائر الميدانية، والتي أعلن الجيش أنها طفيفة.

وأوضح أميناخ أن كل صاروخ من «نظام آرو» الذي يستهدف الصواريخ الباليستية يكلف نحو 3.5 ملايين دولار، بينما تدفع إسرائيل نحو مليون دولار لكل صاروخ في نظام «مقلاع داود» الخاص باعتراض صواريخ كروز، إضافة إلى تكاليف تشغيل الطائرات المكلفة باستهداف المسيرات.

في المقابل، يرى أميناخ أن إيران أنفقت نحو 10% فقط مما تكبدته إسرائيل.

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن الغارات الجوية، قلبت اعتقاد إسرائيل بأن إيران ليست مستعدة للرد رأسا على عقب وهو ما يعد ثاني فشل لها.

وأوضحت أن إسرائيل اعتادت استهداف المسؤولين الإيرانيين بدون مواجهة انتقام من إيران، وهو افتراض أثبتت طهران خطأه يوم السبت.

وأضافت أن الهجوم غير المسبوق من إيران هز الإفتراض الإسرائيلي، وقوض حسابات الإسرائيليين بأنه يمكن ردع إيران من خلال القوة المفرطة. وعلى مدى السنين الماضية، ناقش الإسرائيليون في أحاديثهم الخاصة والعلنية أنه كلما ضربت إيران بشدة فستكون أكثر حذرا في الرد.

وتعلق الصحيفة بأن الهجوم الإيراني لم يتسبب في أضرار كبيرة لأنها حذرت مسبقا من الهجوم واعطت إسرائيل وحليفتها الأمريكية الوقت الكافي للتحضير للرد، بل وأصدرت بيانا أثناء الهجوم بأنها لا تخطط لعمليات أخرى. ومع ذلك فهجوم السبت حول حرب الظل الطويلة بين البلدين إلى مواجهة مباشرة، رغم احتوائها في الوقت الحالي وبناء على الطريقة التي سترد فيها إسرائيل.

وقالت الصحيفة: «أثبتت إيران أن لديها قوة حربية ضخمة، لا يمكن ردها إلا من خلال الدعم المكثف من حلفاء إسرائيل، مثل الولايات المتحدة، ما يؤكد حجم الأضرار الذي كان سيتسبب فيه الهجوم بدون حماية كهذه».