اخر الاخبار

تواجه العاصمة بغداد تحديات بيئية كبيرة، أبرزها ما يخص إدارة النفايات وتلوث الهواء والمياه، الامر الذي يؤثر بشكل مباشر على صحة السكان وجودة الحياة.

وفي إطار مواجهة هذه التحديات، أطلقت أمانة بغداد مجموعة من المشاريع البيئية التي تهدف لتحويل النفايات إلى طاقة كهربائية وزراعة الأشجار لتحسين الغطاء النباتي.

لكن برغم هذه الجهود، تظل المشاكل البيئية قائمة، في ظل الطرق التقليدية للتخلص من النفايات التي تلوث التربة والمياه. فهذه المبادرات، رغم أهميتها، تعكس الحاجة إلى حلول أكثر فعالية وشاملة لمواجهة الأزمة البيئية في بغداد وبقية المدن.

وفي إطار الجهود الرامية لتحسين البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي، أطلقت أمانة بغداد مشاريع استراتيجية تهدف إلى تطوير البنية التحتية الخضراء وتحويل النفايات إلى طاقة كهربائية. وأوضح مسؤول الإعلام في أمانة بغداد عدي الجنديل: أن هناك خطوات جدية لتحويل النفايات إلى طاقة كهربائية باستخدام تقنيات صديقة للبيئة، وفقًا للمعايير العالمية. وتشمل الخطة إقامة معامل متخصصة خارج التصميم الأساسي لمدينة بغداد؛ حيث تم استحصال موافقة مكتب رئيس الوزراء على تخصيص قطعتين من الأراضي في منطقتي النهروان وأبو غريب لهذا الغرض.

ويبين الجنديل لـ "طريق الشعب"، أن "المشروع، الذي يندرج تحت إشراف هيئة الاستثمار الوطنية وهي ستختار الشركة التي ستتولى تنفيذ هذا المشروع، سيبدأ بمرحلة أولى في النهروان بطاقة استيعابية تبلغ 3000 طن يوميًا"، مؤكدا أن عدة وزارات، من بينها مكتب رئيس الوزراء، شاركت في هذه المبادرة التي تهدف إلى تقليل كميات النفايات، وتحسين إنتاج الطاقة النظيفة.

وأضاف، انه "في خطوة لتحسين البيئة داخل بغداد، أطلقت أمانة بغداد حملة خريفية لزراعة 101 ألف شجرة معمرة، مثل السدر والأكاسيا والفيكسيا، والتي تساعد في تلطيف الأجواء ومقاومة التغيرات المناخية. الحملة التي بدأت في الأول من تشرين الاول الماضي ستستمر حتى منتصف كانون الثاني من المقبل".

وتابع، ان "الأمانة تخطط لإطلاق حملة أخرى خلال موسم الربيع المقبل لزراعة 250 ألف شجرة معمرة كمرحلة أولى، ضمن مشروع يهدف لتوسيع الغطاء النباتي في العاصمة".

وأوضح انه "من بين المشاريع البيئية الطموحة، تعمل أمانة بغداد على إنشاء حزام أخضر يمتد على مساحة 940 دونما قرب أبو غريب. وللتغلب على شح الموارد المائية، يتم إنشاء محطة معالجة مياه الصرف الصحي لتوفير المياه اللازمة للري باستخدام تقنيات حديثة. المحطة التي وصلت نسبة إنجازها إلى 80 في المائة ستعمل على تحويل المياه إلى صالحة للري، مع مد شبكة أنابيب بطول 7 كيلومترات لنقل المياه إلى المناطق المستهدفة".

وذكر ان الأمانة تسعى أيضًا الى لتحويل معسكر الرشيد إلى أكبر حديقة خضراء في بغداد، بمساحة تقدر بعشرة أضعاف مساحة حديقة الزوراء. المشروع، الذي سيبدأ قريبًا بوضع الحجر الأساس، يهدف إلى خلق متنفس بيئي كبير يساهم في تحسين جودة الحياة لسكان بغداد.

طرق تقليدية للتخلص من النفايات

وذكر الخبير البيئي خالد سليمان أن "مشكلة النفايات في العراق تتفاقم بسبب الطرق التقليدية المستخدمة في التخلص منها، مما يسبب أضرارًا بيئية وصحية كبيرة".

وقال سليمان لـ "طريق الشعب"، إن "النفايات تشمل البلاستيك، المواد الصلبة، المخلفات الطبية، والمياه الثقيلة".

وأضاف، أن مدينة البصرة تعاني بشكل خاص من تراكم النفايات المنزلية والبلاستيكية التي تُرمى في قنوات المياه، مما يحولها إلى مصدر للروائح الكريهة والأمراض، ويهدد المناطق التراثية مثل شناشيل البصرة، مؤكدا انه "من الصعب الان تحمل روائح النفايات التي تحيط بهذه المنطقة التاريخية".

أما في بغداد، فأوضح سليمان أن "المياه الثقيلة غير المعالجة تُنقل من وسط المدينة إلى منطقة جسر ديالى، حيث تُفرغ هناك، ما يؤدي إلى تلوث التربة ويقضي على الكائنات الحية"، واصفا هذه الطريقة بأنها "متخلفة جدًا ولا تليق ببلد يعيش في القرن الحادي والعشرين".

وفيما يخص الحلول، أشار سليمان إلى تجربة مدينة السليمانية، حيث تعمل إحدى الشركات على معالجة النفايات لإنتاج وقود حيوي يُستخدم في مصانع الإسمنت، مضيفا ان "هذا الوقود نظيف، ولا يولد غازات دفيئة مثل الكربون، ما يجعله مفيدًا بيئيًا واقتصاديًا. ويمكن للحكومة الاستفادة من هذه التجربة وتطبيقها على نطاق أوسع لحماية مصادر المياه والتربة، مع إنتاج وقود نظيف".

وقال كشبين إدريس، رئيس منظمة هسار البيئية، أن "العراق يواجه تحديات كبيرة في إدارة النفايات المتنوعة التي ينتجها يوميًا".

وأضاف أن "النفايات، رغم كونها مشكلة بيئية معقدة، تمثل فرصة اقتصادية وبيئية إذا تم التعامل معها بطرق حديثة ومدروسة.

وأشار إدريس في حديث لـ"طريق الشعب"، إلى أن "النفايات غير المعالجة تترك آثارًا سلبية هائلة على البيئة، حيث تلوث الهواء والمياه وتساهم في انتشار الأمراض".

وتابع، أن "النفايات البلاستيكية تمثل تحديًا خاصًا، إذ تحتاج مئات السنين لتتحلل، ما يؤدي إلى تراكمها في التربة والمسطحات المائية وتأثيرها السلبي على الحياة البرية والنظم البيئية".

كما حذر إدريس من خطورة حرق النفايات، حيث يؤدي ذلك إلى انبعاث الغازات السامة التي تلوث الهواء وتساهم في تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري.

واختتم إدريس كلامه بالتأكيد على أهمية تبني نهج مدروس لتحقيق بيئة أكثر استدامة في العراق، مشيرًا إلى أن الإدارة الجيدة للنفايات يمكن أن تكون جزءًا من الحلول لتحقيق مستقبل بيئي أفضل.

عرض مقالات: