يعصف الفساد وسوء الإدارة بالمشاريع الخدمية في محافظة الأنبار، ما يجعل الخدمات تتحول إلى نقمة على سكانها، بسبب سيطرة شركات الأحزاب المتنفذة على صفقات المشاريع الخدمية، برغم عدم تخصصها وكفاءتها، لكنها تقاسمت عملية الاستثمار، التي لم يجن منها المواطن الأنباري سوى الخراب.

 في 13 نيسان الحالي، انهارت أجزاء من جسر الفلوجة الحديدي الرابط بين الفلوجة والرمادي والذي هو قيد الإنشاء وقد حدث ذلك قبل افتتاحه بأيام، ما ادى إلى إصابة ثلاثة عاملين بجروح، وغرق آلية مخصصة للتبليط وسط نهر الفرات.

 من المسؤول؟

وقال محافظ الأنبار محمد نوري في تصريح بشأن حادث الجسر الحديدي انه «عندما تتم إحالة مشروع مهم كهذا إلى شركات غير متخصصة تكون النتائج سيئة».

وأضاف، أن «إدارة المحافظة السابقة لم تختر شركة تنفيذ كفوءة ولديها أعمال مماثلة، والأدهى والأمرُّ أنها تعاقدت مع مكتب استشاري للمشروع من أقرباء المقاول ولم تختر مكاتب رصينة كمكاتب الجامعات».

وأكد محافظ الأنبار، أنه «ستتم محاسبة المقيم والاستشاري والمقاول والمسؤول عن إحالة المشروع إلى هذه الشركة في عام 2021».

 مجلس المحافظة يتابع..

من جانبه، اكد رئيس لجنة النزاهة في مجلس محافظة الأنبار سعد المحمدي، إنه «تم إطلاق حزمة من المشاريع الخدمية عام 2022، وخلال هذا الأسبوع، قام مجلس المحافظة بجولة تفقدية رفقة محافظ الأنبار لبدء استلام المواقع من قبل الشركات والبدء في تنفيذ المشاريع وفقًا للأولويات والاحتياجات والخطط الموضوعة».

وقال المحمدي في حديث لـ «طريق الشعب»، أن «كل محافظة تحتوي على مشاريع متأخرة وأخرى جيدة»، مؤكدا حرص الحكومة المحلية على متابعة المشاريع بشكل مستمر.

وفي ما يخص مشروع الجسر الحديدي، أبدى المحمدي استغرابه من سقوط أحد الفضاءات، مؤكدا تشكيل لجنة تحقيقية لمعرفة المقصرين ومحاسبتهم.

وبين المتحدث أنهم بانتظار النتائج: «المشروع احيل الى شركات في عهد الحكومة السابقة عام 2021».

وعلل سبب تلكؤ المشاريع بـ»قلة التخصيصات المالية والضعف الرقابي»، مشيرا الى ان مجلس المحافظة توجه إلى رئيس الوزراء، وناشدوه دعم الحكومة المحلية لتسريع المضي في انجاز المشاريع، وقد تعهدت الحكومة المركزية بإطلاق التخصيصات المالية.

 ملاحقات شعبية لآفات الفساد

يقول أحمد الطائي، ناشط من محافظة الأنبار: إن غالبية السكان في مختلف مناطق المحافظة يطالبون الحكومة المحلية بكشف حجم الفساد في كافة المشاريع، أبرزها مشروع جسر الحديدي الذي سقط قبل ايام من افتتاحه، إذ كاد أن يطيح بأرواح الأبرياء.

ويطالب الطائي خلال حديثه مع «طريق الشعب»، باطلاع الرأي العام على مجريات التحقيق الخاص بملف الجسر الحديدي، وعدم المماطلة بمحاسبة المقصرين، كما جرت العادة.

ويبين أن «اغلب المشاريع في المحافظة تحال الى شركات غير متخصصة، لكنها تعود لجهات متنفذة في المحافظة، ولذلك يطالها التلكؤ والعمل غير الكفوء والتجاوز على توقيتات الإنجاز، وغير ذلك.

وينتقد الطائي أعمال بلدية الرمادي ـ مركز محافظة الأنبار ـ بسبب «سوء العمل في الشوارع المنجزة حديثاً داخل المدينة، حيث جرى إغلاقها لعدة أسابيع من اجل معالجة بعض الحفر التي تتطلب عملا لساعات فقط»، مشيرا الى ان المشاريع الخدمية قيد الإنجاز تحولت الى نقمة على المواطنين.

وتشير الإحصائيات الى ان نسبة الفساد المالي والإداري في دوائر الدولة ومشاريع إعادة اعمار البنى التحتية المتضررة جراء العمليات الإرهابية في الانبار، وصلت الى 80 في المائة.

 بحيرة من الفساد

من جانبه، لخّص سعد الحماد من محافظة الانبار، واقع حال الانبار بالقول أن «المدينة تطفو على بحيرة من الفساد».

وقال حماد خلال حديثه مع «طريق الشعب»، أنه «لا يتعدى شهر على المحافظة الا وقد داهمتها النزاهة لتعتقل مسؤولين متنفذين، وبعضهم مقربون من الأحزاب المتنفذة في المحافظة، بتهمة الفساد».

واضاف الحماد، أن «بعد العمليات العسكرية التي شهدتها المحافظة توجهت المنظمات الدولية لتقديم المساعدة والاغاثة، وحتى هذه المبادرات طالتها شبهات فساد».

ووصف الحماد مشاريع الخدمات والاعمار بأنها «كذبة مصطنعة»، في ظل «تفشي السلاح وتغول المحاصصة الحزبية».