اخر الاخبار

شهد العراق في شهر حزيران الماضي انعقاد المؤتمر الأول للذكاء الاصطناعي، الذي يستهدف إدخال مناهج الذكاء الاصطناعي في المدارس والجامعات، عبر تسخير الخبرات العراقية المحلية والمغتربة لخدمة هذه الإستراتيجية.

يشار الى أن البلاد كانت رائدة في مجال العلوم منذ عهد الخوارزمي وبيت الحكمة قبل 1200 سنة، لكن العراق يحتل اليوم المرتبة 77 عالميًا والتاسعة عربيًا في مؤشر الذكاء الاصطناعي لعام 2024.

وأُعلن خلال المؤتمر عن إنشاء مركز للذكاء الاصطناعي في العراق، بدعم حكومي، سيكون مقره في الجامعة الأمريكية ببغداد.

خطوة هامة

ويمثل هذا المركز خطوة هامة نحو بناء قاعدة علمية وتكنولوجية تسهم في تعزيز دور العراق في الصناعة الرابعة، وتطوير قطاعاته المختلفة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وتحدث عثمان علي، المختص في الذكاء الاصطناعي، عن أهمية تقييم استخدامات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في العراق، مع ضرورة الأخذ بالعديد من العوامل في نظر الاعتبار، مثل مستوى التطور التكنولوجي الحالي في البلاد.

وقال أن هناك تقدمًا ملحوظًا وتغيرا في التكنولوجيا داخل العراق، ما يفتح الباب أمام تحديات وفرص كبيرة في استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

وتناول عثمان خلال حديثه لـ "طريق الشعب"، أهمية الذكاء الاصطناعي في تطوير الاقتصاد وتحسين الخدمات في مختلف القطاعات، مثل الصحة، التعليم، الزراعة، والصناعة، مؤكداً أن "هذا المجال يسهم بشكل كبير في تسريع العمل وتقديم حلول مبتكرة في جميع القطاعات".

وأضاف أن "كثيرًا من الناس يظنون أن استخدامات الذكاء الاصطناعي مقتصرة على تطبيقات بسيطة مثل تعديل الصور والفيديوهات، إلا أن الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. فالذكاء الاصطناعي يدخل في مجالات عديدة مثل الهندسة، حيث يساعد في تصميم المباني والعمارات، وفي مجال الفن، إذ يمكنه رسم لوحات في دقائق معدودة، وهي أعمال كانت تستغرق أيامًا أو أسابيع لإنجازها يدويًا".

وأشار عثمان إلى أن "الذكاء الاصطناعي يتطور بوتيرة سريعة للغاية مقارنة بالتقنيات الأخرى، فبينما كانت السيارات أو الأجهزة الإلكترونية تستغرق سنوات لتشهد تحسينات كبيرة، فإن الذكاء الاصطناعي يشهد تطورًا يوميًا وساعيًا، وهذا يتطلب من العراق وضع خطط فورية للاستفادة من هذه التكنولوجيا وتطوير قدرات الموارد البشرية في استخدامها".

ومن الحلول التي اقترحها عثمان لتسريع استخدام الذكاء الاصطناعي في العراق هو توفير دورات تعليمية للمهتمين بهذا المجال، والتعاون مع الشركات الدولية والمؤسسات التكنولوجية، وتبادل الخبرات مع الدول المجاورة التي تحقق تقدمًا في هذا الميدان، مثل الإمارات التي وصف تقدمها في مجال الذكاء الاصطناعي بـ"غير الطبيعي".

وخلص الى التأكيد على خطورة الذكاء الاصطناعي إلى جانب أهميته، مستشهدا بتصريح لإيلون ماسك (صاحب شركة أكس "تويتر سابقا")، قال فيه إن "الذكاء الاصطناعي قد يكون أخطر من الأسلحة النووية إذا لم تتم مراقبته والسيطرة عليه".

تحديات!

بدوره، قال أحمد السعيدي، المختص في أمن المعلومات والذكاء الاصطناعي، أن "العراق يواجه تحديات كبيرة في مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية، خصوصا في مجالي الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني. ورغم وجود بعض التقدم، إلا أن التطبيقات التجارية للذكاء الاصطناعي في العراق ما زالت محدودة بشكل كبير".

وأضاف السعيدي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن "العديد من الطلبة يستخدمون تقنيات الذكاء الاصطناعي في أغراض التعليم والبحث، إلا أن المؤسسات التعليمية تفتقر للموارد اللازمة لتدريبهم وتطوير مهاراتهم العملية".

وأشار إلى أن "العراق يعاني من تهديدات متزايدة في مجال الأمن السيبراني، وهو ما يتطلب تطوير استراتيجيات فعالة لحماية البيانات الوطنية. ومع ذلك، يبقى النقص في الكوادر المتخصصة في الأمن السيبراني أحد أبرز العقبات التي تحول دون تحسين الوضع الأمني السيبراني في البلاد. هذا النقص في الخبرات يزيد من المخاطر، ويجعل البنية التحتية التكنولوجية في العراق عرضة للهجمات الإلكترونية".

ونبه السعيدي الى أن "ضعف البنية التحتية التكنولوجية في العديد من مناطق العراق يعيق تنفيذ المشاريع التكنولوجية المتقدمة، ما يؤدي إلى تأخر العراق في اللحاق بركب التطور التكنولوجي العالمي. بالإضافة إلى ذلك، تظل الاستثمارات في مجال التكنولوجيا منخفضة، حيث تفضل العديد من الشركات المحلية الاعتماد على التقنيات التقليدية بدلاً من الاستثمار في التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي".

وأكد أن "نقص البرامج التعليمية المتخصصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني يؤدي إلى نقص حاد في المهارات المطلوبة في السوق، ما يعيق تطوير الكوادر القادرة على مواكبة هذه التغيرات السريعة"، مشيرا إلى أن الحكومة العراقية متأخرة في تبني التكنولوجيا الرقمية بشكل عام، وهو ما يؤثر على تحسين الخدمات العامة وزيادة الشفافية في التعاملات الحكومية.

ختاماً، شدد السعيدي على "أهمية تطوير مناهج دراسية متخصصة في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في الجامعات العراقية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع الشركات العالمية في مجال التكنولوجيا"، وأوضح أن "الاستثمار في الأمن السيبراني يجب أن يكون أولوية للحكومة والقطاع الخاص لحماية البيانات الوطنية والمعلومات الحساسة".

الامن السيبراني ضرورة ملحة

في السياق، قال حيدر ناصر، أستاذ أكاديمي مختص في علوم التكنولوجيا، أن "تطوير البنية التحتية التقنية في العراق يعتبر أمرًا بالغ الأهمية"، مشددًا على ضرورة التركيز الواسع على الأمن السيبراني وحماية البنية التحتية الرقمية من الهجمات السيبرانية التي تهدد سلامة البيانات والمعلومات.

ودعا ناصر لـ "طريق الشعب"، الى توفير بيئة مناسبة تتيح استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل فعال، ما يسهم في تعزيز مختلف القطاعات وتحسين الأداء العام.

وأكد، أن "التعاون الدولي والشراكات مع الشركات والمؤسسات العالمية تعد أمرًا حيويًا لنقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات"، موضحا أن "العراق بحاجة إلى استثمار هذه الفرص لتعزيز القدرات التقنية وتحقيق تقدم في مجال الذكاء الاصطناعي".

 وأوضح، أن "تعزيز قدرات الكوادر البشرية عبر توفير التدريب والتأهيل في هذا المجال يعد خطوة رئيسة لتحقيق تقدم ملموس في استخدام هذه التكنولوجيا".

وحض على "دعم البحث العلمي والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي"، مبينا أن "تشجيع الشباب على المشاركة والابتكار يمكن أن يسهم في دفع عجلة التطور التكنولوجي".

وأكد، أن هناك ضرورة لتحديد المشاكل التي يمكن أن يحلها الذكاء الاصطناعي في العراق، مثل تحسين قطاعات الزراعة والطاقة والصحة ومعالجة مشكلة الازدحامات المرورية".

وفي ما يتعلق بسلبيات الذكاء الاصطناعي في العراق، أوضح ناصر، أن "هناك تحديات كبيرة تواجه البلاد في هذا المجال. أولها هو نقص البنية التحتية التقنية المتطورة، ما يجعل من الصعب تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع. بالإضافة إلى ذلك، تفتقر البلاد إلى الكوادر البشرية المؤهلة بالشكل الكافي، ما يجعل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات أمرًا محدودًا".

وأشار إلى المخاطر المتعلقة بالخصوصية والأمن، حيث أن استخدام الذكاء الاصطناعي يزيد من خطر التعرض للاختراقات السيبرانية، إذا لم يتم تطبيق إجراءات حماية صارمة. إلى جانب ذلك، قد يؤدي الاعتماد الكبير على الذكاء الاصطناعي إلى تقليل فرص العمل في بعض القطاعات، ما يخلق تحديات اجتماعية واقتصادية على المدى الطويل.

في الختام، أكد ناصر أن "استخدام الذكاء الاصطناعي في العراق يتطلب توازنًا بين استغلال الفرص وتجنب المخاطر، مشددًا على ضرورة وضع استراتيجيات شاملة تضمن تعزيز هذا المجال بشكل آمن ومستدام".

عرض مقالات: