اخر الاخبار

يقول مراقبون في مجال النقل إن مشاريع فك الاختناقات المرورية التي أطلقتها الحكومة الحالية، والتي تصفها بأنها "الأكبر من نوعها منذ عقود"، ساهمت في نقل الازدحام من منطقة إلى أخرى، دون معالجة جذرية للمشكلة.

وبرغم كثافة أعمال الإعمار التي تشهدها بغداد، إلا أن الجهات المعنية لم تتمكن حتى الآن من تحديد الأسباب الحقيقية للاختناقات المرورية أو إيجاد حلول فعالة لها.

ومع بدء العام الدراسي، تفاقمت أزمة الازدحام، وأصبحت جميع الأوقات تشهد اختناقات مرورية، منذ ساعات الصباح الباكر وحتى آخر الليل.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أسهمت مشاريع فك الاختناقات المرورية في تقليص المساحات الخضراء بشكل ملحوظ، حيث أُزيلت العديد من الأشجار المعمرة التي يعود عمر بعضها إلى أكثر من 60 عامًا في بغداد. هذا الأمر أثار استياء واسعًا لدى المهتمين بالبيئة، الذين يرون أن الحلول المقدمة لم تأخذ بعين الاعتبار التأثيرات البيئية، ما فاقم مشكلة تدهور المساحات الخضراء في العاصمة.

وافتتح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مؤخراً مجسرين جديدين ضمن سلسلة المجسرات، في ساحتي عدن وصنعاء في الكاظمية، شمالي العاصمة.

وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، في بيان اطلعت عليه "طريق الشعب"، إن افتتاح المجسرين الجديدين "ضمن الحزمة الأولى من مشاريع فكّ الاختناقات المرورية في العاصمة بغداد"، مبيناً أن خطة "فك اختناقات العاصمة ستمر بأكثر من مرحلة من ضمنها إنشاء خط مترو".

انسيابية في الحركة؟!

يقول المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان نبيل الصفار، أن "المشاريع التي تم افتتاحها ضمن الحزمة الأولى أدت إلى تحسين حركة السير وانسيابية المرور في عدد من التقاطعات الحيوية".

وأكد الصفار في حديث خص به "طريق الشعب"، "ننظر إلى هذه المشاريع كمنظومة متكاملة، حيث يكمل كل مشروع منها الآخر، ما يسهم في تخفيف الازدحام المروري". وأضاف أن "جسر الصرافية الثاني الذي بدأنا العمل به يعد مكملًا لمشروع مجسر فائق حسن في الصرافية، حيث أسهم في تسهيل حركة المرور للقادمين من المستنصرية باتجاه مجسر الشالجية الذي تم افتتاحه أيضًا كجزء من مشروع طوبجي شالجية".

وأشار الصفار إلى أن الحزمة الثانية تشمل مشاريع مهمة على امتداد مطار المثنى، بالإضافة إلى أربعة مشاريع على محور قناة الجيش، منها جسر الجادرية الثاني. وأوضح أن هذه المشاريع تسهم في ربط الكرخ بالرصافة وتعمل على تحسين انسيابية الحركة في منطقتي سريع القادسية وساحة النسور، التي يجري بها العمل حاليا.

وأوضح، أن “كل المشاريع التي نعمل بها تهدف إلى تحسين الوضع المروري في بغداد، ونعمل على إنجازها ضمن إطار زمني محدد"، مؤكدا أن الوزارة تتطلع إلى إنهاء مجموعة جديدة من المشاريع قبل نهاية هذا العام، بما في ذلك مشروع تقاطع الدورة سيدية، ومشروع ساحة النسور النفق رقم واحد الذي يربط شارع الأردن بطريق القادسية.

وأكد الصفار، أن وزارة الإعمار والإسكان عازمة على تنفيذ مشاريع إضافية مثل تقاطع سبعة وسبعين القدس، ومجسر التقاطع براثة، وكذلك تقاطع المصافي، والتي من المقرر افتتاحها أيضًا خلال هذا العام.

تغيّر مكان الازدحام!

باسل الخفاجي الخبير في شؤون النقل، قال في حديث مع "طريق الشعب"، ان مشاريع فك الاختناقات المروية تشكل سببا رئيسيا للازدحام والاختناقات المرورية، معتبرا "إنشاء المجسرات من قبل الحكومة مجرد ناقل للازدحام من منطقة لأخرى".

وأكد الخفاجي ضرورة تنظيم العمل في المشاريع الإنشائية، مثل جسر الجادرية، بحيث يتم تنفيذها خلال ساعات الليل لتفادي الازدحامات المرورية خلال ساعات العمل.

واقترح الخفاجي تحسين خدمات النقل العام، مشيرًا إلى أن "وجود عدد كبير من السيارات الخاصة للطلبة والموظفين يسهم في الازدحام اليومي بقلب بغداد"، مشددا على ضرورة توفير باصات للنقل العام، خاصة لطلبة الجامعات.

ودعا الخفاجي إلى تفعيل خدمات النقل النهري وإنشاء طرق إضافية، مثل المترو، لتخفيف حدة الازدحام في بغداد. ورأى أن غياب خطة شاملة للتعامل مع مشكلة المرور يعد سببا رئيسيا للاختناقات الحالية.

التداعيات البيئية

وتناول الخبير البيئي صميم فرات مشكلة الاختناقات المرورية في بغداد وآثارها البيئية.

وقال أن الحملة الواسعة لإعادة الإعمار تهدف إلى تخفيف هذه الاختناقات، ولكن لا تزال تعاني العاصمة من ازدحامات كبيرة.

وأضاف فرات في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "توقف السيارات في الازدحامات يؤدي إلى احتراق غير كامل للوقود، ما ينتج عنه انبعاثات خطرة من غازات مثل ثاني أكسيد الكربون وأحادي أكسيد الكربون، التي تعتبر سامة وخانقة. هذه الغازات تتركز في الطبقات القريبة من الجو، ما يسهم في تكوين سحابة من التلوث".

كما نبه فرات إلى مشكلة تزايد "عدد السيارات القديمة، والتي لا تعمل بكفاءة في احتراق الوقود، مما يزيد من التلوث البيئي"، مؤكدا على "أهمية الاستدامة في تصميم الطرق والهندسة البيئية".

وخلص إلى أنه "في حال كان من الضروري إزالة أي شجرة أو مساحة خضراء، ينبغي القيام بذلك بطريقة تحافظ على جذورها، بحيث يمكن نقلها إلى أماكن أخرى أو إعادتها لاحقًا إلى موقعها الأصلي"، مؤكدا أهمية الحفاظ على البيئة كجزء أساسي من أي مشروع تطويري.

عرض مقالات: