اخر الاخبار

تصنف محافظة الديوانية، أحد أفقر مدن البلاد، حيث تعاني غالبية مناطق المحافظة، من نقص حاد في البنية التحتية، بما في ذلك غياب الطرق المعبدة وقلة المرافق الترفيهية. فيما ترتفع معدلات البطالة بين شبابها الذين يكافحون لتأمين لقمة العيش.

وبرغم تخصيص ميزانيات مالية كبيرة لدعم مشاريع المحافظة، لا يزال السكان يتساءلون: أين ذهبت تلك الأموال؟

سوء إدارة في عموم البلد

عضو مجلس محافظة الديوانية، إياد الميالي، قال في تصريح لـ "طريق الشعب"، أن "الأوضاع الخدمية في المحافظة وكذلك مشكلة البطالة تعود بالأساس إلى سوء الإدارة، سواء على المستوى المحلي أم المركزي"، مؤكدا أن العديد من المشاريع المتلكئة هي مشاريع وزارية، تم إقرارها من قبل الوزارات، وبموافقة رئاسة الوزراء.

وأضاف الميالي، ان مشروع مجاري الديوانية الكبير الذي انطلق منذ عام 2012، لا يزال متوقفاً بنسبة إنجاز تتراوح بين 70 - و75 في المائة، مضيفاً أن هذا التلكؤ على مدى 12 عاماً جعل المحافظة تعاني من تدهور كبير في البنية التحتية، حيث أن الشوارع محفرة وغير صالحة للاستخدام بسبب عدم اكتمال أعمال المجاري، ما يمنع البلدية من إكساء الشوارع.

وتابع، أن المشروع أُحيل في البداية على شركة الرافدين التي توقفت عن العمل منذ عام 2008، ثم نُقل إلى شركة نور الأفق الحكومية التي لم تتمكن أيضاً من إكمال المشروع حتى الآن، حيث اكتملت بعض الأحياء بينما بقيت أحياء أخرى متوقفة.

وأشار إلى مشاريع أخرى مثل المجسر الجمهوري، الذي لم يكتمل منذ أكثر من عشر سنوات، والمجمعات السكنية التابعة لوزارة الإسكان، التي توقفت في قضاء الحمزة الشرقي والشامية وعفك ومركز المحافظة.

وبالنسبة للمشاريع الوزارية المركزية الأخرى، ذكر الميالي أن هناك مشروعاً لتأهيل البنية التحتية في 42 حياً ضمن مركز المحافظة، مؤكدا ان الحكومة المحلية تنوي احالة المشروع على شركة واحدة.

ووصف الميالي إحالة المشروع الضخم على شركة واحدة “طامة كبرى”، حيث أن الشركة بدأت العمل بشكل متواضع وبمعدات قليلة، وهو ما يعكس بطء الإنجاز، مبينا أن اللجان المشرفة على هذا المشروع تم تشكيلها من قبل بغداد، وبالتالي لا توجد سيطرة للحكومة المحلية عليها.

وأردف، أن الإدارة المحلية لديها تلكؤ واضح في إدارة الملف الخدمي، مبينا أن العمل على تغيير مديري بلدية الديوانية بشكل متكرر يؤثر على استقرار الدائرة وأدائها.

ورأى أن "هذه التغييرات تعكس ضعفاً في قرارات المحافظ، وربما تدخلات من أعضاء مجلس المحافظة".

وختم بالقول إن "هذا الوضع يؤدي إلى انعكاسات سلبية على أداء الدوائر الخدمية الأخرى في المحافظة، مثل مديرية المجاري التي تفتقر إلى الإمكانيات اللازمة".

دعوات لتوحيد الجهود

ويقول عضو سابق في مجلس محافظة الديوانية، ان "الديوانية تعاني من التهميش والاخفاق بسبب ضعف المطالبة من قبل المسؤولين المحليين في الحكومة المركزية"، مضيفا أن "المحافظة تعد من المحافظات الاكثر فقرا، لكن رغم ذلك لا نشهد تحركات جادة لتطوير البنية التحتية او تحسين الخدمات".

 ويضيف المتحدث الذي رفض الكشف عن اسمه لـ "طريق الشعب"، ان "من اكبر المشكلات التي تواجهها المحافظة هي عدم وجود مطالبة حقيقية بحقوق ابناء المحافظة سواء من ممثليها في الحكومة او المسؤولين المحليين"، مشيرا الى ان "الكثير من المشاريع الخدمية والتنموية متوقفة او لا ترقى لمستوى الطموحات، فعلى سبيل المثال أن مشاريع المجاري والتبليط بدأت منذ سنوات طويلة، لكنها لا تزال غير مكتملة".

ويشدد المتحدث على ان "هناك استهانة واضحة بالمحافظة وبأبنائها وانه لو كان هناك صوت حقيقي لدى ممثلي الديوانية في المحافظة والبرلمان، لما تجرأ المسؤولون التنفيذيون على هذا التجاهل"، مبينا أن مشاريع المستشفيات متوقفة وكذلك المدينة الرياضية لم تكتمل حتى الان، ومشاريع شبكات الاسالة وتصريف المياه متهالكة، وحتى المدارس التي تم هدمها، بقيت على حالها".

ويؤكد، ان "المشاريع تنفذ بشكل عشوائي، كما ان المرافق الحيوية لا تدار بكفاءة. المدينة كلها تعتمد على الاجتهادات ولا توجد خطط طويلة الامد لتطوير اي مجال"، مشيرا الى ان صفقات الفساد تتوزع على جميع دوائر المحافظة، فلم يتم اتخاذ اية اجراءات للاطاحة بالمسؤولين الفاسدين.

ويشير الى ان "الزراعة في الديوانية متدهورة بسبب نقص المياه".

ويخلص الى القول: ان "الحل يكمن في توحيد جهود المسؤولين المحليين والنواب"، مؤكدا ان هؤلاء يركزون في عملهم على الاستجابة للطلبات الفردية الحزبية وغيرها، بينما تغيب عنهم المطالب العامة والمشاريع التي تعود بالنفع على الجميع.

ورغم أن محافظة الديوانية تمتلك أراضي زراعية خصبة، إلا أنها تواجه أزمة شح المياه، ما دفع العديد من المزارعين إلى ترك الزراعة وتحويل أراضيهم إلى قطع تجارية وسكنية لضمان دخل مادي لعائلاتهم. وتعتمد الديوانية بشكل رئيس على الزراعة، وخاصة زراعة المحاصيل المهمة مثل الرز (الشلب) والقمح. ومع ذلك، تفتقر المحافظة إلى المقومات الاقتصادية مثل المصانع التي تستقطب الأيدي العاملة والوظائف العامة التي أصبحت شبه معدومة، ما زاد من الاعتماد على الزراعة. إلا أن الحكومة منعت مؤخراً زراعة المحاصيل الأساسية بحجة نقص المياه، الامر الذي فاقم الأزمة الاقتصادية في المنطقة.

أين هويتها الزراعية؟

يقول الصحفي محمد جاسم، ان محافظته التي تقع في وسط جنوب العراق، ويبلغ عدد سكانها حوالي مليون وثلاثمئة نسمة، كانت تشتهر بكونها محافظة زراعية حيث يعتمد خمسة وستون في المئة من سكانها على الزراعة كمصدر رئيس للعيش، وذلك بسبب الاراضي الخصبة والموارد المائية، لكنها اليوم فقدت هويتها بسبب سوء الادارة والتخطيط وشح المياه وتخلف وسائل الزراعة.

ويضيف جاسم في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "المحافظة تعاني من نقص حاد في الخدمات الاساسية مثل الكهرباء والمياه والرعاية الصحية والتعليم، كما ان الطرق والمواصلات تحتاج الى تطوير، ما يسبب معاناة كبيرة لدى السكان، بخاصة في المناطق الريفية التي تعتمد بشكل اكبر على الزراعة".

ويؤكد جاسم، أن "الموازنة المخصصة للمحافظة من الحكومة العراقية غالبا ما تكون غير كافية، لتلبية احتياجات السكان، اضافة الى سوء ادارتها، ما يفاقم من أزمات الناس الحياتية".

منكوبة

رامي الشلبي، أحد سكان منطقة غماس في محافظة الديوانية والمشارك في الاحتجاجات المطالبة بتحسين الخدمات، قال إن الاحتجاجات التي تنظم في الديوانية، ترتبط بأسباب متعددة، منها مطالبة الفلاحين بتوفير حصص مائية لأراضيهم، مشيرا الى ان الديوانية تُعد عاصمة زراعية للعراق، لكن هذا الوصف لا يعكس الواقع، بسبب نقص المياه الحاد الذي يعاني منه الفلاحون.

وقال الشبلي لـ"طريق الشعب"، أن "الخريجين الذين يتظاهرون في الديوانية يحتجون على قلة فرص التعيين وانتشار المحسوبية في توزيع الدرجات الوظيفية"، موضحا أن المشاريع المتعثرة في الديوانية كثيرة، وأن مستوى تنفيذ هذه المشاريع ليس بالمستوى المطلوب.

وأكد، أن الشركات الوزارية تحتكر العمل في المحافظة، مثل شركة نور الأفق، التي يصف الاهالي عملها بأنه غير مرض، حيث أنها تتولى مشاريع كثيرة، من بينها الجسور والشوارع الرئيسية، لكنها لا تقدم عملاً بمواصفات جيدة.

وأضاف قائلاً: "المحافظة منكوبة على مستوى الخدمات وجميع القطاعات الأخرى، رغم تخصيص المليارات لمشاريعها على مدى 20 عاما"، مبينا ان تلك المشاريع يجري توزيعها بحسب رؤى الأحزاب والكتل السياسية، دون مراعاة للجدوى الفنية أو الاقتصادية لها. كما ان الشركات المنفذة تخضع للابتزاز، ما يشجعها على تجاهل كفاءة العمل والتنفيذ.

عرض مقالات: