كشف بيانات شركة IQAir عن مستويات خطيرة لتلوث الهواء في العاصمة بغداد، التي تصدّرت قائمة المدن الأكثر تلوثًا في العالم، بعد أن تجاوز مؤشر جودة الهواء فيها 170 نقطة، متقدمةً على مدن مثل كولكتا ولاهور وكراتشي في الهند وباكستان.
هذا الرقم لا يحتاج إلى أجهزة لقياسه بقدر ما يمكن الشعور به في الشوارع مباشرة، حيث رائحة الدخان الخانق والغازات المنبعثة من مصافي النفط ومحطات الكهرباء ومحارق المستشفيات، فضلًا عن الحرق العشوائي للنفايات.
ورغم التحذيرات المتكررة من خبراء البيئة والمنظمات الدولية، تبقى الاستجابات الحكومية شكلية لا تتعدى تشكيل لجان، أو إصدار بيانات لا تترجم إلى أفعال. فالمشكلة لم تعد تقنية مجردة، بل أصبحت سياسية وإدارية بامتياز، تعكس غياب الرؤية والاستراتيجية، وتراجع الاهتمام بصحة المواطن.
إن استمرار هذا الوضع يعني أن بغداد تختنق ببطء، في ظل عجز واضح عن معالجة جذور التلوث أو حتى فرض الرقابة على مصادره، وكأن صحة الإنسان في آخر أولويات القوى السياسية.
لقد تحوّل التلوث إلى رمز لفشل المنظومة الحاكمة في إدارة أبسط مقومات الحياة، في وقت بات فيه الهواء الذي يتنفسه العراقيون عبئًا إضافيًا على أجسادهم وحياتهم اليومية.