حذّرت هيئة الأوراق المالية من منصات غير مرخّصة تروّج لبيع وشراء الأسهم داخل العراق، معلنة "تبرؤها القانوني والإداري الكامل من أي ضرر يلحق بالمستثمرين" باعتبار أن هذه الأنشطة تقع خارج نطاق صلاحياتها ورقابتها. وفي السياق ذاته، نبّهت هيئة المنافذ الحدودية إلى قيام "ضعاف نفوس بانتحال صفتها" محذّرة المواطنين من التواصل مع عشرة أرقام هاتفية أوردتها في بيان رسمي.
لكن هذا النوع من التحذيرات لم يعد مفاجئاً أو جديداً. فالعراقي يسمع مثله يومياً حتى بات عاجزاً عن التمييز بين المشروع والمزيف، في ظل جهاز إداري يعاني من فوضى بنيوية وتضارب صلاحيات وتراجع رقابة واستشراء فساد. فشركات التسويق الهرمي مثلاً تعمل منذ سنوات بواجهات “قانونية”، وتستنزف مدّخرات آلاف الباحثين عن الربح السريع، دون أن توقفها جهة رقابية واحدة. وينسحب الأمر نفسه على شركات “الفوركس الوهمي”، وصفحات الاستثمار المزيف عبر وسائل التواصل، ومافيات المتاجرة بالعقارات الوهمية ،التي باعت وحدات سكنية واراض.
إن الخلل الحقيقي ليس في “ضعاف النفوس” كما يتردد كثيرا، بل في غياب الدولة كجهاز رقابي يعمل لصالح المجتمع، وفي تغوّل اقتصاد السمسرة، الذي جعل المواطن فريسة سهلة لأي وهم يُباع بدعوى أنه فرصة ربح.
فطالما تغيب البنية القانونية الرادعة، والمؤسسات تفتقد التخطيط والتنظيم، تبقى السوق العراقية مفتوحة لكل عمليات النصب، والضحية دائما هو المواطن.