اخر الاخبار

بعد أكثر من عام كامل على انتخابات مجلس النواب، والاقتراب من نهاية العام الحالي، ينتقد محللون سياسيون ومعنيون “الدور السيء” للسلطة التشريعية في البلاد، والتي تواجه الكثير من الانتقادات. فعلى مدار الأشهر الماضية لم يقدم مجلس النواب أي قانون يمس حياة المواطنين بشكل مباشر، بحسب قولهم.

ويضاف إلى ما يقال بحق الدورة النيابية الحالية، من أنها فشلت حتى الآن في تشريع قانون الموازنة الاتحادية أو البدء بتفعيل القوانين الهامة والبحث عن تشريعات ترتقي بحياة المواطنين، التي تفتقر إلى الكثير بسبب المحاصصة والفساد.

برلمان عاجز عن العمل

يقول داود سلمان (أكاديمي ومحلل سياسي)، أن الدور المعروف في كل بلدان العالم للجهة الرقابية، هو المهمة الفاعلة والحاكمة لأداء مسؤولي الدولة والأولوية في تقويم عملهم، لكن الوضع العراقي مشوّه ومختلف تماما عن بقية الديمقراطيات.

ويوضح سلمان خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أن “مجلس النواب لم يقدم شيئا يذكر خلال عام كامل سينتهي قريبا. تأخرت عملية تشكيل لجانه، وتعثر عمله كثيرا وبالتالي لم يأخذ دوره المطلوب. الأمر الآخر هو أن ملفات فساد كبيرة كشفت مؤخرا من قبل مسؤولين أو مواطنين أو مطلعين، لكن البرلمان يتفرج ويفترض به أن يمارس دوره الرقابي وأمامه الكثير من ملفات الفساد التي يقدر ان يصل اليها”، مضيفا أن “الأداء الحالي لا يليق بمجلس النواب، بينما يصر أعضاؤه والكتل فيه على المحاصصة التي أضعفت دوره بشكل كبير، وجعله مشوها خلال السنة الأولى من دورته النيابية”.

وعن القوانين التي شرّعها مجلس النواب أو قدمها إلى المناقشة، يقول سلمان أنها “تكاد لا تذكر. لا تمس حياة المواطنين برغم الاقتراب من نهاية العام الحالي والبدء بالعام الجديد، وبالتالي أن ما تم تشريعه رغم شحته لا يهتم بحقوق المواطنين، ولا يحسون به في حياتهم اليومية أو ضمن مؤسسات الدولة”، مضيفا أن “مجلس النواب ركّز فقط على منافعه والقوانين التي تلائم مصالح اعضائه بعيدا عن المصلحة الوطنية العليا”.

وتابع قائلا: أن “التشريع الحقيقي داخل قبة البرلمان يعني أن نسمع عن قضايا تخص المدارس والخدمات والمستشفيات والطرق والجسور وإنهاء المشاكل التي تطوّق حياة المواطنين. هذا الأمر غائب وليس موجودا على الإطلاق، ويمكن الاستنتاج من خلال هذه اللوحة ما هي اهتمامات السلطة التشريعية في البلاد”، لافتا إلى أن “أهم مهام المجلس هو الموازنة، لكنها ما زالت غائبة وفي حال اقرارها لا يتحصل منها سوى على النفقات التشغيلية (الرواتب) وما شابه ذلك، وما عداه يذهب إلى النهب وتوزيع الحصص بين الشركاء السياسيين. لا توجد أي دولة في العالم تنهي موازناتها دون حسابات ختامية كما يجري حاليا في نظام المحاصصة، وما يوفره من افلات واضح من الحساب ومتابعة الفاسدين للأسف الشديد”.

أداء دون المتوسط

ومنذ بدء مجلس النواب عمله وحتى الآن، لم يشرّع سوى قانونين هما “قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني وقانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية”، فيما بقي يراوح في مكانه طيلة هذه الفترة.

ومنذ 12 شهرا لم يجتمع مجلس النواب سوى في 21 جلسة بحسب محاضر اجتماعاته المنشورة، ناقش فيها قوانين ليست بذات الأهمية، فيما قرأ قوانين أثارت الرأي العام بشدة واستفزته مثل ما يسمى قانون “حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي”، و “قانون جرائم المعلوماتية”. ويرى حسين الجاف (محلل سياسي)، أن الحقيقة الواضحة تفيد بأن “أداء مجلس النواب خلال عام 2022 هو دون المتوسط ومتواضع، وأصاب الشعب بخيبة عظيمة جدا”. ويلفت الجاف خلال حديثه مع “طريق الشعب”، إلى أن “خروج التيار الصدري سحب الكثير من الشرعية عن مجلس النواب، ليس لكفاءة نواب التيار بل لثقلهم التمثيلي. أن معظم الموجودين في ظل هذا الجو هم من غير الكفوئين الملائمين لموقع القيادة، سوى 10 أو 15 شخصا هم على قدر المسؤولية في هذا المجلس التشريعي العام”، مردفا أن “المجلس بلا استراتيجية وطنية واضحة لخدمة الشعب العراقي، وهناك تباين واضح بين ما يجري داخله من عمل وبين ما يريده المواطنون”.

أما عن تعويض النواب المستقيلين بأعلى الخاسرين، فيصف المتحدث هذه الخطوة بأنها “ساهمت في إيصال من لا يملكون الثقل الشعبي والتمثيلي إلى مواقع صناعة القرار، ومن هذا المنطلق نرى أن مشاريع القوانين التي تطرح بعيدة عن الاهتمامات الشعبية، ولا يستهدف أداء المجلس تفعيل القوانين المعطلة مثل أو تقديم مشاريع حقيقية وجوهرية”.

وتوقع الجاف بحال استمر المجلس على هذا الأداء أن “ينتهي عمره النيابي بأقرب وقت، خصوصا وأنه يحاول تشريع قوانين جدلية تحد من حرية التعبير وتخنق الأصوات الحرة وتتدخل في عمل الناشطين والصحافة وتحاسب الناشرين على منصات التواصل الاجتماعي الحديثة. ما قام به مجلس النواب خلال عام واحد هو مخالفات واضحة لتطلعات الشعب العراقي التواقة إلى الحرية والديمقراطية والتغيير”.

يعكس طبيعة الصراع

من جانبه، يقول زهير ضياء الدين (المنسق العام للتيار الديمقراطي العراقي)، أن السلطة التشريعية تعكس الصراع الذي دار بين قوى الاطار والتيار والتي أدت الى استقالة نواب الأخير، وانتقال كل مقاعدهم الى الطرف الأول.

ويشدد ضياء الدين خلال حديثه مع “طريق الشعب”، على حقيقة أن “هذه القوى المسيطرة على مجلس النواب تمثل جميعها لونا واحدا باستثناء عدد محدود من الأعضاء المستقلين. وأنها امتداد واستمرار للحكومات والمجالس النيابية السابقة التي اعتمدت المحاصصة وتقاسم السلطة والنفوذ”.

ويمضي المتحدث بالقول ان “توجه هذه القوى نحو إدارة البرلمان هو نفس التوجه الذي تعتمده في تكريس مصالحها ونفوذها. يمكن لمس ذلك من خلال التغييرات التي حصلت بالسلطة التنفيذية او بالقيادات العسكرية وغيرها من الاجراءات، ومن يطلع على الاسماء والقوى التي سيطرت الآن على الساحة سيعرف بأنها ملونة بلون واحد من الوان الطيف السياسي”، مضيفا أنه “لا ننتظر اي خير من مجلس النواب الحالي وهو الذي يحد من حرية التعبير بقراءته قوانين مثيرة للجدل وتحد من الحريات، وبالتالي نال استهجان الرأي المحلي والدولي، والمنظمات الحقوقية من مختلف الأماكن”.

ويتوقع المنسق أن “نواب المجلس يمكن أن يقوموا لاحقا بتشريع بعض المزايا المالية لبعض القطاعات في المجتمع من أجل مكاسب انتخابية في مجالس المحافظات أو مجلس النواب، لذلك لا بد من انتخابات مبكرة وصياغة قانون عادل يوفر التمثيل الحقيقي للمواطنين”.

عرض مقالات: