اخر الاخبار

تستمر كل من تركيا وإيران منذ أشهر بالاعتداءات العسكرية على الاراضي العراقية، وعلى الرغم من الاستهجان الشعبي الواسع، إلا أن هاتين الدولتين توغلان في انتهاك سيادة العراق بسبب ضعف السلطات فيه، وعدم اكتراث القوى الحاكمة.

يقول مراقبون إن الكثير من القوى السياسية المتنفذة ومن منطلق مصالحها، تدافع أو تبرر هذه الجرائم بطرق ملتوية عديدة. كما تقوم بأحسن الأحوال بإصدار بيانات إدانة خجولة، أو تتجاهل وتغض البصر عما يجري. ويؤكدون أن ما يجري هو متوقع بسبب نظام المحاصصة الفاسد، وأن سكوت هذه القوى عنها يعود لأسباب عدة، أبرزها الارتباطات الخارجية، فيما يكون رد الحكومة الخجول جزءا من هذه المنظومة المتهالكة.

الموقف الرسمي مخجل

وتعلن إيران وتركيا عن تفاصيل عملياتها العسكرية داخل الأراضي العراقية، وتعتبرها حالة طبيعية للدفاع عن أمنها القومي، بينما لا يتخذ العراق أية إجراءات رادعة، وتتصف بياناته الرسمية بأنها خجولة جدا، بحسب قول مراقبين للشأن السياسي.

ويوضح الباحث في الشأن السياسي، احمد التميمي، أنه على الرغم من امتلاك الحكومة العراقية أكثر من ورقة ضغط، وأبرزها الاقتصاد، لكنها “لا تستخدمها بسبب تبعية قوى متنفذة كثيرة إلى دول مجاورة”.

ويقول التميمي لـ”طريق الشعب”، انه “في الجانب الاقتصادي، لدى العراق حجم تبادل اقتصادي هائل مع الدولتين ولا تميل الكفة له بالتأكيد، فهو يستورد كل شيء تقريبا، ويُشكّل مصدرا ماليا حيويا وهاما جدا للدولتين اللتين تعانيان من مشاكل داخلية عديدة. ورغم ذلك، زادت في الآونة الأخيرة الهجمات العسكرية على الأراضي العراقية، متسببة بسقوط العشرات من الشهداء والجرحى، آخرها القصف الإيراني الذي أودى بحياة أطفال ومواطنين كثيرين”، مضيفا انه “لا يستخدم أصحاب القرار أي ورقة ضغط. هذا أمر ليس بغريب لأن الكثير من المتنفذين عبارة عن أدوات لأجندات خارجية”.

وشدد المتحدث على أن هناك “جهات سياسية داخل السلطة، تلتقي بصفاتها الحزبية لا الحكومية أو النيابية، بأجهزة مخابرات وصناع قرار أجانب ويناقشون قضايا لا تخص المصلحة الوطنية. بل هناك جهات تعلن الولاء لدول أجنبية ولا تحاسب على ذلك لأنها في مأمن، والرقابة والقضاء بعيدان عن هذا الأمر في ظل الفوضى وسيطرة المتنفذين على كل شيء”.

يدافعون عن الانتهاكات

وبعدما دافعت قوى سياسية متنفذة عن القصف الإيراني الذي طال أربيل قبل أسابيع، ودعت إلى مباركته ونظرّت له على قنوات التلفزيون، غضّت النظر عن القصف الأخير ولم تصدر أي موقف واضح. وعلى الجانب المقابل، فأن القوات التركية والجرائم التي ترتكبها بحق العراقيين، تلاقي من يبرر لها من داخل المشهد السياسي العراقي، مثلما حصل مؤخرا عندما قصفت تركيا منتجعا سياحيا في دهوك وتسببت بمجزرة دامية راح ضحيتها العشرات. حيث حاول البعض أن يدافع عن الجريمة، أو يصدر بيانات خجولة تريد أن تحرف مسار الإدانة الواضحة. المتحدث باسم الخارجية العراقية احمد الصحاف نفى وجود أي تنسيق بين العراق وإيران بشأن قصف المناطق العراقية ، حيث جاء كلامه بمثابة الرد على أطراف سياسية عراقية حاولت أن تشيع هذه الفكرة بين الناس. وشدد الصحاف على أن الحكومة لا توافق على ضرب المواطنين واستشهادهم وترويعهم وتخريب البنى التحتية وان يتم خرق السيادة بدواع واهية من إيران.

وأضاف أن الأمر ذاته يحدث مع العدوان التركي، فالعراق يرفض أن يتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات على أرضه.

خطر نظام المحاصصة

من جانبه، يعلّق الخبير الأمني، عدنان الكناني، على الهجمات التركية والإيرانية، قائلا أنها تتصاعد بسبب “عدم امتلاك العراق جيشا قويا يحمي حدوده، ونفوذ العديد من العملاء والموالين لدول الجوار على حساب المصلحة الوطنية”.

ويشدد الكناني خلال حديثه مع “طريق الشعب”، على أن تركيا وإيران “تدعّيان بالكثير من الإدعاءات وهي غير منطقية، بل أحيانا يختلقان بعضها للتدخل في الشأن العراقي”، لافتا إلى أن “الهجمات تتزايد بسبب تغافل قوى سياسية وأحزاب متنفذة عراقية، فهي ترتبط بمصالح دولية، وبسبب ذلك لا تقدر الدولة على صناعة الرد الملائم سواء كان على المستوى السياسي، أم الاقتصادي، أم حتى العسكري”، ويلفت الخبير إلى أن “ردود الفعل الرسمية ليست بمستوى الحدث لعدم وجود نهج وطني. وبسبب الفساد والمحاصصة أصبح البلد ساحة معارك دولية”، مبينا أن على الحكومة أن “تلجأ إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وأن تقيم الدعاوى وتوسط اللاعبين الدوليين لمصلحتها”.

وأعرب الكناني عن يأسه من قيام السلطة والقوى المسيطرة عليها “بأي خطوات أو إبداء أي رد فعل سياسي ضد الاعتداء على السيادة الوطنية”.

ويرى الكناني اهمية “تفعيل قانون الأحزاب والكشف عن مصادر تمويلها، واستبدال كل القيادات العسكرية التي تحوم حولها الشبهات، فضلا عن إعادة بناء القيادة العامة للقوات المسلحة التي تشرف على البرامج الإستراتيجية لوزارات الدفاع والداخلية وغيرهما، وإعادة هيكلية الجيش وتدريبه وتسليحه بما يلائم حماية البلد”.

وعدّ الخبير الأمني أن “نظام المحاصصة أخطر من الإرهاب والاعتداءات الخارجية، فهو يفسد البلد ويوفر الأرضية لحدوث كل هذه الكوارث”.

عرض مقالات: