التقيت قبل أيام بأحد الأصدقاء ودار حديث حول الوضع العام في البلد وما يعانيه من مشاكل وتحديات وفشل وفساد في جميع المرافق والمجالات، وكان صديقي هذا متشائما جدا وملامح اليأس والإحباط طاغية على عباراته وفاقد الأمل في وجود حلول لهذه المشاكل والمعاناة التي يعاني منها بلدنا وشعبنا، وينصحني والأخرون بالكف عن الكتابة والتعليق والعزوف عن نشر اي موضوع لأنه لا فائدة ترجى كما يعتقد ولا أمل يرتجى كما يتصور. ويقول نحن نعيش في اللادولة ومظاهر الانفلات والفوضى تعم الشارع بسبب هيمنة منظومة فاسدة ليس فيها رجال دولة إنما طلاب سلطة.
فقلت له صحيح اللوحة معقدة وشائكة لكن لا يمكن أن نفقد الأمل لأن الأمل يا صديقي نوع من المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية والسياسية، والإرادة والتصميم والعزم تقهر المستحيل سيما الإرادة المقرونة بالعمل المبني على مشروع وطني جامع لكل القوى الخيرة صاحبة المصلحة في التغير، لأنه لا يمكن للعراقي الغيور على بلده وشعبه وهو يرى وطنه ينهب وتسرق خيراته وفاقد السيادة الوطنية وشعبه يتضور جوعاً وألماّ كأنه جثه تتقاسمها ذئاب الأرض وتنهشه بنات آوى ويقف متفرجا أمام هذا الواقع المرير رغم ضخامة الموازنة الوطنية، والمراهنة يا صديقي على الخيرين والأحرار وهم كثر، وبدوري أنصح صديقي المتشائم وكل المتشائمين على شاكلة صديقنا هذا بأننا مقبلون على انتخابات مجلس النواب، وعليه وعلى غيره من المواطنين التحرك على الأغلبية الصامتة وحثهم على الذهاب إلى صناديق الانتخابات من أجل التغيير لاختيار عناصر وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والإخلاص، عناصر ولاؤها للعراق الواحد، بعيدا عن الطائفة والقومية والمذهب والعنصرية، وأن طريق الحرية والتحرر لم يكن مفروشا بالورود والزهور، والنضال ليس سلعة جاهزة تصدر من الخارج إنما هي نتاج وإفراز معاناة شعب نتيجة جور وظلم وفساد الحكام المستبدين والفاسدين مسلط على شرائح اجتماعية واسعة من أبناء شعبنا وخصوصاّ الطبقات الفقيرة منه، وأمامنا أنظمة عديدة في العالم فاسدة وجائرة وظالمة عاملت شعوبها بكل قسوة وجور واضطهاد وظلم وصادرت حرياته وحقوقه لكنها سقطت أمام إرادة وكفاح ونضال الجماهير، والكفاح لا يمر عبر التظاهرات والاحتجاجات السلمية فقط رغم أهميتها، إنما للنضال أوجه عديدة ومعاول متعددة منها القصيدة واللوحة والمسرح والكلمة الهادفة والتضامن من قوى السلم والحرية والديمقراطية في العالم، وما تزال بشاعة الظلم والقسوة والطغيان الصدامي وعصابته المجرمة طرية في ذاكرة العراقيين.
لكن هذا النظام المجرم وغيره من الأنظمة الجائرة كانت نهايته الخزي والعار واحتلت موقعها الطبيعي في مزابل التأريخ تلاحقه اللعنة والشتيمة، هذه هي يا سيدي قوانين النضال ونتيجة الكفاح ونهايته.
فلا يضيع حق وراءه مطالب.