ص11
محلية المثقفين: حملات كبيرة لتعليق اللافتات وطرق الأبواب في المناطق السكنية
بغداد – طريق الشعب
تواصل محلية المثقفين للحزب الشيوعي العراقي نشاطها الانتخابي الميداني بخطى واثقة وحماس جماعي، ضمن الحملة الدعائية لتحالف البديل رقم (250)، ومرشحها الرفيق رائد فهمي (تسلسل 2)، والتي تهدف إلى إيصال رسالة الحزب وبرنامج التغيير إلى أوسع شريحة من المواطنين. وفي هذا الإطار، شهدت الأيام الماضية سلسلة من الفعاليات الميدانية الحيوية في مناطق متعددة من بغداد، بين الكرخ والرصافة، بمشاركة واسعة من الرفيقات والرفاق.
حملات لتعليق اللافتات الدعائية
واصل رفاق ورفيقات محلية المثقفين حملتهم لتعليق العشرات من اللافتات الخاصة بالرفيق رائد فهمي، داخل الأحياء السكنية والأسواق والشوارع العامة.
وشملت الحملة مناطق حي الإعلام عند مدخل الجامع وداخل السوق، وحي العامل، والقادسية قرب الملعب ومحطة وقود اليرموك، وحي الميكانيك بالدورة قرب مركز الحضر والتفاح الأخضر، فضلا عن ساحة النسور على جدار منزل السيدة ندوة الصفار، وامتدت إلى شارع أبو نؤاس والمجسرات والأحياء السكنية المجاورة لعدد من الرفاق.
طرق الأبواب في البياع الأولى
وبالتوازي مع حملة اللافتات، نفّذ الفريق المشترك لهيئتي الإدارة والقانون والتربية والتعليم وبمشاركة الرفيقة أم رائد من لجنة الإبداع وعدد من أعضاء القيادة المحلية، حملة واسعة لطرق الأبواب في منطقة البياع الأولى.
واستهدفت الحملة أكثر من 250 دارا، إلى جانب عدد من المحال داخل الأزقة، حيث عبّرت العديد من العائلات عن ترحيبها ودعمها لبرنامج الحزب ومرشحه الرفيق رائد فهمي، مؤكدين رغبتهم في التصويت له.
جولات في الشواكة والكريمات وشارع حيفا وباب الشيخ
وفي سياق متصل، انطلقت فرق محلية المثقفين من لجان الإبداع والطبية وفريق المهندسين في جولاتٍ ميدانية شملت مناطق الشواكة، الكريمات، شارع حيفا، وباب الشيخ، وسط أجواء من التفاعل الإيجابي.
وخلال اللقاءات، استقبل المواطنون الرفاق الشيوعيين بترحيب حار، مؤكدين أنهم كانوا "بانتظار هذه الزيارات"، كما تم توزيع أكثر من 1000 فولدر تعريفي و600 كارت انتخابي للرفيق رائد فهمي، في أجواء تعبّر عن حماس شعبي واضح وتفاعل كبير مع رسالة الحزب.
وتؤكد هذه الفعاليات المتواصلة حضور الحزب الشيوعي العراقي في الميدان، وتجذر تواصله مع الناس في الأحياء والأسواق والمقاهي، ساعيا إلى نشر الوعي الانتخابي وترسيخ ثقافة المشاركة الواعية من أجل التغيير الحقيقي الذي يعبر عن مصالح المواطنين.
المحلية العمالية تنظم نشاطات اجتماعية وانتخابية واسعة
بغداد – طريق الشعب
نفذت أساسية الجواهري للحزب الشيوعي العراقي / المحلية العمالية زيارات تفقدية لعدد من الرفاق المرضى والشيوعيين القدامى، شملت الرفاق أبو منير، أبو سلام السوداني، أبو قيصر من المحلية العمالية، وأبو شهد، وعائلاتهم.
وخلال اللقاءات، تم الاطمئنان على صحتهم وأوضاعهم، وجرت أحاديث ودية حول أهمية المشاركة الفاعلة في الانتخابات القادمة. كما تم توزيع عدد من بطاقات وكارتات الدعاية الانتخابية.
وشهدت الزيارات مشاركة الرفيقة أم هافال التي التقت زوجات وبنات الرفاق، وأجرت معهن حوارات مثمرة حول دور المرأة في دعم الحملة والترويج لمرشح الحزب الرفيق رائد فهمي، تسلسل (2) ضمن تحالف البديل رقم 250.
أساسية الكوت تنظّم حملات انتخابية واسعة في مناطق المدينة
واسط – طريق الشعب
في إطار الحملة الانتخابية الواسعة التي تقودها منظمات الحزب الشيوعي العراقي في واسط، نظّمت أساسية الكوت سلسلة من النشاطات الميدانية في مركز المدينة، للتعريف بمرشحي الحزب وصفي هلال كاظم (تسلسل 2) وصابرين فهد إسماعيل (تسلسل 12) ضمن تحالف البديل رقم 250. وشملت هذه النشاطات عدة مناطق داخل مدينة الكوت، وسط أجواء من الحماس والتفاعل الشعبي مع برنامج الحزب الانتخابي.
نشاط في منطقة الكفاءات
ونفّذ فريق من أساسية الكوت حملة دعائية ميدانية في منطقة الكفاءات، تضمنت توزيع الكارتات التعريفية بمرشحي الحزب، وإجراء حوارات مباشرة مع المواطنين لشرح أهداف التحالف وبرنامجه الهادف إلى الإصلاح ومحاربة الفساد.
وقد لاقت الحملة استجابة طيبة من الأهالي وتفاعلا مشجعا، عبّر من خلاله المواطنون عن ثقتهم بمرشحي الحزب.
وشارك في الحملة الرفاق إسماعيل جميل، أبو عراق، محسن زاير، وظاهر وادي.
جولة في منطقة المشروع
بالتوازي مع ذلك، انطلق الفريق الثاني من الأساسية في حملة مماثلة داخل منطقة المشروع وسط المدينة، تضمنت زيارات ميدانية للمحال التجارية والمقاهي والشارع العام، وتوزيع المواد الدعائية والتعريف ببرنامج الحزب ورؤيته لمعالجة مظاهر الفساد والفشل السياسي.
شارك في النشاط الرفاق نجم خطاوي، حسن فليح، مؤمل، ميثم السعيدي، وحيدر خليل، وشهدت الجولة تفاعلا واسعا من المواطنين الذين عبّروا عن تقديرهم لخطاب الحزب الوطني والاجتماعي.
نشاطات ميدانية وتحشيد جماهيري
وعلى هامش الفعاليات، شهدت المنطقة السكنية القريبة من مدرسة سيد الجنوب حملة تواصل جماهيري واسعة، تضمنت لقاءات مباشرة مع المواطنين وتوزيع مئات الكارتات الانتخابية، إضافة إلى تحشيد النساء والموظفين من المناطق المجاورة للمشاركة في الانتخابات ودعم مرشحي الحزب في المحافظة.
حملة المرشحة شميران مروكي تصل إلى كركوك
كركوك – طريق الشعب
بهمة عالية وحرص على نقل الحملة الانتخابية لجميع المحافظات، تواصل المرشحة شميران مروكي أوديشو، عن كوتا المسيحيين رقم (319)، حملتها الانتخابية.
ونفذّ فريق دعائي من اللجنة المحلية للحزب في كركوك، حملة لتعليق خمس لافتات في منطقة عرفة والماس، فيما التقت المرشحة بعد ذلك بعدد من النسوة المناصرات لحملتها داخل المحافظة، قبل أن تنطلق لاحقا مع فريق ميداني للحديث مع اصحاب المحال التجارية في شارع الحسابات والعسكري.
المرشح كاظم السعداوي حضور جماهيري واسع في شط العرب والسيمر
بغداد – طريق الشعب
تواصل منظمات الحزب الشيوعي العراقي في البصرة نشاطها الانتخابي لدعم المرشح كاظم السعداوي، تسلسل (2) ضمن قائمة تجمع الفاو – زاخو رقم (213)، من خلال جولات ميدانية تهدف إلى التعريف بالبرنامج الانتخابي والتواصل المباشر مع المواطنين.
فقد نظمت منظمة شط العرب جولة ميدانية في قضاء شط العرب، جرى خلالها اللقاء بعدد من الأهالي والتعريف بمرشح الحزب وبرنامجه، وسط تفاعل إيجابي واستقبال طيب، بمشاركة الرفيقين أبو وميض وأبو هشام.
كما نفذت منظمة السيمر جولة راجلة في الشارع التجاري، شارك فيها المرشح كاظم السعداوي إلى جانب الرفاق جمعة الزيني، هشام، أبو نزار، وأبو سوزان، وشهدت الجولة أجواء من الحماس والتفاعل الإيجابي من المواطنين الداعمين لمسيرة الحزب ومرشحه في البصرة.
حملة المرشح ميعاد القصير تصل إلى مناطق جديدة في الديوانية
الديوانية – طريق الشعب
يواصل المرشح ميعاد القصير نشاطه الانتخابي الميداني ضمن حملته الدعائية لتحالف البديل بالتسلسل (1) من خلال سلسلة لقاءات وفعاليات جماهيرية في مناطق مختلفة من محافظة الديوانية، تهدف إلى تعزيز التواصل المباشر مع المواطنين وشرح رؤيته وبرنامجه الانتخابي.
وافتتح القصير جولاته بندوة حوارية في قرية زبيد بقضاء الدغارة، التقى خلالها بمجموعة من الأهالي والوجهاء، مستعرضا أبرز محاور برنامجه الانتخابي الذي يركز على العدالة الاجتماعية وتحسين الخدمات ودعم فرص العمل للشباب.
كما عقد المرشح ميعاد القصير لقاءً وديا مع الرفيق إياد الوحاش وعدد من المواطنين في مركز مدينة الديوانية، جرى خلاله تبادل الآراء حول الأوضاع العامة في البلاد وسبل النهوض بالواقع الاقتصادي والخدمي للمحافظة، وسط أجواء إيجابية عكست اهتمام الأهالي بالمشاركة الفاعلة في الانتخابات المقبلة.
وفي إطار تواصله المباشر مع الناس، قام القصير بجولة راجلة في مركز مدينة الديوانية التقى خلالها أصحاب المحال والمارة، مقدّما شرحا مختصرا عن أهداف حملته ورؤيته للإصلاح، حيث لاقت جولته ردودا طيبة من المواطنين ودعمًا واضحا لمشروع تحالف البديل.
واختتم المرشح نشاطه بحضور مهرجان كروي جماهيري في قضاء المهناوية، التقى فيه بعدد من الشباب والناشطين الرياضيين، مؤكّدا أهمية دعم المبادرات الشبابية والرياضية باعتبارها مساحة للتعبير الإيجابي والانتماء الوطني.
حملة التعريف بمرشح الحزب الشيوعي في ديالى تحقق تفاعلاً واسعاً
ديالى – طريق الشعب
نفذت الحملة الانتخابية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة ديالى، حملة توزيع مطويات وبطاقات تعريفية لمرشح الحزب صالح المصرفي، التي شهدت تجاوباً كبيراً من المواطنين. وشارك المرشح بنفسه في الحملة.
وشملت الحملة مناطق خرنابات، الهويدر، العبارة، بعقوبة المركز، زاغنية، بعقوبة الجديدة، وحد مكسر، حيث تم توزيع المواد الدعائية على معظم السيارات المتوجهة لهذه المناطق، بهدف إيصال رسالة المرشح إلى أوسع شريحة ممكنة من الناخبين.
وتم توزيع حوالي 2000 مطوية وبطاقة تعريفية، وأظهر تفاعل المواطنين إيجابية كبيرة تجاه المواد الموزعة، معبرين عن تقديرهم لجهود المرشح وفريق الحملة في توصيل البرنامج الانتخابي وأفكار الحزب.
ص12
مهرجان طريق الشعب السنوي.. ذاكرة العمل الوطني المتوهجة
أحمد الناجي
تميزت “طريق الشعب” الجريدة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بالصدق وشجاعة الموقف على امتداد مسيرتها، التي تجاوزت ستة عقود. وقد تنقلت خلال تلك السنين بين الصدور السري داخل الوطن منذ مطلع تشرين الثاني 1961، والعلني لاحقاً حين صدر عددها "صفر" التجريبي في 11 أيلول 1973، لتبدأ بعده الصدور المنتظم يومياً، ابتداءً من العدد الأول الصادر يوم 16 أيلول 1973، حتى توقفها بتاريخ 5 نيسان 1979 عقب انهيار الجبهة الوطنية آنذاك. وبعد انتقال الحزب الشيوعي العراقي الى معارضة النظام الدكتاتوري الشمولي، استأنفت الجريدة صدورها مجدداً من خارج الوطن في بيروت( بتاريخ 4 تشرين الأول1979 ) . غير أن الظروف غير المواتية دفعتها الى الانتقال لاحقاً الى دمشق، قبل ان تنتقل مرة أخرى ويستقر إصدارها سنين عديدة في إقليم كردستان : أولا في قواطع الكفاح المسلح تحت حماية قوات الأنصار الشيوعيين، ثم في محافظة أربيل عقب اندلاع الانتفاضة الشعبية في آذار 1991. وهناك استمر صدورها حتى انهيار النظام الديكتاتوري، لتعود على الفور الى بغداد وتكون اول صحيفة تصدر فيها بعد السقوط.
ومنذ سنة 2013 درجت "طريق الشعب" على إقامة مهرجان سنوي في بغداد، بمشاركة عديد من الصحف والمجلات العراقية الاخرى، فضلاً عن دور النشر ومنظمات المجتمع المدني، حيث تحظى كل منها بمكان خاص بها ضمن مجموعة من الخيم المشيدة في تنظيم جميل، الى جانب خيمة كبيرة مخصصة لعقد الندوات وغيرها من الفعاليات. ويتخلل المهرجان العديد من النشاطات الإعلامية و الثقافية والندوات الفكرية والسياسية. وقد أفادت هذه التجربة من تقاليد معروفة لدى الصحافة العالمية، العل اشهرها مهرجان جريدة الحزب الشيوعي الفرنسي - لومانيتيه.
مهرجان طريق الشعب الأول
انطلقت فعاليات المهرجان الأول على حدائق شارع أبي نواس عند نصب شهرزاد وشهريار، في الساعة العاشرة صباحاً يوم 7 آذار 2013، واستمرت على مدى يومين. واجتمع في مناسبته ولأول مرة أكثر من (25) جريدة ومجلة في مكان واحد. وعقدت أربع ندوات على مدى يومين، حول (تجربة طريق الشعب) الصحفية، و(التحديات التشريعية التي تواجه الصحفيين منذ سنة 2003)، و(العمود الصحفي )، و(قانون حماية الصحفيين).
كما أقيمت معارض للصورة الصحفية، وأخرى للكتب والرسوم الكاريكاتيرية وسيمبوزيوم للرسم الحر. وشهد المهرجان بالإضافة الى ذلك فقرات فنية منوعة. كما عقدت في اطاره ندوة احتفالية بـ (شخصية المهرجان)، وهو المخرج السينمائي قاسم حول.
ومنح المهرجان ثلاث جوائز: جائرة شمران الياسري للعمود الصحفي التي فاز بها الكاتب والشاعر احمد عبد الحسين، وجائزة كامل شياع لثقافة التنوير التي فاز بها الشاعر ياسين طه حافظ، وجائزة هادي المهدي لحرية التعبير التي جاءت من نصيب مرصد الحريات الصحفية.
مهرجان طريق الشعب الثاني
في السنة التالية 2014 اقيمت الدورة الثانية لمهرجان طريق الشعب ، حيث انطلق صباح 6 آذار من تلك السنة، على حدائق أبو نواس نفسها، وبمشاركة معظم الصحف والمجلات الصادرة داخل العراق. وتواصلت اعمال المهرجان على مدى يومين، حيث عقدت في أولهما ندوتان، الأولى تحت عنوان (جريدة طريق الشعب في ثمانية عقود)، والندوة لثانية ناقشت موضوع (حرية التعبير ومستلزمات حمايتها). وفي اليوم التالي، الجمعة، أقيمت ندوتان، أيضا، أولاهما ندوة خاصة مكرسة للاحتفاء بـ (شخصية المهرجان)، وكان في تلك الدورة الفنان المسرحي الراحل لاحقا سامي عبد الحميد. وعقدت الندوة الثانية تحت عنوان (الثقافة الجديدة.. اسم عريق وتجربة حية متواصلة)، ومن ثم جرى تقديم قراءات شعرية وفعاليات فنية متنوعة. كما افتتحت على هامش المهرجان ثلاثة معارض للكتاب والكاريكاتير والصور الفوتوغرافية. وتخللت المهرجان فقرة توزيع الجوائز، فكانت جائزة شمران الياسري للعمود الصحفي من نصيب الكاتب والصحفي أحمد المهنا، وجائزة كامل شياع لثقافة التنوير مناصفة بين الاعلامي والصحفي اللامع رضا الظاهر وتجمع (أنا عراقي.. أنا أقرأ)، فيما كانت جائزة هادي المهدي لحرية التعبير من نصيب الكاتب والصحفي سعدون محسن ضمد.
مهرجان طريق الشعب الثالث
احتضنت حدائق شارع أبي نواس، الدورة الثالثة من مهرجان طريق الشعب السنوي، يومي الخميس والجمعة 5–6 آذار 2015، وعقدت في سياقها أربع ندوات على مدى يومين، الأولى عنوانها متطابق مع منطوق شعار المهرجان نفسه: (حرية التعبير.. أساس حرية الصحافة). والثانية بعنوان (الإعلام العراقي في مواجهة داعش). والثالثة ندوة حوارية مع شخصية المهرجان الصحفي المخضرم سجاد الغازي، الذي تحدث عن ابرز المحطات في حياته ومسيرته الصحفية. أما الندوة الرابعة فجاءت تحت عنوان (راهن الصحافة العراقية.. المشكلات والآفاق). كما تضمن المهرجان إقامة معرض للرسوم الكاريكاتيرية ومعرض للصور الفوتوغرافية، وجرى في اطاره تقديم باقات من الأغاني والمعزوفات الموسيقية.
اما جوائز المهرجان الثلاث، فمنحت كالتالي: جائرة شمران الياسري للعمود الصحفي الى الصحفي عبد المنعم الأعسم، وجائزة كامل شياع) لثقافة التنوير الى الشاعر فارس حرّام، وجائزة هادي المهدي لحرية التعبير الى القانوني زهير ضياء الدين.
مهرجان طريق الشعب الرابع
افتتحت الدورة الرابعة من مهرجان طريق الشعب على حدائق أبي نواس صباح يوم الخميس 3 آذار 2016، بمشاركة (23) جريدة ومجلة، فضلاً عن مشاركة خمس من دور النشر وعدد من منظمات المجتمع المدني إضافة الى النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين. وتضمن برنامج المهرجان الذي دام يوما واحدا فقط، ثلاث ندوات عقدت في الخيمة الكبيرة، أولها الندوة المكرسة لـ (شخصية المهرجان)، وكان عميد الصحافة العراقية الراحل الدكتور فائق بطي، والندوة الثانية عن (واقع الصحافة الرياضية في العراق). والثالثة تناولت موضوعة (حقوق الصحفيين وحمايتهم بين الواقع والتشريعات).
\وجرى في هذا المهرجان توزيع أربع جوائز: جائزة عبد الجبار وهبي للمنجز الصحفي الى الكاتب والصحفي المخضرم إبراهيم الحريري، وجائزة شمران الياسري للعمود الصحفي الى الكاتب والصحفي عدنان حسين، وجائزة كامل شياع لثقافة التنوير الى الدكتور قاسم حسين صالح عالم النفس المعروف، وأخيراً جائزة هادي المهدي لحرية التعبير الى رئيس مركز (ميترو) لحرية الصحافة رحمن غريب. وتضمن المهرجان حفلاً فنياً، وإقامة معارض للكتب، وبازارات لمنتجات الحرف اليدوية.
مهرجان طريق الشعب الخامس
أقيمت الدورة الخامسة يومي الخميس والجمعة 23-24 تشرين الثاني 2017، على حدائق القشلة في شارع المتنبي، واختير لهذا المهرجان شعار (الانتصار على داعش)، وحفلت أروقته بمشاركة صحف ومجلات عراقية عديدة، فضلاً عن حضور فاعل للمنظمات المدنية. وشاركت جريدة (المدى) بخيمة، عرضت فيها العديد من الكتب والبروشورات التعريفية.
وشهد المهرجان على مدى يومين متتالين، انعقاد تسع ندوات حوارية، خمس منها تعالج قضايا صحفية - إعلامية، وهي: (الصحافة الالكترونية العراقية.. الواقع والافاق)، و(بعد خمس سنوات مهرجاننا الى أين؟)، و(الصحافة والحراك الشعبي)، و(الحوار التلفزيوني يتصدر)، و(دراسات محنة الصحافة الورقية غير الحكومية). بالإضافة الى أربع ندوات أخرى تنطوي عناوينها على الشؤون الثقافية والاجتماعية والسياسية، وهي: (مظفر النواب الى جائزة نوبل)، و(الموصل المستباحة.. الموصل المحررة). كذلك (حوار مفتوح مع سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي)، واختصت الندوة الرابعة بـ(شخصية المهرجان)، وهو الكاتب التقدمي ورئيس تحرير (الثقافة الجديدة) الأسبق الراحل الدكتور غانم حمدون. وتضمن المهرجان إقامة قراءات شعرية وفعاليات فنية متعددة، شملت معارض تشكيلية وفوتوغرافية. وجرى توزيع جوائز المهرجان، كالآتي: جائزة شمران الياسري للعمود الصحفي منحت الى الصحفي والكاتب محمد غازي الأخرس، وجائزة كامل شياع لثقافة التنوير: فاز بها تحالف المادة (38). وجائزة هادي المهدي لحرية التعبير منحت الى القاضي والناشط الحقوقي هادي عزيز علي.
كما تم تكريم الفنان فلاح حسن العتابي بجائزة خاصة من المهرجان.
مهرجان طريق الشعب السادس
عاد مهرجان طريق الشعب السنوي في دورته السادسة الى حدائق أبي نواس، حيث انطلق يومي الخميس والجمعة 8-9 تشرين الثاني 2018، وجاءت هذه الدورة تحت شعار "مهرجان الإصلاح والتغيير"، وتضمن برنامج اليوم الأول ندوة بعنوان (الحكومة الجديدة ومشروع الإصلاح والتغيير)، تلتها ثانية بعنوان (الإعلام العراقي ومشروع الإصلاح والتغيير)، أما في اليوم الثاني، فقد قدمت ثلاث ندوات: (إعلاميات شابات.. تجارب وشهادات)، تلتها ثانية حول (شخصية المهرجان) وكان حينها المفكر والباحث الشهيد كامل شياع. وكانت مسك الختام ندوة حوارية بعنوان (أيّ إصلاح وأي تغيير؟) قدمها سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي.
وشهد المهرجان مشاركة عدد من دور النشر لعرض وبيع الكتب، بالإضافة الى المؤسسات الإعلامية والصحفية الوطنية العديدة، في مقدمتها كلية الاعلام – جامعة بغداد، ودار الشؤون الثقافية العامة. وأقيمت ضمن المهرجان قراءات شعرية وعروض موسيقية ومعارض فنية وفوتوغرافية وفعالية للرسم الحر (سمبوزيوم). وتم توزيع جوائز المهرجان السنوية على عدد من الشخصيات، وهي: جائزة (شمران الياسري) للعمود الصحفي منحت الى الكاتب والصحفي الراحل حسن العاني، وجائزة (كامل شياع) لثقافة التنوير وكانت من نصيب الدكتور سعد سلوم، وجائزة (هادي المهدي) لحرية التعبير منحت مناصفة الى الناشطين أحمد الموسوي من النجف، ومشرق الفريجي من بغداد.
مهرجان طريق الشعب السابع
بعد توقف دام ثلاث سنوات بسبب تفشي جائحة كورونا، عاود المهرجان الانطلاق بدورته السابعة، يومي الخميس والجمعة الموافق 10-11 تشرين الثاني 2022، على حدائق شارع أبي نواس. واستمرت فعاليات المهرجان كالعادة من العاشرة صباحا حتى الثامنة مساء. ونُصب في أرض المهرجان الخضراء أكثر من (30) خيمة. وحفلت هذه الدورة بمشاركة مميزةالصحف والمجلات العراقية. وشهد المهرجان أيضاً حضوراً متميزاً لدوائر وزارة الثقافة والسياحة والآثار، وبعض منظمات المجتمع المدني.
وعُقدت على مدى يومي المهرجان، ست ندوات حوارية، تنوعت محاورها بين قضايا الصحافة والثقافة والسياسة، وهي: (الصحافة الورقية والصحافة الالكترونية بين الحاضر والمستقبل)، وتناولت الندوة الثانية موضوعة (الحق الدستوري في التعبير عن الرأي والإمكانيات الفعلية لممارسته)، واختتمت ندوات اليوم الأول بموضوعة (انتفاضة تشرين في ذكراها الثالثة). وكان مفتتح ندوات اليوم الثاني حول (شخصية المهرجان) وكان رئيس تحرير "طريق الشعب" خلال عقد السبعينيات الراحل عبد الرزاق الصافي. تلتها ندوة حول (دور الإعلام في عملية التغيير).
وتحدث في مختتم الندوات الحوارية، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي حول (مشروع التغيير.. الآفاق والتحديات).
كما حفلت أيام المهرجان بتقديم قراءات شعرية وفقرات من المعزوفات الموسيقية والغنائية وتنظيم (سمبوزيوم) للرسم الحر. وجرى توزيع جوائز المهرجان، حيث منحت جائرة شمران الياسري للعمود الصحفي الى الكاتب والصحفي علي حسين، وجائزة كامل شياع لثقافة التنوير الى الشهيد قاسم عبد الأمير عجام، فيما منحت جائزة هادي المهدي لحرية التعبير الى (شبكة أنسم للحقوق الرقمية) .
مهرجان طريق الشعب الثامن
حملت الدورة الثامنة للمهرجان عنوان (مهرجان التضامن مع الشعب الفلسطيني)، وأقيمت على حدائق أبي نواس، تحت شعار (لا ديمقراطية بلا حرية التعبير) وانطلقت يومي الخميس والجمعة 26–27 تشرين الأول 2023.
حفل برنامج اليوم الأول بإقامة عدة ندوات شهدت حوارات مع الحاضرين، تناولت الندوة الأولى موضوعة (انتخابات مجالس المحافظات)، أما الثانية فناقشت (الإعلام ونزاهة الانتخابات). وانطوت الندوة الثالثة على محور يخص (دور الحزب الشيوعي في الحياة الثقافية العراقية). وتضمنت فعاليات اليوم الثاني ندوات حوارية، انصبت الأولى على موضوعة (حقوق الأقليات بين الدستور والواقع). وانعقدت الثانية حول (شخصية المهرجان)، وكان الشاعر الراحل إبراهيم الخياط. وجاءت الندوة الثالثة حوارية مع سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي حول التطورات السياسية في العراق والمنطقة وموقف الشيوعيين منها.
واحتضنت أروقة المهرجان في اليوم الثاني ندوة نقاشية حملت عنوان (الطبقة العاملة وقانون العمل). وجرى توزيع جوائز المهرجان السنوية على عدد من الشخصيات والمؤسسات، وكالآتي: جائزة شمران الياسري للعمود الصحفي منحت الى الكاتب والصحفي منعم جابر، وجائزة كامل شياع لثقافة التنوير، منحت الى "منبر العقل" وهو أحد تشكيلات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، فيما منحت جائزة هادي المهدي لحرية التعبير الى الناشطة المعروفة هناء أدور.
وشهد المهرجان مشاركة العديد من الصحف والمنظمات والمؤسسات، بالإضافة الى إقامة فعاليات متنوعة من مختلف الجهات المشاركة وعرض المنتجات والاطعمة والمشروبات بمختلف أنواعها.
مهرجان طريق الشعب التاسع
كان من المؤمل انطلاق المهرجان بدورته التاسعة يوم الجمعة الموافق 1 تشرين الثاني 2024، لكن الأمطار الغزيرة التي هطلت في العاصمة بغداد خلال ليلة وصباح يوم الافتتاح حالت دون إقامة المهرجان، فقررت اللجنة التحضيرية تأجيله حتى اشعار آخر. ومن ثم جرى تحديد موعد إقامته بيوم السبت 9 تشرين الثاني 2024 على حدائق شارع أبي نواس، وقد أقيم بالفعل تحت شعار (خبز.. حرية.. دولة مدنية)، وحفلت باحة المهرجان الخضراء بنصب أكثر من (30) خيمة، ضيّفت في جنباتها العديد من الصحف والمجلات العراقية، وعددا من دور النشر.
وشهدت خيمة الندوات عدة فعاليات ثقافية: استهلت بندوة حول (شخصية المهرجان) وكان الكاتب والصحفي الراحل إبراهيم الحريري. وكان محور الندوة الثانية يدور حول أحدى قضايا الصحفيين وهو (حق الحصول على المعلومة). أما الثالثة فكانت ندوة حوارية مع سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، الذي تناول في حديثه عدة محاور، انطوت على تبيان سياسة الحزب الشيوعي العراقي تجاه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في العراق، بالإضافة الى مواقفه إزاء تطورات العدوان الصهيوني على دول المنطقة (لبنان وفلسطين). كما أقيمت ندوة بعنوان (طريق التنمية والمعوقات المحيطة به)، أدارها الناشط المدني محمد الماضي، وتحدث فيها الكاتب الاقتصادي ثامر الهيمص. وقد شارك في هذا المهرجان عدد من منظمات المجتمع المدني.
وشهد المهرجان إقامة فعالية رياضية، تمثلت في مباراة لكرة القدم بين فريقين، فريق الشهيد كامل شياع وفريق الشاعر الراحل إبراهيم الخياط. كما جرى تقديم فعاليات فنية غنائية ودبكات كردية، وإقامة معارض للفن التشكيلي والصور الفوتوغرافية، فضلاً عن القراءات الشعرية والوصلات الغنائية الوطنية، كذلك تم عرض أوبريت غنائي بعنوان (لا للظلم.. نعم للحرية).
كما حفلت بعض الخيم بأنشطة أخرى مثل بازارات الحرف اليدوية المتنوعة، لبيع الاكسسوارات والحلي والهدايا التذكارية والمنسوجات اليدوية، وأيضاً تقديم المأكولات الشعبية. وجرى توزيع جوائز المهرجان السنوية على عدد من الشخصيات، وكالآتي: جائزة شمران الياسري للعمود الصحفي منحت الى الكاتبة والصحفية منى سعيد، وجائزة كامل شياع لثقافة التنوير كانت من نصيب الكاتب الدكتور حميد الخاقاني وجائزة هادي المهدي لحرية التعبير منحت الى الكاتب الدكتور حيدر سعيد.
وفي الوقت الذي يأتي فيه تنظيم مهرجان جريدة طريق الشعب بطابعه الجماهيري، تعبيراً عن الاعتزاز بكل تاريخ الصحافة الشيوعية العراقية وأرثها العريق، فأنه يشكل أجواء احتفالية متوهجة بذاكرة النضال والكفاح الوطني الدؤوب.
وتبقى طريق الشعب الدورية العراقية التي تعضد مسيرة الصحافة بالثقافة، وتحمل الكلمة الصادقة والصوت المعبّر عن آمال الوطن في الحرية، وتطلعات الشعب بمختلف مكوناته الاجتماعية في السعادة.
وفي هذا العام يطل علينا المهرجان العاشر من على حدائق شارع أبي نواس ذاتها عند نصب شهرزاد وشهريار، يومي الجمعة 31 تشرين الاول والسبت 1 تشرين الثاني 2025، والذي سيجري تحت شعار (وعي.. تغيير)، الذي يلخص جوهر المهام الوطنية في المرحلة الحالية.
ص13
توسيع اتفاقيات التطبيع هو هدف دونالد ترامب الحقيقي
د . ماهر الشريف
يتأكد، يوماً بعد يوم، أن الهدف الحقيقي للرئيس الأميركي في الشرق الأوسط حالياً هو الدفع نحو إقامة المزيد من علاقات التطبيع بين الدول العربية والإسلامية، من جهة، وإسرائيل، من جهة ثانية، وأن سعيه الحثيث إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة كان بمثابة خطوة تمهيدية لبلوغ "الشرق الأوسط الجديد" الذي يطمح إليه، كما كان تعبيراً عن رغبته في "إنقاذ إسرائيل من نفسها"، من خلال وقف سيرورة العزلة الدولية المتفاقمة التي صارت تعاني منها جراء استمرار حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة، فضلاً عن تراجع نفوذها وسط المجتمع الأميركي وداخل الكونغرس، وهو ما اعترف به دونالد ترامب صراحة. وبغية تحقيق هدف التطبيع، عبّر الرئيس الأميركي عن معارضته الحازمة قيام إسرائيل بالضم العلني للضفة الغربية المحتلة، وهي المعارضة التي تبناها مبعوثوه الذين توافدوا خلال الأسبوع الماضي على إسرائيل.
"إنقاذ إسرائيل من نفسها"
في المقابلة الصحفية التي أجراها مع مجلة "تايم"، ونُشرت في 23 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، أكد دونالد ترامب أنه ضغط على بنيامين نتنياهو كي يوقف الحرب على قطاع غزة، وذلك لوقف تدهور مكانة إسرائيل على الساحة الدولية، وقال للصحافي الذي أجرى المقابلة: "قلت له خلال مكالمة هاتفية: بيبي، لا يمكنك محاربة العالم أجمع؛ يمكنك خوض معارك فردية، لكن العالم كله ضدك، وإسرائيل دولة صغيرة جداً مقارنة ببقية العالم". وتوجّه إلى الصحافي بالقول: "كما تعلم، أوقفتها، لأنها كانت ستستمر، كان من الممكن أن تستمر لسنوات، وأوقفتها، واتحد الجميع عندما أوقفتها، كان الأمر مذهلاً". ووصف الرئيس الأميركي محاولة إسرائيل استهداف قادة حركة "حماس" في قطر بأنها "خطأ فادح"، لكنه قال "إنها ساهمت في خلق زخم للاتفاق"، وأضاف: "عندما ارتكب [نتنياهو] ذلك الخطأ التكتيكي، ذاك الذي ارتكبه مع قطر، كان خطأً فادحاً، لكن في الواقع، وقد قلتُ هذا للأمير [القطري]، كان ذلك أحد الأمور التي جمعتنا جميعاً، لأنه كان خارجاً عن المألوف لدرجة أنه دفع الجميع إلى القيام بما يجب القيام به".
وكان بنيامين نتنياهو قد نفى في 19 من هذا الشهر، خلال ظهوره على القناة 14، وهي قناة موالية له، أن يكون الرئيس الأميركي قد فرض عليه التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وقال: "ترامب لم يفرض عليّ الهدنة؛ الحرب ستنتهي عندما تنزع حماس سلاحها"، وأعلن "نُصر على تنفيذ الاتفاق بكامله، بما في ذلك إعادة جميع الأسرى القتلى ونزع سلاح حماس"، مسلطاً الضوء على دوره في صياغة خطة الرئيس الأميركي المكونة من عشرين نقطة، وقال: "لم يفرض عليّ هذا الاتفاق، لأنني تعاونت معه في صياغته"، مضيفاً أنه "أجرى تغييرات إيجابية للغاية عليه لصالح دولة إسرائيل" حتى أثناء وجوده في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأنهى حديثه بالقول: "قال ترامب إنه لم يسبق أن كان هناك مثل هذا التنسيق الوثيق بين رئيس أميركي ورئيس وزراء إسرائيلي، وهو محق".
"لا لخطط الضم"
في 25 أيلول/سبتمبر الفائت، أعلن دونالد ترامب، في رد غير مباشر على وزراء إسرائيليين طرحوا فكرة ضم الضفة الغربية بعد قيام عدة دول غربية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، أنه "لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية"، وأضاف: "لا، لن أسمح بذلك، وهذا لن يحصل"، وأعاد القول: "لن أسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية، هذا يكفي، وحان الوقت للتوقف عن ذلك الآن"[3].
وفي المقابلة المذكورة التي أجرتها معه مجلة "تايم"، وقيل إنها سُجلت في 15 من هذا الشهر، حذّر الرئيس الأميركي إسرائيل من أنها "ستفقد دعم الولايات المتحدة إذا ضمت الضفة الغربية". وعندما سُئل عن خطط الضم هذه، أجاب: "لن يحدث ذلك، لن يحدث لأنني وعدتُ الدول العربية... لقد حظينا بدعم عربي كبير، ولن يحدث لأنني قطعت وعداً لتلك الدول، وإذا ما أقدمت إسرائيل على ذلك، فستفقد كل دعمها من الولايات المتحدة"، وأضاف مخاطباً الإسرائيليين: "لا يمكنكم فعل ذلك الآن؛ ستفقد إسرائيل كل دعم الولايات المتحدة إذا حدث ذلك".
وكان نص هذه المقابلة قد نُشر في الوقت الذي عبّر فيه نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، الذي كان يزور إسرائيل، عن استيائه الشديد من تصويت الكنيست، في 22 من هذا الشهر، على دراسة مشروعي قانونين يهدفان إلى توسيع السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وقال "إنه شعر بالخداع، بعد أن قيل له إن الخطوة رمزية فقط"، وأضاف، في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام: "كان الأمر غريباً جداً، وشعرت بالحيرة الشديدة. أُخبرت مراراً أن التصويت رمزي، ولا يُقصد به سوى كسب نقاط سياسية داخلية؛ إذا كان ذلك صحيحاً، فهو تصرّف غبيّ حقاً، وأنا مستاء منه". وكانت الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلي صادقت بالقراءة التمهيدية، على مشروعَي قانونين ينصّان على فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق في الضفة الغربية، وعلى مستوطنة "معاليه أدوميم"، وذلك بأغلبية 25 صوتاً، في مقابل 24 صوتاً معارضاً.
من جهته، حذّر وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، من أن إقرار الكنيست الإسرائيلي مشاريع قوانين تهدف إلى توسيع السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية قد "يهدد" الهدنة في قطاع غزة. وقال للصحافيين أثناء مغادرته إلى إسرائيل، في 22 من هذا الشهر: "أعتقد أن الرئيس (دونالد ترامب) حرص على ألا ندعم هذا الأمر في الوقت الحالي"، مشيراً إلى أن ذلك "سيهدد" وقف إطلاق النار وسيكون "غير مثمر". وأضاف روبيو: "هذه ديمقراطية، سيصوتون...لكن في الوقت الحالي، نعتقد أن هذا قد يأتي بنتائج عكسية". ورداً عن سؤال حول تصاعد عنف المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، قال: "نحن قلقون بشأن أي شيء يهدد بزعزعة استقرار ثمار جهودنا".
الثقة باستئناف انطلاق قطار التطبيع
في المقابلة نفسها مع مجلة "تايم"، أعرب دونالد ترامب عن ثقته في أن المملكة العربية السعودية ستُطبّع العلاقات مع إسرائيل بحلول نهاية هذا العام، وقال رداً عن سؤال حول تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل: "أعتقد أننا قريبون جداً [من ذلك]، أعتقد أن السعودية ستقود الطريق"، وأضاف: "كانت لديهم مشكلة مع غزة وأخرى مع إيران؛ الآن، زالت هاتان المشكلتان...لم يعد هناك تهديد إيراني (بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية في الربيع). لدينا سلام في الشرق الأوسط"، مؤكداً أنه "كان يعلم أن الدول ستنضم بسرعة كبيرة إلى اتفاقيات إبراهيم". وعندما سُئل عما إذا كان هذا سيحدث قبل نهاية هذا العام، أجاب: "نعم، أعتقد ذلك"[7]. وكان الرئيس الأميركي قد أعلن، في الخطاب الذي ألقاه في الكنيست في 13 من هذا الشهر، أن انتهاء الحرب في قطاع غزة، ستمثل "نهاية لعصر الإرهاب والموت"، وأن العصر الجديد "سيكون عصراً ذهبياً لإسرائيل والشرق الأوسط"، وخاطب الإسرائيليين بقوله: "إسرائيل حققت كل ما يمكن تحقيقه بالقوة العسكرية، والآن حان الوقت لتحويل هذه الإنجازات ضد الإرهابيين في ساحة المعركة إلى الجائزة الكبرى؛ السلام والازدهار في جميع أنحاء الشرق الأوسط"[8]. وأعلن بنيامين نتنياهو، من جانبه، عزمه على مواصلة مسار "اتفاقيات إبراهيم" مع دونالد ترامب، وخاطبه بقوله: "تحت قيادتك، يُمكننا إبرام معاهدات سلام جديدة مع الدول العربية في المنطقة والدول الإسلامية خارجها". وفي قمة شرم الشيخ، التي عُقدت في اليوم نفسه، كرر دونالد ترامب رغبته في رؤية "الجميع يلتزمون باتفاقيات إبراهيم".
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده في إسرائيل يوم الجمعة في 24 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، كان وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أكثر وضوحاً عندما أثار إمكانية حدوث المزيد من التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي عقب وقف إطلاق النار، قائلاً إن التطبيع الإقليمي الأوسع "قد يكون نتيجة طبيعية للتقدم المحرز". وفي إشارة إلى "اتفاقيات إبراهيم" لسنة 2020 بين إسرائيل وأربع دول عربية، قال إن واشنطن تريد "ضم أكبر عدد ممكن من الأعضاء" من بين الموقعين، وأضاف: "ما نقوم به هنا يمكن أن يُسهم في خلق زخم لمزيد من الاتفاقيات"، رافضاً تحديد الدول التي قد تُطبّع علاقاتها مع إسرائيل قريباً. وأوضح قائلاً: "لن أذكر أسماء؛ فالأمر متروك لكل دولة للإعلان عنه؛ هناك بعض الدول التي يُمكننا إضافتها الآن إذا أردنا، لكننا نريد القيام بذلك بطريقة طموحة ومستدامة - هذا ما نعمل عليه".
هل رفض الضم نهائي أو هو مؤجل الآن؟
يلفت نظر المحلل أن رفض الرئيس دونالد ترامب خطط الضم ترافق مع كلمة "الآن"، إذ قال في 25 أيلول/سبتمبر الفائت، ثم في المقابلة مع مجلة "تايم": "لن أسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية، هذا يكفي، وحان الوقت للتوقف عن ذلك الآن"، وخاطب الإسرائيليين بقوله: "لا يمكنكم فعل ذلك الآن". وفي الاتجاه نفسه، قال وزير خارجيته، ماركو روبيو، للصحافيين أثناء مغادرته إلى إسرائيل، في 22 من هذا الشهر: "أعتقد أن الرئيس (دونالد ترامب) حرص على ألا ندعم هذا الأمر في الوقت الحالي"، مشيراً إلى أن ذلك "سيهدد" وقف إطلاق النار وسيكون "غير مثمر".
وهكذا يبدو أن رفض إدارة دونالد ترامب قيام إسرائيل بضم الضفة الغربية هو رفض ظرفي، وذلك إلى أن يتم ترتيب هندسة "الشرق الأوسط الجديد"، عبر توسيع اتفاقيات التطبيع العربية والإسلامية مع إسرائيل.
وما يزكي هذا الاستنتاج أن مسألة ضم الضفة الغربية، واحتمال تأييد هذه الإدارة له، كانت مسألة مطروحة منذ ولاية دونالد ترامب الرئاسية الأولى، ذلك أن السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان وهو مؤيد متحمس للاستيطان اليهودي، اعترف، في 9 حزيران/يونيو 2019، بحق إسرائيل في ضم "جزء" من الضفة الغربية المحتلة، وقال: "آخر ما يحتاجه العالم هو دولة فلسطينية فاشلة بين إسرائيل والأردن"[11]. وعشية تنصيبه للولاية الرئاسية الثانية، دعا دونالد ترامب زعماء المستوطنين في مجلس المستوطنات (مجلس يشع) إلى واشنطن لحضور حفل تنصيبه، ثم أصدر أمراً تنفيذياً يقضي بإلغاء العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق جو بايدن على غلاة هؤلاء المستوطنين، وأوكل وزارة الخارجية إلى ماركو روبيو، الذي صرّح في إحدى المناسبات، بصفته عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا، أن المستوطنين "الذين يعيشون بصورة شرعية في وطنهم التاريخي ليسوا العائق أمام السلام"، كما عيّن لدى إسرائيل سفيراً، هو مايك هاكابي، الحاكم السابق لولاية أركنساس، الذي لا يؤيد ضم الضفة الغربية فحسب، بل ينكر كذلك وجود الفلسطينيين بصفتهم شعباً. وفي مطلع شباط/فبراير 2025، طرح الرئيس دونالد ترامب إمكانية ضم إسرائيل الضفة الغربية، مؤكداً على صغر حجمها مقارنة بجيرانها. وفي حديثه مع الصحافيين، استخدم عرضاً بصرياً لتوضيح وجهة نظره، فقال: "انظروا إلى هذا القلم، هذا القلم الجميل؛ إذا كانت طاولتي تمثل الشرق الأوسط، فإن هذا القلم - رأس القلم - يمثل إسرائيل"، وأضاف: "هذا ليس جيداً، أليس كذلك؟ هناك فرق كبير جداً... إنها قطعة أرض صغيرة جداً"، وأعرب عن إعجابه بإنجازات إسرائيل رغم هذا القيد الجغرافي بقوله: "من المذهل ما تمكنوا من تحقيقه عندما نفكر في الأمر، لديهم قدرات فكرية هائلة، لكنها قطعة أرض صغيرة، لا شك في ذلك". وصرّح، في الخامس من ذلك الشهر، أنه سيتخذ قراراً بشأن ضم إسرائيلي محتمل للضفة الغربية خلال الأسابيع الأربعة المقبلة.
دعم الاستيطان اليهودي والتأكيد على علاقات التحالف الوثيق مع إسرائيل
خلافاً للإدارات الأميركية السابقة، لا تنتقد إدارة الرئيس دونالد ترامب مخططات الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية المحتلة بل تدعمها، وآخرها المخطط الذي أقرته حكومة بنيامين نتنياهو، في آب/أغسطس الماضي، والقاضي ببناء 3400 وحدة سكنية في المنطقة الواقعة إلى الشرق من مدينة القدس المحتلة، الذي سيفصل شمال الضفة عن جنوبها ويقطع التواصل بين القدس والحدود الأردنية، ويحول بالتالي عملياً دون إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً. وعلى الرغم من التباين في المواقف الذي يظهر أحياناً بين إدارة دونالد ترامب وحكومة بنيامين نتنياهو، فإن مسؤولي هذه الإدارة لا يفوتون فرصة للتأكيد على التحالف الوثيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وهذا ما أكد عليه الرئيس دونالد ترامب بوضوح خلال خطابه أمام الكنبيت، وما أكد عليه وزير خارجيته، في 23 من هذا الشهر، خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي عندما أشار إلى الزيارات الأخيرة لستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر، ونائب الرئيس، التي سبقت زيارته إلى إسرائيل، ورأى فيها تجسيداً لـ "الرغبة المشتركة في تعزيز الشراكة الأميركية الإسرائيلية خلال هذه الفترة المفصلية". بينما رأى فيها نتنياهو "علامة على الصداقة والشراكة"، التي "تُظهر قوة العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة"، وأضاف: "نواجه أياماً حاسمة؛ معاً، يُمكننا مواجهة التحديات الأمنية واغتنام الفرص".
وكان مارك روبيو قد رفض في 24 من هذا الشهر، في المؤتمر الصحفي الذي عقده في "مركز التنسيق المدني العسكري الأميركي الإسرائيلي" في كريات غات، الذي يشرف على تنفيذ وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فكرة أن إسرائيل ستحتاج إلى "تفويض" أميركي لاستئناف القتال ضد حركة "حماس" إذا استمرت هذه الحركة "في تشكيل تهديد"، واستبعد أي مشاركة لوكالة "الأونروا" في إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، واصفاً الوكالة الأممية بأنها "تابعة لحماس"، وأشار إلى أن إسرائيل يجب أن "تكون قادرة على التعامل بارتياح" مع "قوة الاستقرار الدولية" التي تُرابط قواتها على الأرض. وفيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية، أقرّ روبيو "بضرورة الإصلاح قبل أن تُمنح دوراً في غزة"، مضيفاً أن هذا الاحتمال "لم يُحدد بعد، إن كان لها دور أصلًا"، وأن "الحكم المستقبلي لغزة يجب أن يُطوّر بصورة جماعية مع إسرائيل والشركاء الإقليميين؛ ولكي ينجح هذا، يجب أن يشارك الجميع".
ص14
ماركس كديمقراطي.. دفاع أليكس ديميروفيتش
عن فكر ماركس في وجه القضاء الألماني
ترجمة وإعداد: حازم كويي
في الأسابيع الأخيرة، أثار حكمٌ صادر عن المحكمة الإدارية في هامبورغ جدلاً واسعاً حين اعتبرت أن نظريات كارل ماركس "مناهضة للديمقراطية"، وأن قراءته لا تتوافق مع "النظام الأساسي الديمقراطي الحر" في المانيا. هذا الموقف القضائي، الذي بدا للكثيرين وكأنه استعادة لروح "حظر المهن" في سبعينيات القرن الماضي، دفع عالم الاجتماع أليكس ديميروفيتش إلى الردّ دفاعاً عن ماركس وفكره، مؤكداً أن ما في نظريته من نقدٍ للديمقراطية الليبرالية لا يعني العداء لها، بل السعي إلى تعميقها وتوسيعها.
ماركس والمواطنة السياسية
يرى ديميروفيتش، وهو من أبرز ممثلي النظرية النقدية في المانيا وعالم اجتماع، أن ماركس ـ لو عاش اليوم، كان سيشارك في الانتخابات ويصوّت لصالح حزب يساري. فهو، رغم نقده الجذري للنظام الرأسمالي، لم يكن مناهضاً لفكرة المشاركة السياسية بحد ذاتها. "ماركس كان سيدعم القوى التي تسعى إلى التحول الاشتراكي من منظور ديمقراطي"، يقول ديميروفيتش، "لأنه كان يرى في الديمقراطية وسيلة لتكوين إرادة جماعية من أجل التغيير، تهدف إلى حرية الأفراد وتغيير علاقات الملكية."
الحكم القضائي والعودة إلى الماضي
بالنسبة لديميروفيتش، فإن حكم المحكمة في هامبورغ يمثل انتكاسة فكرية تعود إلى منطق الدولة المحافظة في السبعينيات، حين كانت تُلاحق المؤسسات اليسارية والاشتراكيين بتهمة "الولاء المشكوك فيه للدستور". وهو يرى أن من الغريب أن تُدان جمعية تعليمية مثل "المدرسة الماركسية المسائية" لأنها تُدرّس نصوص ماركس، في وقتٍ يُفترض فيه أن النقاش حول الفكر السياسي والفلسفي جزء من جوهر الحياة الديمقراطية.
ماركس والديمقراطية بمعناها الأوسع
يُذكّر ديميروفيتش بأن الفكر الماركسي ليس نصاً واحداً مغلقاً، بل تقليد فكري غني ومُتعدد القراءات. يستشهد هنا بالفقيه الدستوري فولفغانغ آبندروت، الذي قرأ الدستور الألماني بعد الحرب من منظور ماركسي، دون أن يرفضه. بالعكس، كان يرى أن الدستور يمثل تسوية طبقية تهدف إلى منع عودة الديكتاتورية بعد تجربة فايمار والنازية، لكنه في الوقت نفسه يجب أن يكون نقطة انطلاق لتوسيع الديمقراطية، لا لتجميدها في شكلها البرلماني.
ومن هذا المنظور، لا يرى ديميروفيتش في نقد ماركس للديمقراطية الليبرالية معاداة لها، بل سعياً إلى جعلها أكثر شمولاً وعدالة. فهو يُذكّر بأن الديمقراطية لا ينبغي أن تقتصر على الانتخابات والإجراءات البرلمانية، بل يجب أن تمتد إلى ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية: من قرارات الاستثمار والإنتاج إلى المشاركة في توزيع الثروة. بهذا المعنى، يصبح السؤال الماركسي الأساسي: هل تحقق الديمقراطية الرأسمالية فعلاً ما تدّعيه؟ سؤالاً مشروعاً وضرورياً، لا عدائياً.
رأسمالية تزعزع الديمقراطية
يذهب ديميروفيتش أبعد من ذلك، مؤكداً أن الرأسمالية نفسها تشكل خطراً دائماً على الديمقراطية. فمصالح الشركات الكبرى والمستثمرين في الربح السريع باتت هي التي تحدد مسار السياسات العامة. "نحن نعيش اليوم ديكتاتورية الأقلية"، مُكملاً، "تلك الأقلية التي تفرض على الجميع حاضرهم ومستقبلهم باسم منطق السوق." بالنسبة له، هذا الواقع هو ما كان ماركس سيصفه بأنه شكل حديث من الاستبداد الاقتصادي الذي يقوّض الإرادة الشعبية.
ديكتاتورية البروليتاريا وسوء الفهم
يشير ديميروفيتش إلى أن استناد المحكمة إلى مفهوم "ديكتاتورية البروليتاريا" لإدانة فكر ماركس يكشف عن سوء فهم تاريخي. فالمفهوم لم يظهر في "البيان الشيوعي" عام 1848، بل تطوّر لاحقاً بعد تجربة كومونة باريس. أما البيان نفسه، فيدعو إلى أن تصبح الطبقة العاملة "الطبقة الحاكمة"، بمعنى أن الأغلبية التي تنتج الثروة هي التي يجب أن تقرر في الشؤون العامة. هذه ليست دعوة إلى الاستبداد، بل إلى توسيع المشاركة في اتخاذ القرار لتشمل جميع من تتأثر حياتهم بنتائجه.
الملكية والتدخل في الحقوق
أما عن الاتهام بأن ماركس دعا إلى "تدخلات استبدادية في حقوق الملكية"، فيردّ ديميروفيتش بأن التاريخ نفسه يُثبت أن الطبقات المالكة لم تُكوّن ثرواتها بوسائل ديمقراطية. فقد جاءت عبر المصادرة والاستعمار والاستغلال. واليوم، لا تزال هناك تدخلات قسرية ـ كما في تدمير القرى لاستخراج الفحم ـ لكنها تُبرَّر باسم "الصالح العام". وهذا، كما يقول، لا يجعلها أقل استبداداً، بل يستدعي نقاشاً ديمقراطياً حقيقياً حول معنى الملكية والعدالة.
بين الدفاع عن الديمقراطية وتجاوزها
في كتابه الجديد "ماركس كديمقراطي: نهاية السياسة"، الصادر في تموز (يوليو) 2025، يتناول ديميروفيتش المعضلة التي تواجه اليسار اليوم: كيف يمكن الدفاع عن الديمقراطية الليبرالية القائمة ضد صعود اليمين، وفي الوقت نفسه السعي إلى تجاوزها نحو شكل أعمق من الديمقراطية الاجتماعية؟ فهو يرى أن التمسك بالمكتسبات الديمقراطية واجب، لكن الديمقراطية الحقيقية لا تعني الجمود، بل الاستمرار في توسيع حقوق المشاركة والمساواة.
"إذا رأت الأجيال الجديدة أن النظام الديمقراطي الحالي يمنح الأفضلية للأغنياء بشكلٍ منهجي"، يقول ديميروفيتش، "فمن حقها ـ بل من واجبها ـ أن تسعى لتغييره. فالديمقراطية لا تكتمل إلاّ عندما تُتاح للجميع القدرة على إعادة صياغة قواعدها."
{مسيرة المقاومة}
رافعة جديدة لتقارب النضالات
ترجمة : طريق الشعب
خرجت في باريس وعدد كبير من المدن الفرنسية يوم الأحد المصادف 28 سبتمبر/ايلول 2025 مظاهرات ضخمة، شاركت فيها الجمعيات والنقابات واحزاب سياسية، ضد الأزمات البيئية والاجتماعية والديمقراطية، وفي مواجهة صعود اليمين المتطرف وسلطة المليارديرات المطلقة، والغاية هي تشكيل جبهة مشتركة.
مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر COP30 (مؤتمر الامم المتحدة الثلاثون للمناخ) في البرازيل في نوفمبر/تشرين ثاني، تجمع آلاف من المتظاهرين في باريس و70 مدينة فرنسية للتأكيد على أن مستقبلا أخر ممكن في مواجهة الأزمات البيئية والاجتماعية والديمقراطية. وقد نُظمت ما عُرفت بمسيرة المقاومة، بدعوة من عشرات المنظمات التي تكافح ضد تغير المناخ رافعة شعار " المناخ، العدالة، الحريات" كما شاركت أحزاب اليسار وخاصة حزب فرنسا الابية وحزب البيئة، وقالت المتحدثة باسم منظمة العدالة المناخية، داليا ستيرن، أن هذه المسيرة هي إمداد لحركة " أوقفوا كل شيء " التي انطلقت في 10 سبتمبر/أيلول وكذلك امتداد إلى مظاهرة النقابات العمالية في 18 سبتمبر/أيلول. الجديد في هذه المسيرة هو مشاركة نقابة العمال CGT الفرنسية (الكنفدرالية العامة للشغل) التي كانت سابقا على هامش مسيرات المناخ، وذكر الأمين العام للنقابة بينوا مارتن الذي كان في مقدمة المسيرة: " الأن بدأت مناقشات الميزانية في البرلمان الفرنسي، ونعتقد أن هناك حاجة إلى مزيد من الموارد لحماية العمال من أضرار تغير المناخ، كما نجد ضرورة في طرح ومناقشة أساليب الإنتاج المعمول بها حالياً.
في السابق كان هناك انفصال بين النضالات الاجتماعية والبيئية، أما اليوم " لم يعد بإمكاننا أن نرى مظاهرات المنظمات البيئية من جهة والنقابات من جهة أخرى " هذا ما أكده المتحدث باسم منظمة غرينبيس فرانسوا جوليار، ومبررا ذلك بقوله " أن انبعاثات الغازات الدفيئة تتزايد في العالم، وتزداد التفاوتات الاجتماعية، وفي الوقت نفسه هناك هجوم رجعي وسلطوي، بالتحالف مع الصناعات الملوثة والمليارديرات، ومن هنا تأتي الضرورة للعمل جميعا معا من أجل النضال " لا توجد عدالة اجتماعية بدون عدالة بيئية " والعكس صحيح.
كانت الموضوعات الرئيسية التي ندد بها المتظاهرون، هي تقاعس السلطات في اتخاذ اجراءات بشأن تغير المناخ وصعود اليمين المتطرف وتقليل الضرائب على الاغنياء، وكانت حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة حاضرة في المسيرة. كان ماكرون، ترامب، ماري لوبين، نيتنياهو، الرئيس التنفيذي لشركة توتال والملياردير بولوريه، برنارد ارنو، هم الأكثر استهدافا باعتبارهم المسؤولين عن الركود الحالي، إضافة إلى شعارات تطالب بفرض الضرائب على مالكي الثروات الكبيرة. شارك الكثير من النشطاء البيئيين في هذا التجمع من اجل التعبئة حول قضايا مؤتمر COP30، الذي سيبدأ في 10 نوفمبر/تشرين الثاني في مدينة بيليم /البرازيل ، وسيتم تناول موضوع المساعدات المالية التي تقدمها الدول الغنية إلى البلدان الأكثر تهديداً بالاحتباس الحراري ، كذلك قضايا إزالة الغابات واستغلال النفط وهما موضوعان حساسان للغاية في البرازيل حيث يوجد مشروع نفطي كبير قيد التنفيذ، فإلى جانب الأضرار البيئية التي تسببها، فإن إزالة الغابات والمشاريع الجديدة لاستغلال الوقود الاحفوري لها آثار مباشرة على صحة السكان الاصلين، هذا ما ذكرته الناشطة البيئية البرازيلية اندريسا دونرا التي كانت حاضرة في باريس ونوهت بالعنف الشديد الذي تسببه القضايا المناخية في بلدها، وتشير أن " البرازيل هي الدولة الثانية التي يتم فيها قتل الناشطين البيئيين " .
ــــــــــــــ
ماتياس ثيبوت –ميديابار-سبتمبر 2025
المكسيك: كلوديا شينباوم تحافظ على مسارها اليساري
ترجمة فؤاد الصفار
بعد مرور عام على توليها السلطة، تواصل رئيسة البلاد تطبيق سياسة اجتماعية قوية، رغم التحديات الكبيرة التي تفرضها الجارة الكبيرة وسياسة ترامب من فرض الضرائب الجمركية وغلق الحدود أمام المهاجرين.
لأول مرة في تاريخ المكسيك، قادت امرأة مراسيم صرخة الاستقلال الرسمية في مدينة مكسيكو في 15 سبتمبر/ايلول، وألقت كلوديا شينباوم، مرتدية اللون البنفسجي، لون النضال النسوي، كلمة في ساحة زوكالو المكتظة بحشد متحمس لها.
تحظى الرئيسة شينباوم بشعبية واسعة بعد عام من وصولها إلى السلطة وقد أظهرت استطلاعات الرأي تأييدا يقارب 80 في المائة. وقد قامت بجولة في أنحاء البلاد في شهر سبتمبر/ايلول لعرض النتائج الأولى لحكومتها والتي كانت في صالحها.
انعدام الأمن هو الشغل الشاغل للسكان، بدأ ينحسر في معظم أنحاء البلاد، فقد انخفض معدل جرائم القتل لأول مرة منذ ثلاثة عقود. في الوقت نفسه، يشهد الفقر انخفاضاً تاريخياً، رغم أن الفقر لا يزال يوثر على ثلث السكان، لكن مسحا أجراه المعهد الوطني للإحصاء يُظهر أن 13.4 مليون شخص قد نجوا منه بين عامي 2018 و2024. مع أن هذا التغير حدث خلال فترة الحكومة السابقة، إلا أنه يُعد انتصاراً كبيراً لحزب مورينا، بزعامة كلوديا شينباوم الذي يرفع شعار " الفقراء أولاً " وتعد هذه النتيجة مباشرة لزيادة الحد الأدنى للأجور خلال الفترة نفسها، فبعد ثلاثة عقود من ثبات الأجور، تضاعفت في معظم أنحاء البلاد وتضاعفت ثلاث مرات في شمال البلاد في المنطقة الحدودية مع الولايات المتحدة.
في عام 2025، واصلت الرئيسة شينباوم هذا المسار بزيادة قدرها 12 في المائة للحد الأدنى للأجور والذي يبلغ (ما يعادل 390 يورو شهريا) ووعدت بزيادة مماثلة في عام 2026. إن الرئيسة تتبع خطى سلفها أندريس مانويل لوبيز المعروف " أميلو ".
التحول الرابع في المكسيك
في عام 2018، أطلق حزب مورينا حركة " التحول الرابع للمكسيك " التي تفترض الإطاحة بنظام فاسد وإعطاء الأولية للطبقات العاملة. أما التحولات الثلاثة السابقة هي 1810 تشير إلى الاستقلال، ثم فصل الدين عن الدولة عام 1859، والانتفاضة الديمقراطية عام 1910.
أطلقت مشاريع وإصلاحات كبرى: قانون العمل، قانون للنظام الانتخابي، أنشاء الحرس الوطني، إصلاح القضاء، نُظمت في وقت قياسي انتخابات لاختيار القضاة وأعضاء المحكمة العليا بالاقتراع العام.
وحسب تحليل المحامية فانيسا رومير روشا، التي تحلل السياسة المكسيكية أسبوعيا لصحيفة " ال باييس" أن " الإصلاحات الاكثر جرأة، تلك التي تركها أميلو قبل رحيله، قد انتهت الآن " وتضيف أن أندريس مانويل لوبيز وكلوديا شينباوم يكمل أحدهما الآخر: الأول كان لاعبا مُزعزعا كسر الجمود، أما الثاني فكان عليه إعادة البناء على انقاضه.
الرئيسة تستبعد أي زيادة في الضرائب وإيرادات المحروقات تتراجع
أنشا أميلو، الرئيس السابق، برامج اجتماعية، لم تكتف شينباوم بمواصلتها بل عملت على توسيعها، فقد وسعت نطاق معاش التقاعد لكبار السن ليشمل النساء فوق سن الستين، كذلك حصل 1.3 مليون شاب على منحة دراسية شاملة. في عام 2025 أنشئت مساعدات أخرى مخصصة للصحة والنساء العازبات والحرفيين والسكان الأصليين والمكسيكيين من أصل أفريقي.
في المجمل، استفاد من هذه البرامج الاجتماعية، 16 مليون شخص وبتكلفة تبلغ 40 مليار يورو عام 2025. وفي الوقت الذي تضع فيه الحكومة ميزانية 2026، من المتوقع أن يزيد هذا الميلغ ب 7 مليار يورو ليصل إلى 2.5 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي " كلوديا شينباوم يسارية قوية " هكذا وصفتها روميرو روشا " إنها امرأة ذات قناعات قوية ولديها كفاءة عالية".
تسعى الحكومة إلى تحقيق التوازن بين الانفاق الاجتماعي وإيرادات الدولة، في حين بلغ الدين العام 49.7 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، وأصبحت المناورة المالية لدى الحكومة محدودة، لا سيما أن الرئيسة استبعدت أي زيادات ضريبة خلال فترة ولايتها، كما أن عائدات الهيدروكربون تتراجع متأثرة بانخفاض أنتاج الشركة الوطنية والتي تبلغ ديونها 1 مليار دولار.
لذلك تعتمد الحكومة على الاستهلاك والاستثمار العام والخاص لدعم النمو (يتوقع صندوق النقد الدولي نسبة 1 في المائة خلال عام 2025)، وبالتالي الحفاظ على وتيرة توسع البرامج الاجتماعية. تتساءل المحللة السياسية سيسيليا ليوتي " هل هذا منطق شعبوي أم سياسة اجتماعية حقيقية؟ " وتؤكد أن من الضروري " قياس نتائج المساعدات بدقة لمعرفة ما إذا كانت تُعزز الإنتاجية". حتى أن الحكومة أقرت في دراسة بمحدودية تأثيرها في الحد من الفقر خلال السنوات الست الاخيرة. ولأجل الحفاظ على أنفاق عام مرتفع، تراهن الرئيسة شينباوم على تحفيز الاستثمار الخاص، وهي استراتيجية محدودة في " خطة المكسيك"، وتلتزم الدولة حتى عام 2030 بالتنمية الصناعية من خلال أنشاء مراكز أعمال ولا سيما في قطاعي الطاقة والنقل: يتعين إنشاء أكثر من 3000 كيلومتر من خطوط السكك الحديدية.
وضعت البلاد لنفسها هدفاً يتمثل في نقل الانتاج الذي غادر إلى آسيا في السنوات الأخيرة وهذا من شأنه أن يُرضي جارتها الامريكية. وتتولى المكسيك هذا الأمر لأن اقتصادها مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعملاق على حدودها، إذ يعتمد 80 في المائة من التجارة الخارجية المكسيكية على دولة يقودها ترامب.
تمكنت المكسيك من تجنب بعض الرسوم الجمركية
منذ عودة ترامب إلى البيت الابيض، اضطرت شينباوم إلى التعامل مع هجمات واشنطن، التي تتخذ شكل تهديدات بفرض الرسوم الجمركية، وحتى التدخل العسكري لمحاربة عصابات المخدرات.
الرئيسة المكسيكية اشتهرت برباطة جأشها، وتذكر اليخاندرا لوبيز مارتينيز، أستاذة العلوم السياسية " لقد وجدت الرئيسة شينباوم سبيلا للتعاون مع حكومة ترامب وإدارة النزاعات معه دون المساس بالسيادة الوطنية " وتضيف أن " الرسوم الجمركية محدودة مقابل التعاون في مكافحة الجريمة المنظمة ".
في مقابل تسليم نحو ثلاثين من زعماء الكارتل وضبط كميات قياسية من المخدرات في الأشهر الأخيرة، تمكنت المكسيك من تخفيض بعض الرسوم الجمركية: إذ تطبق نسبة 25في المائة (مقارنة 30 في المائة في كندا) على المنتجات التي لا تندرج ضمن أطار اتفاقية التجارة الحرة بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك. ووفقا للأمانة العامة للاقتصاد المكسيكي فإن ما يقرب من 85 في المائة من التجارة طبقت عليها تعريفة 25 في المائة، بانتظار مراجعة معاهدة شمال أمريكا في صيف 2026.
المناقشات بين الرئيسة شينباوم والرئيس ترامب حول كافة المواضيع تتم تحت ضغط: الاقتصاد، الأمن، والهجرة. ووفقا لتقرير الامم المتحدة لعام 2025 حول المخدرات، تقدر التدفقات المالية غير المشروعة والمرتبطة بالإتجار بالمخدرات بأكثر من 12 مليار دولار. أما مكافحة الهجرة فأن السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة هي إغلاق الحدود ونقل الأزمة إلى داخل المكسيك. ونتيجة لذلك تُظهر أرقام بنك المكسيك انخفاضا شهرياً في التحويلات المالية التي يقوم بها حوالي 38 مليون شخص من أصل مكسيكي يعيشون في الولايات المتحدة، وتمثل هذه المبالغ ربحا كبيراً، 64 مليار دولار في عام 2024 أي 2.4 في المائة من الناتج المحلي.
نقطة الفساد السوداء
بينما تواجه الدبلوماسية المكسيكية وضعا صعبا، تتقدم كلوديا شينباوم بحرية نسبية على الصعيد الداخلي. فهي تتمتع بأغلبية مؤهلة في الكونغرس ويحكم حزبها مورينا، أربعا وعشرين ولاية من أصل اثنتين وثلاثين ولاية، وظلت المعارضة غائبة عن المسرح السياسي منذ هزيمتها.
حللت سيسيليا ليوتي قائلة " تكمن النقطة الحاسمة للرئيسة في حركتها ".
في الأسابيع الأخيرة، شوهت عدة قضايا فساد سمعة أعضاء حزب مورينا، مثل اشتباه أن وزيرا سابقا مقرب من الرئيس السابق أميلو على صلة بالجريمة المنظمة، كذلك هناك شبكة تهريب للوقود متورط فيها مسؤولون كبار وعسكريون، وقد ألقى القبض على أربعة عشر شخصاً.
ستكون هناك فرصة لإحداث نقلة نوعية في مكافحة الفساد، خاصة بعد استرجاع المبالغ المهربة ضريبياً التي عجزت الحكومة السابقة عن ذلك، كذلك تورط الجيش في كثير من قضايا الفساد. استطاعت شينباوم من ترسيخ سلطتها داخل معسكرها وتحدث فرقا.
التحدي الذي يواجه بقاء حزب مورينا تلخصه سيسيليا ليوتي " إلى متى سيظل المكسيكيون يتحملون الفضائح، في حين كانت رسالة التحول الرابع للمكسيك، على وجه التحديد هي تفكيك نظام الفساد لإقامة العدالة الحقيقية؟"
ــــــــــــــــ
*جويندولينا دوفال
سبتمبر/ايلول 2025 – ميديابار
ص15
أزمة الحريات العامة وانحراف السلطة عن التزاماتها الدستورية!
عصام الياسري
يمر العراق بمرحلة دقيقة، حيث تتداخل الأزمات السياسية والاقتصادية والخدمية والتجاذبات الانتخابية مع أزمة أعمق تتعلق بالحريات العامة وحقوق المواطنين. وإذا كان من الطبيعي أن تتحمل السلطة التنفيذية والبرلمان النصيب الأكبر من المسؤولية، فإن المجتمع بكل أطيافه، ولا سيما النخب المثقفة وأصحاب الفكر، يواجه اليوم واجبًا تاريخيًا يتمثل في حماية المصلحة الوطنية من التفريط والفساد.
لقد أنتج نظام المحاصصة الحزبية واقعًا هشًا تتحكم فيه قوى سياسية تسعى إلى توسيع نفوذها عبر الوزارات والمؤسسات. هذا الانحراف في مفهوم الدولة حوّل الوظائف العامة والعقود الحكومية إلى أدوات سياسية، وأدى إلى تراجع الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة، التي باتت عنوانًا دائمًا لمعاناة المواطن. لكن الأخطر من ذلك أن هذه القوى سعت إلى تقييد الحريات العامة، عبر قوانين متناقضة ووسائل قمعية، بما في ذلك ـ التضييق ـ على التظاهر السلمي وملاحقة الصحفيين والناشطين وقمع المرأة وسلبها حقوقها المدنية المشروعة. أمام هذا المشهد، تتضاعف مسؤولية المواطن العادي. فالمشاركة في الانتخابات من عدمها ـ موقف ـ لا يمكن فهمه من خلال الكلمات التي تشكلها أو تشير إليها تشريعات تتجاهلها العديد من الأطراف رغم ثبوتها. ـ بمعنى آخر ـ إنكارٌ لحقوق أو حقائق موجودة لكنها تمارس بذكاء اصطناعي يخدم فئة أقلية تتحكم بمصير الدولة والمجتمع على حد سواء. من هنا تبلغ الضرورة أهميتها الموضوعية القصوى في أن يتحمل المواطن التزاماته ومسؤولية تثبيت دوره الطبيعي في الحياة العامة لأجل التغيير من خلال مواجهة الانتهاكات ووضع حد للخداع الجماعي، ورفض ثقافة الولاءات الضيقة، والانخراط الواعي في النشاطات المدنية. كلها أدوات تمكّن المجتمع من فرض إرادته على السلطة. فالمجتمع الصامت بمفهومه الدارج "الأغلبية الصامتة" يتحول إلى شريك غير مباشر حينما يغض النظر عن استمرار الفساد وتراجع الدولة، وكأنه من عالم آخر!
وبالانتقال من المفهوم المزاجي اليومي إلى الواقعية لتحديد المساحة الفاصلة بين الحقوق والواجبات، تفرز أهمية مواجهة الأحزاب المتسلطة لأجل حماية المجتمع ومصالح الدولة والوقوف بوجه تضليل الجمهور بشأن السلامة العامة والمخاطر التي تواجه البلاد.
وعلى طبقات المجتمع "النخبة" تقع مسؤولية غير محدودة لحماية الكرامة الإنسانية الأساسية وسط قسوة الأزمات ومهاناتها المدمنة على الدمار. فالمثقفون وأصحاب الفكر ـ دورهم ـ يتجاوز التنظير إلى صناعة وعي جمعي قادر على كشف أساليب السلطة في تضليل الرأي العام..
مسؤوليتهم تكمن في تعرية الفساد والدفاع عن حقوق المواطنين، وصياغة خطاب بديل يعيد الاعتبار لمفهوم الدولة ككيان جامع لا كغنيمة حزبية. وفي هذا السياق، يصبح صوت الكاتب والأكاديمي والباحث أداة استراتيجية ضاغطة في معركة استعادة الدولة وتوجيه عملية الانتقال نحو إقامة دولة المواطنة وتشييد السلم الأهلي والأمن والاستقرار وإنشاء ثلاث هيئات رئيسية عابرة للحدود الوطنية.
ولا يقل دور المجتمع المدني والإعلام المستقل أهمية. فهذه المؤسسات تمثل خط الدفاع الأول عن الحقيقة. هي التي ترصد الانتهاكات، توثقها، وتعرضها للرأي العام المحلي والدولي.
الإعلام الحر والجمعيات المستقلة يعززان الرقابة الشعبية ويضيقان مساحة المناورة أمام السلطة التي اعتادت توظيف أدوات الدولة لمصالحها الضيقة.
السؤال: هل لقوى التغيير والإصلاح إرادة وإصرار بحجم التحديات لتحقيق النجاح؟ فالمواجهة مع قوى ما يسمى بالدولة العميقة المهيمنة على السلطة بكل الوسائل قد تحمل مخاطر شخصية ومجتمعية، بدءًا من الضغوط الأمنية وصولًا إلى التشهير والملاحقات القضائية. ومع ذلك، فإن بديل الصمت ـ بالتأكيد ـ أثقل كلفة، لأنه يعني استمرار الاضطهاد والتفريط بمصالح الدولة والشعب.
إن العراق يقف اليوم أمام مفترق طرق. فإما أن يواصل الانحدار تحت وطأة المحاصصة والفساد والتقييد السياسي، أو أن ينهض عبر وعي مجتمعي يقوده مواطنون مسؤولون ونخب جريئة. حماية المصالح الوطنية ليست مهمة الدولة وحدها، بل هي واجب جماعي يتوزع على كل فرد ومثقف وناشط وصحفي.
فالمجتمع الواعي هو الضامن الوحيد لإعادة السلطة إلى وظيفتها الطبيعية: خدمة الشعب، لا التحكم به.
بهذا المعنى، يصبح استنهاض وعي المجتمع وتفعيل دور النخب شرطا أساسيا لأي إصلاح سياسي أو اقتصادي. فالطريق إلى دولة المواطنة والعدالة يمر عبر يقظة الشعب وتكاتف قواه الحية، وليس عبر انتظار إصلاح يأتي من داخل منظومة مأزومة أو فعل خارجي له مصالحه في فشل العراق وتخلفه. إن الإصلاح السياسي والخدمي في العراق لن يتحقق دون مشاركة المجتمع في الرقابة والمساءلة.
حماية مصالح الدولة والشعب تتطلب مجتمعًا واعيًا، ونخبًا جريئة، وإعلامًا حرًا. وبهذا المعنى، فالطبقة المثقفة تمتلك رأس المال الرمزي القادر على صياغة الخطاب البديل ومواجهة السرديات الرسمية التي تبرر الفساد أو القمع. مساهماتهم الفكرية والإعلامية تضمن نقل الحقيقة إلى الرأي العام، وتعزز قيم الشفافية والمساءلة ومواجهة انحراف السلطة. بذلك فقط يمكن كبح نزعة السلطة نحو التفريط بمصالح الدولة والمجتمع، ووضع أسس دولة المواطنة والعدالة وفق استراتيجيات فعالة قادرة على مواجهة التحديات.
{الكلمة} في خطاب الدولة!
د. محمد القريشي
في ١٣ مايس ١٩٤٠، وقف رئيس وزراء بريطانيا السابق والكاتب والمفكر تشرشل، أمام مجلس العموم وألقى أول خطاب له بعد توليه رئاسة الوزراء أثناء الحرب العالمية الثانية، وقال فيه: "ليس لدي ما أقدّمه سوى الدم والكدح والدموع والعرق". بهذه الكلمات القليلة والرصينة وضع ميثاق صمود بلده في أكثر حروب الكون ضراوة، بلا وعود كاذبة ولا آمال زائفة، بل باعتراف بالمعاناة وإيمان بالنصر. وفي ٢٥ آب ١٩٤٤، وقف الرئيس الفرنسي السابق والمفكر ديغول في بلدية باريس، وألقى أول خطاب له بعد التحرير، وقال فيه: "باريس، باريس المهانة، باريس المحطمة، باريس الشهيدة، لكنها باريس المحرّرة…". فأنجز بكلمات مركزة دخلت التاريخ، أجمل وأبلغ خطبه التي جمعت بين الشعر والنثر السياسي، وجسدت في الوقت نفسه، الوحدة الوطنية والكبرياء والانبعاث بعد المحنة، وأثرت في وجدان الشعب بعد محنة الاحتلال. هنا يكمن سحر اللغة في الخطاب السياسي: حين لا تكتفي اللغة، بان تكون مجرد أداة تواصل او إقناع، بل تتسامى لتغدو، في ذاتها أحد أركان الفعل السياسي. تُبنى من خلالها الشرعية، وتُصاغ بواسطتها الرؤى، وتُوجَّه وفق مقاصدها الإرادات. فطالما شكلت "اللغة الرفيعة" عبر التاريخ، بما تحمله من دقة وجمال وهيبة، علامةً مميزة لرجال الدولة العظام، الذين وظفوا الكلمة كأداة للبناء والتنوير والموقف. اللغة في السياسة عندما تكون صادقة، هي مرآة لمستوى الوعي والفكر الذي يحكم إدارة الدولة، وعندما ترتفع في صياغتها ومعانيها، ينتظم الفكر منظّمًا ويتماسك ويتسامى على الانفعال والفوضى. وهي بالنسبة لرجال الدولة الكبار ليست مجرد خطاب هادف للإقناع، بل وثيقة مؤرخة ومؤشرة لعقل الأمة، ولهذا مثلت الكلمة بالنسبة لشيشرون وتشرشل وديغول وغيرهم، أداة القيادة الأولى وماثل "التعبير النبيل" في أثره وأهميته "القرار الصائب". فالسياسي الذي يتحدث بلغة واضحة ومحترِمة للتاريخ والمستقبل، يرفع الذوق العام ويمنح شعبه فسحة للتأمل ومتابعة أفكاره ومنجزاته. في عبارة بليغة، رد زعيم الحزب الشيوعي الفرنسي السابق جورج مارشيه على سؤال صحفي مشكك حول تبعية الشيوعيين الفرنسيين إلى الاتحاد السوفيتي حينها، قائلا: " سأكون أول من يحمل السلاح للدفاع عن وطني ضد الغزاة الشيوعيين السوفييت، إذا حدث ذلك"! وكما تستمد الدولة قوتها من رصانة مؤسساتها، فهي تستمد هيبتها الرمزية من لغة المتخاطبين بشؤونها، حيث يعكس الخطاب السياسي الرفيع احترام الدولة لذاتها ولمواطنيها. وضع ديغول "الكلمة" في منزلة السلاح عندما لم يكن لديه سلاح يحارب به النازية، وكتب في مذكراته mémoire de le guerre ،( لقد كانت كلماتي سلاحي الوحيد، ومن خلالها رفعت فرنسا من تحت الركام). وبلغة أقرب إلى القداسة منها إلى السياسة اليومية، خاطب ديغول شعبه، لأنه كان يعتبر فرنسا كيانًا روحيًا قبل أن تكون جهازًا إداريًا، فأكسب خطابه السياسي، عمقا أخلاقيا، وأبعده عن التبسيط الشعبوي الذي يختزل القضايا الكبرى في شعارات سطحية. وتُرسِّخُ اللغةُ في عالم السياسة الحدَّ الفاصل بين السياسيّ العابر ورجل الدولة الحقيقي؛ فهي تفضحُ الأوّل حين يلجأ إلى الإثارة الآنية ويهبط بخطابه إلى مستوى الغرائز، وتمجّد الثاني حين يشحن كلماته بجرعاتٍ من الوضوح والأمل والصدق، إلى حدٍّ يجعل من لغته عقداً اجتماعياً مُلزِماً بالوفاء، لا مجرّد وسيلة إقناع. حين تنحدر اللغة، يسهل على الديماغوجيين استغلال الجمهور بالعبارات الغامضة والمثيرة، وحين ترقى، فهي تُخضع الفكر السياسي للوضوح والدقة، وتقيه من الوقوع في الغرائزية والضوضاء.
العام الدراسي الجديد ماذا أعددنا له؟
غانم الجاسور
قال الحكيم الصيني (ديكور تنز) في القرن الخامس قبل الميلاد إذا كنت تخطط لسنة فأغرس بذرة. وإذا كنت تخطط لعشر سنوات فأزرع شجرة. وإذا كنت تخطط لمئة عام فعَلم الناس)
وهنا قد حسم المهمة الجليلة الكبرى للتعليم وأثرها غير المحدود في جميع جوانب الحياة ، والمجتمعات الانسانية المختلفة ، فالتعليم باختصار هو اكتساب المعارف والمعلومات والمهارات ينتج عنه تطور متواصل لعالم المتعلمين ويشمل جميع جوانب شخصياتهم وينمي أفكارهم ويطور قابلياتهم ويقوي إمكاناتهم ويثري تكويناتهم ويكسبهم أساليب سلوكية حميدة تساعد في بناء علاقات طيبة وثمرة مع الأخرين أساسها الحب والاحترام المتبادلان بينهم وبين افراد مجتمعهم ويصبح موقفهم إيجابيا تجاه أمور الحياة ويزيد إمكانات المتعلم وطاقاته وخبراته، وترتفع كفاءاته وتزداد انتاجياته كما ونوعا ويتحول إلى رأس مال بشري كبير،
والدراسات الحديثة قد أثبتت الأثر الفاعل للمستويات التعليمية المرتفعة للإنسان في رفع مستواه الاقتصادي والمعيشي، وقد ظهر أن عائدية التعليم لا تقتصر على الفرد، فحسب بل تتعداه إلى المجتمع بكامله، وارتفعت أهمية العنصر البشري المؤهل وأثره في المشاريع التنموية.
ويعد قطاع التربية والتعليم أحد القطاعات الوطنية المهمة التي تستحق من المسؤولين في الدولة كل الاهتمام والرعاية ومن قبل أصحاب القرار السياسي وكل الساعين إلى التغيير المنشود نحو الأفضل نحو بناء دولة المؤسسات الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي الذي تحقق في الدول الصناعية المتقدمة، يعود إلى تطور ذكاء الإنسان وقابلياته ومعارفه ومهاراته في الانتاج والإدارة والتنظيم، فذكاء الإنسان وقدراته قد أخذت المكانة الأولى في التنمية، وأعطت لرأس المال المكانة الثانية، وبذلك أصبح التعليم يشكل العنصر الانتاجي الأول والاداة الفاعلة الرئيسية في تقدم الدول ونموها.
.. والتربية تصون كرامة الانسان وتؤمن له حقه في العيش الكريم الذي يقوم على حق العمل وتفسح له المجال أمام قدراته ومواهبه وتتيح له وللآخرين من أقرانه الفرص المتاحة بغض النظر عن قوميته ودينه ومذهبه وانتمائه السياسي والفكري.
إن الإنسانية التي تؤمن بحق الإنسان في الحياة الحرة الكريمة.. إنها انسانية معطاء لآنها تحتقر وتمقت الاستبداد والعنصرية والطائفية وتؤمن بالتعاون بين الشعوب وبإقامة مجتمع بشري إنساني تسوده العدالة والقيم الانسانية ويسودهم السلام والأمان وينعمون بالعيش الرغيد
وأما م المعنيين بشؤون القطاع التربوي والتعليمي طريقة واحدة ليرفعوا بها مستوى النظم التربوية إلى مستوى عال من الرقي والتقدم.. هي اعادة تشكيل هيكلية هذا القطاع في ظل الاحتياجات المستقبلية المتوقعة. فالهدف السامي للتربية هو تعلم الجميع تعليما عاليا يساعدهم إلى تخليصهم من الفقر والجهل والمرض ويحقق مطالب التنمية المستدامة، فالتربية هي الوسيلة الاساسية لإغناء الانسان بالمستوى الاقتصادي واغنائه بمفاهيم الأخوة والعلاقة الطيبة بين الجميع من أفراد المجتمع وباحترام الرأي والرأي الآخر بالقيم الديمقراطية والتشبع بروح المسؤولية والارتباط بالوطن وتمسكه بحريته وكرامته.
وعلى الرغم من ضخامة المشكلة وتعقدها فان حلولها ليست بعيدة المنال. لهذا نرى أن نقطة الشروع في إصلاح العملية التربوية والتعليمية تكمن في اعادة التفكير في فلسفة التعليم ومدى تناغم مخرجاتها مع سوق العمل عبر ربطها بمجمل خطط التنمية والتطوير المتوازن لكافة القطاعات.. أي أنها تتطلب دون شك جهدا كبيرا ووقتا ليس بالقصير لترسيخ قيم وتقاليد تربوية ثابتة ومحترمة قائمة على أسس علمية تربوية لا تخضع للنزوات والآراء الفردية ولا لأهواء بعض المسؤولين ...ولابد لكي نصل إلى هذا الهدف من خطوات أساسية أهمها:
وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ووضع الإدارات التربوية في أيد أمينة قديرة الامكانيات لها خبرتها العلمية والعملية بصيغ تربوية، بالإضافة إلى الالتزام بالهدف العام والحرص على الديمقراطية والمهنية في حل مشاكل التعليم برمتها، لآننا نرى أن التعليم في بلدنا يمر بأزمة خطيرة وخانقة ومرحلة من الفوضى والاضطراب. ومن الأولويات الاهتمام الكبير بالتلاميذ لكافة مراحلهم الدراسية ولأنهم الاساس الرصين للتعليم والعناية بتكوينه الخلقي والنفسي والعلمي والاجتماعي وعدم التفريط بوقته وجهوده ومعالجة مشاكله بالأساليب التربوية الديمقراطية، كذلك العناية بالأساتذة والمعلمين والمدرسين لأنهم ثروة الوطن ورمز تقدمه وتهيئة الظروف الملائمة للتطور والنمو ورفع مكانتهم الاجتماعية والمعنوية ومستواهم المعيشي والمادي والتعامل معهم على اسس موضوعية تأخذ بعين الاعتبار خبرته العلمية ووضعه الصحي والنفسي والظروف العامة التي تحيط به وعدم التفريط به باي حال من الأحوال.
ومن هنا نترقب نحو جيل قادر على النهوض بالمسيرة التربوية والعلمية في بلد مثل العراق ذي الإمكانيات المادية الهائلة إضافة إلى الثروات الطبيعية والميزانيات الانفجارية، لهي الكفيلة بتحقيق كل ما يمت بصلة بالتربية والصحة والخدمات التي يتطلع نحوها الشعب العراقي بكل أطيافه. لأن أية مشكلة في كل محافظة هي نفسها في باقي المحافظات.. وفي بلد مثل العراق لا يمكن له التدني في مستواه العلمي والمعرفي والمهني وبما يمتلكه من إرث حضاري عميق وعريق، حيث أصبح من غير المقبول، أن تتخرج الأجيال من الجامعات الحكومية والأهلية غير محصنه بالإدراك العلمي وحتى اللغوي والطالب لا يهمه سوى النجاح والتخرج لمنحه شهادة جامعية، مجهولة المنشأ والدراسة، (فما زال قطاع التربية والتعليم في آخر سلم أولويات القوى المتنفذة، التي وجهت بوصلتها منذ أعوام في اتجاه تدمير التعليم الحكومي وسد المنافذ امام الطلبة وعوائلهم لإجبارهم على التوجه نحو التعليم الاهلي والخاص الذي اريد له منذ اعتماده ان يكون بديلا للتعليم الحكومي ) إلى جانب ارتفاع أجور الدراسة الأهلية، ولا يختلف الحال في هذا القطاع الذي يعاني من تهالك البنى التحتية مما يزيد من تفاقم مشكلة الدوام الثنائي والثلاثي، فالحكومة لم تستطع سد النقص في الأبنية المدرسية حيث تبلغ الحاجة الفعلية إلى أكثر من ذلك من الأبنية المدرسية بالإضافة إلى قدم المناهج التعليمية وقلة المتوفر من المختبرات المدرسية وعدم مواكبتها للتطورات العلمية والتكنولوجية ونقص كبير وحاد في القرطاسية والمواد الدراسية.
ولعل أسباب كثيرة تقع على الطالب فحسب وإنما على المعلم والاستاذ أيضا فالبداية تكون لطالب الابتدائية وهي اهم مرحلة إذا ما قورنت بالمراحل الأخرى، ومن هذا المنطلق نشد على أيادي التربويين بان يكونوا على قدر عال من المسؤولية والتحمل، والمهمة الأخرى تقع على الطالب وأسرته.
(إن قطاع التربية والتعليم خاصة الحكومي، يجب أن يحظى بالاهتمام الكافي وان تخصص له الأموال الضرورية وان تضمن مجانيته في جميع المراحل الدراسية).
وأخيرا نتمنى لطلبتنا الأعزاء عاما جديدا لكل المراحل وأجواء دراسية مفعمة بالحب والتسامح مكللة بالنجاح والمثابرة لتخطي الصعاب.
ص17
العراق يضيف ميدالية جديدة في ألعاب آسيا للشباب
متابعة ـ طريق الشعب
حصد الملاكم العراقي زبير صالح عثمان، الميدالية البرونزية في وزن 80 كغم ضمن منافسات دورة الألعاب الآسيوية للشباب المقامة حالياً في مملكة البحرين، ليرفع رصيد العراق من الميداليات في الدورة إلى 12 ميدالية ملونة. وذكرت اللجنة الأولمبية العراقية في بيان أن حصيلة العراق حتى الآن بلغت 3 ذهبيات و4 فضيات و5 برونزيات، مشيدةً بالأداء المميز للاعبين في مختلف الفعاليات. وأوضح البيان أن الملاكم عثمان قدّم أداءً قوياً في نزاله أمام نظيره الأوزبكي، الذي اضطر للانسحاب بسبب الإصابة، بعد أن كان الملاكم العراقي قد استهل مشواره بانتصارٍ مستحق على الإماراتي زايد محمد مصبح في أولى مواجهاته. ويُعد هذا الإنجاز إضافةً جديدة للملاكمة العراقية، التي واصلت حضورها المشرق في المحافل الآسيوية.
مواجهات مثيرة في الجولة السادسة من دوري نجوم العراق
متابعة ـ طريق الشعب
تتواصل اليوم الخميس منافسات الجولة السادسة من دوري نجوم العراق، بإقامة أربع مباريات قوية تجمع بين فرق القمة والوسط والمؤخرة، في جولة تحمل طابعاً حاسماً في سباق المراكز.
في أبرز المواجهات، يصطدم القوة الجوية (الخامس بـ 10 نقاط) بضيفه ديالى (المتصدر بـ 13 نقطة) على ملعب المدينة الدولي عند الساعة الثامنة والنصف مساءً، في قمة مرتقبة بين أقوى هجوم وثاني أفضل دفاع في البطولة، إذ يسعى “الصقور” لانتزاع الصدارة مؤقتاً، فيما يريد ديالى تأكيد أحقيته بالمركز الأول بعد سلسلة من الانتصارات المتتالية.
وفي التوقيت نفسه، يلتقي النفط (التاسع بـ 8 نقاط) مع دهوك (الخامس عشر بـ 3 نقاط) على ملعب الأخير، حيث يأمل النفط بمواصلة نتائجه الإيجابية والتقدم في الترتيب، بينما يبحث دهوك عن فوز يعيد له التوازن بعد أربع هزائم في خمس مباريات.
كما يحتضن ملعب الناصرية مواجهة متكافئة تجمع الغراف (الثالث بـ 11 نقطة) وزاخو (السابع بـ 9 نقاط)، في لقاء يسعى فيه الغراف إلى الحفاظ على سجله الخالي من الهزائم، فيما يطمح زاخو إلى التقدم نحو المراكز الأولى ومواصلة عروضه القوية.
أما رابع مواجهات اليوم، فستكون بين النجف (السادس عشر بـ 3 نقاط) وأمانة بغداد (الثالث عشر بـ 6 نقاط) على ملعب أحمد راضي عند السادسة مساءً، حيث يسعى “غزلان الفرات” إلى الخروج من أزمته وتفادي الخسارة الخامسة، في حين يأمل بغداد بتحقيق انتصار جديد يقربه من منتصف الجدول.
وتستكمل الجولة يوم الجمعة 31 تشرين الأول بأربع مباريات أخرى، إذ يلتقي القاسم (التاسع عشر) مع الميناء (الحادي عشر) على ملعب الفيحاء، بينما يستضيف الكهرباء (العشرون) فريق الكرخ (السادس) على ملعب أحمد راضي.
كما سيخوض الزوراء (الرابع عشر) مواجهة قوية أمام الموصل (الثاني عشر) على ملعب دهوك، فيما يلتقي نفط ميسان (السابع عشر) مع الطلبة (العاشر) على ملعب المدينة في ختام الجولة، وسط سعي الطرفين لتعويض نزيف النقاط في الأسابيع الماضية.
يُذكر أن مباريات الجولة افتُتحت أمس الأربعاء بمواجهتين، بين أربيل (الثاني) ونوروز (الثامن عشر)، الكرمة (الرابع) والشرطة (الثامن).
حول {قضية نيغريرا}
غضب برشلونة يتصاعد بعد تصريحات لاعبي ريال مدريد
برشلونة ـ وكالات
سادت حالة من الغضب داخل نادي برشلونة بعد التلميحات الصادرة عن بعض لاعبي ريال مدريد بشأن "قضية نيغريرا"، التي لا تزال قيد التحقيق القضائي، واستُحضرت مجدداً على خلفية الكلاسيكو الأخير بين الغريمين.
ويرى النادي الكتالوني أن تصريحات لاعبي الريال تجاوزت الحدود، وسط استياء من ازدواجية المعايير الإعلامية، حيث يُسمح للاعبي ريال مدريد بانتقاد برشلونة علناً دون أي جدل، بينما يُثار ضجة كبيرة حول تعليقات لامين يامال، الموهبة الشابة في صفوف برشلونة، رغم أن تصريحاته كانت في سياق فكاهي. وتأتي الانتقادات بعد تسجيل مشاهد في الكلاسيكو الأخير، منها صراخ جود بيلينغهام على الحكم عقب خطأ ضد بيدري، فيما استُهجن تعامل التحكيم مع ركلة جزاء ألغتها تقنية الفيديو لصالح برشلونة، في موقف يراه النادي استمراراً لتأثيرات غير عادلة على الفريق. يُذكر أن قضية نيغريرا أثارت جدلاً واسعاً في إسبانيا بعد كشف تحقيقات صحفية عن تلقي الحكم السابق مبالغ مالية من برشلونة بين 1994 و2018 مقابل ما وصف بـ "استشارات تقنية"، وهو ما نفاه النادي مؤكداً أن الهدف كان تقنياً فقط، فيما فتحت النيابة العامة الإسبانية تحقيقاً رسمياً حول فساد محتمل وإساءة استخدام الأموال.
ويستمر الجدل بين قطبي الكرة الإسبانية وسط متابعة رسمية من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الذي فتح تحقيقاً مستقلاً في القضية، مع السماح لبرشلونة بالمشاركة في البطولات الأوروبية لحين استكمال التحقيقات القضائية.
اليوم.. انطلاق بطولة كأس السفير الكوري الخامسة للتايكواندو في بغداد
متابعة ـ طريق الشعب
أكد رئيس الاتحاد العراقي للتايكواندو، محمود عباس اللامي، أن العاصمة بغداد ستستضيف بطولة كأس السفير الكوري الخامسة للتايكواندو، التي ستقام في الفترة من 30 تشرين الأول الجاري وحتى 1 تشرين الثاني المقبل.
وقال اللامي إن البطولة ستتضمن منافسات الكروكي لفئة المتقدمين (رجال ونساء)، إضافة إلى فعالية البومسي المخصصة لفئات الناشئين والشباب والمتقدمين من كلا الجنسين.
وأشار إلى أن البطولة تُقام سنوياً تكريماً لمؤسسي اللعبة في كوريا الجنوبية، الرائدة عالمياً في التايكواندو، لافتاً إلى أن الاتحاد أبلغ الأندية العراقية بالمشاركة، وأن الاستعدادات قد اكتملت لخوض منافسات تشهد مشاركة واسعة وتنافساً قوياً بين اللاعبين.
نوري يهزم المصنف الأول عالمياً كارلوس ألكاراز في باريس
باريس ـ وكالات
حقق البريطاني كاميرون نوري فوزه الأول على الإطلاق ضد المصنف الأول عالمياً، الإسباني كارلوس ألكاراز، الثلاثاء في بطولة باريس للماسترز، بعدما تغلب عليه بنتيجة 4-6، 6-3، 6-4، ليتأهل إلى الدور الثالث في العاصمة الفرنسية.
وجاء أداء ألكاراز، الذي خاض أول مشاركة له منذ تتويجه بلقبه الثامن هذا الموسم في طوكيو، بعيداً عن مستواه المعتاد، حيث ارتكب 54 خطأً، وعانى من توقيت وحركة القدمين لفترات طويلة، فيما وصف نوري الفوز بأنه الأكبر في مسيرته. وقال: "إنه فوز هائل، وخاصة ضد اللاعب الأكثر ثقة في العالم حالياً".
وتنهي هذه الهزيمة سلسلة انتصارات ألكاراز المتتالية في بطولات الماسترز التي بلغت 17 مباراة، وتفتح الباب أمام المصنف الثاني يانيك سينر لاستعادة صدارة التصنيف العالمي إذا فاز بلقب باريس.
قد يتنازل ألكاراز عن المركز الأول في التصنيف العالمي هذا الأسبوع بعد خسارته للمباراة الثامنة فقط هذا الموسم، وإذا فاز يانيك سينر باللقب في باريس، فسيعود إلى المركز الأول عالمياً لأول مرة منذ بطولة أمريكا المفتوحة.
ويظل ألكاراز في وضع قوي في معركة المصنف الأول عالمياً لنهاية العام، حيث يتصدر حالياً السباق المباشر إلى تورينو بفارق 2,040 نقطة.
ويعد نوري ثالث لاعب في تاريخ بطولة باريس يهزم المصنف الأول في الدور الافتتاحي، بعد جوليان بينيتو ومارك روسية، فيما سيواجه في الدور المقبل أحد المتأهلين بالبطاقة الدعوة، فالنتين فاشيرو أو آرثر ريندركنيش.
في مباريات أخرى بالدور الثاني، تغلب الأمريكي تايلور فريتز على الأسترالي ألكسندر فوكيتش، بينما تجاوز الروسي أندري روبليف عقبة الأمريكي ليرنر تين، ليواجه المصنف الخامس بن شيلتون في الدور الثالث.
العمل المبكر والتدريب الهرمي أساس صناعة البطل الرياضي
منعم جابر
قد يظنّ البعض أننا نهتم بكرة القدم فقط، على الرغم من اختصاصنا فيها، لكني أدعو وأهتم بجميع الألعاب الرياضية، وأطالب بالاهتمام بها جميعاً دون فرق أو استثناء. لذا، أوجّه حديثي إلى قادة اللجنة الأولمبية ووزارة الشباب والرياضة بأن يهتموا ويراعوا كل الألعاب الرياضية، لأن التطور الشامل في جميع الألعاب سيؤدي إلى نضوج رياضي متكامل، يدفع كل لعبة لتقديم نفسها بقوة في الميدان الرياضي، مما يحقق التوازن والنجاح.
وهنا أبدأ بالمؤسسات الرسمية الأولى المسؤولة عن قيادة الرياضة والألعاب، وهي وزارة الشباب والرياضة، وأهمية دورها في نشر مختلف الألعاب والرياضات المعروفة، والمساهمة في تعميمها وتوزيعها على الأندية الرياضية، ودعم ممارستها في هذه الأندية من خلال إنشاء الملاعب والساحات في كل مكان. إن نشر هذه الألعاب والرياضات في عموم المجتمع العراقي يسهم في ترسيخها وتعلمها، وخاصة في الأعمار المبكرة، لأن العالم المتمدن اعتمد القاعدة الذهبية: "خذوهم صغاراً"، إذ إن العمل المبكر مع الصغار يصنع منهم نجوم المستقبل وأبطال الألعاب الرياضية.
والبلدان المتقدمة رياضياً تبدأ مع أبطالها ولاعبيها منذ السنوات الأولى، فتعمل معهم وتقوم بتدريبهم وتعليمهم في مراحل عمرية مبكرة، وهذا ما نعرفه من المثل القائل: "التعلم في الصغر كالنقش في الحجر". وهذا يشمل كل الألعاب والرياضات، فمن يجد نفسه مستعداً وجاهزاً للعمل مع الأطفال في أعمار مبكرة، فإنه بلا شك سيؤسس لأبطال وبطولات في مختلف الألعاب. وعلى الأندية الرياضية والاتحادات أن تهيئ نفسها وتستعد للاهتمام برياضييها وإعدادهم في مقتبل أعمارهم، والتحضير لمستقبلهم المشرق والمرموق.
وهذا ينطبق على جميع الألعاب والرياضات؛ فمع النضوج والتقدم إلى مرحلة الشباب، تبدأ الواجبات والمسؤوليات بالازدياد، وتشتد التدريبات، وتتوسع المهام. هذا الأمر يشمل جميع الألعاب في الميدان الرياضي، كلٌّ بحسب اختصاصه واتجاهاته وقابلياته، وبحسب اللعبة التي اختارها وبدأ بممارستها.
وهنا نجد أبناءنا في المدارس يخطون أولى خطواتهم في عالم الرياضة، ويجدون في معلم التربية الرياضية نموذجاً حياً ومثلاً للرياضي (الجنتلمان)، فيحاولون السير على خطاه. وفي المرحلة المتوسطة تتضح التوجهات الرياضية، أما في الإعدادية فيتكامل الرياضي ويأخذ دوره الحقيقي، وتبدأ ملامح البطولة بالظهور، لتكتمل في النادي الرياضي حيث تبرز القدرات وتتحقق النتائج الإيجابية، وتشكل هذه المرحلة ذروة النضوج والاكتمال.
إذن، المدرسة بكل مراحلها تساهم في خلق الرياضي البطل، وتستكمل هذه العملية في المرحلة الجامعية، فيما يسهم النادي الرياضي في إنضاج البطل ودفعه نحو البطولات والمنافسات الكبرى. وهنا أقول للاتحادات الرياضية والأندية: اهتموا بتصحيح أخطائكم ومساراتكم وتدريباتكم. فالمدرسة توجه الطالب الرياضي على يد معلم ومدرس التربية الرياضية، وبعدها يأتي دور المدرب والموجه في النادي الرياضي، لتكتمل العملية التربوية والرياضية بمشاركة المعلم والمدرس والمربي، ثم المدرب في النادي الذي يتسلم الرياضي بعد أن استكمل أساسياته في مراحله الأولى.
بعد ذلك، يأتي دور مدرب المنتخب الوطني الذي يواصل مهمة زملائه السابقين ليقطف ثمار العمل الطويل والشاق الذي بذله الآخرون. وهكذا تتحقق أحلام مدرب المنتخبات الوطنية، فهي في جوهرها مهمات وطنية يتكفل بها نخبة من المبدعين القادرين على صناعة البطل الرياضي وتقديمه إلى الساحة الرياضية الدولية كاملاً، متكاملاً، مجتهداً، وساعياً للتقدم وتحقيق الإنجازات بعد أن برز محلياً.
إن العمل في الساحة الرياضية يتطلب تكاتفاً وتعاوناً ومحبةً، لأن صناعة الأبطال وفتح الآفاق الوطنية والدولية تحتاج إلى تعاون أبناء الرياضة وأهلها، فالتذمر والحساسيات لا تصنع الأبطال ولا تبني الرياضة. إن المساعي الحقيقية لبناء رياضة الوطن يجب أن تبدأ من الأعمار الصغيرة والمبكرة، التي يمكن من خلالها بناء رياضة متطورة وصناعة رياضيين أبطال قادرين على تحقيق الإنجازات الرياضية الكبرى.
ص18
حكاية سالي روني: {فاصل زمني} مع السلطة
سناء عبد العزيز
ما الذي يعنيه حقا أن تفوز بجائزة مرموقة، لكن هناك ما يمنعك من الحضور لتسلمها؟ لطالما اصطدم الفن بالسياسة، ودفع الفنان وحده ثمنا باهظا. ربما لهذا لجأ صاحب "كليلة ودمنة" إلى إظهار مواقفه على ألسنة الحيوانات، خشية أن يُقال إن بيدبا الفيلسوف عاش في عصر الطغيان وآثر الصمت. هذه القصة تغرينا بالتساؤل عن دور الفنان، لا سيما في زمن تتزايد فيه الضغوط على الحريات، حيث ساد مبدأ البقاء على قيد الحياة بأي ثمن.
فهل يكفي الفنان أن يكون صانعًا للجمال وسط عالم مليء بالقبح، أم أنّ ملكته الربانية تلزمه بتعديل الواقع
منذ أيام تداولت الصحف خبر فوز الروائية الأيرلندية سالي روني، بجائزة سكاي آرتس عن روايتها الرابعة "فاصل زمني" (Intermezzo). وهي واحدة من أبرز الفعاليات الثقافية في بريطانيا وأيرلندا، إذ تحتفي سنويا بالإنجازات الاستثنائية في أحد عشر فرعا فنيا تشمل الأدب، والموسيقى الكلاسيكية، والكوميديا، والرقص، والسينما، والأوبرا، والشعر، والموسيقى الشعبية، والمسرح، والتلفزيون، والفنون البصرية. كما تتضمن الجوائز الخاصة البارزة، مثل جائزة ذا تايمز للاكتشاف الجديد، وجائزة الإنجاز مدى الحياة، وجائزة بطل الفنون، جميعها تكريما لأصحاب البصمات المتفردة والمواقف الريادية في دعم الفنون.
غير أن روني الفائزة في فئة الأدب، لم تحضر الحفل الذي أُقيم في لندن مساء الخميس 18 أيلول/ سبتمبر. وكانت قد أعلنت عن عدم قدرتها على دخول المملكة المتحدة خشية الاعتقال، إثر دعمها لحركة "فلسطين أكشن" (Palestine Action).
فمنذ متى بات دعم فلسطين جريمة تستحق الاعتقال؟ وما الذي يجعل بلدا مثل بريطانيا يمنع كاتبا من دخول أراضيه؟
من الاحتجاج إلى قوائم الإرهاب
يبدو أن الصراع لا يقتصر على الفنان وحده، بل يمتد إلى كل من يطمح إلى تغيير الواقع. فقد خرجت حركة "فلسطين أكشن" من رحم الغضب الشعبي في بريطانيا أوائل العقد الماضي، احتجاجا على تورط شركات محلية في تزويد الجيش الإسرائيلي بالسلاح، خصوصًا فرع شركة Elbit Systems UK المتخصصة في الطائرات المسيّرة التي تُستخدم في تدمير الفلسطينيين. عام 2020 أسّسها الناشط البيئي ريتشارد برنارد بالمشاركة مع الناشطة البريطانية الفلسطينية هدى عموري بوصفها مبادرة للفعل الحقيقي، لا مجرد احتجاجات تقليدية، فعمدوا إلى تعطيل مصانع السلاح وسلاسل التوريد للضغط على الحكومة البريطانية لإنهاء ما وصفوه بـ"التواطؤ في الإبادة الجماعية ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي". لكن، وكما هي العادة، لم تزد الإدانات الرسمية والتنديدات الصاخبة عن كونها طنينا في فراغ؛ فالمصانع ما زالت تعمل، والطلاء الأحمر الذي صبغ جدرانها غُسل سريعا بالماء، لتعود الطائرات بلا حرج إلى التحليق فوق أهل غزة.
استلهمت الحركة تكتيكاتها من تاريخ العصيان المدني في حركات الحقوق المدنية الأميركية ومناهضة الأبارتهايد في جنوب أفريقيا، مع تركيزها على التخريب المحدود للممتلكات كأداة ضغط، ما جعلها مثار جدل قانوني مستمر، رغم أنها تعرّف نفسها بأنها غير مسلّحة وتكتفي بالاعتصامات وإغلاق المنشآت وطلاء الجدران. من هنا صنّفتها الحكومة البريطانية في تموز/ يوليو 2025 "منظمة إرهابية"، ما يجرّم أي دعم مالي أو لوجستي لها.
أما في القانون الدولي، فلم تُدرج على أي قوائم أممية أو أوروبية، وتشير منظمات حقوقية إلى أن نشاطها أقرب إلى احتجاج راديكالي يخرق قوانين الملكية منه إلى الإرهاب الذي يستهدف المدنيين.
في خضم هذا الجدل، أعلنت الروائية الأيرلندية سالي روني في آب/ أغسطس الماضي نيتها توجيه عائدات أعمالها لدعم الحركة، ما يعرضها لمساءلة قانونية قد تصل إلى الاعتقال من دون مذكرة بموجب قانون الإرهاب البريطاني، حتى لو اقتصر دعمها على التعبير العلني في المهرجانات والفعاليات الثقافية. لهذا اضطر ناشرها أليكس باولر إلى تسلّم الجائزة نيابة عنها، وقرأ بيانها الذي قالت فيه:
"ممتنّة جدا للحصول على هذه الجائزة، تمنيت لو كنت معكم لتسلّمها شخصيا، لكن دعمي للاحتجاج السلمي المناهض للحرب يجعل دخولي المملكة المتحدة غير آمن، مع احتمال الاعتقال"، مؤكدة تضامنها مع الشعب الفلسطيني.
على خط المواجهة
يأتي موقف سالي روني الأخير في سياق سجل حافل بالثورية، يوازي مسيرتها الأدبية منذ بداياتها. فإلى جانب انشغال أعمالها بالعلاقات الإنسانية في الزمن السائل، والحوار المنسوخ من أحاديثنا اليومية، عُرفت روني بمواقفها السياسية والاجتماعية والأيديولوجية، ودعمها للمرأة والمهمشين. في عام 2021 تورطت في معركة ثقافية عالمية، عندما رفضت عرضا من ناشر إسرائيلي بترجمة روايتها "أيها العالم الجميل، أين أنت؟" إلى العبرية.
وهو ما ألقى عليها اتهامات بمعاداة السامية، إذ رأت غيتيت ليفي- باز، من معهد سياسة الشعب اليهودي، أن قرارها "يتعارض مع روح الأدب" لأنه يستبعد قرّاء لمجرد هويتهم القومية، مؤكدة أن الأدب يجب أن يبقى بعيدا عن السياسة. أما الناقدة الأميركية روث فرانكلين فاتهمتها بالكيل بمكيالين، مشيرة إلى أن كتب روني تُترجم إلى الصينية والروسية رغم قضايا حقوق الإنسان هناك.
وقتها أكدت روني أن قرارها "ليس رفضا للغة العبرية أو القرّاء اليهود" بل جاء تضامنا مع الفلسطينيين ورفضا للتطبيع مع مؤسسات تدعم الاحتلال، وهو ما قوبل بإشادات واسعة، حتى أن مؤسسة محمود درويش الفلسطينية قررت منحها جائزة الشاعر الراحل، تقديرًا لموقفها المؤيد للقضية، لكنها فاجأت القائمين على الجائزة برفضها التكريم من دون أن تقدّم تفسيرا علنيا، في خطوة رآها كثيرون استمرارا لمبدئها في المقاطعة الثقافية وابتعادا عن أي احتفاء رسمي قد يختزل التزامها في مجرد جائزة رمزية.
على الوتيرة نفسها، انضمت في آب/ أغسطس 2025 إلى عريضة دولية لإعادة تشغيل برنامج Pause الفرنسي، وهي مبادرة أُنشئت عام 2017 لإيواء الكتّاب والفنانين والعلماء المهددين في مناطق النزاع، بعد أن علّقت الحكومة الفرنسية البرنامج إثر اتهام طالب فلسطيني بتصريحات معادية للسامية.
إلا أن روني رأت، ومعها أسماء شهيرة مثل نوبلية الآداب آني إرنو والكاتب الفيتنامي الأميركي فييت ثانه نغوين وعبد الرزاق قرنح ونعومي كلاين، أن هذا التعليق يشكّل "عقابا جماعيا" ويقوّض الجهود الإنسانية لحماية المثقفين الفارّين من الحرب.
"فاصل زمني"
وُلدت روني عام 1991 في بلدة كاسلبر في مقاطعة مايو الأيرلندية، وبدأت مسيرتها الأدبية بروايتها اللافتة "أحاديث مع الأصدقاء" (Conversations with Friends, 2017) التي قدّمت من خلالها عالما حميميا من العلاقات المعقّدة والحوار اليومي الحاد، ونالت عنها لقب كاتبة جيل الألفية. بعدها توالت الألقاب من "سالينجر العصر" إلى "صوت الرأسمالية المتأخرة"، مع صدور روايتها "الناس العاديون" (Normal People, 2018) التي حققت مبيعات ضخمة وحُوّلت إلى مسلسل تلفزيوني نال جوائز عدة، مُكرِّسة أسلوبها القائم على كشف هشاشة العلاقات العاطفية وقوة الصمت بين السطور.
في عام 2021 أصدرت روايتها الثالثة "أيها العالم الجميل، أين أنت؟" (Beautiful World, Where Are You) المبنية على تقنية المراسلة بين صديقتين عبر البريد الإلكتروني، بحيث تتقاطع هذه الرسائل مع الفصول السردية وتدفع الحكاية إلى الأمام. يمتاز أدب روني بلغة متقشفة ونبرة حوارية قريبة من الكلام اليومي، مع اهتمام بالغ بتفكيك ديناميكيات الحب والصداقة والطبقة الاجتماعية. وقد حازت أعمالها جوائز عدّة منها جائزة كوستا للرواية، كما رُشِّحت لجائزة البوكر العالمية، ما جعل اسمها يحقق حضورا استثنائيا في المشهد الأدبي العالمي، إذ تحوّل صدور كل عمل جديد لها إلى ما يشبه حدثا جماهيريا. ومع صدور "فاصل زمني"، امتلأت المكتبات بطوابير القرّاء، وافتتحت متاجر أبوابها ليلا خصيصا لإطلاقها، مدفوعة بدعاية لافتة من حقائب وأغطية رأس تحمل أغلفة كتبها، ما رسّخ مكانتها كظاهرة ثقافية نادرة تجمع بين الأدب الرفيع والجاذبية الشعبية.
تصوّر الرواية علاقة متوترة بين شقيقين يبدوان على طرفي نقيض: بيتر، المحامي الثلاثيني الأنيق والمنفتح، وإيفان، لاعب الشطرنج الانطوائي الأصغر بعشر سنوات. بعد وفاة والدهما بالسرطان؛ الحدث المفصلي الذي يستحضره العنوان باعتباره استراحة للتأمل، يغرق بيتر في المهدئات ويمزقه التردد بين حبه القديم لسيلفيا المصابة بعجز جسدي وعلاقته الجسدية العابرة مع ناعومي، فيما ينجذب إيفان إلى مارغريت الأكبر منه سنًا، ما يغيّر نظرته إلى النساء ويعيده إلى بطولات الشطرنج طامحا إلى لقب "أستاذ دولي". وكما في أعمال سالي روني الأخرى، تتشابك هنا حاجات الرجال إلى العطاء مع رغبة النساء في التلقي، ويتسع مفهوم الحب ليشمل الأصدقاء والأمومة وحتى علاقة إيفان بكلبه الذي يستعيده في الختام.
أشاد النقاد والقراء بالنضج الأسلوبي الذي أظهرته روني في "فاصل زمني"، معتبرين أنها بلغت ذروة قدرتها على تفكيك العاطفة الإنسانية وتعقيداتها. بينما اعتبر بعضهم أن البطء المقصود وتفاوت عمق الشخصيات الثانوية قد يثقل على بعض القراء، خصوصًا مع امتداد الرواية إلى 448 صفحة. مع ذلك، ظلّ الإجماع قائمًا على أن "فاصل زمني" تمثّل تجربة روائية فريدة تكشف وعي سالي روني العميق بهواجس الجيل الرقمي، على الرغم من ابتعادها الصارم عن منصّات التواصل الاجتماعي وانخراطها الفعلي في قضايا عصرها الملتهبة على أرض الواقع. وهكذا تتجاوز روني حدود الدور التقليدي للمبدع، مقدّمةً صورة مشرقة للفنان في شبابه؛ لا بوصفه صانعا للجمال من برج عاجي، بل كضمير حيّ لأمّته والعالم، مستعد لمواجهة الهجمات والاتهامات والصدام مع مؤسسات السلطة دفاعا عن قناعاته، حتى لو فوّت أهمّ حدث في حياته؛ لحظة تتويجه بجائزة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ضفة ثالثة" – 24 أيلول 2025
مارغريت أتوود أربعون عاماً على {حكاية الجارية}
تُعدّ رواية "حكاية الجارية" للكاتبة الكندية مارغريت أتوود واحدة من أبرز الأعمال الأدبية النسوية والديستوبية في العصر الحديث. منذ صدورها عام 1985، قدّمت الرواية تصوّراً لمستقبل شمولي تسيطر فيه جمهورية "جلعاد" على المجتمع، حيث تُفرَض على النساء أدوار صارمة، مع حرمان فئة الخادمات "الجواري" من حقوقهن الأساسية، وإجبارهن على الإنجاب لصالح النخبة الحاكمة.
احتفاء بإرث الرواية
وفي هذا العام، تحتفل الرواية بمرور أربعين عاماً على صدورها عبر سلسلة من الفعاليات التي تعكس تأثيرها على الثقافة الأدبية والاجتماعية. ففي كندا، أُسدِلت صور للخادمات (بطلات الرواية) على واجهة بلدية تورونتو، وتزامن ذلك مع عرض الصور نفسها في عدد من المكتبات العامة حول العالم مساء الأربعاء الماضي. كما شارك مؤلفون ومبدعون عالميون، من بينهم: سلمان رشدي وإليزابيث موس ولورين غروف، في الاحتفالات عبر فيديوهات تكريمية، أبرزت مكانة الرواية في الأدب المعاصر. كذلك، تستعد دار النشر الكندية ماكليلاند وستيوارت لإصدار نسخ خاصة من الرواية خلال موسم الخريف الجاري، تشمل إصداراً فاخراً يضم الغلاف الأصلي ومقالاً قصيراً لم يُنشر من قبل كتبته أتوود عام 1986. وتأتي هذه النسخ ضمن سلسلة من الاحتفالات والأنشطة التي تحتفي بإرث الرواية، التي تحولت منذ صدورها إلى أعمال سينمائية ومسرحية وروايات مصوّرة ومسلسل تلفزيوني حاز على جائزة إيمي، ما ساهم في تعزيز شعبيتها.
استشراف ديستوبي للمستقبل
بدأت أتوود كتابة الرواية عام 1981، ووصفتها بأنها "تخيلية مستقبلية" تستند إلى وقائع تاريخية واتجاهات سياسية واقعية حدثت آنذاك، مثل انخفاض معدلات الولادة وصعود الأصولية اليمينية وتراجع حقوق المرأة الإنجابية. ترسم الرواية، بمقاربة أورويلية، عالماً من القمع الاجتماعي، حيث تُصنف النساء إلى طبقات مثل "الخادمات" و"الزوجات" و"العمّات"، وتظهر الطقوس التي تتحكم في الجسد الأنثوي من خلال تتبع حياة البطلة أوفريد، الخادمة التي فُصلت عن زوجها وابنتها، في عالم من القمع والرقابة الصارمة، مع إبراز لحظات المقاومة وإرادة البقاء. بفضل هذه الرؤى، تظلّ الرواية، التي سبق أن مُنعت في بعض الولايات الأميركية، رمزاً عالمياً للأدب النسوي والديستوبي، وتواصل إثارة النقاش حول قضايا حقوق النساء والرقابة والسيطرة على الجسد. وقد حازت على جوائز مرموقة، منها جائزة آرثر سي. كلارك، ورُشحت لجائزة بوكر، فيما أُصدر الجزء الثاني منها بعنوان "الوصايا" (The Testaments) عام 2019، الذي استكملت فيه أتوود أحداث الرواية بعد خمسة عشر عاماً، وفازت عنه بجائزة بوكر، مؤكدة حضور الرواية ورسالتها حتى اليوم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"العربي الجديد" – 30 أيلول 2025
جين فوندا تعيد إحياء حركة للدفاع عن حرية التعبير من أيام الحرب الباردة
أعادت الممثلة الأمريكية جين فوندا، مع المئات من مشاهير هوليوود، إحياء حركة احتجاجية كانت قائمة خلال حقبة الحرب الباردة في الولايات المتحدة للمطالبة بحرية التعبير، معتبرين أن إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب تشن حملة منسّقة لإسكات المنتقدين.
ومن أبرز موقّعي الدعوة لإعادة “لجنة التعديل الأول” التي أسستها فوندا، والبالغ عددهم نحو 550، الممثلون ناتالي بورتمان وآن هاثاواي وشون بن، والمخرج سبايك لي.
ويكفل التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة حرية التعبير ويحميها.
وذكّر بيان صدر الأربعاء بأن “هذه اللجنة أُنشئت في الأصل خلال مرحلة مكارثي، وهي فترة مظلمة قمعت فيها الحكومة الفدرالية المواطنين الأمريكيين واضطهدتهم على أساس معتقداتهم السياسية”.
وأضاف البيان: “لقد عادت هذه القوى. وحان دورنا لنتحد للدفاع عن حقوقنا الدستورية”.
وكان والد الممثلة والناشطة، الممثل هنري فوندا، عضوا رائدا في “لجنة التعديل الأول” الأولى عام 1947.
وفي أواخر أربعينيات القرن المنصرم، ومع بداية الحرب الباردة، اتُّخذت إجراءات صارمة في الولايات المتحدة تستهدف أي شخص متورّط في “نشاطات معادية”، خصوصا في هوليوود.
وبلغت هذه الإجراءات ذروتها في الحملة التي شنّها السيناتور الجمهوري جوزيف مكارثي من ولاية ويسكونسن ضد الشيوعيين ومن يُعتقَد أنهم يتعاطفون معهم.
ونددت اللجنة الأساسية، التي ضمّت أيضا جودي غارلاند وهمفري بوغارت وفرانك سيناترا، بقمع الحكومة ومضايقاتها.
وأشار الموقع الإلكتروني المخصّص للحركة إلى أن إعادة تشكيل اللجنة “ليست تحذيرا، بل هي بداية نضال متواصل”.
ويأتي هذا الإعلان بعد أيام قليلة من تعليق قناة “إيه بي سي” التابعة لشركة “ديزني” لفترة وجيزة عمل المذيع الفكاهي جيمي كيميل تحت ضغط من إدارة دونالد ترامب.
إلا أن الفكاهي الذي عُلّق برنامجه بعد مواقفه بشأن اغتيال المؤثر المؤيد لترامب تشارلي كيرك، عاد إلى الشاشة الأسبوع الفائت. وقال كيميل وسط تصفيق حار: “إن تهديد الحكومة بإسكات فنان كوميدي لا يروق للرئيس هو أمر مخالف للقيم الأمريكية”.
وتعهّدت اللجنة المعاد تشكيلها “الوقوف صفا واحدا، متحدين بشراسة، دفاعا عن حرية التعبير”، محذّرة الشركات الهوليوودية من الرضوخ لضغوط الحكومة في المستقبل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أ ف ب – 2 تشرين الأول 2025
ص19
حلم بثياب اليقظة إلى {طريق الشعب}
علاء حمد
تحملُ حقيبةَ المدرسة
على ظهرها يرقصُ المعتقدون
ضعي الدفترَ هنا
والدفاترَ الأخرى
ضعيها في أقبيةِ الرفّ
افتحي كتابَ القراءة
وتابعي رباباً
تركض في الحقلِ
تابعي كتابَ النصوص
واقرأي ما قاله الشعراء
للفساتين الممزّقة
صفّفي شعركِ بهدوءٍ
وبهدوءٍ اشربي كأسَ العصير
واتركي قيثارة القصف
هاااا من هنا
قدّ مرّ عجوزٌ
ومن هناك انفجرتْ عبوةٌ في باب المدرسة
وفي باحةِ المدرسة
نلعبُ ونجنّ
لن يدقّ الجرسُ
لأنّه مصابٌ بطلقات ناريّة
لن تفتحَ الأبوابُ
لأنّها.... مهشّمةٌ
ضعي الدفاتر كلّها
وتعالي نلعب...
نلعب يا صغيرتي بأقرب الأحلام
نرشُّ التصاوير
واليقظةَ والأسئلة
على حدائقَ أبي نؤاس
جوليا كريستيفا: أستاطيقا القبح في وصف الذات
عبد الغفار العطوي
(الأستاطيقا) هي الادراك الحسي للجمال المصحوب بالقبح ،او هي لفظ دخل في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ليدل على العلم المتعلق بالمعرفة الحسية للجمال أطلقه، اولا باومغرتن(1) ثم صار استعماله مقتصرا على المعرفة الحسية في الادراك الجمالي للعمل الفني الذي من الممكن ان يتناول مفهوم القبح الاستطيقي، إن الجمال و القبح يخضعان للمعايير الفنية ذاتها في حالة حصول تقييم لها ضمن أي عمل فني او ادبي، و لعل كتاب امبرتو إيكو ( تاريخ الجمال) الذي صدر عام 2004 اعطى مجالا واسعا في تمييز لمفهومي الجمال و القبح، في ربط الجمال بالجاذبية، باعتبار الجاذبية صفة خاصة لا علاقة لها بالجمال و البشاعة، لكن إيكو اصدر كتابه المثير للجدل( تاريخ القبح) كعمل ثان تحدث فيه عن تأثير الأدب في تحديد النظرة إلى ميزتي الجمال و القبح ، حتى اصبح التصور الجمالي في الحكم على العمل الفني او الادبي مرهونا بطريقة التذوق الفني الذي إذا قبل الجمال الاستاطيقي، و استحسن القبح الأستاطيقي، في استعاضة عن مصطلح علم الجمال، لأن إطلاق مفهوم القبح يكمن في حيز التجربة الجمالية باعتباره أحد المفاهيم المرتبطة ابها لتي هي من نتائج التواصل بين العمل الفني و المتلقي، و الغاية منها خلق المتعة فالقول المزيف بأن الجميل هو القبيح، و القبيح هو الجميل في معرفتنا الحسية التي نتعامل بها في تلقينا، هو الذي جعل تصورنا في الحكم على العمل الفني او الادبي من جانب الإحساس بالتمتع، و قبول تبادل الذور بين الجمال و القبح في هذا العمل هو خاضع لذاك التصور ، و كتابات أشهر الفلاسفة عن تلك العلاقة بين الجميل و القبيح مهدت لاتساع فلسفة القبح ، فلو أخذنا رؤية كانط عن هذا الأمر في أهمية ما أوضحه في كتابه (نقد ملكة الحكم) الذي اعتبر الجمال رمزا مباشرا و اضحا في الأعمال الفنية ، وفي (فلسفة القبح)(2) وكذلك يمثل كانط تقدما في إن لدينا شمولا أوسع و اكثر تحديدا القبح مشروع لأنه لديه القدرة في تحفيز الخيال إلا في حالة الاشمئزاز أما باومغارتن و الذي يعود له الفضل في تعريف القبيح في حوالي منتصف القرن الثامن عشر فقد سعى لتأسيس علم مستقل لنظرية الجمال ،إضافة إلى اقوال مشهورة ، نقتبس منها، مظهر الكمال او الكمال الواضح للذوق بالمعنى الواسع هو الجمال و النقص المقابل هو القبح، و م من ثم فإن الجمال على هذا النحو يسعد الناظر - - و اجمل الأشياء بطريقة قبيحة أي إن باومغارتن يقارن بين القبيح و الجميل في العمل الفني بفلسفة القبح التي لا يظهرها في النصوص مباشرة ، بل وفق رؤيته في ان علم الجمال هو كمال المعرفة الحسية، في استبعاد واضح في عدم ارتباط القبح بالكمال، و على ما يبدوإن حرص الفلسفة على تناول القبح نتيجة للتاريخ الثقافي لما هو متواجد من اقتران الجمال بالقبح فيما يخلقه المفهومان معاً من سؤال ثقافي كما جاء في كتاب (التاريخ الثقافي للقباحة) للكاتبة غرينشن أي هندرسن(3) ففي مقدمة المؤلفة التي تتحدث بقولها إن التاريخ الثقافي للقباحة يطلق لإعادة إحياء لحظات ثقافية مختلفة تكشفت عن تغير مفاهيم القباحة بسبب إن الجميل والقبيح لم يعدا مفهومين متنافرين. ان الإشكالية تكمن في عملية التلقي للعمل الفني او الأدبي، وهذه من اختصاص الذات (المتلقي) فكيف يمكنها وصف نفسها بقدر الاستيعاب، إذا ما كان الجميل و القبيح عبارة عن سؤال ثقافي تاريخي.
تقول جوديث بتلر في كتابها (الذات تصف نفسها)(4) جوهر ما تراه الذات، كي نصل إلى دراسة ما بينته جوليا كريستيفا في كتابها الظريف المعقد ( قصص في الحب)(5) الذات هنا لدى جوديث بتلر تكون واقعة بين عاملين يمكننا وفق نظرية باومغارتن باعتبارهما مفهومي الجمال والقبح حيث التنافر حسب اعتقاد بتلر بين السيرة والسرد، فالتي تعي الاختلاف بين الجميل و القبيح هي الذات ، والذات تسير وفق أخلاقية محددة تتوافق مع نظرة باومغارتن، و كانط الأخلاقية، والتي كذلك نكتشفها في التحليل النفسي و الفلسفي (الفرويدي و اللاكاني) اللذان استخدمتهما كريستيفا بمهارة في فحصها لقصص الحب التي درستها على ضوء ما يمكننا فهمه من المقارنة بين ما هو الجميل وما هو القبيح في تلك الدراسات الصعبة المعقدة التي تصدت لها جوليا كريستيفا في هذا الكتاب العاطفي، ما هي الذات عند بتلر في جوهر الكتاب و اقسامه الثلاثة ؟، فمثلاً إن ما نتوقعه ان يواصل القسم المعنون ال أنا و ال أنت استقصاء موقع العنف الأخلاقي المتمثل في التحليل النفسي حيث توضح بتلرإن عملية السلم و التسليم يخضع لسلطة الخاضع و المخضع ، أي ان وصف الذات يتم عبر عملية التحليل النفسي، تماماً كما في نظرية باومغارتن التي تصف العلاقة بين مظهر الكمال و القبح من خلال فهم العمل الفني، هنا الذات البتلرية تصف العنف الذي يسلط على العلاقة على مستلم التحليل النفسي لدى المحلل عند كريستيفا هو ما يجده المتلقي للعمل الأدبي من الفرق بين الجمال و القبح، كتاب كريستيفا يحمل من مظاهر التعقيد ما يجعل قصص الكتاب تضج بصخب المؤلفين للنصوص إلى النصوص السردية أي من تقريظ الحب، والتعرض للجوانب المنهجية الفرويدية التي اتبعتها كريستيفا في استبدال المحلل بدلاً من نقد الطريقة التحليلية للنصوص السردية إلى التحليلية اللغوية اللاكانية التي هي أنجع طريقة في التحليل النفسي اللغوي، نحو استعراضات فائقة الحمية لقصص الحب سواء أكانت تلك القصص تحمل سمة مثالية في الحب أم صيغة جنسية ماجنة ؟ لهذا هي تعترف : إني أقر بأن المصير الخاص لضروب الحب التي عشتها (و لعله المصير الخاص لهشاشتي الشخصية المتخفية وراء قناع اليقظة) اعتراف يكفي لتمييز ما تحاول كر ميستيفا إيصاله من رسائل وجلة عبر تلك القصص في الحب من فقدانها رغبة الجمال بمعزل عن البشاعة، وإن كان الكتاب يحمل أفكاراً كثيرة لا يمكن إستعراضها، لا يمكن حصرها في هذه العجالة، لكن ما درسته كريستيفا في الذات، وما جنته بعد ذلك من مفاهيم مغلوطة عن الجمال و القبح هو الذي جعلنا نؤيد ما قامت به كريستيفا من تصورها لمعنى الحب، إن الحب، زيادة على الرغبة ، وما بعد اللذة أو دونها، يلتف حولهما او يحولهما للارتقاء بي إلى مستوى أبعاد الكون.. لهذا تخضع كريستيفا جميع تلك الإشكاليات التي تقتحم الذات الساردة، وتحيلها إلى قراءات فرويدية ولاكانية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إحالات
1- جمالية استاطيقا القبح في العمل الفني د- نائلة المنير المحمودي
2- فلسفة القبح إعداد و تجهيز اكرم محمد الشيبة
3- التاريخ الثقافي للقباحة غرينيشن أي هندرسن ترجمة د- رشا صادق الناشر دار المدى ط1 2020
4- الذات تصف نفسها جوديث بتلر ترجمة فلاح رحيم التنوير للطباعة و النشر ط1 2014
5- قصص ف ي الحب جوليا كريستيفا ترجمة محمود بن جماعة دار التنوير للطباعة و النشر ط1 2017
ميسلون هادي: أوهام المعنى في السرد
د . حسين حمزة الجبوري
رصدت ميسلون هادي منذ روايتها الأولى متغيرات المجتمع العراقي "مجتمع المدينة "بعد تجارب الحروب وأثرها على وعي الإنسان ورؤيته للعالم، و انتجت هذه الحروب صورا مختلفة من" الأوهام" ولكنها لم تكن هي الفيصل في تجربة الحياة إنما هي واحدة من مفاصلها التي لم تمنع سعي الكائن للبحث عن كينونته و هويته "خاصته". وقد تنبهت الروائية لهذه الرؤية وتبنتها في أدبها، لأن الفن يداوي جراح العبث و"يقيّم صلتنا بهذا الوجود ولو كان بالوهم" الذي يخلق "سرده" و هويته في إطار لعبة الزمن بين الانقضاء والحضور، فالقصة مروية زمانية ، وفيها يفعّل السرد الوساطة بين الزمن كانتهاء و"كدوام وبقاء" وهنا تظهر "الرؤية الأيديولوجية" للعالم كما في رواية "سعيدة هانم: ويوم غدٍ من السنة الماضية" فزمن الحدث الروائي كلّه في الماضي في محاولة لإدراك نتائجه وحضوره في الحاضر، لأنه هو الذي شكّل شخصية سعيدة هانم ، و هويتها الملتبسة عن طريق "الخديعة أو الحيلة الشعرية" التي تعد
"مركزية" للحدث؛ وقد وضعتنا الروائية مباشرة منذ " الاستهلال " في ذروة "المأساة" بصورة الشقيقتين سعيدة / مليكة ، وهن يعشن في منزلهن "الكئيب" بمعزل عن الآخرين في عالمهن "المتوهم" و قد توزع المنظور السردي على الشخصيتين لبيان صوت كلّ منهما ورؤيتها في الأخرى و للحياة، لهذا نجد في الصفحة الواحدة تحوّلا في الضمائر مرة بضمير المتكلم في صوت سعيدة هانم وحكايتها عن نفسها وأختها ، ومرة أخرى بضمير الغائب بروايتها عن ذاتها ، وما تشعر به من قلق وخوف من المستقبل و عن " شقيقتها " " المتوهمة " مليكة جان وعلى هذا النحو نفسه ، تقوم مليكة برواية تجربتها مع حضور الراوي الضمني . تقول سعيدة هانم :" مليكة جان عندما تقرر ان ترسم بطين الحديقة .... فهذا يعني أنها متوترة " لترد مليكة جان : " – هل جرِّبت هذا النوع من الحزن ، يا سعيدة هانم ؟ عندما تكونين في قمة السعادة فتلسعك نوبة حزن شديدة، وتقررين اعتزال العالم" لكأن الراوية تريد أن تبين كيف يجري حديثهما ونسقه " المضطرب " وفي هذا التوزيع بانت صفات الشخصيتين على الرغم من سيادة رؤية سعيدة هانم ، وهذا التقسيم يكشف عن "وعي" سعيدة هانم و"لا وعيها" متمثلا في مليكة جان في الوقت نفسه ، مع أن الراوية سعت إلى بيان الخلل ، والاضطراب في سلوك واحدة منهن "الفصام" " إن الخطاب الثنائي الصوت هو دائما ذو صيغة حوار داخلي " وهو يبين " مفهومين للعالم وحوار لغتين " وهذا ما استطاعت الروائية من ضبطه بدقة شديدة لتشكيل بنية " الوهم " بقصد اظهار التوقعات للآتي من الزمن و بدت كلّ شخصية "مرآة " للأخرى ، وعلى وفق هذه الصيرورة المخاتلة ، نكتشف أن الراوي الذي بدا لنا من الرواة الثقة هو غير ذلك ولاسيما أن هناك " مرضا نفسيا " تعاني منه أحداهن ، ففي البداية يصار إلى عدّ " مليكة جان " هي المريضة ، ولكن ما أن ينقشع " الوهم " حتى تتكشف الخديعة فتظهر سعيدة هانم وهي التي تعاني " الفصام " وأما مليكة جان فهي "وهمها" الذي اختلقته في مواجهتها للعالم ، ولذاتها المستلبة ، و قد مثلت "وجهة النظر التعبيرية " جزءا مهما في " الوهم " كما و كانت "وجهة النظر التقويمية " للشخصيتين تعرية لهما ، وفي وجهتي النظر كان الكشف لأصول العائلة الطبقية ، ورؤيتها للواقع عبر اللغة ، بمعنى أن هذه اللغة " طبقية " تحمل في طياتها " رمزا" عائليا يتعلق بالهوية الاجتماعية والثقافية ، فهذه العائلة – يمكن أن تعد - من بقايا طبقة اجتماعية سادت سلطتها و زالت " هانم وبيك وجان " وهذا الاستخدام هو محاولة للتشبث بالموقع اللفظي ، والايديولوجي الذي كان سائدا في الماضي ، والالقاب إنما هي راسب ثقافي – لفظي من رواسب ذلك الماضي السياسي -الاجتماعي ، وعلى هذا يمكن أن تكون الهزيمة الاجتماعية والسياسية أحد أسباب الفصام وعلّته ، وهو الذي خلق " التوهم " ومن أبرز العلامات السيميائية انسحاب الرجل من الحدث " سليمان بيك " فهو دال على هزيمة سلطة طبقتهما ، ولهذا ظل الرجل طيفا باهتا ، ومهزوما ومعوزا ، ولكنه كان يمثل تهديدا لشقيقته لحاجته في غربته ، وعليه كانت شخصية سعيدة هانم مستلبة بين ثقافتين ، و واقعين بما يمثلانه من مأساة ضياع الهوية يقول تودوروف : "إن الجزء الضمني ليس أكثر من أفق العناصر الزمنية – المكانية والدلالية والقيمية المألوف لكلا المتحاورين " وهنا بدت كينونتها / سعيدة هانم / مضطربة تعيش هواجس الاغتراب، فالعلة " الكامنة وراء إشكالية البطل الروائي هي لحظة انفصام الأفكار عن العالم ، وتحوّلها – داخل الإنسان – إلى أحداث نفسية أي إلى مثل عليا عندئذ تفقد الفردية طابعها العضوي .." و من جانب آخر بدت مليكة جان - وهي "لا وعي " سعيدة هانم " - الوحيدة التي تدرك حقيقة الواقع أكثر من" وعي " سعيدة هانم نفسها ، وأظهرت قيمة اللعبة الشعرية في تمثيل عالم الحدث في إشكالياته ، ومآسيه التي أصابت لوثته الجميع . ولهذا تستمر الروائية في لعبتها الشعرية في أن سعيدة هانم كانت تمثل الوعي الطبيعي بالواقع الآني الذي انعكس على " همها " إذ ( إن القلق يهدم ما يبينه الهُم من ضلالات لإغراق الدزاين في طمأنينة كاذبة ، وهو يهز وجود الأشياء " فكأن اتهام مليكة جان "حيلة " ومواجهة دفاعية لسعيدة هانم عن ذاتها ليبرز قلقها وخوفها ، وهي تعيش فوضى الصور ، وفوضى الكلمات بعد انقضاء الماضي بخلاف شقيقتها " مليكة " فسعيدة هانم تفترض في مرات عودة الماضي، فيظهر طيف الأب في زمنها الآني وتوهمها، وهو المعتدي "الجنسي" أو يمثل "السلطة -القوة" المسكوت عنها، وتظهر والدتها في الاسترجاع " البعيد " و هذا الافتراض هو الذي خلق القناع الذي تتقنع به الذات للدفاع عن نفسها من خلال انفصامها عن الواقع ، "سعيدة هانم" تعيد إنتاج العالم عن طريق اللغة والتخييل الشعري ، أما مليكة فأنها تعيد العالم بحسب رؤيتها الإبداعية من خلال اللوحة " اللا المعنى " أو "المعنى المتعدد " أو المعنى الإشكالي / المضطرب في لوحاتها "السريالية " الذي تمثل عالما بلا ضوابط يشبه إلى حد كبير الواقع الآني ، لهذا كان تمثيل الواقع في اللوحات هو الأدق ، لأن الفن السريالي يصور " اللاوعي " أو عالم " التوهم "الصانع للشخصيتين بثنائية إشكالية، فالسريالية تسعى من خلال العقل إلى "توحيد القوى والتأليف فيما بينها " والفن فيها لعبة " الحلم والتداعي الحر وصورهما " مما يؤدي إلى انتاج معان متعددة ، وعليه ظلت مليكة جان في لوحاتها تظن أن مشكلة الدنيا هي أنها خالية من "المعنى" وهذا يعني ان "التناوب- المناولة" بين الضمائر الثلاث ضرورة لسيرورة السرد واكتماله وهنا ظهرت قيمة " المسافة " لبيان اختلاف وجهة النظر التقويمية فكلما جرى تغيير المسافة المكانية ، صاحبها تغيير وجهة نظر سعيدة هانم من لوحات مليكة جان ، كما في وصف فوكو لوحة " فلاسكز " ( مرافقات ولي العهد ) فمع كل تغيير في المسافة تتغير المعاني ووجهات النظر، تقول سعيدة هانم : ( غياب المعنى ... ما ترمي إليه مليكة جان في النهاية ) وسعيدة هنا تحدث نفسها "تيار وعي" لكأن "المرض " كان جزءا من صيرورة الإنسان الذي يتصف بانه " المتجاوز" أو " المتعالي "وهذا التعالي" يحدّد كنهه الكائن الذي يقوِّم كينونته، و من ثم يتبدى فيه " اللبس أو الخديعة " التي كانت من مقاصد السرد الذي يناظر ما جاء في رواية " منزل الكآبة " لديكنز، وفيها تستخدم الراوية (صوتا ساذجا خدَّاعا لتخلق الراوي الإضافي) يستخدم القناع الذي يبدو ساذجا " وناقدا لذاته " فراوية ديكنز تبيّن "عوالم المرضى النفسي التي لا حدود لها، لأنها تعيش عالم التوهم أو " العُصاب "وشخصية إسترا" تتمتع ببلاغة ماكرة " ودهاء لتكسب "التعاطف" وهذا – قريب من "بلاغة" سعيدة هانم "الماكرة"، وهي تحمل حبا لشقيقتها / ذاتها / لتثير من خلاله التعاطف ولكن في النهاية تتكشف حقيقة سعيدة هانم التي خلقت وهمها، وسردها لأنها كانت تعيش صراعا بين الواقع وذاتها في لوحاتها التي تشبه واقع البلد، فقد تعرض عالمها إلى التهديد ، والإمحاء لكأنّ طيات الحدث تفضي إلى تشكيل عوالم متعددة من خلال توهماتها التي تقلقها من الوجود الذي كشف أسئلتها ، و صراعها الدرامي (أنا لست مليكة جان، أنا سعيدة هانم) فكانت مهارة الراوية شعريا هي التي أثارت تعاطفنا معها ، ولاسيما في انتظارنا لزواج/ مليكة جان/ سعيدة هانم/ من شمس الدين وهنا تظهر مفارقة شعرية، يتمّ بطريقة تقوم على كسر توقع المتلقي، فاللعبة لا تنتهي، بل تستمر بعد قرار سعيدة هانم الانتقال إلى دار عمتها حورية/ التي تمثل " العالم البارودي والمحاكاة الساخرة " بحسب باختين / فهي باقية في بلدها، ليبقى الزواج مشروعا مؤجلا و لاسيما أن سعيدة هانم كانت لها رغبة في الرجل / ربما مسكوت عنها / من خلال مليكة ، و تشعر بالحرمان من وصاله فكانت علاقتها مع الزبال ملتبسة ومع السائق جارهم وأخيرا مع الشاب فهد ، وهذه الرغبة ظهرت مبكرة في حياتها منذ " أوهام " تقبيل والدها للفلاحة الصغيرة ، فهذا الوهم بات " ضروري لإخفاء الفراغ في داخلنا " ولكن ثمة عوائق اجتماعية واخلاقية تقف من دون تحقيقه ، وهنا نقول إن الروائية استطلعت أو كشفت قدرات الذات على التلاعب والمراوغة والحيلة الشعرية عبر " التوهم " لتشكيل كلّ هذه الأفكار في إطار الشبكة المفهومية للفعل الإنساني المبهر.
ص20
معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب
دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:
• الدكتور لبيب حسن جاسم 600 الف دينار
• علي الشريفي 100 الف دينار
الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.
معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.
اما بعد
مهرجان {أنا أقرا} مدنية وأمل مشرق
منى سعيد
سعادة غمرتني وأنا أوقع روايتي ضمن زاوية التواقيع، في أحد أركان الحديقة الواسعة المحيطة بتمثالي شهرزاد وشهريار على جادة شارع أبي نؤاس السبت الماضي. شعرت وكأن شهرزاد تعيد حكاياتها المذهلة طاردة قوى التسلط الظلامية لشهريار بروح شفافة، امتزجت مع نسيمات خريفية لطيفة أشاعت فرحا وفضولا متزايدا لدى جماهير غفيرة ، ربما أحُصيت بالآلاف، للإطلاع والمعرفة.
مهرجان " أنا عراقي .. أنا اقرأ" فعالية شبابية بامتياز، حققت نجاحا باهرا على مدى اثني عشر عاما.. شباب متطوعون همهم التشجيع على القراءة ، وصلوا الليل بالنهار من أجل توفير المستلزمات وجمع الكتب من المتبرعين، سواء كانوا من جهات رسمية أو من أصحاب المكتبات الخاصة ودور النشر. وفّروا هذا العام خمسة آلاف كتاب وزعت مجانا على الحضور، إلى جانب إهداء ديوان موفق محمد "بين قتيلين" المطبوع على نفقة اتحاد الأدباء أيضا دعما للمهرجان.
لابد لي من تسجيل لقطات مذهلة توقد فينا جذوة الأمل بثقافة مدنية لجيل شبابي، لم يدخر جهدا لإنجاح المهرجان. هالتني معرفة قدوم ثلاث شابات عراقيات من السويد تطوعن منذ عدة أعوام لتنظيف حدائق المهرجان! أي شعور وطني وانتماء مخلص يحملن هؤلاء ؟! شيوخ وعجائز لم تحملهم أرجلهم للوقوف في طوابير الحصول على الكتب ، فافترشوا مع أحفادهم الصغار ثيّل الحديقة في نزهة " ثقافية" يتصفحون ما حصلوا عليه من كتب ..
ولعل من أهم ميزات المهرجان وخصوصا ما يتعلق بزاوية توقيع المؤلفين كتبهم، العلاقة المباشرة بين الكاتب وجمهوره، فضلا عن لقائه بمن تَعنّى للحصول على توقيعه على نسخة كتابه.. والجميل أن كثيرا من الشباب ممن قدموا من مناطق بغداد البعيدة ومن المحافظات أيضا ، ركزوا بأسئلتهم على محتوى الكتب الموقعة ، طارحين أمنياتهم بممارسة الكتابة الأدبية وبلوغهم منصة التوقيع نفسها ذات يوم.
نجح المهرجان بجهود الشباب المنظمين في مواجهة صعاب وعقبات شتى، منها شحة الدعم المادي وعدم توفر المكان المناسب لحفظ كتبهم ولتجمعهم. وحتى وقت قريب كان يشغلون أحد أقبية عمارة عتيقة، حتى تمكنوا أخيرا من استئجار بيت في الكرادة بمبلغ يعد باهضا جدا بالنسبة لإمكاناتهم.
من جانب آخر بيعت في المهرجان باجات ورقية وفانيلات (تي شيرتات) حملت شعار المهرجان، ولاحظت ان الكثير من الأدباء دفعوا لقاءها مبالغ جيدة تشجيعا لهم..
لم يقتصر المهرجان على توزيع الكتب وإنما تضمن فعاليات فنية تمثلت بالرسم والنحت المباشرين من قبل فنانين، وتقديم فقرات حزورات ثقافية لمجاميع من الحضور، و الفائز منهم يحصل على كتب مميزة ، إلى جانب تقديم فقرات وأغاني مرحة للأطفال ، وأداء معزوفات فنية رائعة لفرقة العود، ومن ثم تقديم الحفل الغنائي الختامي.
قف
في عيد {طريق الشعب}
عبد المنعم الأعسم
اسأل نفسي دائما: ماذا يعني(بالنسبة لي) العيد السنوي لصحيفة "طريق الشعب" وفي كل عام أرجئ الجواب، ولا اقترب منه، خشية أن تأخذني العاطفة الى مبالغة، لا أحبها وقد حصّنت نفسي ومدادي ضدها، ومنذ ايام سألتني زميلة السؤال الذي اخشاه لنشره في صحيفة صديقة، فكتبت (اعترف) ما يرقى الى بعض العاطفة.
طريق الشعب (وانا اتحدث عما تعنيه لي) كرمتني بجائزة شمران الياسري للعمود الصحفي، وقبل ان ابدأ بكتابة عمودي اليومي (قف) على صفحاتها بعشر سنوات. المهم في هذا التكريم ان صديقي الراحل، الاديب ابراهيم الخياط (طاب ذكره الجميل) قدمني الى الجمهور بصوته المدوي وبكلمات برقية، لا انسى محمولاتها المحببة، فيما الاحتفال يوقظ فيّ خواطر الايام الاولى لصدورها العلني العام 1973 وجمهرة كتابها والعاملين فيها، الاوائل، وبخاصة اولئك الذين فقدناهم، شهداءا في الكفاح ضد الدكتاتورية الغاشمة، او كانوا قد رحلوا في المنافي وفي الوطن.. تعني بالنسبة لي عبدالرزاق الصافي. عريان. ابو سرحان. يحيى علوان. اسماعيل خليل. سامي العتابي. ابو زكي. ابوكاطع. فايق بطي. سعاد خيري. فالح عبدالجبار. مصطفى عبود. ابو سرجون. كاكا محمد.. ولن انسى هادي العلوي الذي اشتركت معه في كتابة اول تحقيق صحفي موسع عن مدينة الثورة. واخرون كثيرون، لهم في حافظتي أروع البصمات، ومن الاحياء، أخص الكاتبات سلوى زكو وفاطمة المحسن وسعاد الجزائري، لهنّ دوام الصحة وطول العمر.
*قالوا:
"التجربة الحقيقية مثل الفسفور، تأتلق عندما يصبح كل شيء مظلما".
طاغور