اخر الاخبار

 أتاح التطور التقني فرصا متنوعة بمجال اختيار ما يمكن متابعته والاستمتاع به من شتى أنواع الفنون وأصناف الثقافة.

وعلى الرغم من تراجع مشاهدات التلفزيون مقارنة بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن أفكارا جديدة أخذت تستحوذ على اهتمام المتلقي وتستدعيه إليها بسلاسة.

أخص الحديث هنا عما أشيع أخيرا من ظاهرة "البودكاست"، وإن كانت فكرتها معروفة ومتداولة، إذ تُعنى باستضافة شخص والتحاور معه سواء عبر التلفزيون أو الإذاعة. لكن ما يميزها الآن هو طول مدة الحوار، إلى جانب جودة اختيار الضيوف ونوعية الأسئلة الموجهة لهم من قبل مُعدّيها ومقدميها.

محليا لابد من تأشير بعض منها، أحدثت تأثيرا مباشرا على المتلقي العراقي لما حملته من محتوى ثقافي عال وذائقة راقية من حيث الإعداد والتقديم، منها مثلا بودكاستات للشاعر أدهم عادل، تدور حول سرد قصص عن شخصيات أدبية وفنية بعنوان "ومضات"، منها التاريخية مثلا حول كلكامش، والأساطير، او قصة الحلاج والمتصوفة . كذلك بودكاست "شي منسي" للفنان صلاح منسي وهو مؤلف مسرحي ومعد برامج تلفزيونية، والذي يرى أن البودكاست " يزيح الحوار الرسمي والمتكلف مع الضيف، ويجعله يتحدث بأريحية وكأنه في جلسة أصدقاء قريبين لبعضهم، وهو محتوى مسموع يمكن لمعظم الشباب سماعه أثناء ممارستهم أعمالهم اليومية". و يرى ثائر جياد وهو مؤلف دراما ومعد برامج وبود كاست "جيم سيم"  بأنه "انعتاق من قيود وسياسة القنوات الفضائية بعيدا عن مقص الرقيب، و يعمد لترميم الذائقة بعيدا عن رياح "الطشَّة" إي البحث المهووس عن الشهرة، ويزيح الابتذال المستشري في الفضائيات والسوشيال ميديا" .

وينبش الفنان القدير وليد حبوش في بودكاست "عيش اللحظة" الذي يعرض على قناة الرابعة، في التاريخ الفني والثقافي العراقي ويقارنه مع الظواهر الاجتماعية والفنية المعاصرة. أما علي كيتو وهو صانع أفلام ومصور صحفي ومخرج برامج وبودكاست " قصص" فيقول: "نحن في النهاية سنصبح جميعا قصصا". وفي منصة شاملة تجمع بين الخبرات والثقافات والتجارب بمساحة افتراضية، تلتقي القصص الإنسانية بالحداثة الرقمية .

فعليا يُسجل البودكاست العراقي اليوم حضورا مؤثرا لشخصيات شابة، سواء من المُعدّين أو الضيوف، تبوح بآرائها بثقة وصراحة، وبما يتفوق على المادة الإعلامية التقليدية .