اخر الاخبار

كم هائل من الطاقة الهادئة الساحرة برؤية تصاميم تذكرنا بأعمال أسماء فذة قدمت تحفاً فنية كانت مصنعة من الفولاذ يجدها زائر معرض الشباب السنوي الذي أقامته  دائرة الفنون العامة بوزارة الثقافة والسياحة والآثار. فقد أضفت القطع المعروضة نسائم عليلة مثل العطور من جميع الجهات، لتداعب العديد من الحواس الواعية واللاواعية على حد سواء.

فالمعرض جاء تأكيداً لشخصية الفنانين، في الاتجاهات الفنية المختلفة في مجالات الإبداع والابتكار، مما يؤدي إلى تنمية النواحي الذوقية والقدرة على تحليل واكتشاف المواهب الفنية لمختلف المجالات لرعايتها وتنميتها وصقلها.

لقد ركزت اللوحات على الألوان الوردية الكئيبة والزرقاء الهادئة والبيضاء، وقدمت اللون الأسود بسيادته المعهودة، وكان في المعرض ريادة للفن التعبيري. لوحات قدمت بطرق ثلاثية الأبعاد تحمل مختلف التعابير الفنية.

كما ان هناك أعمال الفن التصويري تحيينا وتلتصق بأذهاننا. تخطيط المعرض يوازي القطع الفنية المعروضة في الترتيب المثالي، فكل قطعة تصرخ بالموهبة وتجلس في وضعها منسجمة بين نظيراتها.

لقد أحسنت دائرة الفنون العامة في أختيار المساحة المفتوحة التي قدمتها، وهي بمثابة نجاح آخر للمعرض، حيث رتبت اللوحات في موقع إستراتيجي، يناسب فضاء المعرض بتناغم جميل .

كما كانت الواقعية وسيلة لتنمية أفكار الفنانين لونياً وخطياً وتقنياً، معبرة عن كل ما هو واقعي، بكل اتجاهاته كتسجيل لحدث تاريخي، وسياسي، واجتماعي، وعاطفي، وطبيعي، وبنيوي، ورمزي، وتعبيري، وانتقادي، وهجومي، ودفاعي وفي كل تلك التعابير كانت الواقعية حاضرة في خطوط أكثر المشاركين، وقدمت المدرسة الواقعية في هذا المعرض أساساً متيناً لكل فن متجدد ودائم .

إنَّ الفنان بطبعه إنساني ينتمي إلى نبض روحانية كل ما هو حيوي، وله رؤية عصرية ناقدة لطبيعة الإنسان وظروفه وجمالياته المعاشة بألف شكل ولون

  لقد أضفت خطوط بعض اللوحات نبضاً من روح البيئة مما ساعد على إضفاء إحساس مريح وحميم، ومن محاسن المساحة التي قدمها المعرض أنها اتاحت لمتذوقي الفن، والرسامين والمبدعين سهولة التفاعل مع المكان والتمعن في كامل المعروضات.

إنَّ معرض الشباب وجهة رئيسية لهواة اقتناء الفن المهتمين بالحصول على أجمل الأشياء في الحياة، وخصوصاً تلك المصنوعة ببراعة آسرة ومستوى كبير من الموهبة. ما جذبني للكتابة عن المعرض السنوي هو حاجة البلد الماسة لمزيد من مساحات الفن الشبابي وإعطائهم فرصة لتقديم ما لديهم والإشارة لإمكانياتهم الفنية، خاصة بالنسبة للمهتمين بالفن المعاصر.

المعرض ضم قطعاً نحتية وسيراميك مهمة يعتد بها تمثل التعابير الأنسانية، وتجسيد واقع الحياة، واستكشاف مناطق الهم الإنساني في العراق، لما يملكه الشباب من شغف بالرسم وتقديمه عن طريق فن إخراج لوحاتهم الواقعية بفن الكولاج بشكل احترافي ومتقن باستخدام تقنية لها تأثير جذري بين أوساط الرسومات الزيتية كنوع من الفن التجريدي أو التطويري الجاد، والذي يمثل في أكثر خطوطه ضغوط الحياة والحب،

وقد استفاد الفنانون من تقنيات العصر بطرائق إبداعهم وتوظيفهما في اللوحات، مستخدمين الصورة الضوئية الفوتوغرافية وأشياء من المحيط البيئي الاجتماعي الذي يعيشونه، حيث خضعت أعمالهم الفنية إلى خامات الرسم الحرفي التي تجسد الفن الواقعي بكل أشكاله الذي يسعى للوصول إلى كل ما هو تسجيل لأحداث الواقع في حياة الناس. وهناك مناظر  واقعية بكل وضوح وصدق، مسجلين بها أحداثهم اليومية ومجتمعهم وحياتهم التي عاشوها وإظهار انفعالاتهم ومبتغياتهم التي أكدوها في لوحاتهم، حيث أظهرت خطوطهم أحاسيسهم هم وعامة الناس، وهذا ما يقدمه المتمكنون من أدواتهم الفنية، من بداية ظهور الاتجاه الواقعي، وقد استخدموا في بعض اللوحات المدرسة الكلاسيكية حيث زوقوا لوحاتهم واهتموا بالخطوط الصارمة، لأنَّ الفنان لا يمكن أن يغفل مشاعره حين يضعها تحت رهن ظروفه التي أخذت تغيراتها الحياتية تؤثر في موضوع اللوحة وأثير فنها، وتفكيرها الجمالي المدهش.

فكانوا بمثابة إتاحة الفرص للفنانين التشكيليين بالتواجد والتواصل مع الآخرين، والإطلاع على التعددية والاتجاهات المختلفة للمدارس والأساليب الذي له حضور ودور في تكوين الصورة والملامح البناءة الجديدة للحركة التشكيلية العراقية التي اغتنت من المقومات الحضارية والثقافية والتاريخية والطبيعية والمظاهر الاجتماعية التي تمثل مثيرات بصرية ومقومات للبنية الجمالية في أعمال الفنانين، من خلال تبادل وجهات النظر، وإضفاء جو تسوده قراءة وتجارب الآخرين.

المعرض خلق روح المنافسة البناءة بابتداع طريقة جديدة لتقديم أفكار ورؤى الشباب، بهدف إعطاء فرصة حقيقية للتعريف بمواهبهم، وفتح باب لتسويق أعمالهم الفنية، ومنحهم مساحة إعلامية كبيرة لإبراز تلك المواهب من خلال تقديم جوائز مادية ومعنوية، للفائزين الثلاثة في المعرض، الذي استطاع بث روح التنافس في ما بينهم من خلال اختيار أفضل ثلاثة أعمال مقدمة، ويتم الاختيار من قبل لجنة تحكيم، ومنح جوائز مادية ومعنوية للفائزين الثلاثة، المرتبة الأولى علاء محمد، والثانية حيدر فاخر، والثالثة حيدر عرب، وكانت هنالك أسماء أخرى قدمت لوحات متميزة منهم الفنانين مينا أسعد قاسم، وأندلس صباح ،سمر الدباغ وميلاد محمد وسارة مهدي ودينا القيسي. ويعد هذا الرهان الناجح الذي عملت عليه وزارة الثقافة، للمساهمة في القفزة الفنية التي تشهدها الحركة التشكيلية، هو الرهان على الشباب، عبر هذه المبادرات التحفيزية للمبدعين لدفعهم لأن يكونوا أكثر غزارة في نتاجاتهم النوعية.

عرض مقالات: