اخر الاخبار

إرم نيوز

في تصريح سياسي يمكن وصفه بإعلان الحرب على فنزويلا، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنّ أيام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في سدّة السلطة في كاراكاس باتت معدودة، مشيرا إلى أنّ هذا الأمر سينتهي بسرعة كبيرة.

 وعلى الرغم من الاختلاف النسبي القائم بين هذا التصريح وتصريحه السابق بأنّ الولايات المتحدة لا تفكر في التدخل العسكري في فنزويلا، فإنّ هذا التصريح يتطابق مع جميع التقديرات السياسية والاستراتيجية التي اعتبرت أنّ واشنطن تحضّر لعمل عسكري في فنزويلا تحت يافطة محاربة المخدّرات.

 وأعلنت واشنطن التعبئة العسكرية في منطقة الكاريبي وقبالة السواحل الفنزويلية من خلال نشر نحو 12 ألف جندي، ومقاتلات وغواصات نووية، مع قرب انضمام حاملة الطائرات "جيرالد فورد" لهذه القوة العسكرية.

ويربط الخبراء بشكل أساسي وتلازمي بين مطلب إسقاط نظام مادورو والتعبئة العسكرية الأمريكية، مستبعدين أي ارتباط عضوي بين التعبئة ومحاربة المخدرات.

 ويشير الخبراء إلى أنّ خطر مخدرات "الفنتانيل" القادم من المكسيك لا يُقارن بأي شكل من الأشكال والأحوال بخطر المخدرات المتأتية من فنزويلا، حيث إنّ مادة الفنتانيل تقتل سنويًا نحو 100 ألف أمريكي دون سن الـ45 عاما. وعلى الرغم من ذلك، عاقبت واشنطن المكسيك بالرسوم الجمركية المرتفعة نسبيا، ولم تعاقبها عسكريا، ولم تهددها بأي عمل حربي ضدها.

 وعلى الرغم من هذا، فإنّ إدارة ترامب سترفع يافطة الحرب على المخدرات لاستهداف نظام الرئيس مادورو، وهو أمر سبق أن أعلنه وزير الخارجية ماركو روبيو.

وتؤكد المصادر من داخل البيت الأبيض أنّ الشقّ المتصلب الذي يمثله روبيو في إدارة ترامب انتصر في الملف الفنزويلي على الشقّ الوسطي الذي يمثله ريتشارد غرينيل؛ إذ يبني شقّ روبيو سرديته للحرب على ارتباط سببي تلازمي بين "الانتصار في الحرب على المخدرات" و"إسقاط حكومة نيكولاس مادورو".

 

5 مخاطر على ترامب

 وتعتبر المصادر أنّ ترامب يرى في حكومة مادورو 5 مخاطر أساسية واستراتيجية أيضا؛ الخطر الأول: أنها تمثل عنوان التجارة بالمخدرات في القارة الأمريكية، والثاني: أنها تمثل امتدادا سياسيا لحكومة هوغو تشافيز، خاصة في اقترابها الواضح من النظام الإيراني مع وجود علاقات اقتصادية مفترضة مع ميليشيا "حزب الله"، والثالث: أنّها قاطرة برية ومجال استراتيجي مهم لطريق الحرير الصيني، والرابع: أنها حليف استراتيجي لموسكو، والخامس: أنها باتت تقترب بشكل واضح من أنظمة لاتينية أخرى على غرار تشيلي وكولومبيا والبرازيل؛ الأمر الذي يؤشر إلى إمكانية ولادة تحالف لاتيني حقيقي ضدّ واشنطن.

ولا تخفي التقديرات الاستراتيجية الأمريكية رغبة واشنطن في السيطرة على الثروات الطبيعية الفنزويلية من الغاز الطبيعي والنفط؛ الأمر الذي يمكّنها من التحكم في هذه السوق وتعديل أسعارها كما تشتهي بورصة "وول ستريت"، وبالتالي مزيد من التضييق على روسيا.

 

سياق ملائم

 في هذه الأثناء، يؤكد الخبراء والمتابعون للشأن اللاتيني أنّ الولايات المتحدة الأمريكية لن تفوّت هذه الفرصة الاستراتيجية للتخلص من عدوّ سياسي لاتيني شرس، فجزء من الدول اللاتينية قريب من واشنطن (الأرجنتين، بنما، ترينيداد وتوباغو)، والبعض الآخر سيعارض الحرب بـ"قلبه" لا بـ"قنابله".

 

 أما الدول الثلاث التي استنجدت بها كاراكاس (روسيا، الصين، إيران)، فلن يُسمح لها بالاستغراق في مشاكلها الاقتصادية الداخلية (إيران)، وحرب الاستنزاف (روسيا)، والتوترات الحدودية مع تايوان والحروب الاقتصادية (الصين)، بالدخول في حرب دفاعا عن حليف بعيد عن الجغرافيا وليس جزءا من مجالها الحيوي وعمقها الاستراتيجي.

أما فنزويلا، فهي تعاني من فقر مستشرٍ وفساد هيكلي أتى على الأخضر واليابس؛ الأمر الذي دفع بمئات الآلاف من الفنزويليين إلى مغادرة البلاد برا نحو الجنوب أو الشمال. كما أنّ شرعية النظام تآكلت بشكل كبير، سواء بسبب الانتخابات الرئاسية المشكوك في نزاهتها، أو بسبب الأوضاع الاقتصادية المهترئة، أو بسبب الجريمة المنظمة، أو بسبب تصحر الفضاء السياسي والمدني في البلاد.

 

حرب "صفر قتيل" أمريكي

 تدرك واشنطن أنّ ساعة الصفر أزفت، وأنّ ساعة رحيل مادورو قد حانت، وهي تريد حربًا "صفر قتيل" من جانبها ومن جانب قواتها. لذا فإنّ عبارة "بسرعة" يفسرها الخبراء بأنها قد تكون توجيه ضربات عسكرية على المنشآت المدنية والعسكرية لشلّ حركة النظام، مع تنظيم مظاهرات مليونية لدفع مادورو إلى الهروب، أو توجيه ضربات عسكرية مباشرة للقيادات العسكرية والسياسية للنظام (على شاكلة الضربات الإسرائيلية في إيران) تُعلن معها نهاية عصر مادورو ودخول المعارضة إلى كاراكاس، أو منح مادورو ملجأً سياسيا آمنا له ولعدد من أعوانه السياسيين والعسكريين لتجنيب البلاد ويلات الضربات العسكرية.

في الأثناء، حسمت تصريحات ترامب الجدل حول فرضية الخيار العسكري من عدمه، ليبقى السؤال الآن: متى وكيف؟ والأهم، بأية تكلفة مادية ورمزية على فنزويلا وأهلها والمنطقة؟

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الاثنين، إنّ أيام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في الحكم باتت معدودة.

 جاء ذلك في مقابلة حصرية أجراها ترامب مع شبكة "CBS" الإخبارية، تحدث فيها عن التوتر والتصعيد مع فنزويلا ضمن ملفات المقابلة.

وسألت المحاورة الرئيس ترامب عن مستقبل مادورو في الحكم وهل باتت أيامه معدودة، فأجاب: "أقول نعم، أعتقد ذلك - نعم".

 وأضاف ترامب: "هذا أمر سيئ للغاية بالنسبة لفنزويلا. إن ما يحدث هناك أمر غير إنساني على الإطلاق. وهذا يحدث نتيجة لشيء لم نكن نعتقد أنه يمكن أن يحدث. وأعتقد أن هذا الشيء سينتهي في وقت قريب جدا".

 وأردف قائلا: "نحن نعمل مع الكثير من الأشخاص على مستويات مختلفة، ونعتقد أن هذا سينتهي بسرعة كبيرة. لكن علينا مساعدتهم".

 وتابع ترامب: "الشعب الفنزويلي يعاني. إنه ألم هائل، جشع، شيء لا يمكن أن يحدث في هذا البلد، ويجب ألّا يحدث"، وفق تعبيره.

 وسُئل ترامب: "هل أنت مستعد لاستخدام القوة العسكرية في فنزويلا؟" فأجاب: "لا أريد أن أقول ذلك. لكن كل الخيارات مطروحة. لدينا الكثير من الخيارات المختلفة. لكن النتائج ستكون سريعة جدا وناجحة جدا".

وكان مادورو ردّ، في وقت سابق، على تهديدات ترامب، بتأكيده أن "فنزويلا بريئة"، وأنّ "كل ما يتم القيام به ضد بلادنا لا يخدم إلا تبرير حرب وتغيير نظام وسرقة ثروتنا النفطية الهائلة".