اخر الاخبار

في ظل تدهور القطاع التعليمي، يعاني الكثير من المدارس في محافظة النجف، من مشاكل متراكمة في البنية التحتية والمناهج التعليمية والكوادر التدريسية، ما ينعكس سلبًا على جودة التعليم.

"مدارس الفرح".. تجربة جديدة

سهاد الخطيب، مديرة مدرسة وعضو نقابة المعلمين في محافظة النجف، تحدثت عن عدة قضايا تتعلق بواقع التعليم في المحافظة، مسلطةً الضوء على التحديات التي تواجهها المدارس الحكومية في ظل الاكتظاظ ونقص البنية التحتية المناسبة.

وقالت الخطيب، إنّ "معظم مدارس النجف تعتمد حالياً على نظام الدوام الثنائي، بينما يُعتبر الدوام الثلاثي نادراً ويُطبق فقط في الحالات الطارئة، مثل أعمال الصيانة في المدارس"، مشيرة الى وجود مساعٍ من قبل مديرية التربية بالتعاون مع وزارة التربية، لجعل المدارس تعتمد الدوام الأحادي في المستقبل، وهو ما يعد خطوة نحو تحسين جودة التعليم وتخفيف الضغط على المدارس.

وأضافت الخطيب، أن مشاريع بناء المدارس الجديدة، بما في ذلك المدارس “الصينية” التي طال انتظارها، لم تنجز بعد، مع وجود مدارس “كرفانية” كحل مؤقت، مردفة كلامها بأن هناك مشاريع قيد الإنجاز، ومن المتوقع تسليم عدد من المدارس الجديدة خلال هذا العام، بما في ذلك 40 مدرسة يُفترض ان تتسلمها المحافظة قريباً.

وفي خطوة جديدة لدعم التعليم في النجف، افتتحت مدارس “الفرح” الخاصة بالأيتام، التي توفر رعاية خاصة وامتيازات لهذه الفئة المهمة من المجتمع. هذه المدارس مخصصة للبنين والبنات على حد سواء، وتعد تجربة مبتكرة تعكس التوجه نحو تحقيق شمولية التعليم وتقديم الدعم للفئات الأكثر احتياجاً.

الخطيب سلطت الضوء على التفاوت الواضح في عدد الطلبة داخل المدارس، حيث تشهد بعض المناطق، خصوصاً في القاطع الشمالي، اكتظاظاً كبيراً يصل إلى أكثر من 60 طالباً في الصف الواحد. وفي المقابل، هناك مدارس أخرى في مناطق أقل اكتظاظاً، لا يزيد عدد الطلبة في صفوفها على 30 طالباً فقط.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتوزيع الكتب المدرسية، إلا أن الخطيب أوضحت أن نسبة التوزيع في المدارس الابتدائية تراوحت بين 40 و50 في المائة فقط، بينما الصفوف الأولى حققت نسبة توزيع كاملة تقريباً.

وأشّرت الخطيب نقصا واضحا في مواد دراسية معينة، خاصة مادة اللغة الإنجليزية، ما يزيد من الأعباء على أولياء الأمور، لتوفير اللوازم الدراسية بأنفسهم.

المدارس الكرفانية.. حل مؤقت؟

وتتحدث هدى ياسر، وهي مدرّسة في احدى المدارس الحكومية بالمحافظة، عن التحديات الكبيرة التي تواجه التعليم، قائلة: إن العديد من المدارس لا تزال تعتمد على المباني “الكرفانية” كحل مؤقت، رغم وجود توجيه سابق بنقل جميع هذه المدارس إلى ما يعرف بالمدارس “الصينية” الحديثة. ومع ذلك، لا تزال هذه الكرفانات تستخدم على نطاق واسع، حتى في المدارس التي أضيفت إليها صفوف كرفانية إضافية لمواجهة الاكتظاظ الكبير في الفصول الدراسية.

وقالت هدى لـ "طريق الشعب"، إنّ "المناطق الريفية تعاني، منذ سنوات، من نقص حاد في الكوادر التدريسية، حيث يتسبب التوزيع غير المتوازن للمدرسين في ترك بعض المدارس دون تخصصات أساسية"، موضحة أن الوساطات والمحسوبيات تلعب دورًا كبيرًا في التعيينات وفي توزيع الكوادر التدريسية والتعليمية على المدارس: بعضها تحتوي على خمسة مدرسين لمادة واحدة، بينما تفتقر أخرى إلى الكثير من الاختصاصات.

وتطرقت هدى إلى مشاكل البنية التحتية في بعض المدارس التي عملت فيها، مشيرة إلى أن إحدى المدارس التي درّست فيها كانت تعاني من انتشار “الأرضة” (النمل الأبيض) في جدرانها.

وبالإضافة إلى ذلك، أشارت المتحدثة الى الاكتظاظ الكبير داخل الصفوف، وعدم وجود غرف مريحة ومناسبة للمدرسين.

وتحدثت هدى عن حادثة مأساوية شهدتها في إحدى المدارس التي عملت بها، حيث توفي طالب نتيجة تماس كهربائي بسبب الأسلاك المكشوفة أثناء هطول الأمطار. هذه الحادثة تسلط الضوء على الإهمال الكبير في مجال السلامة داخل المدارس، والذي يضع حياة الطلبة والمدرسين، على حد سواء، في خطر دائم.

مشاكل لا تنتهي

فيما تحدثت فاطمة سلام، مدرسة مادة الرياضيات في محافظة النجف/ حي المهندسين، عن التحديات الكبيرة التي تعاقب عليها عدد من الحكومات المحلية والمركزية، ولا تزال قائمة وتتفاقم من دون محاولات جدية لايجاد الحلول، قائلة: أن "واحدة من أكبر المشاكل التي تعاني منها المدرسة، منذ سنين، هي انقطاع التيار الكهربائي، ما يؤدي إلى تعطيل المراوح والمكيفات في الفصول الدراسية، وهذا يزيد من صعوبة التعليم في ظل ارتفاع درجات الحرارة. هذا الحال نعيشه من سنوات".

والى جانب ذلك، قالت سلام في حديث لـ "طريق الشعب": ان المدرسة تعاني نقصاً حاداً في الكادر التدريسي، ما ينعكس بشكل مباشر على جودة التعليم"، مشيرة الى أن مشكلة الدوام الثلاثي يعتبر أحد أبرز العوامل التي تؤثر سلباً على العملية التعليمية، حيث أن حصة الدرس الواحد تستمر لمدة 25 دقيقة فقط، وهو وقت غير كافٍ لشرح أبسط موضوع دراسي، مشيرة الى ان هذا الحال يؤثر بشكل كبير على طلاب الصف السادس الإعدادي، الذين تنتظرهم امتحانات وزارية حاسمة.

وهذا الوضع الذي خلصته سلام يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع التعليمي في عموم البلاد، منذ 20 عاما، حيث الخدمات الأساسية غير متوفرة، ما يؤدي إلى تعطيل العملية التعليمية، ويجعل من الصعب تحقيق نتائج إيجابية، في ظل تلك الظروف القاسية.

وكان رئيس لجنة التربية النيابية جواد الغزالي قال في وقت سابق أن 70 في المائة من المدارس في محافظة النجف لم تتسلم الكتب الدراسية حتى الآن، نتيجة الضغط على المخازن المركزية.

وأضاف الغزالي، أن "30 في المائة فقط من المدارس حصلت على الكتب"، مشيرًا إلى أن "التلكؤ الحاصل يعود إلى الضغط الكبير على مخازن التوزيع".

وتابع، أن "هناك صعوبة في نقل الكتب من المخازن إلى المدارس، إذ يبلغ عدد المدارس في المحافظة أكثر من ألف و400 مدرسة، ما يسبب ضغطًا إضافيا على العاملين في مراجعة التجهيزات المدرسية".

وأكد، أن "عملية طباعة الكتب تمت بالكامل في بداية العام الدراسي، وتم تسليمها إلى المخازن، وقد استلمت المديريات العامة في جميع المحافظات حصتها من الكتب، وبدأت عمليات التوزيع، باستثناء مادة اللغة الإنجليزية التي تأخرت بسبب طباعتها في الخارج".

وتابع، أن "التأخير في مراجعة الكتب من قبل مديري المدارس والجهات المعنية تسبب في نقص التسليم"، مشددًا على "أهمية تنظيم العملية بشكل أفضل".

ولفت إلى أن "وجود عدد كبير من مديري المدارس يؤدي إلى ضغط على دائرة واحدة، مما يستدعي وضع آلية تسليم منظمة تأخذ بعين الاعتبار الحسابات الدقيقة وإجراءات استلام وتسليم الكتب".

ختامًا، دعا الغزالي إلى "ضرورة تحسين إدارة عملية توزيع الكتب لضمان وصولها إلى جميع المدارس في الوقت المناسب".

عرض مقالات: