الصفحة الأولى

مرشحون {ذهبيون} يتصدرون مشهد الدعاية الانتخابية بميزانيات مليارية!.. الشيوعي العراقي: ظاهرة المال السياسي مقلقة ويتوجب التصدي لها بجرأة

بغداد ـ بسام عبد الرزاق

مع بدء التحضيرات للانتخابات النيابية بدورتها السادسة، المقرر إجراؤها نهاية العام الجاري، يتجدد الجدل حول دور المال السياسي وتأثيره في نزاهة المنافسة الانتخابية، إذ تتصاعد التساؤلات بشأن فاعلية الضوابط القانونية ومدى التزام الجهات المعنية بمراقبة مصادر التمويل الانتخابي، في وقت يبدي فيه عدد من المراقبين والمرشحين والناشطين قلقاً من غياب معايير الشفافية والعدالة.

والمفارقات الغريبة هنا، تتمثل بشكاوى قيادات نافذة في العملية السياسية، حكومية وحزبية، من ان الانتخابات المرتقبة تقوم على المال السياسي، وتفتقد الحزم إزاء محاولات التلاعب وشراء الأصوات.

وفي هذا الصدد، يرى مراقبون ان هذه المفارقة تكمن في أن القيادات السياسية المتذمرة الان هي عينها قد عملت من خلال كتلها في البرلمان على تكريسها، بدءا بقانون الانتخابات، مرورا بعدم الضغط على المؤسسات المعنية بمراقبة الأحزاب ومصادر تمويلها، ووصولا الى إجراءات مفوضية الانتخابات في هذا الخصوص.

مساءلة مفوضية الانتخابات!

عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، ياسر السالم، يرى ان تناقضا صارخا يبرز في المشهد السياسي لا يمكن تجاهله. فالأطراف التي تمسك بزمام القرار داخل مجلس النواب، وتمتلك أدوات التشريع والرقابة، لم تبادر بأي خطوات جادة لكبح جماح المال السياسي أو ضبط إيقاعه ضمن معايير العدالة الانتخابية، لا في تشريع قانون الانتخابات، ولا من خلال مساءلة مفوضية الانتخابات، ورغم ذلك تتصاعد الشكاوى من قادة الكتل السياسية حول تغلغل المال السياسي في الحملات الانتخابية!

ويقول السالم في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "استمرار هذه المفارقة يشكّل تهديداً مباشراً لنزاهة العملية الانتخابية، ويؤسس لحالة من اللاعدالة التي تمنح الأفضلية لمن يملك النفوذ المالي على حساب من يمتلك الرؤية والكفاءة والنزاهة".

مطلوب جرأة الملاحقة

ويحذر السالم من ان "المال السياسي لم يعد مجرد ظاهرة طارئة، بل تحول إلى بنية متغلغلة في مفاصل المنظومة السياسية، تُستخدم للتأثير على المرشحين والناخبين، وشراء الذمم، مستفيدة من ضعف الرقابة وانعدام الشفافية في تمويل الحملات".

ويتابع ان "التراخي في مواجهة هذه الظاهرة يعد من عوامل إنتاج المنظومة الفاشلة نفسها، ويمنع أي تغيير حقيقي، ويقود بالتالي إلى إحباط الناخب وتآكل ثقته في صندوق الاقتراع كأداة للتغيير السلمي"، لافتا الى ان "الأسوأ من ذلك، أن سيطرة المال السياسي على الحملات الانتخابية تؤدي إلى تسليع الصوت الانتخابي، وتُحول الناخب إلى متلقٍ للعطايا لا إلى مقرر، وفقا للمبدأ الديمقراطي".

قوانين صارمة

ويشير السالم الى ان "الحزب الشيوعي يؤكد أن العدالة الانتخابية لا تتحقق بالشعارات، بل بقوانين صارمة تكشف مصادر التمويل وتُجرّم شراء الأصوات، وبآليات رقابة مستقلة محايدة، وببيئة سياسية تعترف بالتداول السلمي"، مطالبا "القوى الوطنية، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، بالتصدي لهذه الظاهرة بجرأة، من خلال الضغط على الهيئات الرقابية والقضاء، وملاحقة المخالفين، وفضح الممارسات غير المشروعة".

مرشح بلميارين!

الباحث في الشأن السياسي، د. سيف السعدي، كشف لـ"طريق الشعب، عن "أنواع من المرشحين للانتخابات، ووصل سعر المرشح الذهبي الى أكثر من ملياري دينار والمرشح السوبر مليار دينار، وحقيقة ان هناك فرقا شاسعا في سقف الانفاق الانتخابي بين هذه الأحزاب وبين تلك التي لا تمتلك وزارات واقتصاديات تغذي مرشحيها ودعاياتها الانتخابية".

وقال ان "العزوف عن الانتخابات له أسبابه الكثيرة منها الفساد وتكرار نفس الوجوه وعدم الإيمان بالطبقة السياسية وعدم تقديم نموذج انتخابي يعيد ثقة الناخبين بالانتخابات"، مبينا أن "المسؤولية تتحملها عدة جهات في مقدمتها ما يتعلق بتطبيق قانوني الانتخابات والأحزاب، وأيضا المفوضية باعتبارها مسؤولة عن هذا الشيء".

أجنحة مسلحة!

وبين السعدي، ان "المادة 30 من قانون الانتخابات اشارت ضمنا الى عدم السماح للأحزاب التي تمتلك جناحا مسلحا بالاشتراك في الانتخابات. وهذا واحد من الأسباب في عدم تطبيق قانون الانتخابات".

ونوه بان "المادتين 30 و31 من القانون ذاته، أشارتا الى انه يحظر على الأحزاب ان تتلقى أموالا مشبوهة وعن طريق حوالات من الخارج، وبعكسه تحاسب وتحظر هذه الأحزاب، وأيضا لا تطبق فقرات هذا القانون".

واعتبر السعدي، ان "الدورة النيابية السادسة سوف تكون الأعلى من ناحية سقف الإنفاق الانتخابي، وهو امر سيؤثر على الأحزاب التي لا تمتلك وزارات واقتصاديات. والمال سيكون معيارا لصعود مرشحين الى البرلمان وليس معيارا للكفاءة والنزاهة والأهلّية لتمثيل هذا الشعب".

هيمنة على المقاعد

من جانبه، قال المختص في الشأن الانتخابي درير توفيق، ان "مجلس النواب يعكس رغبات وسياسات الاحزاب المتنفذة فيه، وبالتالي فان هذه الأحزاب هي من يضع البنود والمواد التشريعية ضمن قانون الانتخابات بما يخدم مصالحها ومشاريعها السياسية لا مصلحة البلد والمواطنين. إنما هدفها الأساس هو المحافظة على السلطة والهيمنة والمكاسب".

وأضاف توفيق في تصريح لـ"طريق الشعب"، ان الكتل المتنفذة في مجلس النواب لا رغبة لديها بان تكون هناك إدارة تنظيمية مؤثرة، كي لا تقطع وعودا وتلتزم بها أمام الناخبين، ومن ثم تحاسب أمامهم".

وأشار إلى ان "هذه القوى ترى ان طريقها الأفضل هو شراء أصوات الناخبين، وهؤلاء بطبيعة الحال لا يفكرون بمحاسبة من صوتوا لهم، لان أصواتهم جاءت بطريقة شراء الذمم".

شعارات لا برامج

من جهته، أكد الأكاديمي إياد العنبر، أن العملية الانتخابية في العراق لا تقوم على أسس ديمقراطية راسخة، بل ترتكز على منطق "الزبائنية السياسية"، حيث تُقدَّم الوعود والشعارات لا باعتبارها برامج عمل، بل كوسيلة لاسترضاء جمهور محدد.

وقال العنبر إن "كل الانتخابات في الأنظمة الديمقراطية تقوم على أساس الدعاية والوعود، وهذا طبيعي، لكن ما يجري في العراق مختلف، إذ إن العملية الانتخابية تعتمد بدرجة أساسية على الزبائن، لا على الناخبين كمواطنين واعين". وأضاف أن "الكثير من الأحزاب السياسية تكرر ذات الشعارات التي تُستهلك إعلامياً، دون أن تكون جزءًا من برنامج عمل واضح تلتزم بتنفيذه".

وأشار إلى أن "الأحزاب لا تقدم برامج جادة تستجيب لتطلعات المجتمع، بل تخاطب جمهورها على أساس ما يريده، دون أي التزام حقيقي تجاه تفاصيل تلك الوعود"، لافتاً إلى أن "الحكومات المتعاقبة بدورها لا تلتزم حتى بالبرنامج الحكومي، بل تكتفي بتكرار الشعارات نفسها التي طُرحت قبل عشرين عامًا".

وشدد على أن "الإصلاح الحقيقي للنظام السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الدائرة، من خلال إنتاج مخرجات سياسية قادرة على إنهاء المال السياسي ومكافحة الفساد"، مضيفًا أنه "عندما تبدأ مكافحة الفساد فعليًا، حينها يمكننا الحديث عن إنهاء توظيف المال السياسي في الانتخابات، والسيطرة على العملية الديمقراطية".

المفوضية لا تمتلك أدلة

عضو الفريق الإعلامي في مفوضية الانتخابات، حسن هادي زاير، تحدث مؤخرا في لقاء متلفز عن إمكانات المفوضية في تحييد المال السياسي ومراقبة الأموال لدى الأحزاب وتحديد مصادرها.

وقال ان "المفوضية تعمل في إطار الأنظمة، ومنها نظام الإنفاق الانتخابي وهذا النظام يبدأ العمل من خلاله بعد المصادقة على المرشحين وبدء الحملة الانتخابية، ولا يمكن وفق هذا النظام محاسبة أي شخص لم يصادق بعد على ترشيحه".

وعن الأموال التي تدفع للمرشحين من طرف الكتل قبل الشروع في حملات الدعاية الانتخابية، والتي تستخدم في استقطاب الناخبين، بيّن زاير ان "المفوضية لا تمتلك ادلة، وهذا أمر خاص بين المرشح وكتلته"، لافتا الى ان "أموال التبرعات للأحزاب شأن خاص. وهناك قيود في قانون الأحزاب تمنع الحصول على أموال بطرق غير مشروعة".

وأشار الى ان "المال السياسي واستخدام موارد الدولة ليس من مسؤولية المفوضية وحدها، بل هو مسؤولية دولة كاملة"، مبينا ان "المفوضية تتابع سجلات الأموال داخل الحزب، ولا تستطيع الاطلاع على الأموال التي تصل الى الأحزاب من أطراف خارجية".

*********************************

راصد الطريق.. إعلان خرق!

في استعراض للنفوذ وتجاوز صارخ للقوانين، أعلن ضابط رفيع سابق في الجيش العراقي ترشحه للانتخابات، كاشفًا عن تسلسله في إحدى القوائم الانتخابية، عبر منشور على صفحته الشخصية، التي كانت حتى وقت قريب منصّة رسمية لنقل البيانات الحكومية بصفته الوظيفية، قبل أن يُعفى من منصبه. هذا الإعلان جاء قبل فتح باب الترشيح رسميًا، في تجاوز كبير للوائح المفوضية واستهانة بالعملية الانتخابية.

وفي المقابل، بدأت ملاكات أمانة بغداد بإزالة صور ودعايات لعدد من المرشحين من شوارع العاصمة، في محاولة لفرض مظهر من مظاهر القانون.

حسنا فعلت الأمانة مشكورة، لكن السؤال الجوهري: هل تكفي هذه الإجراءات؟ وهل يسمح لمفوضية الانتخابات اتخاذ خطوات حقيقية ضد هذا العبث؟ أم أننا أمام نسخة مكررة من مشهد تتواطأ فيه مؤسسات الدولة المعنية بصمت، تحت ضغط سطوة الكتل السياسية المتنفذة، حيث تُطوع القوانين لتخدم المتنفذين بعضهم او كلهم، ويُسحق مبدأ تكافؤ الفرص تحت أقدام الاستثناءات المحمية، وما اكثره؟

نريد هنا الإشارة الى ان العملية الانتخابية كأداة ديمقراطية تفرض على كل مؤسسات الدولة العمل ـ من منطلق المسؤولية ـ على حماية العملية الانتخابية لا العبث بها، والكارثة أن يأتي الخرق من بعض حماة القانون!

***************************************

الصفحة الثانية

اختفاء 400 غزال نادر في العراق بـ{ظروف غامضة}

بغداد ـ طريق الشعب

حذر قائممقام قضاء مندلي في محافظة ديالى، علي ضمد الزهيري، أمس السبت، من انقراض أشهر الغزلان النادرة في العراق وهي غزال الريم في محمية مندلي.

وقال الزهيري، في تصريح صحفي، إن "محمية غزلان الريم النادرة في مندلي كانت تضم أكثر من 400 غزال، وشهدت تكاثرا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة".

وأضاف أن "الجميع صدم بأن الغزلان اختفت من المحمية في فترة قصيرة ولم يبق منها سوى 10 أو اكثر بقليل"، مبينا أن "أسباب اختفاء الغزلان غامضة وهناك حجج بأنها شهدت حالات نفوق جراء الجوع، لكن هذا مثير للريبة فلا يمكن نفوق هذا العدد بهذه السرعة، وهناك شكوكا بتعرضها للسرقة او التهريب من قبل جهات معينة، ولا بد من التحقيق بهذا الملف".

وأشار الزهيري إلى أن "اختفاء غزلان الريم بهذه السرعة من المحمية دفعنا لمخاطبة الجهات الحكومية العليا بالتحقيق العاجل لكشف ملابسات هذا الملف، ومحاسبة المقصرين واعادة احياء المحمية بإعتبارها من أبرز المحميات على مستوى العراق وتضم أنواعا نادرة ومميزة من غزلان الريم".

وتمتد محمية غزلان مندلي على مساحة اكثر من 400 دونم في أطراف قضاء مندلي شرقي ديالى من جهة قضاء خانقين.

******************************************

مياه مالحة، بطالة، نفايات سامة، موظفون بلا رواتب.. من البصرة إلى حلبجة.. الغضب الشعبي يتصاعد

بغداد ـ طريق الشعب

تشهد مناطق متفرقة من البلاد، تصاعداً لافتاً في وتيرة الاحتجاجات الشعبية، نتيجة لتراكم الأزمات في قطاعات مختلفة؛ ففي البصرة عادت أزمة ملوحة المياه إلى الواجهة، مع تظاهرات حاشدة في عدة أقضية للمطالبة بحلول جذرية. وفي ميسان وبابل، خرج مهندسون ومواطنون غاضبون بسبب البطالة والتلوث البيئي.

أما في محافظتي كركوك وحلبجة، فقد احتج المعلمون والعاملون في القطاع الصحي على تأخر الرواتب وغياب الاستجابة الحكومية.

وتعكس الأزمات الراهنة التي يئن منها المواطنون بشكل يومي، نتائج مباشرة للإهمال والتقصير وسوء الإدارة من قبل منظومة المحاصصة والفساد، والتي أثبتت التجربة معها أنها عاجزة عن تقديم حلول حقيقية، وتصر على نهجها الفاشل في إدارة الازمات.

تظاهرات أزمة الملوحة تتصاعد

وشهدت مناطق عدة في محافظة البصرة، خلال الأيام الماضية تظاهرات غاضبة وحاشدة، احتجاجًا على تردي خدمات المياه، مؤكدين أن الماء المتوفر لا يصلح للاستخدام ويأتي لساعات قليلة يوميًا فقط، وسط تجاهل حكومي واضح للمشكلة المزمنة.

ودعا المحتجون الحكومة المركزية إلى تبنّي حلول جذرية واستراتيجية لمعالجة ملوحة المياه، محملين نواب المحافظة في البرلمان جزءًا من مسؤولية تفاقم الأزمة، "لأنهم لم يؤدوا واجبهم الرقابي والتشريعي في الضغط لإيجاد حل دائم"، بحسب تعبيرهم.

أبي الخصيب

تظاهر عدد من أهالي قضاء أبي الخصيب، أمام مجلس محافظة البصرة، للمطالبة بحقوق القضاء الذي وصفوه بالمنكوب بسبب شحة المياه وتلوثها، مؤكدين على ضرورة عقد جلسة طارئة لحل المشكلة.

وقال المنسق الإعلامي للتظاهرة محمد الجابري، إن هناك تهميشا واضحا للقضاء ومطالبه وأهمها مشكلة اللسان الملحي وتصاعد نسبة الملوحة في المياه.

وأضاف الجابري، أن مشكلة الملوحة وصلت القناة الإروائية وارتفعت التراكيز الملحية مما ينذر بحدوث أمراض جلدية بدأت بالانتشار بين الأطفال والنساء والشيوخ.

وأشار إلى أن الجهات المسؤولة تقف عاجزة وبدون أي إجراء ونحن اليوم نتظاهر أمام مجلس المحافظة للمطالبة بعقد جلسة لمناقشة الكارثة البيئية التي تحل بالقضاء وإيجاد الحلول اللازمة لتجاوز هذه الأزمة.

شط العرب

ونظم عدد من أهالي قضاء شط العرب شرق البصرة، وقفة احتجاجية مطالبين الحكومتين المركزية والمحلية بإيجاد حلول جذرية لمشكلة ملوحة المياه التي فتكت بالقضاء على حد تعبيرهم، مستذكرين في ذات الوقت وعود محافظ البصرة أسعد العيداني عام 2018 بإنهاء أزمة الماء المالح.

وقال المحتجون، إنهم سئموا الوعود والحلول الترقيعية التي لا تجدي نفعا مع تصاعد أزمة الملوحة في مياه شط العرب الذي طالما كان نقيا صافيا ينهل المواطنون منه ويشربون منه مباشرة، فيما أصبح الآن غير صالح لا للشرب ولا للزرع ولا حتى للغسل ويبيد الحرث والنسل على حد تعبيراتهم.

وأضافوا أن القضاء بمساحته وعدد سكانه لا يحتوي على أي محطة لتحلية المياه، وهو قضاء مهمش ومهمل، مهددين بأنهم في حال لم تتم الاستجابة لمطالبهم فسينظمون وقفات أخرى لحين النظر لتلك المشكلة وحلها خصوصا وأنها لا تخص قضاء شط العرب لوحده بل جميع مناطق البصرة.

وأكدوا أن المياه تأتي إليهم مباشرة من شط العرب معقمة بالكلور، لكن هناك شركات تعمل على رمي مياه المجاري فيه، مشيرين الى ان هذه المشكلة نبهوا إليها في وقت سابق، لكن لم يتم حلها، الامر الذي يؤثر بشكل ملحوظ على صحة المواطنين بالإصابة بأمراض مختلفة مقترنة بتلك المياه واستخداماتهم اليومية منها.

وخلصوا الى سؤال المحافظ: متى تحل تلك المشكلة التي تتكرر كل عام؟

الحيانية

وفي منطقة حي الحسين (الحيانية)، نظم الأهالي تظاهرة شعبية واسعة، احتجاجًا على تردي واقع المياه ووصول اللسان الملحي إلى وسط البصرة، بعد أن كان مقتصرًا على مناطقها الجنوبية والشرقية.

وقال عدد من المتظاهرين، إنهم لا يطالبون بماء صالح للشرب، بل فقط ماء يصلح للغسل والاستخدام المنزلي، مؤكدين أن مياه الشرب يقومون بشرائها منذ عام 1991.

مهندسو ميسان

وأغلق عشرات المهندسين المتظاهرين، مبنى فرع نقابة المهندسين في محافظة ميسان، في خطوة تصعيدية احتجاجا على ما وصفوه بـ "تخلي النقابة عنهم وعدم تمثيلها لمطالبهم في الحصول على فرص عمل"، معتبرين انها لم تساند حقوقهم "المسلوبة"، على حد تعبيرهم.

وقال عدد من المتظاهرين أن النقابة وأعضاءها "لا يمثلونهم"، وهددوا بخطوات تصعيدية "أشد" في الأيام المقبلة.

واتهم المهندسون المحتجون النقابة بتمرير فرص العمل "وفقًا للمحسوبيات"، مطالبين الجهات الرقابية بمحاسبة النقابة وأعضائها وفقا للقوانين، والتحقيق في الشبهات المنسوبة لبعض أعضاء النقابة، على حد تعبيرهم.

ويأتي هذا الإغلاق في سياق تزايد الاحتجاجات المطالبة بفرص عمل في مختلف القطاعات، وخاصة بين فئة المهندسين والخريجين العاطلين عن العمل في العراق.

حليون يحاصرون "كابسات البلدية"

وقدم العشرات من أهالي ناحية النيل شمال بابل، على إغلاق الطريق المؤدية إلى مكب نفايات الصياحية لمنع دخول كابسات البلدية ما تسبب بازدحام شديد.

وقال محتجون إن الموقف الحكومي ضعيف في معالجة المشاكل الصحية التي يتسبب بها المكب لأهالي الناحية، لا سيما مع تفاقم ظاهرة حرق النفايات التي تتسبب بتلوث الهواء وتخلف أثاراً سلبية على الواقع الصحي، فيما أكدت بلدية الحلة أن الحكومة المحلية بصدد إعلان معمل تدوير النفايات كفرصة استثمارية ووجهت بتخصص قطع أراض بعيدة عن المناطق السكنية لاستخدامها كمكب للنفايات.

يقول أحمد الكناني، ممثل المتظاهرين: منذ أكثر من 15 عاماً وأهالي النيل يعانون من الأضرار البيئية، بسبب مكب نفايات الصياحية والحرائق التي يفتعلها “النباشة” بحجة البحث عن المعادن.

ويضيف ان "المكب مساحته 7 دونمات، وهو لا يستوعب كميات النفايات التي تلقى فيه، إذ تصل يومياً إلى 750 طناً، والأهالي يتحملون الأضرار الصحية، مشيرا الى ان "ناحية النيل بأغلب قراها محرومة من تشغيل أجهزة التبريد في الليل بسبب الدخان والأبخرة السامة المنبعثة من حرق النفايات".

ويشير الى وجود "مشاكل صحية فقد أصيب العشرات، وتحديداً كبار السن، بأمراض الجهاز التنفسي وبعض أمراض السرطان".

فيما يرد أحمد منتصر، مدير بلدية الحلة، مقرا بوجود "مشاكل في موضوع مكبات النفايات خاصة وأن كميات النفايات كبيرة جداً. أما الحرائق فالبلدية لا تتحمل المسؤولية".

ويشير الى ان دائرته لديها "خطوات جديدة لمعالجة مشكلة النفايات، الأولى تتمثل بمعمل تدوير النفايات الذي أكملت الحكومة المحلية جميع مخططاته وبصدد إعلانه فرصة استثمارية".

ويواصل حديثه بأن "الخطوة الثانية تتمثل بتوجيه الحكومة المحلية لجميع الوحدات الإدارية بتخصيص قطع أراض خارج حدود البلدية لتكون مكباً للنفايات لحين إكمال مشروع معمل تدوير النفايات".

مطالبات بإنصاف معلمي الإقليم

وتظاهر العشرات من معلمي ومعلمات الدراسة الكردية، أمام مبنى تربية كركوك، احتجاجًا على استمرار اعتقال عدد من زملائهم في محافظة السليمانية، وللمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة منذ أكثر من شهرين.

وطالب المتظاهرون بالإفراج الفوري عن عشرة معلمين، بينهم معلمتان، تم توقيفهم في السليمانية خلال مشاركتهم في احتجاجات سابقة للمطالبة بحقوقهم المالية، مؤكدين أن الاعتقال "انتهاك لحرية التعبير وكرامة الكوادر التربوية".

وذكر ممثل معلمي الدراسة الكردية في كركوك، محمد جليل: "زملاؤنا خرجوا في السليمانية للمطالبة برواتبهم المتوقفة منذ 56 يوماً، لكنهم قوبلوا بالاعتقال، وهذا تصرف غير مبرر"، مضيفًا أن "معلمي كركوك يقفون معهم وسيواصلون التصعيد السلمي حتى إطلاق سراحهم".

وأضاف جليل، أن "رواتب معلمي الدراسة الكردية في كركوك متوقفة منذ نحو شهرين، في حين أن المتقاعدين لم يتسلموا مستحقاتهم المتراكمة منذ عام كامل"، مشددًا على ضرورة "إيجاد حلول عاجلة من قبل الجهات المعنية في حكومة إقليم كردستان".

وردّد المتظاهرون، شعارات تطالب بإنصاف الكوادر التربوية وصرف الرواتب بانتظام، ملوّحين باستمرار الاحتجاجات في حال تجاهل مطالبهم.

وفي تلك الاثناء، طالب تحالف 19 الاحتجاجي، السلطات الأمنية في محافظة السليمانية بالإفراج الفوري عن عضوي لجنة المعلمين والموظفين المحتجين، عوسمان گولپي ودلشاد ميراني، اللذين اعتقلا الثلاثاء بعد استدعائهما من قبل جهاز الأمن (الآسايش).

وذكر التحالف في بيان ورد لـ"طريق الشعب"، أن "گولپي وميراني تلقّيا اتصالًا هاتفيًا من جهات أمنية، طُلب فيه منهما مراجعة الآسايش، إلا أن الاتصال بهما انقطع بعد ذلك، مما أثار قلق ذويهم والمشاركين في الحراك الاحتجاجي".

إضراب في مستشفى حلبجة

وبدأ عدد من الأطباء والكوادر الطبية والإدارية في مستشفى حلبجة العام، إضراباً عن الدوام الرسمي، احتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم الشهرية.

وشمل الاضراب الامتناع الكامل عن الدوام من قبل الأطباء والموظفين في المستشفى العام، وهو المرفق الصحي الرئيسي في المحافظة، ما أثر بشكل مباشر على سير الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين.

ويأتي هذا الحراك التصعيدي بعد سلسلة من المطالبات السابقة بصرف المستحقات المالية المتأخرة، دون أن تلقى استجابة من الجهات المعنية، ما دفع العاملين إلى اتخاذ هذه الخطوة اللافتة.

وتُعد أزمة الرواتب من أبرز الأزمات التي تواجه كوادر قطاعات مختلفة في إقليم كردستان، في ظل تعثر الاتفاقات المالية بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية في بغداد، وهو ما انعكس سلباً على مختلف القطاعات، لا سيما القطاع الصحي.

*************************************

الشيوعي الكردستاني يدين اعتقال المتظاهرين ويؤكد: عدم صرف رواتب موظفي الإقليم انتهاك لحقوق المواطنين

في الوقت الذي لم تُصرف رواتب آلاف الموظفين منذ شهرين، وهذا يُعدّ انتهاكًا لأبسط الحقوق الاقتصادية للموظفين والمتقاعدين، وحق المواطنين في التعبير عن مطالبهم المشروعة عبر التظاهرات والاحتجاجات المدنية. للأسف، بدلًا من الاستماع إلى مطالب المواطنين والوفاء بمسؤولياتهم، أقدمت السلطات على اعتقال عشرات الصحفيين والمواطنين، بعضهم رفاق حزبنا في السليمانية لفترة، وارتكبت انتهاكات عديدة لحرية التعبير.

يدين الحزب الشيوعي الكردستاني الاعتقالات والانتهاكات لحرية التعبير، ويعتبر من واجب حكومة إقليم كردستان توفير الرواتب وحماية الحق في حرية التعبير.

المكتب السياسي

 للحزب الشيوعي الكردستاني

26 يونيو/حزيران 2025

*******************************************

الصفحة الثالثة

في لقاء مع محليات الحزب وكوادره ونشطائه في بغداد رائد فهمي: المتغيرات تؤكد أهمية السير على طريق التغيير الشامل

التقى الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب، بحضور عدد من الرفيقات والرفاق أعضاء قيادته، مساء الأربعاء (25-6-2025)، مع سكرتاريي المحليات وأعضائها، وعدد من كوادر الحزب ونشطائه في بغداد.

تحدث الرفيق  فهمي عن المتغيرات على الصعيد الدولي والإقليمي، وبين أن السياسات المتبعة من قبل الإدارة الأمريكية، لاسيما بعد تسنم ترامب للرئاسة فيها، وعدد من حلفائها الأوربيين وكذلك الكيان الصهيوني، قادت إلى توتر الأجواء، وخرق المواثيق الدولية، وإضعاف دور الأمم المتحدة، فيما الأمن والسلم الإقليميين والعالميين يتعرضان إلى مخاطر جدية، وأخذ الأمر بعدا خطرا مع عدوان الكيان الصهيوني على إيران وشعبها بدعم ومشاركة أمريكية، ومع تواصل حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، لاسيما في قطاع غزة، واستمرار الحرب الروسية – الأوكرانية.

وبين أنه في حالة عدم الاستقرار الراهنة واللايقين على صعيد العالم، يزداد سباق التسلح وترتفع التخصيصات الدفاعية، لاسيما في أوربا، وكل ذلك هو على حساب اضعاف دعم وإسناد الفئات والقطاعات الهشة في المجتمعات، وعلى حساب الإنفاق الاجتماعي.

وتطرق الرفيق إلى الصعوبات والمشاكل الجدية التي تعاني منها اقتصاديات الدول الرأسمالية، وما فيها من إشكاليات حيث يتباطأ النمو وترتفع مستويات التضخم، ويتراكم الدين الخارجي والداخلي مع تهميش قطاعات واسعة.

وأشار إلى أنه في الوقت الذي تسعى دول عدة ومنها الصين وروسيا الاتحادية والبرازيل والهند إلى الدفع باتجاه عالم متعدد الأقطاب وتشجيع التجارة العالمية، تسعى أمريكا وحلفاؤها إلى استمرار الأحادية وسياسة الهيمنة والتوسع، وفرض منهج ترامب عبر الاملاءات والتهديد والعقوبات الاقتصادية و"سلام القوة".

 وتحدث سكرتير اللجنة المركزية للحزب عن العدوان الصهيوني والأمريكي على إيران، مبينا انهما حلقات في مسلسل واحد لتنفيذ ما بات يطلق عليه بـ "الشرق الأوسط الجديد" وتحقيق الهيمنة الأمريكية – الإسرائيلية المطلقة على شؤون المنطقة، من النواحي السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتحطيم إرادة الرفض والممانعة لدول المنطقة وشعوبها.

وتوقف الرفيق فهمي مطولا عند الأوضاع في بلدنا وحالة الحذر والقلق خلال الأيام الماضية، والمخاطر الجدية التي كانت قائمة والخشية من أن يتحول العراق إلى ساحة للمواجهة بين الأطراف المتصارعة. وأظهرت التطورات الأخيرة الضعف البيّن في إمكانية توفير حماية فاعلة لأجواء العراق التي انتهكت كثيرا، وسلامة مواطنيه وأراضيه.

وفي حديثه بيّن الرفيق تداعيات الأزمة العامة البنيوية في بلادنا، في المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، مبيّنا جوانب الفشل في مجالات عدة ومنها في السياسة الاقتصادية والمالية والنقدية، والخلل الكبير في الموازنات وتعاظم الإنفاق العام وارتفاع الدين الداخلي وانخفاض الرصيد في البنك المركزي العراقي، واستمرار الاعتماد على عائدات النفط التي بالكاد الآن في ظل انخفاض أسعار النفط تغطي الرواتب في ظل التوسع الكبير، غير المدروس والزبائني في التوظيف الحكومي. وعرج كذلك على العديد مما اسماه بـ "القنابل الاجتماعية" ومنها البطالة وخاصة بين الشباب، إضافة إلى ضعف الخدمات العامة والتوجه إلى فرض زيادات في الرسوم، ما يشكل عبئا إضافيا على المواطنين، ويسهم في إضعاف القدرات الشرائية لهم.

وتحدث فهمي عن الجديد في مشاكل البيئة، وشح المياه والحاجة إلى إجراءات عديدة، ومنها المطالبة بحصة عادلة في مياه نهري دجلة والفرات وترشيد استهلاك المياه وتوفيرها للاستخدامات المختلفة. وأشار أيضا إلى ضعف التنمية، وقلة الاستثمار وعدم توفر الظروف المناسبة له، وفي استجابة شركات رصينة للعمل في العراق.

وبيّن انه رغم الإجراءات المعلنة في مكافحة الفساد، فكل يوم يمر يعلن عن ملفات جديدة ما يؤشر إلى تفاقمه وتفشيه، وحالة التعشيق بين الفاسدين والمتنفذين في مؤسسات الدولة، فيما يستمر تغول السلاح المنفلت وعدم اتخاذ خطوات جدية لحصره بيد الدولة ومؤسساتها المخولة دستوريا.

وعرج على عناوين أخرى لها صلة بالأزمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم والملفات العالقة ومنها رواتب موظفي الإقليم، وغياب هيبة وسلطة الدولة وضعفها والتداخل بين السلطات، وما يمكن تسميته بأزمة العلاقة في مؤسسات القضاء، متوقفا عند تداعيات استقالة أعضاء المحكمة الاتحادية على جوانب عدة، ومنها ما يخص الانتخابات البرلمانية المقبلة. 

وأضاف بان المنظومة الحاكمة بمنهجها المتبع الراهن لا يمكن لها ان تقدم حلولا، ولذا قلنا بأن بلدنا بحاجة إلى المشروع الوطني الديمقراطي، والذي يحمل توجها يفضي إلى مأسسة الدولة ويحقق قدرا من العدالة الاجتماعية، والمشروع ما زال بحاجة إلى تبريز وتجميع القوى والإمكانات لدفعه قدما إلى أمام، وفرض إرادة الشعب وكسر احتكار السلطة وإحداث التغيير الشامل المنشود، مؤكدا بأن أحد روافع ذلك هو المشاركة الواسعة، والفاعلة في الانتخابات البرلمانية القادمة، ومبينا أن الحزب سيشارك فيها ضمن تحالف "البديل" الانتخابي، وصيغ أخرى، وبين بالتفصيل الأهداف  المتوخاة من تلك المشاركة.

وتوقف الرفيق فهمي عند مهام الشيوعيين في راهن الحال، مؤكدا على الدور الكبير الذي تنهض به محليات بغداد وعموم الرفاق في إعلاء شأن الحزب ودوره وتمتين صلاته مع الجماهير، وتحقيق التعبئة السياسية والجماهيرية، وتمتين الصلات مع جماهير وقطاعات مختلف الشرائح الاجتماعية لاسيما المهمشة منها والكادحة، والعمل على تبني مطالبها والدفاع عنها، وكل ذلك وغيره يتطلب المبادرة وترتيب الأولويات وتفعيل عناصر القوة وما يملكه الحزب من رصيد معنوي وسياسي واجتماعي.

وفي مداخلته بين الرفيق بسام محيي، نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب، أهمية التعبئة السياسية والجماهيرية، وتحديد المهام، مؤكدا على أهمية التوجه إلى الناس في تجمعاتهم، وإبداء الاهتمام بالفئات الكادحة، وتفعيل العمل بين النساء والشباب والطلبة. وتحدث تفصيلا عن مشاركة الحزب في الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني 2025، دوافعها واهميتها، وضرورة ان يحقق الحزب فيها ما يتناسب مع مكانته ودوره.

هذا وقدم العديد من الرفاق مداخلاتهم وأسئلتهم، التي تناولت جوانب مختلفة في سياسة ومواقف الحزب، وفي عمل المنظمات الحزبية، والتي أجاب عليها الرفيق رائد فهمي مؤكدا أهمية التخطيط والمتابعة والمبادرة في تنفيذ برامج الحزب وتوجهاته.

****************************************

عين على الاحداث

لا رأي لمن لا يطاع

عبَّرت وزارة البيئة عن تقديرها لدور الشرطة في مواجهة التلوث والتغير المناخي وبالتعاون مع الجهات المحلية والدولية، كاشفةً عن وجود 8 آلاف منشأة صناعية في بغداد، تسببت إلى جانب التوسع العمراني وضعف الوعي البيئي، في رفع مستويات تلوث الهواء والمياه والتربة. هذا وفيما نسيت الوزارة ذكر مائة مصدر آخر يساهم في تلوث الهواء، كمعامل الطابوق ومولدات الكهرباء ومحطات نقل النفايات ومواقع طمرها، والتي أوصلت تلوث الهواء إلى 86.7 ميكروغرام لكل متر مكعب، أي بعشرة أضعاف الحد الأعلى المسموح به عالمياً، دعا الناس "أولي الأمر" إلى وقفة جدية وعاجلة لمعالجة هذه الكارثة.

{منجزات} اقتصادية

شهدت الأسواق ركوداً اقتصادياً أكبر جراء الحرب الجارية في المنطقة، حيث تراجع الاستهلاك وارتفعت الأسعار وتصاعد الاهتمام باقتناء العملة الصعبة وضعُفت الثقة بالعملة المحلية وتذبذب سعر صرفها. ورأى المختصون في تسارع التدهور مؤشرات خطيرة على فشل السياسات المالية والنقدية، مما أدى إلى هشاشة الوضع الاقتصادي وركود الأسواق وضعف الدورة الاقتصادية وتآكل الرواتب وتقليل الإنفاق إلى الحد الأدنى. هذا ويطالب الناس بشدة "أولي الأمر" بالإسراع في تبني رؤية اقتصادية واضحة وتشجيع الاستثمار ودعم محدودي الدخل وتفعيل الرقابة لضبط الاسعار ومنع التلاعب بها، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية وإطلاق حزمة من الاصلاحات الاقتصادية العاجلة.

يا محلى گعدة الكافتريا

أكد عدد من النواب على ممارسة المتنفذين لضغوط شديدة بغية تعطيل جلسات المجلس، كي لا تُمرر القوانين المتعارضة مع رغباتهم. هذا وفيما لم تتجاوز جلسات الدورة الحالية 50 في المائة مما يحدده النظام الداخلي، فقد البرلمان ثقة الناس بقدرته على إنجاز شيء، بسبب تواصل عمله على قاعدة التوافق السياسي بين المتحاصصين، والذي لا يتحقق الاّ بعد توازن الرعب بينهم في صراعهم على كعكة القرار و"نعمة المال العام"، مما سيُبقّي النواب عند الأبواب، حتى عندما تنتهي العطلة التشريعية الحالية، والتي لم تكن شرعية أصلاً بسبب عدم إقرار المجلس لموازنة 2025 كما ينص على ذلك القانون.

أين دور الدولة؟!

شهدت معدلات الطلاق في بغداد ارتفاعا فسجلت محكمة الكرخ 1125 حالة مقابل 3316 عقد زواج، أي بنسبة 3:1 ومحكمة الرصافة 865 حالة طلاق مقابل 4914 عقد زواج، أي بنسبة 6:1. ورغم أن الفقر والصعوبات المعيشية كانت السبب الأرأس لإنفصال الزوجين، رصد الباحثون أسباباً أخرى منها السكن المشترك والأمية الثقافية وزواج الأطفال وضعف الشعور بالمسؤولية وغياب دور مؤسسات المجتمع في دعم العوائل الجديدة ومساعدتها في حلّ ما تواجهه من مشاكل وصعاب ثقافية واجتماعية أثناء تكونها، وهو أمر هام، يتم اعتماده في دول العالم المتقدمة لضرورته اتساقاً مع مسار تطور المجتمعات.

رسم النكتة

مع انخفاض سعر صرف الدينار مقابل الدولار، ترفع الحكومة رسومها وضرائبها على الخدمات التي تتدهور كل يوم في تناسب عكسي مع زيادة الضرائب، وبشكل بات يثقل كاهل أغلبية المواطنين، رغم أن المادة 28 من الدستور تمنع فرض ضرائب او رسوم بدون قانون. هذا وفي الوقت الذي بلغت فيه رسوم جواز السفر وإجازة السياقة 100 ألف دينار ورسم تجديد السنوية ربع مليون دينار ورسم قراءة مقياس استهلاك الكهرباء 2000 دينار، حتى إذا لم تكن هناك كهرباء لتُستهلك، يجهل الناس مصير كل هذه الأموال ويخشون من التندر على الأجراءات كي لا تفرض الحكومة رسوماً على الضحك.

*******************************************

العراق في الصحافة الدولية

ترجمة وإعداد: طريق الشعب

العراق وعواصف المنطقة

نشر موقع argus المهتم بقضايا الطاقة، تقريراً لمراسليه بشار حلبي وجون مينوارينغ، أشارا فيه إلى قيام شركات النفط العالمية العاملة في الجنوب بتقليص أعداد موظفيها الأجانب بسبب عدم الاستقرار الإقليمي، لاسيما بعد الغارات الجوية الأمريكية على مواقع نووية إيرانية في وقت مبكر من صباح الأحد الماضي، حيث قلصت شركة إيني الإيطالية عدد موظفيها في حقل الزبير الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 480 ألف برميل يوميًا، من 260 موظفًا إلى 98 موظفًا، مشيرة إلى أن هذا التخفيض جاء كإجراء احترازي، وأنها تراقب الوضع بالتنسيق مع السلطات الإيطالية والمحلية، فيما يعمل موظفوها الباقون بشكل طبيعي في الحقل إلى جانب الفرق العراقية لإدارة العمليات البترولية.

كما خفضت شركة توتال إنرجيز عدد موظفيها - حسبما أفادت شركة نفط البصرة - بما لا يقل عن 60 في المائة، دون أن يؤثر ذلك على العمل في تطوير حقل أرطاوي لزيادة طاقته الإنتاجية بمقدار 85 ألف برميل يوميًا ليصل إلى 210 آلاف برميل يوميًا.

لا تأثير على الإنتاج

وذكر التقرير بأن الشركات الصينية المُشغِّلة لحقول غرب القرنة 1 وسيبة والفيحاء لم تُجلِ موظفيها، والعمليات مستمرة بسلاسة، وفقًا لشركة نفط البصرة. كما حافظت شركة لوك أويل الروسية، المُشغِّلة لمشروع غرب القرنة 2، على مستويات التوظيف الاعتيادية ولم تُبلِّغ عن أي انقطاع. كما نقل التقرير عن شركة نفط البصرة العراقية الحكومية بأن تخفيض عدد الموظفين لم يؤثر على الإنتاج، الذي بقيّ يتراوح في حدود 3.32 مليون برميل يومياً.

تسيير ذاتي

وحول نفس الموضوع نشرت صحيفة "ذي ناشيونال" الناطقة بالإنكليزية تقريراً لمراسلها سنان محمود أكد فيه على إن شركات النفط في العراق أجلت معظم موظفيها الأجانب وسط مخاوف من انتشار حرائق الصراع إلى العراق، مشيراً إلى أن الموظفين العراقيين واصلوا تنفيذ العمليات والمراقبة، بالتنسيق الكامل مع المشغلين عن بُعد. وذكر التقرير بأن موظفي شركة بي بي البريطانية، وشركة إيني الإيطالية، وشركة توتال الفرنسية للطاقة، كانوا في مقدمة الراحلين.

وذكرت الصحيفة بأن المخاوف من تواصل واتساع الحرب قد تزايدت، حيث حذرت حكومات المنطقة الأجانب المقيمين فيها من التنقل، كما جاء في إعلانات حكومات المنامة والدوحة، التي طلبت حتى من مواطنيها العمل عن بُعد خشية من سقوط صواريخ رغم استقرار الوضع الأمني.

مخاطر جدية

ونشرت الصحيفة تقريراً للكاتبة إيفين كريم، أشارت فيه إلى أن بعض الحلفاء من العراقيين قد أطلقوا تحذيرات من استئناف هجماتهم على القوات الأمريكية في المنطقة إذا تدخلت الولايات المتحدة في الصراع بين إسرائيل وإيران، وهو ما يتقاطع مع حرص الحكومة على عدم الانجرار إلى الصراع، وهو ما دفعها للطلب من الولايات المتحدة وإيران بعدم تحويل بلادها إلى ساحة معركة.

وبينت الصحيفة بأنه ورغم تصاعد هذه المخاوف وانخراطها في الحرب الجوية المتفاقمة بالقرب من إيران، فقد أبقت واشنطن سفارتها في بغداد مفتوحة مع مغادرة بعض الموظفين الأمريكيين بشكل منظم وقبيل الهجوم الإسرائيلي على إيران.

أضرار سريعة

وكشف مقال نشره موقع S&P Global عن اضطرار العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك+، إلى تأجيل تطوير بعض مشاريع النفط، جراء توقف شركات الخدمات الإيرانية عن العمل وعدم قدرة العمال الأجانب من دخول البلاد في ظل استمرار إغلاق المجال الجوي العراقي بسبب الصراع في المنطقة. كما تحدث المقال عن تحركات عراقية لإيجاد بديل في حال إغلاق مضيق هرمز، رغم أن إنتاج البلاد من النفط وتصديره من موانئها النفطية بقي مستمراً وفقًا للمعدلات الاعتيادية، التي تبلغ 4 ملايين برميل يوميًا.

وأخيراً، أشار الموقع إلى أن قطع إيران لإمدادات الغاز عن العراق، سيؤدي إلى فقدان 3.5 جيجاوات من إمدادات الطاقة الكهربائية، وسيرفع استخدام السوائل لتوليد الطاقة من 270 ألف برميل يوميًا من زيت الوقود إلى 450 ألف برميل يوميًا، بافتراض استقرار استخدام الغاز شهريًا.

****************************************

الصفحة الرابعة

هل ستتخلى الدولة عن الزراعة؟ شركة زراعية فاعلة في مرمى {التصفية الحكومية}!

بغداد – طريق الشعب

أثار قرار الحكومة تصفية عدد من الشركات الزراعية العامة، في إطار ما وصفته بـ"إصلاح هيكلية القطاع العام"، موجة اعتراضات وتحذيرات من تداعيات كارثية على القطاع الزراعي والأمن الغذائي في البلاد.

وجاءت هذه التحركات الحكومية عقب أولى جلسات لجنة إعداد الرؤية الشاملة بشأن التعامل مع الشركات العامة، المنعقدة بتاريخ 25 أيار 2025، والتي أعلنت عنها الأمانة العامة لمجلس الوزراء في بيان رسمي.

وبحسب البيان، فإن اللجنة، وبناءً على توصيات اللجنة الزراعية الصناعية، قررت إعادة تصنيف شركة ما بين النهرين العامة للبذور كشركة إنتاجية، تنفيذًا للفقرة (ثانياً) من خطة هيكلة الشركات العامة المملوكة للدولة لعام 2024. وفي المقابل، قررت اللجنة المباشرة بالإجراءات القانونية اللازمة لتصفية الشركة العراقية لإنتاج البذور التابعة لوزارة الزراعة، معتبرة أن هذه الخطوة تأتي ضمن مساعي الحكومة لتحديث القطاع العام بما يتلاءم مع متطلبات التنمية الاقتصادية.

لكن الحدث الأكثر إثارة للجدل جاء مع قرار تصفية الشركة العامة للتجهيزات الزراعية، والذي فجّر موجة غضب داخل أوساط نيابية ومهنية، اعتبرت القرار تهديداً مباشراً لمستقبل الزراعة في العراق.

تهديد لهيكل الزراعة

النائب ثائر مخيف الجبوري، عضو لجنتي الزراعة والأقاليم النيابيتين، وصف القرار بأنه "ضربة قاسية" لأحد أهم أعمدة دعم الزراعة في العراق. وقال الجبوري في بيان رسمي إن الشركة ليست فقط شريكًا رئيسيًا للفلاحين في جميع المحافظات، بل تدير أيضًا عقودًا قائمة وأخرى قيد التنفيذ، وتشغّل ما يزيد على 6000 موظف يتقاضون رواتبهم من تمويل ذاتي، يقدّر بأكثر من 6.5 مليار دينار شهرياً، دون تحميل خزينة الدولة أي أعباء.

وحذّر الجبوري من أن تنفيذ قرار التصفية سيؤدي إلى احتكار السوق من قبل التجار، وسيتسبب بارتفاع أسعار المواد الزراعية الأساسية كالبذور والأسمدة والمكائن، ما سيثقل كاهل الفلاح العراقي الذي يعاني أصلاً من تحديات بنيوية، أبرزها شح الدعم الحكومي، وتقلبات السوق، والمناخ، ومحدودية المياه.

وأكد الجبوري رفضه التام لهذا التوجه الحكومي، داعيًا إلى مراجعة القرار وتقييم تأثيراته الاقتصادية والاجتماعية بعناية، مشيراً إلى أن الإجراء "يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي الوطني وهيكل الدولة الزراعي".

يهدد بنية الدولة الإنتاجية

وحذّر المهندس الزراعي الاستشاري عبدالكريم عبدالله بلال من تداعيات قرار مجلس الوزراء الأخير القاضي بحل وتصفية الشركة العامة للتجهيزات الزراعية، معتبراً أن القرار يمثل إصراراً غير مبرر على الإجهاز على ما تبقى من أسس عملية لبناء القطاع الزراعي في العراق، وزيادة معاناة الفلاحين والمزارعين.

وأكد بلال في حديث لـ"طريق الشعب"، أن قرار تصفية شركة التجهيزات الزراعية يُعد خطوة خطرة وغير مدروسة، إذ إن الشركة تُعد من أهم مؤسسات القطاع العام الممولة ذاتياً، وقد تأسست وسُجلت في 24 شباط 1998 استناداً إلى قانون وزارة الزراعة رقم 76 لسنة 1987 وقانون الشركات رقم 22 لسنة 1997، برأسمال قدره 500 مليون دينار، وتمتلك 15 فرعاً في مختلف المحافظات، ويعمل فيها نحو 6000 موظف.

وقال أن الهدف الرئيس من تأسيس الشركة هو دعم القطاع الزراعي وصولاً إلى الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي، وذلك عبر توفير المستلزمات الزراعية من بذور وأسمدة ومبيدات وآلات ومعدات، وبيعها بالتصريف لتسهيل حصول الفلاحين عليها، فضلاً عن علاقاتها الوثيقة مع شركات محلية وعربية وأجنبية رصينة، وبضائعها المستوردة من مناشئ خاضعة للفحص والسيطرة النوعية. كما توفر الشركة خزيناً احتياطياً يقي الفلاحين من مضاربات السوق وتلاعب تجار القطاع الخاص، وتمتلك قسماً للتطوير وحق شراء براءات الاختراع ومتابعة أحدث التطورات العلمية في المجال الزراعي.

وزاد بلال بالقول أن قرار تصفية الشركة لا ينسجم مع متطلبات الواقع العملي أو العلمي، متسائلاً: ما مصير 6000 موظف يعملون في الشركة وتعتمد رواتبهم على التمويل الذاتي دون أن يكلّفوا الدولة ديناراً واحداً؟ وماذا سيحلّ بمخزون الشركة من الأسمدة والبذور والمبيدات والآلات والمكائن؟ وهل ستُعرض في مزادات علنية وتُباع بأسعار بخسة رغم أنها كلفت الدولة والشركة أموالاً طائلة؟

وتساءل بلال عن مصير البنى التحتية المنتشرة في المحافظات والعقود المبرمة مع عشرات الشركات المحلية والعربية والدولية، ومصير الفلاحين الذين يعتمدون على هذه الشركة في تأمين احتياجاتهم الزراعية؟

واختتم المهندس الزراعي الاستشاري بالقول: "الأهم من كل ذلك، من سيتولى دعم الفلاح والمزارع والعملية الزراعية بعد هذا القرار؟ هل هناك قرار خفي بإنهاء القطاع الزراعي برمته؟ هذه أسئلة لا تزال تنتظر إجابات واضحة من الجهات المعنية"، متمنيا على مجلس الوزراء الغاء القرار والإبقاء على شركة التجهيزات الزراعية ودعمها لتواصل أداء دورها الحيوي في خدمة الزراعة والمزارعين، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وضمان الأمن الغذائي لأبناء الشعب العراقي، انسجاماً مع مبررات تأسيسها وأهدافها الوطنية.

خطوة غير موفقة

من جانبه، حذر مستشار اتحاد الجمعيات الفلاحية أحمد القصير من خطورة القرارات الحكومية التي تستهدف تقليص دور المؤسسات الزراعية العامة، معتبراً أنها لا تصب في مصلحة التنمية الزراعية المستدامة، بل تمهد الطريق أمام احتكار السوق من قبل التجار، على حساب الأمن الغذائي الوطني.

وقال القصير إن "معظم القرارات المتعلقة بالقطاع الزراعي، بشقيه النباتي والحيواني، لا تصب في مصلحة تنمية هذا القطاع الحيوي"، مضيفاً أن "هناك توجه واضح نحو الخصخصة، ومحاولات لإضعاف أي منتج وطني يمكن أن يساهم في دعم الأمن الغذائي، بحجج وذرائع واهية".

وأشار إلى أن "الشركات الزراعية، رغم ما تعانيه من نواقص وقلة دعم، ما زالت تقدم خدمات أساسية تتعلق بالبذور والأسمدة والآلات الزراعية، بدعم من المصرف الزراعي"، موضحاً أن "الآلات التي تقدمها تلك المؤسسات تخضع لشروط مالية ميسرة، وهو ما يمثل دعماً حقيقياً للفلاحين".

وانتقد القصير ما وصفه بـ"الخطوة غير الموفقة" لتقليص دور هذه المؤسسات، محذراً من أن "التجار سيسيطرون على السوق دون أي منافسة أو رقابة، ما يتيح لهم التحكم الكامل بالأسعار صعوداً وهبوطاً"، مؤكداً أن "من دفع باتجاه هذا القرار هم ذاتهم التجار الذين يسعون لتحقيق مصالحهم الخاصة من خلال العلاقات والوساطات".

ودعا القصير إلى "إعادة النظر في القرار"، مشدداً على ضرورة أن "تتبنى الدولة بدائل حديثة وتقنيات جديدة لدعم القطاع الزراعي، لا أن تقلص المؤسسات القائمة التي تضم آلاف الموظفين، وتُعدّ ركيزة أساسية في تقديم المستلزمات الزراعية".

وختم بالقول إن "هذا القرار لا يخدم سوى مصالح التجار، ويهدد بتخريب القطاع الزراعي، في وقت يحتاج فيه العراق إلى تنمية زراعية مستدامة تضمن الأمن الغذائي والسيادة الزراعية".

********************************************

اقتصاديون يؤشرون ثلاثة عوامل ستضغط أسعار الخام زيادة الإنتاج النفطي.. تعزيز للإيرادات أم تعميق للأزمات؟

بغداد - طريق الشعب

بين تقلبات الأسعار العالمية وضغوط الداخل الاقتصادي، يجد العراق نفسه أمام معادلة معقدة تفرضها تحولات سياسة تحالف “أوبك بلس”، الذي بات يتحرك في مساحة ضيقة بين الحفاظ على تماسكه الداخلي واستيعاب المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة.

ففي خضم هبوط أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، اتخذ التحالف قراراً يقضي برفع الإنتاج تدريجياً، ما فتح باب النقاش حول دوافع هذا التغيير، وتداعياته على الدول الأعضاء، وعلى رأسها العراق الذي يعاني من تحديات مالية وهيكلية مزمنة.

ويتجه النفط نحو تسجيل أكبر خسارة أسبوعية له منذ عامين، بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، حيث تحوّل تركيز المستثمرين من النزاع في الشرق الأوسط، إلى مفاوضات التجارة الأميركية.

واستقر خام "برنت" قرب 68 دولاراً للبرميل، منخفضاً بنحو 12% خلال الأسبوع الاخير، في حين تداول خام "غرب تكساس" الوسيط فوق 65 دولاراً، وفقا لوكالة "بلومبرغ".

ومع استمرار التهدئة الهشة، بدأ المستثمرون بتحويل اهتمامهم إلى التقدم في المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وقال وزير التجارة هوارد لوتنيك إن اتفاقاً تم التوصل إليه الشهر الماضي.

ويُعتقد أن اهتمام سوق النفط سيتجه إلى تحالف "أوبك+" واحتمال تنفيذ زيادة كبيرة أخرى في حصص الإنتاج.

ومن المقرر ان يجتمع التحالف في 6 تموز المقبل لاتخاذ قرار بشأن سياسة الإنتاج لشهر آب.

تحول استراتيجي وسط ضغوط اقتصادية

وفي هذا السياق، يشير أستاذ الاقتصاد الدولي، د. نوار السعدي، الى ان القرارات الأخيرة التي اتخذها تحالف -أوبك بلس- نهاية أيار الماضي، تمثل تحولاً استراتيجياً في طريقة إدارة التحالف للسوق النفطية، في ظل تراجع حاد بأسعار النفط العالمية التي انخفضت مؤخراً الى ما دون 62 دولاراً للبرميل.

ويقول السعدي في حديث لـ "طريق الشعب"، إن قرار -أوبك بلس بزيادة الإنتاج تدريجياً اعتباراً من تموز المقبل، رغم وجود فائض نسبي في المعروض، لم يكن مفاجئاً، بل عكس رغبة بعض الدول المؤثرة في التحالف، وعلى رأسها روسيا، في استعادة حصصها السوقية التي فقدتها خلال الفترة الماضية".

ويضيف أن القرار جاء "نتيجة توازنات داخلية معقدة داخل التحالف؛ فبينما فضّلت دول مثل السعودية مواصلة سياسة خفض الإنتاج لضبط السوق ودعم الأسعار، رأت دول أخرى مثل روسيا والعراق أن استمرار التخفيضات الطوعية يُثقل كاهل اقتصاداتها ويحد من قدرتها على تحقيق إيرادات نفطية تواكب التزاماتها المالية المتزايدة".

ويرى ان "الاتفاق على التراجع التدريجي عن التخفيضات شكّل حلاً وسطاً يحافظ على وحدة التحالف، مع السماح بزيادة الإنتاج تدريجياً".

وفي ما يتعلق بانعكاساته على العراق، يجد السعدي أن الأثر مزدوج: "من جهة، أتاح للعراق فرصة رفع إنتاجه بدءاً من نيسان الماضي، ما قد يسهم في تعزيز إيراداته النفطية، التي تُعد المصدر الأساسي لميزانيته". و"من جهة أخرى، فإن استمرار انخفاض الأسعار قد يحد من العوائد المتوقعة، لا سيما في ظل التحديات التي يواجهها العراق في إدارة إنتاج إقليم كردستان، وعدم التزامه الكامل في أوقات سابقة بحصته ضمن التحالف، حيث تجاوز سقف الإنتاج المسموح به".

ويخلص السعدي الى أن قرارات -أوبك بلس- تعكس محاولة لتكييف السياسات الإنتاجية مع متغيرات اقتصادية وجيوسياسية معقدة، لكنها في الوقت ذاته تبرز هشاشة التفاهمات داخل التحالف، مرجحا أنه "إذا لم تشهد الأسعار تعافياً واضحاً خلال الأشهر المقبلة، فقد تؤدي زيادة الإنتاج إلى تفاقم تخمة المعروض، ما سينعكس سلبًا على اقتصادات الدول المنتجة، وفي مقدمتها العراق".

تحديات اقتصادية معقدة

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي صالح الهماشي، إن تحالف “أوبك بلس” "يحاول منذ نحو أربع سنوات التعامل مع مشاكل داخلية تتعلق بالإنتاج وتقلبات أسعار النفط، عبر سياسات خفض الإنتاج لضبط السوق".

وأضاف الهماشي لـ"طريق الشعب"، أن "السعودية وروسيا بادرتا في المرحلة الأولى بخفض حصص إنتاجهما، فيما لم يلتزم العراق حينها بتقليص إنتاجه، بسبب أوضاعه الاقتصادية الصعبة وافتقاره إلى مصادر بديلة للإيرادات".

وأوضح أن أوبك بلس "فرضت لاحقًا تخفيضات متفاوتة على جميع أعضائها، بمن فيهم العراق، رغم محاولاته المتكررة للاعتذار عن الالتزام بسبب حاجاته الاقتصادية العاجلة"، مشيرا الى أن "التطورات الجيوسياسية، ولا سيما تراجع حدّة الحرب الروسية - الأوكرانية، ساهمت في تدفق النفط الروسي إلى الأسواق، ومع احتمال توصل إيران إلى تفاهمات بخصوص تصدير نفطها، قد تدخل كميات إضافية تقدّر بثلاثة ملايين برميل يومياً إلى السوق، وهو ما قد يضغط بشدة على الأسعار العالمية".

وبخصوص العراق، أشار إلى أن "الضغوط لا تتوقف عند حدود الالتزام بحصص الإنتاج، بل تمتد إلى ملفات داخلية حساسة، من بينها تهريب النفط من إقليم كردستان، وتدخل بعض الجهات الإقليمية في هذا الملف، فضلًا عن ضعف جباية الدولة للإيرادات المحلية".

ولفت الى انه "وسط كل هذا ما تزال الإيرادات غير النفطية بمستوى سيئ، ولا تشكل سوى 7 بالمائة فقط من حجم الواردات"، مبيناً ان "مشكلة كل الحكومات المتعاقبة وبضمنها حكومة السوداني، هي انها لا تميز بين الاقتصاد والمالية، فهم ينظرون للإيرادات على أنها مالية، لكنها بواقع الحال هي نتاج لنشاط اقتصادي".

وتابع قائلاً ان "الية الحكومة لتعزيز الإيرادات غير النفطية، عن طريق رفع الضرائب أثبتت فشلها، لان رفع الضرائب سيخفف الإيرادات كونه سيؤدي الى تقليل الاستهلاك والركود في السوق. العديد من دول العالم تلجأ الى خفض الضرائب من اجل تعزيز النشاط الاقتصادي والنمو والاستهلاك".

وأشار الى ان "تعزيز الإيرادات غير النفطية يجب ان يقترن بتخطيط واستثمار صحيح بمختلف القطاعات النائمة في البلاد، والتي يمكن ان تعزز هذه الإيرادات بشكل كبير، لكن حتى الآن الأمور تسير بشكل سيئ ومترد".

واختتم الهماشي حديثه بالقول: أن "مؤشرات الأداء المالي في العديد من المؤسسات الحكومية تُظهر أنها مؤسسات خاسرة، وأن القليل منها فقط يحقق أرباحاً، ما يعمّق الأزمة الاقتصادية ويحد من قدرة الدولة على الاستفادة من أي زيادة محتملة في إنتاج النفط".

ان الأوضاع الاقتصادية الراهنة في بلدنا تفرض ضرورة ملحّة لإعادة النظر في السياسات المعتمدة، والتوجه الجاد نحو تنويع مصادر الدخل الوطني، وتنمية القطاعات الإنتاجية، وحماية المنتج المحلي، والعمل الجاد من أجل ضبط وتنظيم آليات السوق، مع تقليص الاستيراد إلى أدنى حد ممكن. كما لا بد من مراجعة عقود التراخيص في قطاعي النفط والغاز بشكل يضمن مصالح العراق، ويحميه من تقلبات أسعار النفط.

******************************************

الصفحة الخامسة

باعة كثيرون اضطروا إلى ترك محالهم إيجارات العقارات التجارية تتصاعد دون رادع قانوني

متابعة – طريق الشعب

ألقى علي كاظم فواز نظرة وداعٍ أخيرة على محله الكائن في منطقة بغداد الجديدة، بعد أن اضطر إلى إغلاقه، إثر رفع بدل الإيجار إلى 4 آلاف دولار شهرياً. وهو مبلغ يؤكد أنه من المستحيل تأمينه.

يقول علي في حديث صحفي، أنه كان يدفع شهريا لصاحب العقار مليون ونصف المليون دينار، ورغم أن المبلغ كبير، خاصة إذا أضيفت إليه أجور العاملين والضرائب وغيرها من النفقات، إلا انه كان يستطيع جمعه، بالشكل الذي يؤمّن دخلا بسيطا لعائلته.

ويضيف بالقول "أما المبلغ الجديد الذي فرضه صاحب العقار، فهو يفوق قدرتي على الدفع"، لافتا إلى أن "صاحب العقار أصر على سداد المبلغ بالدولار حصرا، ولم يتراجع عن ذلك رغم محاولات التفاوض وتدخل العديد من الناس".

وتُظهر حالة علي، جانباً من أزمة متفاقمة تشهدها بغداد ومحافظات أخرى، تتمثل في ارتفاع أبدال إيجار المحال التجارية إلى مستويات غير مسبوقة. إذ تصل في بعض الحالات إلى آلاف الدولارات شهريا، حتى في المناطق التي يسكنها الفقراء وذوو الدخل المحدود، الأمر الذي اضطر العديد من المستأجرين إلى إغلاق أعمالهم أو نقلها لمناطق أخرى.

وبات من الشائع أن يرفض بعض أصحاب العقارات تقاضي الإيجارات بالدينار العراقي، مفضلين الدولار، في ظل غياب تشريعات حديثة تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، خصوصاً في العقارات التجارية.

القانون لا يواكب المتغيرات

لا تزال العلاقة التعاقدية بين المؤجرين والمستأجرين تُنظَّم وفق قانون إيجار العقار رقم 87 لسنة 1979، الذي لا يتضمن نصوصاً واضحة تلزم بتسعير الإيجارات بالدينار العراقي، أو تضع سقفاً لبدلات الإيجار، بل يترك الأمر لتقدير الطرفين.

في هذا الصدد يقول المستشار القانوني وليد الشبيبي، أن "قانون الإيجار يتخصص في العقارات السكنية. أما العقارات المؤجّرة لأغراض تجارية أو صناعية فتخضع لأحكام القانون المدني رقم 40 لسنة 1951، وكلا القانونين يهدفان لحماية المستأجر، لكن التطبيق العملي يترك المستأجر تحت رحمة السوق".

ويتابع في حديث صحفي قوله أنه "في السابق، كانت العقارات السكنية والتجارية تخضع لقانون رقم 78 لسنة 1979، الذي كان يمنح حماية أوسع للمستأجرين، أما الآن فلا توجد ضوابط قانونية واضحة لتحديد أبدال الإيجار، ما يدفع بعض المستأجرين إلى توقيع عقود طويلة الأمد تصل إلى 15 سنة أو أكثر، هرباً من تقلبات الأسعار".

ويشير الشبيبي إلى انه "بإمكان صاحب العقار تقديم طلب لتقييم الإيجار من قبل هيئة الضرائب إذا شعر بالغبن بسبب العقد الطويل، على ألا يتجاوز التقييم نسبة معينة من بدل الإيجار السابق"، داعيا الدولة إلى التدخل لدعم الفئات الهشّة من خلال بناء مجمعات تجارية وصناعية وتأجيرها بأسعار مناسبة.

ويرى أن "الحل يكمن في دخول الدولة كمستثمر، لأن الدستور لا يسمح بالتدخل في الملكية الخاصة أو فرض شروط عليها، وهو ما يمنعها من وضع ضوابط مباشرة على الإيجارات".

الدولار يطيح بالمشاريع الصغيرة

وتتكرر قصص مستأجري العقارات التجارية في بغداد، من المنصور إلى الكرادة واليرموك وشارع الربيعي. حيث ارتفعت الإيجارات بشكل كبير، وبدأت تُسعَّر بالدولار، ما دفع العديد من أصحاب المحال والمطاعم إلى الإغلاق أو الانتقال.

يقول كاظم حسن زامل أنه "استأجرت مطعماً شعبياً في الكرادة قبل ثلاث سنوات بمبلغ مليون ونصف المليون دينار شهرياً، لكنني فوجئت قبل شهرين بزيادة الإيجار إلى 3 آلاف دولار. لذلك لم أتمكن من الدفع فاضطررت إلى إغلاق المطعم والبحث عن مكان آخر".

ويوضح في حديث صحفي أنه بعد انتهاء العقد عرض عليه المالك تجديد الإيجار بالمبلغ الجديد أو المغادرة، فاختار الخيار الثاني، لأنه لا توجد جهة قانونية تحميه من هذا الاستغلال.

وفي مناطق أخرى مثل أبو دشير، تواجه صاحبة محل الخياطة فاطمة حسن تحديات مماثلة. فقد استأجرت محلاً صغيراً بمبلغ 200 ألف دينار شهريا، ثم ارتفع الإيجار تدريجياً حتى وصل إلى 500 ألف دينار، ما اضطرها إلى إغلاق المحل.

تقول فاطمة في حديث صحفي أنه "لم أجد محلاً ببدل إيجار مناسب، فقررت استقبال زبوناتي في منزلي، وعلّقت لافتة على الجدار لهذا الغرض".

من يحمي المستأجر؟!

تحت غطاء قانوني مبني على مبدأ "العقد شريعة المتعاقدين"، يواصل بعض أصحاب العقارات فرض أبدال إيجار مرتفعة، ما يضع المستأجرين في موقف ضعيف قانونياً.

وفي ظل غياب قوانين تحدد سقفاً لبدلات الإيجار أو تمنع تسعيرها بالدولار، يضطر العديد من المواطنين إلى الرضوخ لأصحاب الأملاك.

مناشدة الى البرلمان

من جانبه، يُعلّق الخبير الاقتصادي حيدر جودي على هذه الظاهرة بالقول، أن "أصحاب العقارات يفضلون الدولار لحماية قيمة ممتلكاتهم في ظل عدم استقرار الدينار العراقي، ولا يوجد ما يمنعهم قانونياً من ذلك".

ويلفت في حديث صحفي إلى أن "الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والموازي تؤثر سلباً على الأنشطة التجارية والمالية"، مؤكداً أنه "لا يمكن تحقيق استقرار اقتصادي دون خطة مالية واضحة تهدف إلى تقليص الفجوة بين السعرين، وتعزيز الثقة في العملة المحلية".

ويُطالب جودي مجلس النواب بإعادة النظر في قوانين الإيجار التجاري، وإصدار حزمة إصلاحات تشمل تحديد سقف للإيجار ومنع التسعير بالدولار بهدف التقليل من التلاعب بالأسعار.

ما عذر أصحاب العقارات؟

من جهتهم، يبرر أصحاب العقارات رفع أبدال الإيجار بـ "ارتفاع تكاليف امتلاك العقار نفسه". حيث يرى حسين حميد، وهو صاحب عقار في مجمع تجاري ببغداد، أن "الإيجارات المرتفعة تعود إلى التزامات مالية ضخمة على المالك".

ويوضح في حديث صحفي أنه "إذا كان الإيجار الشهري ألف دولار، فأنا مطالب بدفع 400 دولار شهرياً كقسط للبنك أو صندوق الإسكان، فضلاً عن دفعات سنوية تصل إلى 20 ألف دولار للمستثمر، وبالتالي لا أستفيد من العقار إلا بعد سنوات طويلة".

ويضيف حميد قوله أنه "لا يمكنني تخفيض الإيجار بمعزل عن بقية الملاك في المجمع، لأن ذلك سيضر بمصالحهم، ورغم كل هذا، فإن أبدال الإيجار لا تمثل حتى ربع أو ثلث في المائة من قيمة العقار".

وأدى غياب القوانين الحديثة إلى إطلاق يد أصحاب العقارات في تحديد الأسعار والعملة، دون أي ضوابط قانونية أو مراعاة للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها العديد من المواطنين.

في المقابل، وجد المستأجرون أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مرّ: القبول بشروط مجحفة، أو الإخلاء القسري.

ويظهر الواقع الحالي لسوق العقارات التجارية في العراق اختلالاً واضحاً في موازين القوى بين المؤجر والمستأجر، وسط قوانين قديمة لا تواكب التحديات الاقتصادية الراهنة ولا تحاسب المتلاعبين ومستغلي الأوضاع الاقتصادية في البلاد - وفقاً لمراقبين اقتصاديين.

ومع استمرار تسعير الإيجارات بالدولار وغياب أي حماية قانونية حقيقية، تبقى الفئات الهشّة من أصحاب المشاريع الصغيرة تحت ضغط لا يُحتمل، الأمر الذي يفرض على الحكومة إيجاد حلول سريعة لهذه المشكلة.

**********************************************

المد الملحي يتفاقم بلا حلول!

البصرة - عدنان صادق

منذ العام 2008 تزايد المد الملحي في شط العرب، وأثر بشكلٍ كبير على واقع الزراعة؛ إذ منع الفلاحين من زراعة أراضيهم التي كانت عامرة بأصناف مختلفة من الفاكهة والمزروعات الأخرى. بينما لا تزال معاناتهم قائمة إثر عدم توفر المستلزمات والخدمات الزراعية والدعم الحكومي المطلوب.

لم نشهد أي حل يلوح في الأفق لمشكلة المد الملحي، رغم المطالبات المستمرة ومناشدة الجهات المعنية ذات العلاقة. إلاّ ان الأوضاع تزداد سوءاً بعد تصاعد ملوحة ماء الإسالة. حيث أصبح لا يصلح حتى للغسيل لأن مصدره أساسا من شط العرب. ليس هذا وحسب، بل أن المواشي ومنها الجاموس على وجه الخصوص، باتت تعاني أمراضا مختلفة جراء تلوّث المياه.

أين الحكومة من ذلك؟!

كنا قد استبشرنا خيراً بمبادرة نصب مضخة كبيرة على النهر الإروائي (قناة البصرة الاروائية التي تنقل الماء الصالح للسقي من شمال البصرة عبر الأنابيب)، مع مد أنابيب لري جزء كبير من "قرية الدورة"، الا أن هذا المشروع لم يكتمل ولم يرَ النور أصلاً حتى الآن، وذلك للأسباب عدة، أهما وجود أخطاء في عملية مد الأنابيب، تضاف لها الكلفة العالية للتنفيذ. علما أن أغلب الفلاحين هم من ذوي الدخل المحدود ولا يمكنهم تحمل تلك التبعات الثقيلة.

ما الحلول؟

الواقع يشير إلى أنه لا يوجد حل ناجح في الأفق، وان الجهات المعنية غير مكترثة للأمر وعاجزة عن إيجاد حلول بالرغم من وجود مقترحات ودراسات أكاديمية عراقية وأجنبية في هذا الشأن، صادرة من جهات متخصصة.

لكن علينا ان نضغط باستمرار على أصحاب القرار والنفوذ، ونطالبهم بالخروج من هذه الأزمة الخانقة.

***************************************

كركوك أطفال ناحية الرياض منسيون!

كركوك – مصطفى محمد

على بعد 33 كيلومترًا جنوب غربي كركوك، تقع ناحية الرياض التابعة إداريًا إلى قضاء الحويجة، وهي منطقة طالما عانت الأمرين من قلة الخدمات والإهمال.  لكن المشكلة المتصدرة اليوم في الناحية، هي عدم توفر روضة أطفال واحدة، رغم المطالبات في هذا الشأن، ما رسم صورة مؤلمة لمستقبل أجيال تُركت تواجه مصيرها دون أدنى مقومات البناء والتوعية.

ودمرت الأعمال الإرهابية التي اجتاحت المنطقة عام 2014 جزءًا كبيرًا من البنية التحتية، ولم تسلم المدارس والمرافق التعليمية من ويلات التخريب والقصف. وبالرغم من مرور سنوات على تحريرها من الإرهاب، لا تزال الرياض، التي يسكنها نحو 12 ألف نسمة، تفتقر إلى أبسط مقومات الطفولة المبكرة. إن غياب الروضة ليس مجرد نقص في البنيان، بل هو غياب لفضاء حيوي يُفترض أن يجمع الأطفال، ينمي وعيهم، ويغرس فيهم بذور الانتماء الوطني والقيم الإيجابية. فمنطقة الرياض، للأسف الشديد، عانت طويلاً الأفكار السلبية المتطرفة التي حصدت أرواحًا بريئة وألحقت خسائر مادية فادحة. واليوم، إذا أردنا بناء جيل وطني حقيقي، يرفض التطرف ويؤمن بالتعايش، فعلينا أن نبدأ من أطفالنا. يجب أن نؤمّن لهم بيئة آمنة وصحية يتلقون فيها العلم والمعرفة، وينمّون قدراتهم الاجتماعية والعقلية في مرحلة ما قبل المدرسة. المفارقة المؤلمة هي ان محافظة كركوك شهدت منذ عام 2017 "ميزانية انفجارية" وصندوقًا لدعم المناطق المحررة، كان الهدف الأساسي منه إعادة إعمار هذه المناطق وتوفير الخدمات الأساسية لسكانها. ومع كل هذه الموارد، ومع مطالبات الأهالي المتكررة، ما زال أطفال الرياض يحلمون بروضة تحتضنهم، وتمنحهم الفرصة ليتعلموا ويلعبوا وينموا كغيرهم من أطفال العالم.

إنها دعوة عاجلة للمسؤولين في كركوك والحويجة، ولجميع المعنيين بالملف التعليمي، إلى النظر بجدية لهذه الكارثة الإنسانية والتعليمية. فبناء روضة أطفال في الرياض ليس مجرد مشروع إنشائي، بل هو استثمار في مستقبل الأجيال، وتحصين لهم من براثن الجهل والتطرف. إنها خطوة أساسية نحو بناء مجتمع واعٍ ومتحضر، يزدهر فيه الأمل وتتلاشى ظلال الماضي المؤلم. هل ستبقى صرخة الطفولة المنسية في الرياض بلا صدى، أم سيتحقق حلم هؤلاء الأطفال ببيئة تعليمية آمنة ومحفزة؟

**************************************

اگول.. انقذوا نهر دجلة من التلوث!

أسامة عبد الكريم

معلوم أن شبكة تصريف المياه في بغداد قد شُيّدت على أنظمة قديمة، بعضها يعتمد النظام المنفصل، والبعض الآخر على النظام الموحد. الأول يُفترض فيه أن يُفصل بين مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي، لكن الواقع يُظهر غير ذلك؛ فالتداخل بين النوعين حاصل بشكل متكرر، ما يؤدي إلى تصريف ملوثات خطرة إلى مجرى نهر دجلة. أما النظام الموحد، فمصيبته أعظم. فحين تهطل الأمطار، تفيض الشبكة، وتختلط مياه الأمطار بالمياه السوداء (الصرف الصحي) ثم تُلقى كما هي، دون معالجة، في قلب دجلة وعلى جانبي الكرخ والرصافة.

من يقف اليوم على شاطئ دجلة في قلب بغداد، لا يحتاج إلى مختبرات ليفهم حجم الكارثة. الرائحة الكريهة المنبعثة من الماء كافية لتكون صفعة توعوية. اللون المائل للسواد، الزَبَد الطافي، والأسماك النافقة، كلها شواهد على إهمال كارثي وممنهج. هذا النهر الذي تغنّى به الشعراء كرمزٍ للحياة والحضارة، بات ضحية للإهمال المزمن والقرارات البيروقراطية الغائبة عن الحس البيئي والإنساني.

أتذكر جيداً أنه في عام 2006 عندما غرقت ناقلة نفط في قناة خور الزبير على مشارف ميناء أم قصر، وتسبّب الحادث في تسرب كميات كبيرة من النفط إلى المياه. الضجة التي أثيرت حينها كانت كبيرة، لكن هل تعلّمنا من الدرس؟ يبدو أننا ننسى بسرعة، أو نتناسى.

أين وزارة البيئة من كل هذا؟ أين مجلس محافظة بغداد؟ أين أمانة العاصمة؟ هل أصبح دجلة مجرد مجرى لتصريف نفاياتنا اليومية؟ وهل أصبح الاعتياد على الكارثة تبريراً لتركها تستفحل دون رادع؟

هاك مثالاً حيّاً: تُعدّ مدينة الطب، أحد أبرز الصروح الصحية في العاصمة، من المصادر المباشرة لتصريف المياه الملوثة إلى دجلة. هذه المياه ليست عادية، بل تحتوي على مواد كيميائية ثقيلة مثل الزنك والرصاص، وهي مواد سامة لا تزول بالتبخر، بل تتراكم في التربة والماء والكائنات الحية، بما في ذلك الأسماك التي قد تصل إلى موائدنا. فأين الحماية لأطفالنا أولاً، ولحيواناتنا التي ترتوي من هذا النهر ثانياً؟ أليس من المفترض أن تكون الجهات الرقابية حارساً على صحة الأجيال القادمة؟

دراسات علمية عديدة، بعضها محلي وبعضها صادر عن منظمات دولية، حذرت مراراً من أن مستويات التلوث في دجلة وصلت إلى حدّ الخطر الداهم على الصحة العامة. بكتيريا، فيروسات، معادن ثقيلة، مبيدات، ومخلفات صناعية، كلها تُلقى في النهر بشكل يومي، دون معالجة كافية أو حتى متابعة جدية. عدد من الأحياء السكنية تفرغ مياهها الثقيلة مباشرة في مجرى النهر، وبعض المصانع لا تكلف نفسها حتى إنشاء محطات أولية لمعالجة نفاياتها.

الوضع لم يعد يحتمل المزيد من الصمت. ما يحدث ليس فقط تلوثاً بيئياً، بل جريمة بحق الذاكرة المائية لبغداد، وبحق أبنائها الذين يستحقون هواءً وماءً نظيفين. نهر دجلة لا يحتاج إلى خطابات، بل إلى خطط، إلى جرأة في المواجهة، وإلى من يُدرك أن الحياة لا تستقيم إذا سُمم ماؤها.

*************************************

مواساة

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في المثنى عائلة الشخصية الوطنية ونقيب المعلمين سابقا التربوي حبيب حمد نصار، بوفاته. للفقيد الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان.

كذلك تعزي اللجنة المحلية عائلة الشهيد المناضل رشيد جعفر النجار (ابو وثاب) بوفاة نجله وثاب. الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان لعائلته.

  • بمزيد من الحزن والألم تعزي منظمة "ابو فرات" العمّالية التابعة إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، الرفيق فاضل خليل عبود، بوفاة شقيقته (ام عمار) إثر مرض عضال لم يمهلها طويلاً. الذكر الطيب للفقيدة وجميل الصبر والسلوان لذويها.
  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف الرفيق عبد الرزاق سبيس (أبو عادل)، بوفاة ابن عمه. للفقيد الذكر الطيب ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

*********************************************

الصفحة السادسة

خطة مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة إسرائيلياً وأمريكياً: طعام مخدِّر لجياع القطاع! متابعة – طريق الشعب

لقي أكثر من 500 فلسطيني جائع مصرعه، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلية أثناء البحث عن الطعام، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، وذلك منذ بدء مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة خطة آلية توزيع الطعام داخل غزة، والتي وصفتها الأمم المتحدة بمصائد الموت.

ويقول شهود عيان، إن قوات الاحتلال تفتح النار على الطرق المؤدية لمراكز توزيع المساعدات، وبحسب المكتب الإعلامي لوزارة الصحة الفلسطينية، فأن 66 طفلاً توفوا بسبب الجوع في القطاع.

الطعام مخدر

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، تلقيه إفادات من مواطنين عثروا على أقراص مخدرة داخل أكياس طحين التي جرى توزيعها من مؤسسة غزة الإنسانية.

وقال المكتب، إنه "وثق أربع إفادات لمواطنين عثروا على أقراص من نوع (Oxycodone)، وهي مادة مخدرة"، موضحاً ان "الخطورة تكمن في احتمال أن تكون تلك الحبوب قد طحنت أو ذوبت عمدا داخل الطحين نفسه، وهو ما يعد اعتداء مباشرا على الصحة العامة".

وحمل المكتب إسرائيل المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة الهادفة لنشر الإدمان وتدمير النسيج المجتمعي الفلسطيني من الداخل، ضمن سياسة ممنهجة، معتبرا ذلك امتدادا لجريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين.

الحكم بالإعدام على الجوعى

وفي سياق الوضع الإنساني والجوع القاتل الذي يعيشه سكان غزة، شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على ضرورة ألا يكون البحث عن الطعام حكما بالإعدام.

وأوضح غوتيريش في مؤتمر صحفي، أن "الصراع الإسرائيلي - الإيراني تصدر جدول الأعمال مؤخرا، مشيرا إلى ضرورة عدم السماح باستمرار بقاء المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في غزة طي الكتمان".

وتابع: "يُقتل الناس في غزة لمجرد محاولتهم إطعام أنفسهم وعائلاتهم. البحث عن الطعام لا ينبغي أن يكون حكما بالإعدام". وذكر بأن "جهود المساعدات الإنسانية إلى غزة لا تزال تُعرقل".

كما أكد أن "إسرائيل تنتهك القانون الدولي، وأنه يجب محاسبة المسؤولين عند حدوث الانتهاكات". وفي المؤتمر الصحفي، سأل أحد الصحفيين عما إذا كان لديه علم بوجود تقارير تفيد بتلقي جنود الاحتلال أوامر بقتل المدنيين الفلسطينيين، وعما إذا كان الوقت قد حان لكي تفرض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عقوبات على إسرائيل.

وردّ غوتيريش على السؤال قائلا: "ليست هناك حاجة إلى تقارير لرؤية ارتكاب انتهاكات كبيرة للقانون الدولي (من قبل إسرائيل). وعندما يحدث انتهاك، يجب محاسبة المسؤولين".

ساحة قتل

وفي ذات الموضوع وصفت وكالة أونروا، مراكز توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية بقطاع غزة بأنها "ساحة قتل".

وقالت الوكالة الأممية، في بيان إن "نظام توزيع المساعدات الجديد في غزة ساحة قتل، وبدلا من توزيع منظم للغذاء، يجلب هذا النظام الفوضى والموت". وأضافت: "تم الإبلاغ عن مقتل أكثر من 400 شخص يعانون من التجويع منذ بدء العمل به قبل شهر واحد فقط، إذ أطلقت النار عليهم بينما كانوا يحاولون الحصول على الطعام لأنفسهم ولعائلاتهم".

وأشارت الأونروا إلى أن "الشهادات تفيد بأن قوات الجيش الإسرائيلي تطلق النار عشوائيا تجاه تجمعات المدنيين المجوعين" في قطاع غزة.

وأوضحت انه "في خضم الفوضى، انفصل الأطفال عن عائلاتهم وهم في حالة من الإحساس بالضياع والصدمة النفسية".

اتفاق وقف النار!

وبشأن جهود إنجاح اتفاق وقف النار، ذكرت تقارير إعلامية أن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى لإقناع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالموافقة على اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة"، ويأتي ذلك بالتزامن مع ضغوط يمارسها الوسطاء للدفع نحو مفاوضات غير مباشرة بين حركة حماس وإسرائيل في المستقبل القريب.

ونقلت مجلة نيوزويك -عن مصدر مطلع على المفاوضات لوقف إطلاق النار في غزة- أن "التوصل لاتفاق في القطاع ممكن جدا، وأن ترامب يبذل قصارى جهده لإقناع الإسرائيليين بأن الوقت مناسب الآن بعد أن انتهوا من قضية إيران".

وأوضح المصدر أن "ترامب غير مهتم بهدنة مؤقتة ويسعى إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين في غزة ووقف دائم لإطلاق النار، مما يؤدي لمفاوضات حول مستقبل اتفاقية السلام الإسرائيلية الفلسطينية".

*******************************************

بالأرقام.. هكذا يقتل الاحتلال الفلسطينيين؟

متابعة – طريق الشعب

تتواصل حرب الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة ومدن الضفة الغربية المحتلة، وسط تقارير تفيد بأن جنود الاحتلال يتلقون تعليمات بقتل المزيد منهم، وفقاً لصحيفة إسرائيلية!

إطلاق النار عمداً

وكشف عدد من جنود الاحتلال أنهم يطلقون النار عمدا ـ ووفقا لتعليمات قادتهم ـ على الفلسطينيين العزل منتظري المساعدات الإنسانية قرب مواقع التوزيع بقطاع غزة، ما يؤدي إلى سقوط قتلى وجرحى.

وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، إن "قادة في الجيش أمروا القوات بإطلاق النار على الحشود الفلسطينيين لإبعادهم أو تفريقهم أثناء تجمعهم قرب مراكز المساعدات رغم أنهم لا يشكلون أي تهديد". واحصت 19 حادثة إطلاق نار على الفلسطينيين المجوعين.

ونقلت الصحيفة عن أحد الجنود، وصف الوضع بأنه (انهيار تام للخلاق)، وتحدثت عن ان المدعي العام الإسرائيلي طلب مراجعة الحوادث التي تنطوي على انتهاكات محتملة لقوانين الحرب!

لعبة أطفال

ونقلت هآرتس عن أحد الجنود دون تسميته، قوله: "إنها ساحة قتل، وفي مكان وجودي كان يُقتل ما بين شخص وخمسة أشخاص فلسطينيين يوميا، وكانوا يُعاملون بوصفهم قوة معادية".

وأشار إلى استخدام "نيران حية بكل ما يمكن تخيله: رشاشات ثقيلة، وقاذفات قنابل يدوية، وقذائف هاون، وبمجرد فتح المركز يتوقف إطلاق النار، ويعلمون أن بإمكانهم الاقتراب، ووسيلتنا للتواصل هي إطلاق النار". وتابع: "لم أسمع عن أي حالة رد بالنار، لا يوجد عدو ولا أسلحة".

وفي إشارة إلى استهتار تل أبيب بأرواح الفلسطينيين، صرّح الجندي بأن النشاط في منطقة خدمته يُشار إليه باسم عملية السمك المملح، وهو اسم النسخة الإسرائيلية من لعبة الأطفال التقليدية "ضوء أحمر، ضوء أخضر". وتشير الجريدة الى وجود تكتكم لما يحدث حول مواقع توزيع الغذاء.

كما نقلت عن جندي آخر قوله إن "غزة لم تعد تهم أحدا، فخسارة الأرواح البشرية لا تعني شيئا، ولم تعد تعني حادثا مؤسفا". فيما وصف ضابط آخر إطلاق النار على المجوعين بأنه "معيب للغاية".

أكثر الجيوش أخلاقاً!

من جهتهما، هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع في حكومته يسرائيل كاتس تقرير الصحيفة، وقالا في بيان مشترك إن إسرائيل ترفض بشكل قاطع ما زعم، أنها افتراءات شائنة وأكاذيب خبيثة أوردتها هآرتس، والتي "تهدف إلى تشويه سمعة الجيش الإسرائيلي، الذي يُعدّ أكثر الجيوش أخلاقا في العالم"، وفق ادعائهما.

100 ألف شهيد

وفي تقرير آخر قالت الصحيفة، إن "نحو 100 ألف من سكان غزو استشهدوا بهجمات جيش الاحتلال أو نتيجة الآثار غير المباشرة للإبادة الجماعية مما يجعل هذه الحرب الأكثر دموية في القرن الـ 21".

وسلطت الصحيفة الضوء على تقرير نشره فريق بحثي دولي أكد أن عدد الضحايا بغزة جراء الهجمات الذي أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، أقل من الحجم الحقيقي للأزمة.

وأوضح التقرير أن الجوع والمرض وإطلاق النار الإسرائيلي على مراكز توزيع الغذاء جعل الحرب في القطاع واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الـ 21.

وفي الوقت الذي يرفض فيه متحدثون رسميون بيانات وزارة الصحة الفلسطينية مدعين أنها مبالغ فيها، يؤكد خبراء دوليون أن قائمة تلك الوزارة بكل ما تجسده من فظائع، ليست موثوقة فحسب بل قد تكون متحفظة جدا مقارنة بالواقع.

**************************************************

شاب يساري مرشحاً محتملاً لرئاسة بلدية نيويورك

لندن ـ طريق الشعب

يبرز اسم النائب التقدمي المسلم ظهران ممداني (33 عاماً) كمرشّح محتمل لرئاسة بلدية مدينة نيويورك، في مشهد سياسي يعكس تحولات جذرية في المزاج الانتخابي للمدينة، وفي لحظة حرجة من التوترات الاجتماعية والانقسامات الحزبية في الولايات المتحدة.

و ظهران ممداني، نائب في مجلس ولاية نيويورك، نجح في فرض اسمه كأحد أبرز وجوه التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي، مستفيداً من تصاعد المدّ الشبابي المطالب بالعدالة الاقتصادية والعرقية، والداعم لحقوق الفلسطينيين، وهي مواقف جعلت منه صوتاً جريئاً ومثيراً للجدل داخل المشهد السياسي الأميركي.

وينحدر ممداني من أصول جنوب آسيوية وأفريقية، حيث وُلد في أوغندا لعائلة هندية مسلمة، وانتقل لاحقاً إلى الولايات المتحدة. هذا التكوين المتعدد الثقافات يعكسه في خطابه السياسي، الذي يركّز على قضايا الهجرة، الإسكان، الصحة العامة، وحقوق الأقليات، متبنّياً خطاباً يسارياً واضحاً في مدينة لطالما عُرفت بتنوعها، ولكن أيضاً بفوارقها الطبقية الحادّة.

وما يميز تجربة ممداني ليس فقط كونه مسلماً يقترب من منصب رئاسة بلدية إحدى أكبر مدن العالم، بل كونه يعيد تعريف السياسة المحلية من خلال خطاب يربط المحلي بالعالمي، والاقتصادي بالعرقي، والمبادئ الإنسانية بالمواقف الجريئة. في ظل تراجع الثقة بالأحزاب التقليدية، يبدو أن صعود ممداني يعكس تياراً أعمق من مجرد سباق انتخابي؛ إنه تعبير عن مدينة تبحث عن هوية جديدة، يقودها جيل جديد لا يخاف من رفع سقف المطالب.

****************************************

غروسي: العمل العسكري لا ينهي ملف إيران النووي

متابعة – طريق الشعب

أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي أن "ملف إيران النووي لن يحل بشكل نهائي بالعمل العسكري، مشيرا إلى احتمالية أن تكون إيران نقلت حقا جزءا من مخزون اليورانيوم قبل الضربات الأميركية التي استهدفت منشآتها النووية". مشيرا إلى أن "الوكالة لا تعرف أين يمكن أن يكون اليورانيوم المخصب الآن".

وقال غروسي في تصريح صحفي، إن "إيران دولة متقدمة في التكنولوجيا النووية ولا يمكن محو هذا بعمليات عسكرية أو بدونها، والعمل العسكري لن يحل ملف إيران النووي بشكل نهائي وسيكون علينا التوصل إلى اتفاق".

وكان غروسي أكد "ضرورة استمرار مفتشي الوكالة في أنشطة التفتيش في إيران وفقا لاتفاق الضمانات الشاملة مع الوكالة"، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للتنديد بما وصفها بـ "النوايا الخبيثة" لغروسي، في ظل تكرار الأخير طلب تفقد المواقع النووية المتضررة.

**********************************************

قمة الناتو.. قانون الغاب وتدشين عصر التسلح المنفلت

رشيد غويلب

قرر التحالف العسكري الغربي (الناتو) في قمته في لاهاي الهولندية، الثلاثاء الفائت، زيادة الإنفاق العسكري للدول الأعضاء بشكل كبير إلى ٥ في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، بحلول عام 2035. وكان الرئيس الأمريكي دولاند ترامب قد هدد بانسحاب بلاده من الناتو في حال عدم الامتثال. وهو سيناريو أثار قلق الأوروبيين التابعين ودفعهم إلى الانهيار.

تبعية لا محدودة

وفي أوروبا الشرقية، سادت فرحة عارمة بالحشد العسكري الجديد. وعلق الرئيس الليتواني غيتاناس ناوسيدا قائلاً: "يجب أن نعيد الناتو إلى عظمته السابقة". إلى جانب الدول الأخرى الواقعة على ما يُسمى بالجناح الشرقي، تسعى ليتوانيا إلى بناء ستار حديدي جديد على طول الحدود الروسية، مع شريط مميت من الألغام الأرضية المحظورة دوليًا. وأشار المستشار الألماني فريدريش ميرتس إلى التهديد الروسي كسببٍ للاندفاع العسكري.

ورأى السكرتير العام للناتو، مارك روته، أن سيل الأموال ليس سوى البداية. وأضاف روته أنه يجب الآن توسيع نطاق اقتصاد الحرب بسرعة. ومع ذلك، لا ترغب جميع دول الناتو في المشاركة في حمى التسلح الجديدة. فإلى جانب إسبانيا التي عارضت نسبة الإنفاق رسميا، تعارض التوجه أيضا سلوفاكيا، كما عبرت بلجيكا عن تحفظها.

 وفيما يتعلق بالديمقراطية، كان النهج المتبع في قمة الناتو محل تساؤل كبير. فالبرلمانات هي التي تقرر الميزانيات الوطنية، ويبقى أن نرى مدى إمكانية تنفيذ هذه الخطط.

أما البيان الختامي فكان مختصراً، وتجنّب الموضوعات الخلافية كأوكرانيا. القمة، التي استمرت ثلاث ساعات فقط، شهدت إشادة متكررة بترامب، رغم إهانته المسبقة للسكرتير العام للحلف.

حتى قبل القمة، كان من الواضح أن أوكرانيا، على الرغم من حضور رئيسها، ستلعب دورًا ثانويًا. وفي البيان الختامي، لم يُذكر اسم أوكرانيا إلا مرة واحدة، في ما يتعلق بمزيد من الدعم. وصرح سكرتير عام الناتو، روته، بأنه يأمل في حصول أوكرانيا على أسلحة بقيمة 50 مليار يورو هذا العام. ومع ذلك، يبدو أن أحدًا لم يعد يؤمن بالنصر على روسيا. ألمح كلٌّ من المستشار الألماني ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن الحرب لن تُحسم في ساحة المعركة. وهذا يُعدّ تنازلاً جديداً لترامب، الذي وصف الوضع في أوكرانيا بأنه "خارج السيطرة تماماً" ودعا إلى مزيد من المشاركة.

قانون الغاب

وقدمت قمة الناتو الأخيرة مثالاً واضحاً على توازن القوى بين الولايات المتحدة و"بقية" أعضاء التحالف. وأظهرت بوضوح رسالة السكرتير العام للحلف، مارك روته، إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بداية القمة، والطريقة التي نُشرت بها، أن هذا ليس تحالفاً بين طرفين متساويين. في الوقت نفسه، تكشف مجدداً أن كبار قادة الناتو منفذون طوعاً لإرادة إدارة ترامب، وإلا لكانت كفاءتهم موضع شك.

في رسالته النصية يوم الثلاثاء - والتي شاركها المتلقي مع العالم فورًا - هنأ روته الرئيس الأمريكي في البداية بحماس شديد على "عمله الحاسم في إيران، والذي كان استثنائيًا بحق، ولم يجرؤ أحد على فعله". وقال إنه "جعلنا جميعًا أكثر أمانًا". وبغض النظر عن الولاء المخزي الذي عكسه هذا النص، كان ينبغي على سكرتير حلف "ملتزم" بسيادة القانون أن يعترض على قصف المنشآت النووية الإيرانية، وهو عدوان يخرق جميع القواعد الدولية المعمول بها، وكذلك على دعم حرب الإبادة الجماعية في غزة، والحرب الإسرائيلية على إيران.

موقف المعارضة الألمانية

واعترضت ثلاثة أحزاب معارضة في البرلمان الألماني على نتائج القمة وهي حزب اليسار، وتحالف سارا فاكنكنشت وحزب البديل من أجل المانيا اليميني المتطرف، الذي لا يعارض العسكرة بل ينتقد فقط ارتفاع مستوى الديون اللازمة لتمويلها.

ووصف سورين بيلمان، زعيم الكتلة البرلمانية لحزب اليسار، قرار القمة بأنه "غير مسؤول". لم يكن مبنيًا على "تحليل واقعي للاحتياجات، بل على ضغط من دونالد ترامب". وتُظهر رسالة روته النصية أيضًا: "لم يكن الأمر يتعلق بديمقراطيين يتحدثان مع بعضهما البعض، بل بطاهٍ ونادل. ويتوقع الطاهِي بالتأكيد أن ينفق الأوروبيون المليارات لشركات الأسلحة الأمريكية. سيفرح مالكو الأسهم، لكننا جميعًا ندفع الثمن".

وفي تعليق لكاترين فوغلر وولف غاليرت، رئيسي لجنة العلاقات الأممية لحزب اليسار الألماني على رسالة السكرتير العام لحلف الناتو، مارك روته، إلى دونالد ترامب، واتفاق الدول الأعضاء في الناتو على نسبة الخمسة في المائة، وصفت الرسالة بـ "المخزية شكلاً ومضموناً. هذه ليست لغة ديمقراطيين متساويين، بل هي لغة تابع وسيد إقطاعي. وهذا يبين بوضوح العلاقة بين القوة الحامية للولايات المتحدة وأعضاء الناتو الأوروبيين". وأن "حلف الناتو المُدجج بالسلاح لا يجلب المزيد من الأمن، بل المزيد من الحروب والمغامرات العسكرية. ففي النهاية، تريد دول الناتو الأوروبية الآن لعب دور عالمي في تأمين مصالحها وطرق التجارة. لقد بدأ عصر جديد من التسلح الثقيل".

**********************************************

الصفحة السابعة

يوم المجد للصحافة الوطنية..  إلهامات العناوين الحمراء والمحتويات المنيرة

روما - عبد اللطيف السعدي

لم ولن تغادر روحي، ومكامن العقل، ورغم مضي السنين، مشهد الصفحة الأولى بمانشيتها الأحمر البراق... لم ولن أنسى ذلك العنوان الصارخ بالمعاني "اتحاد الشعب"، وأنا أحمل الجريدة، في واحدة من أبرز محطات نضجي الفكري والإنساني. كنت أحث الخطى لتحقيق رغبة الشقيق الأكبر سلمان داود السعدي، في شراء وجلب أولى الصحف الشيوعية التي صدرت علنية بعد الثورة الحقيقية والخلاص من سلاسل الخضوع والتبعية لقوى الاستعمار والانتداب. كنت استلها من بين صحف أخرى، من كشك لبيع الصحف عند حافة جسر الشهداء، وأمضي معتداً فخوراً ومتباهياً... لا أعير انتباها للسائرين أو لزحام السيارات في منطقة عرفت بالكثافة، وهي منطقة الكرخ/ الدوريين. كان همي هو تصفح الصفحات منبهراً فرحاً باحتضانها.

عناوين الجريدة الحمراء، السوداء، كانت وأمست مفاتيح وعي وسبيل تشكيل الهوية بالمعاني الاجتماعية – الفكرية والسياسية. وشكلت بالنسبة لي محطة في تكوين ذاتي وأول عناصر تشكل الوعي، إذ حفزت الإرادة في الغور في أعماق المعاني للحياة ولجوهر الذوات الإنسانية، وجاء ذلك منسجما وتواصلاً مع نهج اتخذته منذ الطفولة، في كره التبعية للنظام الملكي الغابر، حين كنت وقبل ثورة تموز 1958، وأنا في أولى مراحل الدراسة الابتدائية، أرفض الخروج لتحية الملك، حين كان يمر موكبه من أمام مدرستي الابتدائية في منطقة الدوريين، رغم ضغوط المعلمات. وحين كنت بمعية صديق مؤتمن لي بكتابة شعارات ضد الملكية والاستعمار، على كارتون علب السكائر (غازي وتركي)، وثم وضعها تحت أبواب الدور في المحلة.

نعم شكلت (اتحاد الشعب) أولى خطوات الوعي والنضوج بالنسبة لي، ومع مرور السنوات وتراكم عناصر تشكيل الوعي أزهرت أسباب ودوافع الارتقاء من مرحلة استيعاب أسس التفسير للكون والحياة، إلى فضاءات الانتماء من أجل التغيير.

وفي سنوات السبعينات، وحين بدأ إصدار الجريدة ذات العناوين الحمراء، علنية مرة أخرى، وبعد جفاف الانقطاع، وباسم (طريق الشعب) صرت ألتهم كل مفرداتها، هي والصحيفة الأسبوعية (الفكر الجديد)، ومن ثم مجلة (الثقافة الجديدة). نعم، كنت أقرأ بتمعن وتفكير كل محتويات هذه الصحافة الشيوعية، وهي المعبرة عن كل المعاني والأبعاد الوطنية الحقة، في زمن صار يعج بمطبوعات تزخر بالملكات الفنية والقدرات التكنولوجية، لكنها لا تعتمل في الروح ولا تنتج وعياً وطنياً واجتماعياً وفكرياً. حتى أنني لم أعير انتباهاً لمنع إدخالها إلى بعض المواقع، كنت أحملها لكي لا أخسر فرصة قراءتها، إلى الموقع العسكري الذي التحقت به في أواسط السبعينات جندياً مكلفا، الأمر الذي أربك قيادة الوحدة وضابطها السياسي، حتى أنهم صاروا مقتنعين بأنني كادر في حزبهم أود الاطلاع على ما ينشره الشيوعيون في زمن الجبهة (المريبة) ...!!!.

ولم يكن غريباً وبعد تجربتي في المكاتب الصحفية في الموصل وبغداد، أن أكون جزءاً من المسار وفي داخل حلقات العمل الصحفي والإعلامي الشيوعيين. فبعد تجربة العمل الصحفي في بيروت وحتى الخروج بعد حصارها من قبل العدوان الإسرائيلي، وقريبا من الصحافة الشيوعية، وتجربة عملي في حركة الأنصار صحفياً وإعلامياً، جاءت مسيرتي في دمشق منذ بدايات التسعينات، وفي شقلاوة مع الإذاعة والطريق، وثم العمل المكثف مرة أخرى في دمشق وفي تحرير الجريدة والمجلة، وأخيراً تجربة العمل في أعداد وتحرير طريق الشعب في بغداد بعد عام 2003. كل تلك المراحل حفرت في عقلي وروحي شرف الانتماء لصحافة شعبنا الشيوعية، وشكل دائما مصدر إلهام وزيادة وعي وتراكم خبرة في العمل الصحفي، المتسم بالصدقية والمهنية والالتصاق بحاجات الشعب والوطن وأوسع الجماهير ...!!.

وهنا لا أستطيع أن لا أذكر أو أتذكر، رفاق جاورتهم وتعلمت منهم الكثير من معاني الصحافة الشيوعية. وأخص الرفاق والصحفيين الكبار: د. غانم حمدون، الذي ترك أثره الكبير فترة عملي معه في دمشق في تحرير الطريق والثقافة الجديدة. والرفاق عبد الرزاق الصافي، وفخري كريم (منذ بيروت)، ورحيم عجينة (في إشرافه على الإذاعة)، وعادل حبه، ومفيد الجزائري (منذ العمل في الإذاعة في شقلاوة وثم في بغداد). طبعا لا أنسى أن أذكر بالخير الصحفي الشيوعي والمهني عدنان حسين الذي كان رئيس تحرير أول مطبوع شيوعي عملت فيه محرراً في بيروت، وتمثل بمجلة الحقيقة الناطقة باسم المنظمات الديمقراطية في بيروت، حينها. كما أعتنز بكل من شاركني العمل الصحفي منذ بيروت أعوام الثمانينات فلكل منهم مكانة في روحي وتجربتي المهنية.

**************************************************

في ذكرى ثورة 14 تموز 1958 .. وما زالت إنجازاتها قائمة

خليل ابراهيم العبيدي

يروج البعض لنعومة النظام الملكي، وكأنه مظلوم وثوار تموز كانوا من الظالمين، في حين أن ذاك النظام بتفصيلاته، كان نظاما تابعا من ناحية لسلطة المندوب السامي البريطاني، ومرتبطا من ناحية أخرى ارتباطا عضويا بالإقطاع الذي ظلم بدوره 75 بالمئة من العراقيين الذي كان يضمهم الريف آنذاك. ناهيكم عن الظلم الذي كان يلحق بالعمال في الحضر جراء استغلال الرأسمال الأجنبي لشركات النفط، او سطوة الرأسمال الاقطاعي وما كان له من مصالح اقتصادية تملأ السوق العراقية الناهضة آنذاك، والمطلوب من وزارة التربية أن تمنهج التاريخ ليكون مادة علمية محايدة لا تتنكر لفترة الرابع عشر من تموز، تلك الفترة، التي انتقلت بالعراق إلى النظام الجمهوري الحديث.

اسباب قيام ثورة 14 تموز

لم تكن ثورة 14 تموز إلا وليدة ظروفها الموضوعية، سيما وان اللواء الذي قام بالثورة هو الوحدة العسكرية العراقية المكلفة باحتلال سوريا، بتعبير أخر كان العراق وسيلة بريطانيا للتعدي على الغير وضم دول عربية أخرى للاتحاد الهاشمي الذي كان سابحا في أفلاك وسياسات المملكة المتحدة، التي كانت لا تسمح للعراق حتى في إقامة علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية آنذاك، وبالمختصر كان العراق بسبب بريطانيا عدوا للثورة المصرية وعدوا لسوريا برئاسة شكري القوتلي، وله مواقف سياسية منحازة جعلته معاديا لسياسة عدم الانحياز الذي جاءت به مقررات مؤتمر باندونغ عام 1955. ومن الأسباب الأخرى للثورة، شيوع الفقر والجهل والمرض، برغم محاولات النظام الملكي معالجة بعض تلك الظواهر، لقلة الأموال التي تعود للبلاد بسبب استغلال شركة النفط البريطانية I.P.C. وأخواتها لثروات العراق الطبيعية، وكانت حكومات الجنرالات التي جاءت على ظهر الدبابة البريطانية تتعاطف مع المحتل لتحقيق مأربها، وفي عام 1957 على سبيل المثال كانت أجرة ( خلفة البناء دينارا واحدا وأجرة عامل الطين الذي يحمل طاسة الجص 400 فلس يوميا ) في حين كان راتب رئيس الوزراء 400 دينار، وكانت النخبة الحاكمة تتمتع بالامتيازات مقابل أجور الكفاف لموظفي الدولة والطبقة العاملة، اما حالة الفلاح فلم تكن إلا في أسوأ الدرجات وكانت تتمثل بعدد من( كواني ) التمر الجسب نهاية موسم الحصاد، وجاء المثل الشعبي ( جسبات العبد ) كما وان النظام تصدى منذ ولادته عام 1921 لكل معارضة شعبية، وكون نظاما برلمانيا صوريا،  كما هو حال نظامنا الحالي، وكان يمنع الأحزاب تارة ويجيزها تارة أخرى، أما الأحزاب العمالية او الأحزاب اليسارية، فقد كانت محظورة حتى قيام الثورة، وكان يمنع المواطن من الحصول على صحافة تلك الأحزاب، وكانت تعمل في السر لإسقاط النظام، بالمختصر، وبرغم بعض الإصلاحات أو ما أنجزه النظام الملكي من جسور ومشيدات، إلا أنه كان مكبلا بقيود معاهدة 1930 التي كانت تجيز للجيوش البريطانية الدخول إلى العراق او المكوث في قواعده دون اذن مسبق، او عند الطلب، وهكذا تم للجيش البريطاني القضاء على ثورة مايس عام ، وكان ذاك واحدا من الأسباب، إضافة إلى اسباب كثيرة أخرى منها تشكل خلايا الضباط الأحرار التي قادت الجيش للثورة صبيحة الرابع عشر من تموز عام 1958 .

منجزات ثورة 14 تموز الخالدة

لم يعرف العراق تحولا سياسيا نوعيا إلا لحظة قيام ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 بعد كبوات سياسية متتالية جراء حكم نوري سعيد وزبانية جنرالات مدرسة الإستانة العسكرية وحليفها الاقطاع المتراجع عن كل تطور شهده العالم حتى اواسط القرن العشرين، وبعد إعلان الجمهورية، تشكلت لأول مرة حكومة من التكنوقراط التي وضعت أسس الدولة الحديثة، وكان من ثمار الثورة التحولات التالية. والتي نعرض بالمختصر لبعضها لاطلاع الاجيال على ما يراد التعتيم عليه.

 أولا ..... التحولات السياسية.

تم إعلان الجمهورية على إثر إلغاء النظام الملكي، وتم إطلاق الحريات السياسية لأول مرة، والسماح بتشكيل الأحزاب السياسية، والتبشير بحرية الصحافة، وتم لأول مرة إطلاق حرية تشكيل النقابات، وكان من نتائج ذلك تأسيس نقابة الصحفيين العراقيين وتم انتخاب الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري نقيبا للصحفيين، وقد حرصت الثورة على التخلي من قيود الاستعمار القديم والابتعاد عن محاور السياسة البريطانية، وتم إثر ذلك الخروج من حلف المعاهدة المركزية ( السينتو) على غرار حلف الناتو المكون من الباكستان وتركيا والعراق وايران وبريطانيا عضو مؤسس وانضمت له فيما بعد الولايات المتحدة كعضو مشارك، وسمي بحلف بغداد . كما وأن الثورة كسرت القيود الاستعمارية المفروضة على العراق من خلال الانفتاح على الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية، وتم اعتماد السفارة السوفيتية والصينية في منطقة كرادة مريم، بالقرب من القصر الجمهوري، وقد عاد الوطنيون المعارضون للنظام السابق وفي المقدمة الراحل مصطفى البرزاني، وكان من نتائج الثورة إعادة العلاقات الطبيعية مع الدول العربية، وقامت الثورة بمساندة القضية الفلسطينية، وساعدت الشعب الجزائري في ثورته على الاحتلال الفرنسي، وكان الزعيم الراحل يعد العدة للانتخابات البرلمانية، وقد شهدت المحاورة التي جرت في العام 1961 بين الزعيم الراحل والمهندس المقيم لبناية المجلس الوطني ( البرلمان في كرادة مريم قرب وزارة التخطيط الحالية ) ماجد المدلل، فقد سأل الزعيم، متى تنتهي اعمال البناء ؟ نحن نستعد لإجراء الانتخابات البرلمانية، ونحن نريد العودة إلى مقراتنا العسكرية. هذه شهادة للتاريخ أنقلها كما هي وقد كنت عاملا نقابيا مدركا لما كان يقوله الرجل.

ثانيا ..... المنجزات الاقتصادية والعمرانية.

لقد تم تشكيل حكومة الثورة الأولى من المشهود لهم بالوطنية والكفاءة والاختصاص، وباشرت تلك الحكومة من أيامها الأولى بالتخطيط لمشاريع تخدم فقراء البلاد بالدرجة الأولى، وتضع أسس الدولة الحديثة، فكان قانون الاصلاح الزراعي، الذي أجاز تفتيت الملكية الزراعية، لصالح الفلاح الذي ظلمته فرمانات سلاطين الدولة العثمانية أو هبات جنرالات الجيوش البريطانية، وهكذا أنصفت الثورة الفلاح، وصار منتجا لنفسه بدلا من الاقطاعي المتحالف مع الأجنبي وحكومات العهد القديم ، وتم لأول مرة تأسيس الجمعيات الفلاحية للأغراض الانتاجية والتسويقية، وباشرت الثورة بإقامة الصناعات الحديثة من خلال بناء المصانع، وتوزيعها على المحافظات، وقامت بتحديث السكك الحديدية، وتوسيع الموانئ، وتوسعت بتعبيد الطرق، وانشاء سد دوكان وسد دربندخان، وانشاء قناة الجيش التي لا زالت شاخصة برغم الإهمال، وكانت النية متجهة لإنشاء قناة الجيش في مجرى نهر الخر غرب بغداد بالتوازي مع قناة الجيش الحالية، وفي مجال الإسكان قامت الثورة بإنجاز أكبر مشاريع الاسكان الشعبي، منها مدينة الثورة شرق القناة، ومدينة الشعلة شمال غرب بغداد، ومدن إسكان شعبي في المحافظات، وفي مجال التربية والتعليم، تم انشاء جامعة بغداد عام 1961 وتم تحديد مكانها في أرقى واجمل مناطق بغداد، وكان رئيسها العالم الكبير عبد الجبار عبد الله، وتم التوسع بإنشاء المدارس الحديثة، وفي مجال الصحة تم انشاء الكثير من المستوصفات والمستشفيات، وفي المقدمة مدينة الطب التي لا زالت تزهو بحلتها القديمة، وقد تم لأول مرة تحديد أجر العامل، وتحسين رواتب الموظفين، وفي مجال النفط مورد العراق الأهم، كان للثورة صراعات مستمرة مع شركات النفط الأجنبية، مما دفع بها بإصدار قانون رقم 80 لعام 1961،  الذي حد من استغلال الشركات لموارد البلاد الطبيعية، وكان للثورة اليد الطولى في إقامة مؤتمر بغداد الذي أسس منظمة اوبك، وللمنظمة الفضل حتى هذه الساعة بالتحكم بأسعار النفط العالمية، وقامت الثورة بإعلان الخروج من منطقة الإسترليني وقيودها وتم طبع العملة الجديدة، وللثورة الكثير من الأعمال التي لا زال تأثيرها باقيا على الاقتصاد الوطني، ومنها تأسيس مصلحة المبايعات الحكومية التي كانت بمثابة العتلة التي تقدم السلع الاستهلاكية بأسعار منخفضة لصالح الفقراء من أبناء الوطن، كما وقامت الثورة بتحديث القوات المسلحة وتوسع ملاكاتها بحيث أصبحت قادرة بحق على الدفاع عن السيادة الوطنية .

إن ثورة الرابع عشر من تموز بإنجازاتها الماثلة اليوم كانت ولا زالت نقطة تحول في حياة العراقيين، وإذا أراد البعض أن يستغل رحيل أجيال الثورة ليعتم على منجزاتها، فإن نظام الجمهورية لوحده كافيا أن يعيد الثورة إلى ذاكرة الاجيال القادمة.

***************************************

في الذكرى التسعين للصحافة الشيوعية العراقية إرث عبق يستحق الحديث عنه

 إبراهيم المشهداني

ونحن نستذكر الذكرى التسعين لصدور جريدة كفاح الشعب وهي اول جريدة يصدرها الحزب الشيوعي العراقي عام 1935، فأننا في نفس الوقت نتتبع مسيرة الصحافة الشيوعية الممتدة منذ ذلك التاريخ المجيد وكانت نبراسا تنويريا أنتجت كواكب من الصحفيين الذين تدربوا في تلك الصحافة واستلهموا منها روح النضال من اجل قضايا الشعب وهمومه عبر هذه المسيرة التاريخية الطويلة، واستشهد منهم الكثير على مذبح الحرية.

 وفي أوائل السبعينات من القرن الماضي اعاد الحزب إصدار (طريق الشعب) بحلتها العلنية، وبصدورها دشنت مرحلة جديدة من تاريخ اول صدور لها، فقد تلقفها بحماس ليس فقط الشيوعيون وإنما كافة الشرائح المتطلعة الى بصيص أمل في ظل سلطة مشكوك في نواياها، دون ان يعبئوا بضغوط ومراقبة أجهزة الأمن البعثية التي كانت تنظر اليها كمحرض خطير لتعبئة الناس من اجل اقامة نظام ديمقراطي يتنفسون فيه عبق الحرية. وكانت كافة صفحات الجريدة تنبض بشيء جديد يجذب القارئ المتطلع الى الحقيقة ليجدها في ثنايا تلك الصفحات ومن بينها صفحة الطلبة والشباب وربما كانت لهذه الصفحة خصوصيتها لأنها كانت تخاطب الشباب بلغة تعبوية تنويرية يفهما بوضوح، إلا ان بدايتها لم تكن يسيرة فكان لابد من ايجاد الكوادر القادرة على النهوض بتحريرها بصورة تلامس تطلعات الشباب والطلبة، وتعبر عنها اصدق تعبير وهذه المهمة كانت تتطلب مصادر معلوماتية ومساهمين في الكتابة اليها، لهذا قام الحزب بتشكيل المكتب الصحفي الطلابي الذي قاده في البداية الشهيد فيصل قحطان العاني، وكان المسؤول عن تحرير الصفحة في اول الأمر الرفيق رواء الجصاني، وبعد ان انتقل الى مهمة حزبية اخرى نسب الشهيد فيصل لمهمة تحريرها. اما نشاط المكتب الصحفي فأسندت مسؤوليته الى كاتب هذه السطور. لقد كانت مهمة المكتب من الثقل بمكان فقد كنا نستلم يوميا دفقا كبيرا من المساهمات التي يحررها الطلبة من كافة أنحاء العراق. ولقد كان للنصائح التي كان يبديها المكتب الصحفي لمنطقة بغداد (مصب)  والتي كانت تقوده الكاتبة والصحفية طيبة الذكر سعاد خيري، وكنا نعمل ليل نهار من اجل إعادة تحرير المساهمات الصحفية التي تردنا من المنظمات الحزبية ومن اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية آنذاك، وكنا نرد على كافة المساهمات غير الصالحة للنشر بصيغ تربوية تعليمية، لقد كانت المساهمات تعكس هموم الطلبة والشباب وواقع العملية التعليمية وكافة المواضيع الاخرى في الادب والفن وأنواع المعرفة رغم التحديات السياسية التي كان يواجهها الطلبة والشباب الشيوعيون ليس فقط في المؤسسات التعليمية وإنما ايضا في المنشآت الصناعية والمحلات السكنية. وكان علينا ان نعكس جوهر مضامينها على الرغم من ان المكتب كان متكونا من ثلاثة رفاق فقط وهم ـ إضافة الى كاتب هذه السطور الذي اصبح محررا للصفحة في ما بعد ـ الرفاق سعد صالح السماوي وكان متميزا بأسلوبه الصحفي الواعد والشهيد غفار كريم (نوزاد)، والرفيق كفاح عبد الامير شقيق الشهيد البطل وضاح عبد الأمير (سعدون). ولم نعرف وقتها هذه العلاقة، لكن تجربة المكاتب الصحفية ومنها المكتب الصحفي الطلابي، سجلت تجربة ما زالت شاخصة حتى اليوم.

ان مما كان يساعدنا في اداء مهمتنا هو الأجواء التي كانت تسود عمل الجريدة في ذلك الوقت. وكانت العوامل تتضافر مع بعضها، فقد كنا نعمل في غرفة تنبض بالمحبة والطيبة والحنان فكان يعمل معنا محررو صفحة التعليم والمعلم، وهم كل من الفقيد حسن العتابي (ابو جمال) والرفيق نعمة عبد اللطيف (أبو زينب) الذي عمل محررا لصفحة التعليم والمعلم في الفترة الأخيرة، قبل ان يستفحل مرضه بالإضافة الى الرفيق حميد الخاقاني والرفيق هاتف الأعرجي. وكان العاملون في أقسام الجريدة يقضون يومهم كورشة عمل وفريق متجانس تلمس فيهم الحرص في أداء الواجب، ويجمعهم هدف مشترك عنوانه ان تخرج الجريدة بأجمل حلة وأحسن أداء، وان تعبر عن سياسة الحزب في الظروف الملموسة احسن تعبير، فكنا نرى هدوء الرفيق عبد الزراق الصافي (ابو مخلص) في معالجة المشاكل التي تنهض هنا وهناك، وحماس الرفيق فخري كريم مدير التحرير الأقرب الى العصبية التي يتوهم البعض انها جزء من طبيعته، ولكن حقيقة الامر هي ضغط العمل.

 ومن المناسب الإشارة الى ان الجريدة كانت مدرسة تدرب في أروقتها ليس رفاق الحزب وأصدقائه فقط، وإنما أيضا الطلبة العرب فكان مما اتذكره جيدا الطالب البحراني سعيد العويناتي كان آنذاك طالبا في كلية الآداب، وكان قد تدرب في كافة اقسام الجريدة وتطورت ملكته الصحفية بشكل سريع وعندما عاد الى بلاده عمل في مجلة المواقف البحرانية، وبسبب آرائه الماركسية اعتقلته السلطات البحرانية واستشهد تحت التعذيب. وبعد أليس من حقنا ان نفخر بالصحافة الشيوعية.

********************************************

الصفحة الثامنة

رضا الظاهر في كتاب جديد شكسبير .. مقاربة جمالية ماركسية

كمال فهمي

بـكتابه الجديد (شكسبير .. مقاربة جمالية ماركسية)، الصادر، مؤخرا، عن دار أبجد للترجمة والنشر والتوزيع، يضيف الكاتب رضا الظاهر مساهمة جديدة متميزة الى انجازاته الابداعية متمثلة بكتبه وأبحاثه الهامة.

ويضم الكتاب، الذي صمم غلافه الفنان القدير الدكتور فلاح حسن الخطاط، ويقع في 263 صفحة من القطع المتوسط، 7 فصول تبدأ بمقدمة ضافية تحمل عنوان (في منهجية دراسة شكسبير)، وتغطي ما يقرب من 40 صفحة، ويتضمن الكتاب فصولا هي: (ماركس "شكسبيرياً" وشكسبير "ماركسياً")، (دراما رأس المال)، (شايلوك .. الناطق باسم الرأسمالية)، (عاصفة التاريخ)، (إعادة قراءة هاملت)، (شكسبير معاصرنا). وفي خاتمة الكتاب ملحق يتضمن التسلسل التاريخي لحياة شكسبير وقائمة بما أنجز من أعمال مسرحية.

ومما جاء في نص الغلاف الأخير أن "هذا الكتاب يسعى الى إضاءة منهجية دراسة شكسبير من منظور ماركسي، ويبحث في (دراما رأس المال)، وكيف حلل الكاتب المسرحي الانجليزي الفذ، ارتباطا بذلك، شخصية (شايلوك) في مسرحية (تاجر البندقية)، باعتباره ناطقا باسم الرأسمالية في مرحلة نشوئها. كما يحلل الكتاب سمات "عاصفة التاريخ" عبر دراسة مسرحية (العاصفة)، ويعيد قراءة (هاملت)، وما انطوت عليه المناجاة الشهيرة: "أن تكون أو لا تكون، تلك هي المسألة" من تجسيد لمصيرنا الوجودي ومرآة حياتنا، وتصوير شكسبير لأعمق المشاعر الانسانية. ويحاول الكتاب، أخيرا، ومن بين موضوعات أخرى، الاجابة على سؤال: لماذا مايزال شكسبير راهنا؟

وفي سياق هذه الموضوعات تجري العودة، بالطبع، الى مسرحيات شكسبير ذات العلاقة حيثما كان هذا ضروريا.

ومن الطبيعي أن كل جيل من النقاد والقراء يعيد تفسير مسرحيات شكسبير منذ أن ظهرت أول مرة قبل ما يزيد على أربعة قرون، حيث عاش شكسبير في فترة تحول عنيف واضطراب اجتماعي، حتى وقتنا الراهن، حيث ماتزال هذه المسرحيات تجسد عبقرية "معاصرنا" شكسبير، وإنجازه الجمالي الفريد".

ومعلوم أن هناك ما لا يحصى من الكتب والدراسات التي تناولت شكسبير بالتحليل، وبحثت في مختلف جوانبه الشخصية والابداعية. وفي اللغة العربية يوجد الكثير منها سواء كان موضوعا أو مترجما. لكن لا يوجد، على حد علمنا، بحث بصيغة كتاب من المنظور الذي ينهجه الباحث رضا الظاهر في عمله هذا.

يقول المؤلف إنه "في الوقت الذي كان شكسبير يكتب كانت الاقطاعية في طريقها الى الاضمحلال، والرأسمالية في طريقها الى الازدهار، وقد برع شكسبير في تصوير هذا الانتقال التاريخي". ويضيف إنه "بينما لا يمكن لشكسبير نفسه أن يوصف كثوري، فان لفنه تأثيرا راديكاليا على المجتمع. فقد كان شكسبير يصارع في سياق تصادم القديم والجديد. وقد ينظر الى الوراء لخلق معنى للعالم المحيط به، ولكن عمله كان يتطلع الى أمام، أيضا، متسائلا عما يمكن لهذا المجتمع الجديد أن يقدم".

ويشير الظاهر الى أن ماركس أحب أعمال شكسبير منذ عمر مبكر، ويمكن أن نرى تأثير شكسبير عبر كتابات ماركس. فشخصية شايلوك في مسرحية (تاجر البندقية) تقدم لماركس تجسيدا أدبيا للواقع العنيد لمراكمة الثروة، وهو ما ميز الطبقة الرأسمالية الناشئة في أوروبا أوائل القرن التاسع عشر. ولكن في (رأس المال) يقوم ماركس باستخدام شايلوك باعتباره صوت المضطهِدين، وكذلك صوت المضطهَدين. وغالبا ما تعتبر (تاجر البندقية) إشكالية في أيامنا لأن تقديمها يمكن أن يقع ضحية الصور النمطية لمعاداة السامية.

ويضيف الظاهر الى أن ماركس يشير، أيضا، الى (تيمون الأثيني) في (رأس المال) عندما يبحث في التأثير المدمر للمال على العلاقات الانسانية. فالمسرحية مليئة بعمليات تبادل النقود والسلع التي تتخذ شكلا فاسدا ومنحرفا في مجتمع تيمون، إذ ما أن تشح النقود يتبخر "أصدقاء" تيمون، الذي يتحدث بازدراء عن كيف أن يأسه جاء عبر المال وموقف الآخرين منه.

ويوضح المؤلف إن ماركس يطرح تحليله الخاص للأهمية الأبعد لكلمات تيمون ليقول إن شكسبير جسد سمتين للمال بشكل خاص: (1) إنه الإله المرئي، تحول جميع السمات الانسانية والطبيعية الى ضدها، التباس وانقلاب الأشياء الشامل، و(2) إنه العاهرة المشتركة، البغي المشتركة بين البشر.

ويضيف أن ملاحظات ماركس تخترق قلب الرأسمالية: الإله الحقيقي للمجتمع الحديث هو الجشع، والمعابد الحقيقية هي المصارف والبورصات، والكهنة هم المصرفيون والتجار، وهو ينجحون في الحياة عبر مطالبتهم برطلهم من جسد الناس عندما تسير الأمور على نحو لا يروق لهم.

ويشير المؤلف الى أنه في فجر المجتمع الجديد نتذكر كلمات شكسبير على لسان الملك لير: "يتعين على الانسانية أن تكون فريسة لنفسها بالقوة، مثل وحوش الأعماق". وقد عبر ماركس عن إحساس مماثل في (رأس المال) عندما قال إن "رأس المال يولد وهو ينزف قذارة من جميع مسامه، من الرأس حتى أخمص القدمين".

ويرى رضا الظاهر أن "نقادا يجادلون بأن (تاجر البندقية) كمسرحية هي قصة صعود الرأسمالية البرجوازية الحديثة. ويطرح القصد في خلق شخصية شايلوك التباسا، ذلك أنه من غير اليسير معرفة قصد شكسبير في خلق هذه الشخصية. ومع ذلك فانه من المفهوم أن السمات التي يحملها شايلوك (الاستغلال، التسليع، الاغتراب، التضحية اللاأخلاقية بالآخرين) تشبه، الى حد كبير، الطريقة التي ينتقد بها ماركس المجتمع الرأسمالي الحديث. وفي هذا السياق يشار الى أن "شكسبير كان واحدا من الآباء الروحيين لـ (البيان الشيوعي)".

ويضيف أنه يجري تحليل الخصائص المتأصلة في الرأسمالية على نحو مقصود من جانب شكسبير في عدد من مسرحياته، وبينها (الملك لير) و(هاملت)، وهما اثنتان من بين أفضل مسرحياته الكلاسيكية. لقد كان الاضطهاد والتسليع والاستغلال ودوافع الربح والاغتراب هي الأسس الرئيسية لماركس في نقد الآيديولوجية الرأسمالية. ويقرأ ماركس مسرحيات شكسبير ليخلق فلسفته الخاصة، ويقدم، من وجهة نظر نقدية، التأثيرات السلبية للرأسمالية الحديثة، وآيديولوجيتها الزائفة عبر تجسيد التسليع والاستغلال. فقد اقتبس ماركس من مسرحيات شكسبير، وكان الكثير من هذه الاقتباسات والتلميحات يظهر كمسائل هامة في تطور الماركسية.

ويقول الظاهر إن "ماركس يمارس ستراتيجية مزدوجة في (الثامن عشر من برومير لويس بونابرت). ففي الستراتيجية الأولى يجري تمثيل التاريخ باعتباره انحدارا كارثيا من نابليون الى لويس بونابرت. أما في الستراتيجية الثانية فان لتأثير هذه التكرار أن يزعزع حالة الأصل. فنابليون يمكن، الآن، حسب، أن لا تعاد قراءته عبر إبن أخيه، حيث يجري إيقاظ شبحه ولكن على شكل كاريكاتير. ومع ذلك فان الكاريكاتير والمحاكاة الساخرة والهجاء والمهزلة كانت بعيدة عن أن تكون أشكالا سلبية بالنسبة لماركس. وكشف ماركس في (الثامن عشر من برومير لويس بونابرت) عن تفسير بارع للتجسيد الأدبي والسياسي وللتكرار وعدم استقرار الأصل. وقد فعل ذلك، قبل كل شيء، عبر إعادة قراءة غير مباشرة لمسرحية (هاملت) كمحاكاة ساخرة أو مهزلة".

وفي الفصل الأخير الموسوم (شكسبير معاصرنا) يعالج المؤلف موضوع راهنية شكسبير. ويقول إن المصادر التي تتحدث عن راهنية شكسبير تؤكد أنه بات لا ينتمي الى عصر معين، ذلك أنه متجاوز للأزمنة. فبعد ما يزيد على أربعة قرون مايزال شكسبير حيا الى حد كبير، وهو اليوم أكثر شعبية مما كان عليه في أية مرحلة منذ رحيله. ويضيف أنه لا ريب أن الإنترنت جعل شكسبير أكثر انتشارا، ولكن هناك، أيضا، كم هائل من المحتوى البديل الأكثر معاصرة يمكننا أن نختار تناوله والاستمتاع به. ومع ذلك فان شكسبير هو الذي يرتقي الى القمة ليس على النت حسب، حيث يجري البحث عنه كثيرا، الى حد أنه توجد الآن محركات بحث خاصة بشكسبير.

لقد كان شكسبير واحدا من أفضل الكتاب لدى ماركس. ويشير الظاهر الى أن المسألة لا تكمن في أن ماركس "اعترف" بشكسبير، أو منحه استحقاقه، أو أنه استمد منه منهجية جمالية عميقة، وإنما إدراكه بأن أفضل معاصريه قلدوه في واقعيته. وعند مناقشة مسرحية لاسال (فرانز فون سيكنغن) نصحه ماركس بـأن يعود الى شكسبير، لا أن يتبع خطى شيلر في تحويل الأفراد الى مجرد ناطقين بروح الأزمنة. ولا ريب أن ماركس كان يعني أن فهم السياق التاريخي للأدب ينبغي أن يكون ملائما، على نحو متفرد، لاستخلاص العلاقة بين الفن والحياة.

ويرى الظاهر أن هناك أسبابا كثيرة تجعل شكسبير راهنا. فمسرحياته تعالج موضوعات هامة مثل الحياة والصراع والحيرة والحب والموت والخيانة، وهي موضوعات ذات صلة بأيامنا.

ويضيف أنه إذا كان من الجلي أن عظمة (هاملت) تكمن في الحيرة الاستثنائية التي اكتشفها شكسبير في الشخصية الرئيسية وفي أحداث المسرحية، التي جسدت المشاكل المعقدة للوجود الانساني، فان مناجاة هاملت التي تبدأ بـ" أن تكون او لا تكون، تلك هي المسألة"، تظل الأعمق تأثيرا والأكثر شهرة في تاريخ المسرح.

ويستنتج المؤلف أنه من الصعب أن نجد كاتبا آخر كان له مثل تأثير شكسبير على عالم الأدب والفن. فقد كان شكسبير نتاج عصر ثوري، عصر تحول فتح آفاقا جديدة أمام البشر، ووسع الرؤية، ورفع المخيلة الى قمم جديدة.

ويتساءل المؤلف: "هل يتعين علينا أن نستنتج أن شكسبير كان ظاهرة فريدة لا يمكن تكرارها؟"، ويقول إنه "بالطبع لا يمكن أن يكون هناك أرسطو أو رامبرانت آخر. فكل واحد قدم مساهمته المتفردة في الثقافة الانسانية في توافق مع الفترة التي عاش فيها. وطالما أن تلك الظروف الخاصة لن تتكرر، فان النتاجات الفنية والفلسفية التي نشأت عنها لا يمكن أن تتكرر بالطريقة ذاتها على وجه التحديد".

ويختتم المؤلف كتابه بالقول إنه "بالنسبة لنا، اليوم، تبدو الأحكام أو الادعاءات الساعية الى التقليل من شأن شكسبير مضحكة تماما. فعبقرية شكسبير معترف بها على نطاق واسع. وقد ترك بصمة لا تمحي في عالمنا. لقد مضى ما يزيد على أربعة قرون على رحيل شكسبير، ومنذئذ لم يتجاوزه أي كاتب في إبداع مخيلته وشعره وعمقه السايكولوجي, وهذا هو الذي جعل معاصره وخصمه بن جونسون يقول عنه: لم يكن مبدع عصره، بل مبدعا لكل أوان".. وتلك هي الحقيقة.   

 مؤلف الكتاب، رضا الظاهر، كاتب وصحفي ومترجم. درس الأدب الانجليزي. وعمل في وسائل إعلام ومؤسسات صحفية مختلفة بينها (بي بي سي)، وكان محرراً ثقافياً في هيئة الاذاعة البريطانية في التسعينيات.

أصدر عموده الصحفي الموسوم (تأملات) في خمسة كتب.

ميدان بحثه الأساسي هو جماليات الأدب، ولديه كتب في هذا المجال، بينها: (غرفة فرجينيا وولف - دراسة في كتابة النساء)، و(الأمير المطرود - شخصية المرأة في روايات أميركية)، و(أمير آخر مطرود - شخصية المرأة في روايات بريطانية)، فضلا عن عدد من الكتب المترجمة في هذا الحقل المعرفي، بينها: (الدون الهاديء ليس هادئاً)، و(جماليات الصورة الفنية)، و(الوعي والابداع .. دراسات جمالية ماركسية)، و(الثقافة الروحية والتفكير الجديد).

من بين كتبه الأخرى في حقول الفكر الثقافي والسياسي والاجتماعي: (موضوعات نقدية في الماركسية والثقافة)، و(النسر المحلق .. تأملات في مثال روزا لوكسمبورغ) و(اقتحام السماء .. تأملات في الحراك الشعبي).

وفي الفكر السياسي والاجتماعي لديه كتب بينها: (ماركس هل كان على حق؟) - 2021، و(اضطهاد النساء مقاربة نقدية) - 2023، و (إبسن – الحداثة، الجماليات، الشخصيات النسائية) - 2024.

*******************************************

الشيوعيون يواصلون التعريف بحزبهم ومواقفه السياسية

طريق الشعب – خاص

يواصل الشيوعيون العراقيون في بغداد والمحافظات حملاتهم الميدانية للتعريف بتاريخ حزبهم ومواقفه النضالية والسياسية ودوره البارز في الدفاع عن حقوق الشعب. وخلال اليومين الأخيرين نظمت لجنة الجواهري الأساسية التابعة إلى اللجنة المحلية في الرصافة الثانية جولات راجلة في شوارع منطقتي المشتل وبغداد الجديدة وأسواقهما. ومثلها نظمت اللجنة المحلية للحزب في الديوانية.  ووزع الرفاق على المواطنين نسخا من فولدرات تُعرّف بتاريخ الحزب وتجربته السياسية ومواقفه الراهنة.

وأبدى الكثيرون من المواطنين تفاعلهم مع تلك النشاطات. وأعربوا عن مساندتهم الحزب ومواقفه الوطنية، ودوره في تبني مطالب وحقوق الكادحين وسائر أبناء الشعب.

**********************************************

الشيوعيون يتفقدون الرفيق فاضل الموسوي

بغداد – طريق الشعب

زار وفد من المختصة الاجتماعية المركزية في الحزب الشيوعي العراقي، الرفيق فاضل الموسوي (ابو سلام) في منزله، وذلك للاطمئنان على صحته بعد خضوعه لعملية باطنية.

ونقل الزائرون إلى الرفيق تحيات قيادة الحزب والرفاق العاملين في مقر الأندلس، وتمنياتهم له بالشفاء العاجل. كما قدموا له باقة ورد.

وخلال اللقاء، جرى الحديث عن أوضاع البلد والمنطقة.

ضم وفد المختصة كلا من الرفاق عباس حسن ود. خيال الجواهري ونهاوند جليل وجعفر أحمد.

*******************************************

شيوعيو ديالى يتفقدون رفيقين

 بعقوبة – طريق الشعب

زار وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ديالى، الرفيقين أمير خليل ووالده الرفيق خليل إبراهيم الزبيدي في منزلهما، وذلك لغرض الاطمئنان على صحتيهما.

ضم الوفد كلا من الرفاق سكرتير المحلية صالح المصرفي وعضو اللجنة المركزية فائق عبد حميد وعضو لجنة الرقابة المركزية ثامر الشيخ داود.

********************************************

شيوعيو الكرخ يزورون الرفيق يوسف الهاشمي

بغداد – ماجد مصطفى عثمان

زار وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الكرخ، الرفيق يوسف حسن الهاشمي (أبو عمار) في منزله، وذلك للاطمئنان عليه بعد تعرضه لحادث مؤسف.

ونقل الوفد إلى الرفيق تحيات قيادة اللجنة المحلية وتمنياتها له بالشفاء العاجل. بينما عبّر هو من جانبه عن سروره بالزيارة.

ضم الوفد الرفيقين ماجد مصطفى عثمان وستار جبار. 

***************************************

 

الصفحة التاسعة

بعد فوز قاتل على الميناء القوة الجوية يتوج بطلا لدوري تحت 17 سنة

متابعة – طريق الشعب

تُوّج فريق القوة الجوية بلقب الدوري العراقي لفئة تحت 17 سنة للموسم 2024-2025، بعد فوزه على نظيره الميناء بهدف دون مقابل في المباراة الختامية التي أُقيمت على ملعب أمانة بغداد، أمس السبت.

وشهدت المباراة ندية عالية بين الفريقين، حيث انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي وسط محاولات متبادلة دون أهداف. وفي الشوط الثاني، تمكن الصقور من خطف هدف الفوز في الدقيقة 89 عبر اللاعب علي إبراهيم، الذي سجّل هدفاً قاتلاً بعد انطلاقة فردية من منتصف الملعب، تجاوز خلالها دفاع الميناء بمجهود ومهارة عالية، وأسكن الكرة في الشباك.

وبهذا الانتصار، أحرز القوة الجوية لقب البطولة، مانعاً فريق الميناء من الاحتفاظ باللقب للموسم الثاني على التوالي، ليضيف الفريق الجوي إنجازاً جديداً على مستوى الفئات العمرية، وسط إشادة بأداء اللاعبين والجهاز الفني.

ويعد هذا الفوز تتويجاً لجهود موسم كامل قدم فيه الفريق مستويات مميزة، ويمنح دفعة قوية للفريق نحو تطوير قاعدة لاعبين واعدة في المستقبل القريب.

**********************************************

ضمن تصفيات كأس آسيا منتخب سيدات العراق يتأهب لمواجهة تايلاند

متابعة ـ طريق الشعب

بعد تحقيقه أول انتصار في تاريخه ضمن تصفيات كأس آسيا للسيدات، يستعد منتخب العراق النسوي لمواجهة حاسمة أمام تايلاند، اليوم الأحد، ضمن منافسات الجولة الثالثة من المجموعة، التي تُقام مبارياتها في مدينة شيانغ ماي التايلاندية.

ويأتي اللقاء المنتظر بين العراق وتايلاند في وقت تصدّر فيه المنتخب العراقي ترتيب المجموعة برصيد 4 نقاط من مباراتين، بعد فوزه الكبير على منغوليا بنتيجة 5-2، وتعادله في الجولة الافتتاحية مع تيمور الشرقية دون أهداف.

في المقابل، تمتلك تايلاند 3 نقاط من مباراة واحدة، وستسعى بدورها إلى تحقيق الفوز لضمان مواصلة المنافسة على بطاقة التأهل، مما يمنح المباراة المرتقبة أهمية مضاعفة للطرفين.

وجاء فوز العراق يوم الخميس على منغوليا ليكتب صفحة جديدة في سجل المنتخب، حيث شهد اللقاء تألق اللاعبة نور الجواهري التي سجلت ثلاثية "هاتريك"، وأسهمت بشكل حاسم في قيادة منتخب بلادها إلى فوز مستحق.

وتوالت الأهداف العراقية عبر كل من تبارك الغزاوي وهدى هادي، بعد أن كان الفريق متأخراً في البداية، ليُظهر روحاً قتالية عالية ونجاحاً تكتيكياً بإدارة المدرب عبد الوهاب الزرجاوي. بهذا الفوز، بات منتخب العراق في الصدارة مؤقتاً، بانتظار مواجهتي الجولة الثالثة، التي ستشهد أيضاً لقاءً بين الهند وتيمور الشرقية، حيث تسعى المنتخبات الأربعة لحجز بطاقة التأهل إلى النهائيات القارية. العراق وتايلاند سيدخلان مواجهة الجولة الثالثة اليوم وكل منهما يحمل طموحات التأهل. الفوز بالنسبة للعراق يعني اقترابه كثيراً من حلم التأهل التاريخي إلى النهائيات، في حين سيكون على المنتخب التايلاندي الاستفادة من عاملي الأرض والجمهور لتعزيز فرصه هو الآخر.

*************************************************

صلاح الدين.. بطلا لدوري الدرجة الأولى بكرة اليد

بغداد ـ وكالات

تُوّج فريق صلاح الدين لكرة اليد بلقب دوري الدرجة الأولى للموسم 2024-2025، بعد مشوار مميز جمع خلاله 27 نقطة، متصدراً ترتيب الفرق المشاركة، ومتأهلاً رسميًا إلى الدوري العراقي الممتاز للموسم المقبل.

وجاء التتويج بعد فوز الفريق في المباراة الختامية على نادي الطوز بنتيجة كبيرة (23-8)، في اللقاء الذي أُقيم على قاعة محمد خليل في تكريت، ليؤكد أبناء صلاح الدين أفضليتهم واستحقاقهم للقب.

وقال رئيس اللجنة الأولمبية فرع صلاح الدين رضا عدنان: "المباراة التي جمعت نادي صلاح الدين ونادي الطوز، وتتويجه بطلاً لدوري الدرجة الأولى وتأهله إلى الدوري الممتاز، تمثل دليلاً على اهتمام النادي بهذه اللعبة. نبارك هذا الإنجاز الكبير لجمهور المحافظة والكادر التدريبي والإدارة واللاعبين، ونأمل أن تتكرر مثل هذه الإنجازات في مختلف الألعاب مستقبلاً."

من جانبها، عبّرت أمين سر نادي صلاح الدين شذى حسين محمد أمين عن سعادتها بالتتويج، قائلة: "نبارك لنادي صلاح الدين حصوله على المركز الأول وتأهله للدوري الممتاز، لتعويض إخفاق فريق كرة القدم الذي لم يلقَ الدعم الكافي. يُذكر أن النادي كان له حضور بارز سابقاً في الفنون القتالية وألعاب أخرى."

وشهد الحفل الختامي تكريم الفرق الفائزة بالمراكز الثلاثة الأولى، وتوزيع الكؤوس والدروع التقديرية من قبل الاتحاد العراقي لكرة اليد.

جاء الترتيب النهائي للفرق المشاركة على النحو الآتي: صلاح الدين – 27 نقطة (بطل الدوري) ـ كويه – 24 نقطة (الوصيف) ـ النصر – 21 نقطة (المركز الثالث).

**************************************************

أزمة متصاعدة بين برشلونة وحارسه الألماني تير شتيغن

برشلونة ـ وكالات

يواجه نادي برشلونة أزمة متصاعدة مع حارسه الألماني مارك أندريه تير شتيغن، الذي دخل في توتر حاد مع إدارة النادي إثر التطورات الأخيرة المتعلقة بمركز حراسة المرمى.

نجح برشلونة مؤخراً في التعاقد مع الحارس الإسباني الشاب خوان جارسيا قادماً من إسبانيول، ووعده بأن يكون الحارس الأساسي في الموسم المقبل، وهو ما اعتبره تير شتيغن "طعنة في الظهر"، وفقاً لتقارير صحيفة "سبورت" الإسبانية.

ورغم محاولات النادي للتخلص من تير شتيغن بسبب راتبه المرتفع، أكد الحارس الألماني تمسكه بعقده الممتد حتى صيف 2028، مشدداً على أنه غير مستعد للرحيل إلا في حال فسخ العقد مع دفع كامل مستحقاته المالية.

تعيش العلاقة بين تير شتيغن والإدارة الرياضية توتراً كبيراً، حيث يشعر الحارس بالخيانة نتيجة غياب الشفافية حول مستقبله، إضافة إلى تسريبات إعلامية من داخل النادي أضرت بسمعته واحترافيته.

كان تير شتيغن منفتحاً سابقاً على خيار الرحيل التوافقي لو تم إخباره في نهاية الموسم، لكنه الآن بات متمسكاً بالبقاء، واثقاً بقدرته على التفوق على خوان جارسيا في الملعب، مؤكداً أنه في أفضل حالاته البدنية.

من المتوقع أن يعود الحارس الألماني إلى تدريبات الفريق خلال فترة الإعداد للموسم الجديد، وسط ترقب لاجتماع مرتقب مع المدرب هانز فليك، الذي يسعى لتهدئة الأجواء وشرح الأمور لتير شتيغن.

في المقابل، لا يزال برشلونة يأمل في تغيير موقف تير شتيغن، إلا أن الحارس أغلق باب التفاوض مع أندية مهتمة به مثل موناكو وجالطة سراي، ورفض عروضاً من أندية أكبر مثل تشيلسي.

*******************************************

ويمبلدون 2025.. من سيخطف الأضواء ويتوج على عرش التنس؟

لندن ـ وكالات

تنطلق هذا الأسبوع منافسات بطولة ويمبلدون، ثالث البطولات الأربع الكبرى في عالم التنس، بمشاركة كوكبة من أبرز النجوم يتقدمهم المصنف أول عالميًا يانيك سينر وحامل اللقب كارلوس ألكاراز، إضافة إلى النجم الصربي نوفاك ديوكوفيتش حامل لقب البطولة سبع مرات.

ويسعى ألكاراز للحفاظ على لقبه وتحقيق إنجاز تاريخي بأن يصبح ثاني لاعب في العصر الحديث يفوز بثنائية رولان جاروس وويمبلدون عامين متتاليين، بعد الأسطورة بيورن بورج، فيما تُعد شتيفي جراف الوحيدة التي حققت هذا الإنجاز في منافسات السيدات. الإسباني ألكاراز يدخل البطولة بمعنويات مرتفعة بعد تتويجه بلقب كوينز مؤخرًا.

أما الإيطالي يانيك سينر، صاحب تسعة ألقاب منذ بداية العام الماضي بينها ثلاثة في بطولات الجراند سلام والبطولة الختامية، فلا يزال يبحث عن لقبه الأول في ويمبلدون، حيث حقق أفضل إنجاز له بالوصول إلى نصف النهائي العام الماضي، وسيبدأ مشواره بمواجهة مواطنه لوكا ناردي الذي سبق له أن هزم ديوكوفيتش في إنديان ويلز العام الماضي.

ويستهدف نوفاك ديوكوفيتش معادلة الرقم القياسي لروجر فيدرر كأكثر لاعب تتويجًا بويمبلدون (8 ألقاب)، بعد أن سجل حتى الآن 97 فوزًا مقابل 12 خسارة في البطولة. وبدأ استعداداته للبطولة بعد خسارته في نصف نهائي رولان جاروس أمام سينر، حيث يفتتح مشواره أمام ألكسندر مولر، مع احتمال مواجهة محتملة مع سينر في نصف النهائي.

ويمثل جاك درابر الأمل البريطاني في البطولة، حيث يصل في أعلى تصنيف في مسيرته (الرابع عالميًا) بعد تتويجه هذا العام بلقب إنديان ويلز للأساتذة، ويأمل في السير على خطى أندي مواري ليصبح ثاني بريطاني في العصر الحديث يتوج باللقب. يبدأ درابر البطولة بمواجهة سيباستيان بايز، وقد يواجه ديوكوفيتش في ربع النهائي.

يبحث ألكسندر زفيريف، وصيف ثلاث بطولات جراند سلام من قبل، عن لقبه الأول في إحدى هذه البطولات الكبرى، لكن عليه تحسين أداءه في ويمبلدون حيث لم يتجاوز الدور الرابع في مشاركاته الثماني السابقة. كما يصل تايلور فريتز متأهبًا بعد تأهله لنهائي إيستبورن، إلى جانب لورينزو موسيتي الذي قدم أداءً جيدًا في الملاعب الترابية ويبحث عن لقبه الأول في الجراند سلام.

من بين أبرز المنافسين أيضًا ألكسندر بوبليك وجيري ليهيشكا اللذان قدما مستويات مميزة مؤخراً، حيث تغلب بوبليك على سينر في بطولة هاله، فيما وصل ليهيشكا إلى نهائي كوينز بعد تغلبه على درابر.

ويبرز الجيل الشاب من اللاعبين مع تألق جاكوب مينسيك وجواو فونسيكا هذا العام، حيث فاز مينسيك على ديوكوفيتش في نهائي ميامي محققًا أول ألقابه في بطولات الأساتذة، بينما توج فونسيكا بلقب بوينس آيرس وحقق أول انتصار على لاعب من المصنفين العشرة الأوائل في أستراليا المفتوحة.

وتستمر المنافسة على التأهل للبطولة الختامية في تورينو، حيث يسعى تومي بول وأليكس دي مينور وهولجر رون وبن شيلتون لتعزيز حظوظهم، مع العلم أن بول ودي مينور ورون سبق لهم الوصول إلى ربع نهائي ويمبلدون، بينما تأهل شيلتون للدور الرابع في النسخة الماضية.

تعد بطولة ويمبلدون لهذا العام منصة مفتوحة لمعارك من العيار الثقيل بين أبرز نجوم التنس العالمي، في سعيهم نحو الانتصار والتميز على العشب التاريخي لأحد أعرق البطولات في الرياضة العالمية.

**********************************************

وقفة رياضية.. الرياضة النسوية وضرورة إنعاشها

منعم جابر

بدأت الرياضة النسوية في العراق منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وكانت آنذاك مؤثرة وفاعلة؛ إذ مارست فتياتنا الرياضة في المدارس أولاً، ثم انطلقت النشاطات الرياضية في الأندية المتخصصة للبنات، وكانت الألعاب الرياضية حينها مشتركة بين البنين والبنات. وقد أثار دخول الفتيات إلى الميدان الرياضي إعجابًا واسعًا وحماسًا كبيرًا.

وزادت أهمية الرياضة النسوية من خلال المشاركات الفاعلة والمؤثرة في الأنشطة الرياضية، خصوصًا خلال فترة بدأت فيها فتياتنا باكتساب الوعي بأهمية مشاركتهن في الحياة الاجتماعية العامة، ودفاعهن عن حقوقهن ومكتسباتهن، التي تحققت بفضل ثورة تموز المجيدة.

وشهدت الرياضة النسوية خلال تلك المرحلة انتعاشًا كبيرًا، وبرزت فرق قدّمت مستويات عالية في ألعاب كرة السلة، والكرة الطائرة، وكرة اليد، إضافة إلى مشاركة الفتيات في مسابقات الساحة والميدان. وكانت مرحلة السبعينيات بمثابة الفترة الذهبية لنشاطات المرأة الرياضية.

لكن هذا الزخم بدأ في التراجع مع مطلع الثمانينيات، نتيجة انشغال البلاد بالحروب العدوانية، ما أدى إلى تراجع النشاط الرياضي النسوي وانحساره في نطاقات ضيقة، رغم تحقيق الرياضة النسوية العديد من النجاحات اللافتة، ومنها تألق العديد من البطلات في الألعاب الرياضية، وحصولهن على شهادات دراسات عليا (ماجستير ودكتوراه)، فضلاً عن افتتاح كليات جديدة للتربية الرياضية، وبروز مساهمات رياضية عالية المستوى قادتها نساء تفوقن وحققن بطولات وإنجازات مشرفة.

لكن اليوم؟!

نجد أن الرياضة النسوية قد تراجعت وانكفأت، على الرغم من بعض المحاولات الجادة التي يبذلها عدد من المختصين في الرياضة – من الجنسين – لإحياء هذا القطاع الحيوي، الذي يعاني من إهمال كبير وتقصير واضح.

إن الرياضة باتت ضرورية وأساسية لكل الناس، لما لها من فوائد صحية ونفسية، ونحن – كإعلام رياضي – مطالبون بدعم هذا الجانب الحيوي، وخاصة فيما يتعلق بالفتيات والنساء، حفاظًا على صحتهن ونشاطهن، وتحفيزًا لتألقهن في مختلف المحافل، المحلية والدولية، لتحقيق الإنجازات والتفوق.

الرياضة النسوية يمكن أن تكون منبعًا للإنجاز والنجاح، إذا ما توفرت لها الرعاية الجادة والدعم المطلوب. فإهمال هذا القطاع يعني خسارة نصف المجتمع، كما هو حاصل اليوم، ومن هنا، فإن الواجب يحتم علينا إعادة الاعتبار للرياضة النسوية ومنحها حجمها الحقيقي ودورها المركزي، لما لها من أثر مباشر في تحقيق المكاسب والفوز.

أما إذا تم حرمان بناتنا وسيداتنا من المشاركة في النشاطات الرياضية تحت ذرائع ومبررات لا أساس لها، فإننا بذلك نحرم المجتمع من نصف طاقاته في مسيرة إصلاحه وبنائه.

لقد كان لبطلات الرياضة في العراق دور بارز في الحياة الرياضية، في وقت كانت فيه دول كثيرة في المنطقة والجوار تغط في سبات عميق. واليوم نرى نساءنا وفتياتنا يخرجن بشجاعة لممارسة حياتهن وأنشطتهن، ومنها الرياضة، وقد حققت العديد منهن مراتب عليا وبطولات مشرفة.

فلا تحرموا بناتنا من ممارسة الرياضة، ودعوهن لتحقيق الإنجاز العالي.

ويكفي أن نذكر على سبيل المثال الرياضية العراقية المحترفة في صفوف نادي الهلال السعودي، شوخان نورالدين، اللاعبة في صفوف منتخبنا النسوي لكرة الصالات، والتي تُعد من أبرز اللاعبات العراقيات والعربيات. فقد انضمت إلى فريق الهلال وأسهمت معه في تحقيق مركز الوصافة في الدوري الممتاز، وسجّلت 43 هدفًا من أصل 76 هدفًا أحرزها الهلال في البطولة، لتكون هدافة الفريق.

هكذا هي المرأة العراقية: مبدعة في كل المجالات، ومنها الرياضة.

*******************************************

الصفحة العاشرة

150 عاماً على نقد برنامج غوتا

كان «النقد» وثيقة كتبها كارل ماركس في أوائل أيار 1875، على شكل رسالة موجهة إلى حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا SDAP، الحزب الذي كان ماركس وفريدريك إنغلز على علاقة وثيقة به. وقد سُمّيت الرسالة بهذا الاسم نظراً لأنها تناولت بالنقد «برنامج غوتا»، وهو البيان المقترح الذي كان من المقرر عرضه خلال مؤتمر الحزب المزمع عقده في مدينة غوتا.

يُعد «نقد برنامج غوتا» الوثيقة التي قدم فيها ماركس أوضح وأعمق مواقفه بشأن الاستراتيجية الثورية، ومعنى «ديكتاتورية البروليتاريا»، وطبيعة المرحلة الانتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية، وأهمية الأممية في المشروع التحرري.

كان فرديناند لاسال، الناشط والسياسي الاشتراكي، يرى الدولة بوصفها تجسيداً لإرادة «الشعب» لا تعبيراً عن بنية طبقية. وقد تبنّى شكلاً من «اشتراكية الدولة»، ورفض فكرة الصراع الطبقي من خلال النقابات العمالية. وبدلاً من ذلك، انطلق من صيغة مالتوسية تُعرف «بالقانون الحديدي للأجور»، تقول: إن أي ارتفاع في الأجور عن الحد الأدنى للمعيشة سيؤدي إلى زيادة في عدد السكان، وبالتالي إلى مزيد من المنافسة بين العمال، مما يعيد الأجور إلى مستوياتها الدنيا. ماركس وإنغلز كانا قد رفضا هذا الطرح مراراً.

عندما أرسل أنصار «آيزناخ» مسودة البرنامج الجديد إلى ماركس ليدلي برأيه، وجد أنها متأثرة إلى حد بعيد بأفكار لاسال، فردّ عليها برسالة نقدية صارمة. ولكن، عندما عقد المؤتمر فعلياً في غوتا أواخر أيار 1875، تم تبني البرنامج مع تغييرات طفيفة فقط. ولم تُنشر رسالة ماركس النقدية إلا بعد ذلك بسنوات طويلة.

في نقده، هاجم ماركس– من بين أمور أخرى– اقتراح لاسال المتعلق بـ«مساعدات الدولة»، واعتبره بديلاً زائفاً عن الملكية العامة وإلغاء الإنتاج القائم على السلع. كما لاحظ غياب أي ذكر لتنظيم الطبقة العاملة كطبقة، وهو أمر بالغ الأهمية في رأيه، قائلاً: «وهذا بالذات أمر بالغ الأهمية، لأنه يمثل التنظيم الحقيقي للبروليتاريا كطبقة، والذي تخوض عبره معاركها اليومية ضد رأس المال».

كما اعترض ماركس على استخدام مصطلح «دولة الشعب الحرة»، قائلاً: إن «الدولة ليست سوى مؤسسة انتقالية تُستخدم أثناء النضال، في الثورة، لقمع الأعداء بالقوة»، ولذلك فإن «الحديث عن» دولة الشعب الحرة» هو هراء مطلق، فما أن تصبح الحرية مطروحة، حتى تكون الدولة– بصفتها كذلك– قد زالت». هذا التفريق كان، ولا يزال، فاصلاً حاسماً بين تصورات ماركس وإنغلز حول الدولة ما بعد الرأسمالية، وبين رؤى الاشتراكية الديمقراطية التي تتحدث عن «اشتراكية الدولة».

مرحلتان من الشيوعية

لطالما وصف ماركس وإنغلز نفسيهما بأنهما «شيوعيان» لتمييز نفسيهما عن أشكال الاشتراكية القديمة. وكانا يُعرّفان الشيوعية ببساطة على أنها «انحلال نمط الإنتاج والشكل المجتمعي القائم على قيمة التبادل». والخاصية الأساسية في الشيوعية عند ماركس تكمن في إنهاء الفصل بين المنتجين «العمال» وبين السيطرة على وسائل الإنتاج. وهذا يستلزم بالضرورة نزع الطابع السلعي عن قوة العمل. فالإنتاج الشيوعي، أو «الإنتاج الجمعي»، يجب أن يكون مخططاً ومنفذاً من قبل المنتجين أنفسهم، أي العمال والمجتمع، دون الحاجة إلى وسطاء طبقيين كالعمل المأجور، والسوق، والدولة.

وفي «نقد برنامج غوتا»، يوضح ماركس: أن الشيوعية تمر بمرحلتين بعد زوال الرأسمالية. ففي المرحلة الأولى: «نحن نتعامل هنا مع مجتمع شيوعي لم يتطوّر بعد على أسسه الخاصة، بل على العكس، هو ما يزال مشبعاً ببصمات المجتمع الرأسمالي الذي وُلد منه، من حيث الاقتصاد والأخلاق والفكر».

ويضيف: «في هذه المرحلة، يحصل المنتج الفردي من المجتمع– بعد اقتطاع الحصص العامة– على ما يعادل بالضبط ما قدّمه له من عمل. ما قدمه هو حصته من يوم العمل الاجتماعي، أي أن وقت عمله الفردي هو جزء من يوم العمل الاجتماعي الكلي، وهو يمثل مساهمته فيه».

ويشرح ماركس أنه: «يتلقى العامل شهادة من المجتمع تؤكد أنه قدّم مقداراً معيناً من العمل (بعد خصم مساهمته في الصندوق العام)، وبواسطة هذه الشهادة يحصل على كمية من وسائل الاستهلاك تعادل قيمة العمل الذي قدمه. فالمقدار الذي منحه للمجتمع في شكل عمل، يستلمه من المجتمع في شكل سلعي».

ويضيف: «حتى إذا تمّ التخلص من قيمة التبادل، فإن وقت العمل يظل «مقياساً لتكلفة إنتاج الثروة»، لأن العمل– إلى جانب الطبيعة– هو الجوهر الأساسي للثروة».

انطلاقاً من «نقد برنامج غوتا»، يمكننا أن نستنتج وجود اقتصاد انتقالي ما بين الرأسمالية والشيوعية. خلال هذه المرحلة، يكون هناك انتقال سياسي لا يمكن فيه للدولة أن تكون شيئاً سوى «ديكتاتورية البروليتاريا الثورية». قد يبدو هذا المصطلح منفّراً لأولئك الذين اعتادوا على استخدام كلمة «ديمقراطية» بصيغتها الليبرالية الحديثة، لكن بالنسبة إلى ماركس وإنغلز، كان هذا التعبير ببساطة وصفاً لحقيقة تولّي الطبقة العاملة السلطة السياسية والاقتصادية.

مصطلح «ديكتاتورية البروليتاريا» لم يكن من اختراع ماركس، بل يعود إلى الصحفي الشيوعي جوزيف فايدماير الذي نشر مقالا بهذا العنوان عام 1852 في صحيفة ألمانية تُدعىTurn-Zeitung. وفي تلك السنة، كتب ماركس رسالة إلى فايدماير قال فيها: «لقد تحدث المؤرخون البرجوازيون طويلاً عن تطور الصراع الطبقي، كما حلله الاقتصاديون البرجوازيون من زاويتهم.

أما مساهمتي الخاصة، فكانت (1) إثبات أن وجود الطبقات يرتبط بمرحلة تاريخية معينة من تطور الإنتاج. (2) أن الصراع الطبقي يؤدي حتماً إلى ديكتاتورية البروليتاريا. (3) أن هذه الديكتاتورية لا تمثل أكثر من مرحلة انتقالية تؤدي إلى إلغاء كل الطبقات وإلى مجتمعٍ لا طبقي».

وقد تبدو الرأسمالية في ظاهرها ديمقراطيةً بسبب وجود انتخابات عامة وزعماء منتخبين، لكنها في الواقع ديكتاتورية لرأس المال: سيطرة لرأس المال المالي والاحتكارات الكبرى على المؤسسات «الديمقراطية». أما ديكتاتورية البروليتاريا، فتعني العكس تماماً: حكم الأغلبية العاملة التي «تُملي» إرادتها على رأس المال، لا العكس.

يجب أن يُركّز الإنتاج في الاقتصاد الانتقالي على خلق «قيم استخدام»، أي سلع تُنتج بناء على قرارات العمال أنفسهم لتلبية حاجاتهم الخاصة، مثل: الاستثمار في الطاقة الخضراء بدلاً من صناعة السلاح. وهذا يستدعي وجود تخطيط ديمقراطي حقيقي، وملكية جماعية لوسائل الإنتاج، ومشاركة مباشرة في اتخاذ القرار بشأن الاستثمارات والتقنيات التي تضمن التنمية الشاملة لقدرات كل عامل.

هذه المبادئ هي المؤشرات الحقيقية لديمقراطية العمال في طريقها نحو الاشتراكية أو الشيوعية. توسّعها أو اختفاؤها هو المعيار لما إذا كان المجتمع يسير نحو/ أو يبتعد عن هدف التحرر.

صحيح أن ديكتاتورية البروليتاريا قد تبدأ في دولة واحدة، لكن لا يمكن لهذا النظام أن يتطوّر نحو الشيوعية– نحو «إدارة الأشياء» بدلاً من حكم البشر– إلا إذا انتشرت هذه الديكتاتورية عبر الدول الكبرى ثم على الصعيد العالمي، تماماً كما فعلت الرأسمالية.

الإنتاج الشيوعي لا يُنتج بمجرد توقيع قانون من حكومة اشتراكية منتخبة.

بل يتطلب «صراعات طويلة، وعبر سلسلة من العمليات التاريخية، لتغيير الظروف والناس». ومن بين هذه الظروف المحوّلة، ليس فقط تغيير التوزيع، بل أيضاً إعادة تنظيم الإنتاج، أو بالأحرى، «تحرير أشكال الإنتاج الاجتماعي من طابعها الطبقي الحالي، وتنسيقها بشكل منسجم وطنياً ودولياً». وهذا يعني إنهاء الإمبريالية، واستبدالها بجمعية أممية من الشعوب تقوم على التخطيط الديمقراطي والملكية المشتركة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ترجمة "قاسيون" – 25 أيار 2025

********************************************

ما الذي يمنح السلطة شرعيتها؟ كتاب يفتح الباب لمقاربة فلسفية جديدة

في عالم يشهد اضطرابات سياسية متكررة، وانهيار الثقة بالمؤسسات التقليدية، وصعود الحركات الاحتجاجية في مختلف أنحاء العالم، يظل سؤال الشرعية السياسية سؤالا ملحا ومفتوحا: ما الذي يمنح السلطة حق الحكم؟ هل تكتفي صناديق الاقتراع؟ أم تحتاج السلطة إلى ما هو أبعد من مجرد الأطر القانونية والدستورية لتبرير وجودها؟ وهذا هو جوهر كتاب توماس فوسن "في مواجهة السلطة؛ نظرية في الشرعية السياسية".

صدر كتاب توماس فوسن عن مطبعة جامعة أكسفورد عام 2023، وترجمه حديثا إلى العربية الدكتور محمود هدهود عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر. يرتكز الكتاب على سؤال الشرعية السياسية، الذي هو على الأرجح أحد أهم الموضوعات في الفلسفة السياسية وأعقدها؛ وهو: كيف يمكن عمليا التعامل مع النظام السياسي الذي يجد المرء نفسه في مواجهته؟ وما الموقع الذي ينبغي أن يتخذه حيال هذا النظام؟

تحاول نظريات الشرعية السياسية عادة أن تجد الشروط الكافية والضرورية للحكم على نظام ما بأنه شرعي، ولذلك تسعى إلى صياغة المبادئ النظرية السليمة للشرعية السياسية وتحديدها، سعيا إلى مقاربة الصواب في تحديد من هو الأحق بالسلطة في إطار الصراع على الشرعية.

لا يكتفي فوسن في كتابه بتحديد شروط شرعية السلطة، بل يقترح مدخلا تأويليا سرديا لفهم كيف تبنى الشرعية، وكيف تتهاوى، وكيف تختبر في لحظات الأزمة، لا سيما خلال الاحتجاجات.

مسار الشرعية

يقف فوسن ضد التصورات التي ترى الشرعية بوصفها صفة تمنح مرة واحدة للسلطة، سواء من خلال الانتخابات أو عبر مطابقة معينة مع قواعد القانون أو مبادئ العدالة. وبدلا من ذلك، يقترح أن الشرعية هي عملية سردية وتأويلية مستمرة، تقوم بها السلطة أمام الناس سعيا لإقناعهم بأنها تستحق أن تطاع. في هذا السياق، تصبح الشرعية شبيهة بالحوار، حيث لا يكفي أن يكون الحاكم "قانونيا"، بل عليه أن يقدم سردية عن سبب وجوده في الحكم، وعن مشروعه السياسي، وأن يربط ذلك بماض جماعي ذي معنى، وبمستقبل يبعث الطمأنينة في نفوس الناس. فالشعوب لا تطلب فقط من يحكم، بل تطلب من يقنع، ويشرح، ويعد.

بهذا التصور، ينقل فوسن الشرعية من مجال القانون الصارم إلى مجال المعنى السياسي؛ من حرفية النص إلى روح الخطاب. وهذه النقلة تحدث فرقا جوهريا في طريقة فهمنا للحكم.

الاحتجاج ليس تهديدا

من أهم إسهامات فوسن إعادة النظر في الاحتجاج بوصفه وسيلة سياسية لاختبار الشرعية؛ ففي نظره، لا تكون السلطة شرعية حين لا تواجه بالاعتراض، بل تختبر شرعيتها فعليا حين تساءل، ويطلب منها أن تبرر وجودها في مواجهة النقد. فالاحتجاج السياسي إذن ليس مجرد رفض، بل هو دعوة إلى الحوار، وهذا ما يسميه فوسن "المواجهة التفسيرية"؛ أي اللحظة التي تجبر فيها السلطة على مواجهة روايتها عن نفسها، وربما تعديلها أو مراجعتها، بل حتى التخلي عنها أحيانا. فالثورات، على سبيل المثال، لا تفهم بوصفها حركات سياسية فحسب، بل بوصفها أفعالا سردية: تعيد كتابة الماضي (بإدانة السلطة السابقة)، وتعد بمستقبل مختلف، وتدعو إلى شرعية جديدة مبنية على قصة بديلة.

ويركز فوسن كثيرا على البعد الزمني في بناء الشرعية، إذ تحاول كل سلطة تبرير وجودها بالارتباط بسردية زمنية: فقد تشير إلى ماض مجيد (كالاستقلال الوطني)، أو إلى خطر راهن يستوجب الطاعة (مثل الإرهاب أو الفوضى)، أو إلى مستقبل مشرق (كوعود التنمية أو العدالة).

لكن حين تفشل السلطة في الحفاظ على هذا السرد -أي عندما يفشل الحاضر في تمثيل الماضي أو الإعداد للمستقبل- فإن ذلك يؤدي إلى اهتزاز شرعيتها. ولهذا، فإن كثيرا من أزمات الحكم تبدأ حين ينكشف التناقض بين الرواية الرسمية والواقع المعيش، وبهذا تصبح الشرعية علاقة تربط بين الحاضر والماضي والمستقبل، لا مجرد علاقة بين الحاكم والمحكوم.

نقد فوسن لمفاهيم الشرعية الكلاسيكية

يجادل فوسن في أطروحته أبرز فلاسفة السياسة المعاصرين؛ فهو يرى أن مفاهيم مثل "الشرعية القائمة على العقل العمومي" التي يقدمها جون راولز، أو "الشرعية القائمة على الخطاب التواصلي" التي يقدمها يورغن هابرماس، رغم عمقها، تفترض شروطا مثالية نادرا ما تتحقق في الواقع.

فالسياسات الواقعية كثيرا ما تمارس في ظل انقسام عميق، ومحدودية في التواصل، وسياقات غير متكافئة، تجعل من اشتراط الحوار العقلاني شرطا نظريا صعب التطبيق. ومن هنا، يقترح فوسن بديلا أكثر مرونة، وهو أن نقيس الشرعية بقدرة السلطة على تقديم مبررات مفهومة حتى لخصومها، وإن لم يوافقوا عليها. وليست الانتخابات كافية للتمثيل في هذا السياق؛ إذ ينتقد فوسن الاختزال الشائع للتمثيل السياسي في الانتخابات وحدها، فحين يصوت الناس، لا يعني ذلك أنهم يفوضون ممثليهم إلى الأبد، بل يتوقعون علاقة مستمرة من الحوار والاستجابة والتفسير. وإذا ما توقف الحاكم عن الإصغاء، وعن تقديم رواية منطقية ومقنعة لقراراته، فإن تمثيله يصبح شكليا فقط، وتبدأ شرعيته بالتآكل، حتى لو كان منتخبا.

وهكذا، فإن التمثيل عند فوسن هو علاقة ديناميكية لا ميكانيكية؛ علاقة تتطلب تجديدا دائما الثقة عبر الخطاب والفعل. وإذا أردنا تطبيق نظرية فوسن على العالم العربي، رغم أن الكتاب لا يتناول حالات بعينها، فإن فكرته عن الشرعية بوصفها سردا سياسيا يمكن أن تطبق على حالات مألوفة في العالم العربي.

ففي سوريا، مثلا، تحولت السلطة إلى رواية أمنية مغلقة، ولم تستطع سلطة الأسد تقديم سردية جديدة تستوعب مطالب الثورة. وفي تونس ما بعد الثورة، نشأ صراع مفتوح حول من يملك حق تمثيل الشعب، وأي دستور يعكس إرادته، وهو صراع على السرديات السياسية قبل أن يكون صراعا على المؤسسات. وفي لبنان، كانت انتفاضة تشرين مثالا حيا على مواجهة الرواية السياسية القائمة، ورفضها من جموع غاضبة لم تجد في خطاب السلطة تفسيرا مقنعا لحالتها الاقتصادية والمعيشية. وفي كل هذه الحالات، تبرز مركزية السؤال الذي يطرحه فوسن: من له الحق في الحديث باسم الجماعة السياسية؟ ومن يملك شرعية تفسير الماضي وتحديد الطريق نحو المستقبل؟ ورغم قوة النظرية التي يقدمها فوسن، فقد يطرح عليها اعتراض مهم، وهو: أليست السلطة، في الواقع، تفرض بالقوة أحيانا، من دون حاجة إلى تبرير؟ أليس التاريخ زاخرا بأنظمة استبدادية نجحت في البقاء رغم افتقارها إلى سرد مقنع؟ فوسن لا ينكر هذا الواقع، لكنه يقول إن السلطة بلا شرعية تكون دائما هشة، وأكثر عرضة للانفجار؛ فهي تسيطر لكنها لا تقنع، وتحكم لكنها لا تطاع طاعة حرة. وهكذا تصبح الشرعية ضرورة للاستقرار الطويل الأمد، لا مجرد ضرورة فكرية.

في السياسة لا مهرب من التفسير

يذكرنا توماس فوسن في كتابه بأن السياسة ليست مجرد إدارة للموارد أو تقنين للصلاحيات، بل هي نشاط تفسيري بامتياز؛ أن تحكم يعني أن تشرح، وأن تفهم، وأن تبني قصة يمكن للناس -وإن اختلفوا معك- أن يتفاعلوا معها. وإذا كان الطغاة يفضلون أن يطاعوا من دون سؤال، فإن المجتمعات الحرة تصر على أن تقدم لها الأسباب، وأن يحترم وعيها، وأن تعامل بوصفها طرفا واعيا في العقد السياسي. فكتاب "في مواجهة السلطة" ليس إسهاما فلسفيا محضا، إنما هو نداء لإعادة التفكير في علاقتنا بالسلطة، وفي حق المواطن ومسؤوليته في المطالبة الدائمة بالسرد، وبالحوار، وبالتفسير، لا بالرفض والاحتجاج فحسب؛ لأنه في نهاية المطاف، لا شرعية بلا قصة تقنع، وتلهم، وتسائل في آن معا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"الجزيرة" – 4 حزيران 2025

********************************************

العدد 52 من دورية {عمران} للعلوم الاجتماعية

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد الثاني والخمسون (ربيع 2025) من دورية عمران للعلوم الاجتماعية. وتضمن خمس دراسات: "الإيمان والتعصب: كيف تتوسط الهوية الدينية الاستجابات للتمييز في شمال غرب أوروبا؟" لطاهر عباس ونبيل خطّاب، و"الفانتازيا الحضرية السايبربنكية في الخليج: مدينة ’ذا لاين‘حاضنة للتحديث في السعودية وخارجها" لفيدريكو كوغورولو وإيزوبل لي وربيكا وير، و"الأستاذات الجامعيات وممارسة النفوذ في الجامعة اللبنانية" لفادية حطيط، و"الحكم الاستعماري المباشر وغير المباشر في الضفة الغربية خلال مرحلة ما بعد أوسلو" لغادة السمان، و"البرجوازية الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي: وطنية أم كمبرادورية أم تابعة مستفيدة من تبعيتها؟" لنتالي سلامة.

ونقرأ، في باب "ترجمات"، ترجمة ثائر ديب لدراسة والتر و. باوِل "لا سوق ولا تراتبية: أشكالٌ شبكية للتنظيم". وفي باب "تقارير"، أعد جبريل علي تقريرا بعنوان "حال العلوم الاجتماعية والإنسانية في العالم العربي: قراءة في تقارير المرصد العربي للعلوم الاجتماعية". واشتمل باب "مراجعات الكتب" مراجعتين، الأولى لساري حنفي لكتاب الحرية الأكاديمية وإنتاج المعرفة العابر للحدود الوطنية لدينا كيوان، والثانية لمنصور النصاصرة لكتاب ديار بئر السبع، جنوب فلسطين العثماني: الأرض والمجتمع والدولة لأحمد أمارة. ويختتم العدد بعروض لأربعة كتب صدرت حديثا أعدتها هيئة تحرير الدورية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات – نيسان 2025

********************************************

الصفحة الحادية عشر

جديد دار الشؤون الثقافية

- الرواية والكتابة السينمائية/ من المقروء الى المرئي/ تأليف عباس خلف علي.

- الحزن دالاً شعرياً/ دراسة موازنة بين نازك الملائكة ولميعة عباس عمارة/ تأليف د. رائدة العامري.

- التهامي/ شاعر الاسفار وجواب القفر/ تأليف د. احمد حسين العبد.

- الحرب النفسية في سياسة ملوك آشور 911- 612 ق. م. تأليف ناهي مظفر العقيلي.

- مقطوع الى النصف ويثمر/ شعر محمد الخيكاني.

- هذا القرنفل ليس لي/ شعر بشرى البستاني.

- السيرة الذاتية القصصية/ وعي التجربة.. افق الرؤية.

- أيها الطاعن في الموت.. في الموت/ مختارات شعرية/ بول شاؤول.

- الكاولي/ قصص كريم شعلان.

***********************************************

ذاكرة الصحافة الشيوعية.. عندما تكون الجريدة ملتحمة مع جذور نخلة

أ.د. قاسم حسين صالح

في العام 1956 كنت طالبا في متوسطة الشطرة. اخذني صديق مرة الى بيت لا اعرفه ..دخلنا ،استقبلنا شاب وسيم فقال له صديقي :

  • اقدملك صديقي قاسم شيخ حسين.. ابوه رجل دين وفلاح من قرية السادة البوهلالة

جلسنا ..وبعد شاي وو  اعطاني جريدة صغيرة الحجم..قرأت العنوان ( اتحاد الشعب)..حذرني ان يراها احد،  وطلب ان اقرأ فيها عمودا كان مكتوبا بلهجة عامية على الفلاحين .. ومنها تعرفت على ثقافة جديدة ..ثقافة الشيوعية ، حتى انني استفسرت عن معنى كلمة قراتها (برولتاريا) لا اعرفها.

ثم صارت الجريدة علنية بعد ثورة 14 تموز 1958 ..توقفت بعدها لسبب ما كنت اعرفه . وكان المصدر الرئيس للحصول عليها في مدينة الشطرة هو مكتبة نعيم العصفوري الذي اضطره العوز الى ان يأتي الى بغداد ويفتح مكتبة في شارع المتنبي ومات عصاميا معدما.

وظهرت جريدة (طريق الشعب) ..والمفارقة انها كانت من بين الصحف الاكثر انتشارا ان لم تكن اوسعها انتشارا، واظن ان احد اسباب ذلك هو العمود الساخر في صفحتها الأولى  بقلم ( ابو كاطع- شمران الياسري)..وكان القرّاء يبدأون اولا بقراءة عموده ،وبينهم من كان يشتري الجريدة بسببه!

والذي زاد من شهرته برنامجه الأذاعي (احجيها بصراحة يبو كاطع)..وخصه الكاتب علي الشوك في مذكراته وكتابه (مثلث متساوي الساقين ).

كنت احرص على اقتناء كل اعداد الجريدة واخزنها في غرفتي بقرية السادة البوهلاله غلى ضفة شط الغرّاف  حيث كنت انشر فيها موضوعات متواضعة، الى ان جاء يوم اوقفت الجريدة وشنت حملة ضد الشيوعيين، فقمت بمساعدة الراحلة زوجة اخي بوضع كل اعداداها في ( تنكه) غلفناها بشكل جيد  وحغرنا حفرة عميقة في بستان النخيل ودفناها..وفي 2025 زرت اهلي وذهبت للمكان فضاع عليّ ولم اجده للأسف.

ومن جميل ما اذكره انني كنت في الستينات مسؤول خط الفلاحين في قضاء الشطرة.وكنت اتنقل بين القرى على دراجتي الحمراء(بايسكل) أعقد في فضاءاتها ندوات واجتماعات حزبية. ومن طرائف ما حصل انني كنت اقرأ المقال الأفتتاحي لجريدة طريق الشعب فصاح مؤذن القرية (الله اكبر الله أكبر) معلنا آذان المغرب ونحن في اجتماع حزبي، فأستأذن مني الفلاح (عذافه):

- رفيق ..ممكن أصلّي؟

التفت نحوي عذافة وقد حمل عباءته ليصلي

- اخذ راحتك رفيق عذافة.. صلّي وراح ننتظرك.

وتحول موضوع اجتماع الخلية الى الشيوعية والدين، فأوضحت لهم ان الحزب يترك لك الحرية في الصوم والصلاة.. واستشهدت بآية من القرآن (ومن شاء منكم فليؤمن ومن شاء فليكفر).. وكنت يومها ما زلت أصلّي وأصوم وأحفظ عددا من سور القرآن عن ظهر قلب.. ضعفت الآن  فيما بقيت حريصا على قراءة (طريق الشعب)  التي اتمنى لها البقاء على مجدها بوصفها الصحيفة الأولى عراقيا!

******************************************

في أربعينية الشاعر موفق محمد.. دفتر الشاعر

محمد خضير

 "شخص ما/ يُدعى ابن محمد/

 ترك الرأسَ هنا والأطراف/

 ولفَّ القلبَ/ وغادرني" 

-(من قصيدة "المنقذ" لموفق محمد)-

توصَف حوليات التاريخ العراقي بأنها تنقيبات "عَشْرية"، يتّشح كل منها بوشاح استعمار أو ثورة أو حرب أو احتلال. ولعل بذلة تأسيس الدولة المفصَّلة على مقاس ملوك العراق الحجازيين مطلع القرن العشرين، قد ورثها الضباطُ الأحرار في زيّ يحاكي لونُه الطحلبَ النهري لدجلة، ثم أعطوها لأعقابهم من مغامري الانقلابات والحروب، قبل أن يرتديها المحتلّون وخدمُهم في نهاية القرن على حال من الترقيع والرثاثة. وعلى هذا النسق من ارتداء الأسمال، ورثَ التاريخ العراقي نوعاً من المذكرات الشخصية، لقادةٍ آفلين، في دفاتر موشَّحة بالتفاخر الطبقي والعشائري والتخايل العسكري والحكومي والتحزّب الفئوي والاستلذاذ السرّاني، حتى إذا وقعت هذه النماذج بأيدي جامعي التحف وتجار المخطوطات، شهروها على حذر، متباهين بلونها الحائل وعَطَنِها الورقي. وليس بعيداً عن هذين الأثرين من الأزياء والمذكرات، فالحفريات الأثرية لا تزال تكشف عن طبقة عميقة من اللقى الفنية والصناعات الشعبية الضاربة في القِدم والتفسّخ المادي، فلكأننا نستنقذ جُثثاً من مقابر الأمس، ونستأثر بمفاخرها/ فضائحِها طوعاً وكرهاً، ثم نحفظها في متحف كبير.

وفي حمأة هذا التوارث والتناقض بين الأثر وقيمته المعنوية، تفلتُ نماذجُ من تحقيبات التاريخ التفاخرية، توازي بقيمتها الخاصة ما يتهالك المتفاخرون على حيازته والتشاهر في امتلاكه من اللقى النادرة. إن في هذه النماذج الفالتة من التواليات التنقيبية "العَشْرية" ما يحلو لمالكيها اعتباره خيطاً سردياً منسولاً من الجبّة الكبرى لأسمال التاريخ. ومن هذه النماذج: خارطة قديمة لسكك الحديد، أو جدول لسير حافلات نقل الركاب، أو ورقة مقتطعة من دائرة الطبّ العدلي، أو بطاقة زيارة لمعرض خيريّ أقامه نزلاء سجن أو مستشفى عقلي، أو حلية فضّية منتزَعة من سلسلة حول رقبة طبيب مستشفى حمّيات مات بعدوى مرضاه، أو صورة لمقدمة سفينة غارقة، أو بطاقة بريد من طالب يدرس في بلد أوروبي لأبيه في إحدى القرى... وغير ذلك ممّا لا ينحصر في حقبة موروثة من حقبة استعمارية أو انقلابية. فهي دلائل على وقتٍ ينضح بالعزلة والجنون، ويرتدي ثوب الحزن والأمل، بتناوب صريح ومفاجئ. ومتى دخل أيّ منها نصاً محايثاً، بآليّة الأدب أو الفن أو السيرة الذاتية، أصبح وثيقةً على ضمير كاتبه الذي لا تفوته مخاتلة التاريخ وكمائنه المتحفية.

واستناداً إلى هذه المحايثة والموازنة بين الجبّة المتهرئة وخيطِها المنسول، يأتي الحديث عن مجموعة قصائد للشاعر موفق محمد، مكتوبة بقلم الحبر الجافّ، في دفتر مدرسي (٣٠ ورقة). أهداني الشاعر هذه القصائد- وعددها عشر- عندما فرغ من غرض قراءتها في جلسة من جلسات ملتقى القصة في محافظة ميسان، في العام ١٩٩٨، أو لعله آثرني بها بدلاً من قراءتها. لا أتذكر تفاصيل كثيرة للوقت الذي أمضاه قصاصون من مختلف أنحاء العراق هناك (راجع مقالتي عن الملتقى القصصي بميسان في فصل من كتاب: المحشر النقّال) وتبادلوا فيه أنخاب اللقاء بمعزل عن الحقبة التسعينية، تلك التي شهدت نهاية حرب وحادثة غزو وانتفاضة شعب وحصار دولٍ خلال عشر سنوات، ومهدت لحقبة تالية وُزّعت خلالها أنخابُ المنتصرين الكبار على عزلة القصاصين الصغار. ليست هناك من مقارنة تُذكر بين اللقى الصغيرة في أسواق "كوت العمارة" واللقى التي نُهبت من المتحف العراقي، في تحقيب واحد، بين دفتر القصائد ٣٠ ورقة ومئات الأطنان من وثائق الدولة والمخابرات والأرشيف اليهودي المنقول في شاحنات وسُفن وطائرات. احتفظتُ بهذا الدفتر دليلاً على تدهور الذاكرة التاريخية، المحقَّبة في دورات زائفة الحدود. حصرَ الشاعر تاريخَ قصائد الدفتر بين ١٩٩٠- ١٩٩٨، قبل أن تندسّ في مجموعة الشاعر الكاملة التي طبعتها دار سطور العام ٢٠١٦. (وكان الرقيب قد سلّها من مخطوطة ديوانه الأول "عبديئيل" العام ٢٠٠٠، ثم عادت للديوان في طبعته الأخيرة عام ٢٠٢٣ من دار أبجد). وعموماً، فقد انسلّت خيوط القصائد من جبّة الديوان الكبير لمحصول الشاعر الجامع، والتفّت في وريقاتها/ تسعينياتها المحصورة في "الكوت" العشائري، المتبقي من عمارة العهد العثماني، الذي انسحب جيشُه أمام زحف القوات البريطانية في دجلة. وعلى هذه الاستعارة من الانسحاب والانفراط، ينعزل هذا الجزء المنسول من الديوان الكامل، وكأنه فرع مشقوق من النهر الكبير، أو اسماً مندرجاً بين أنساب رجال "الأكوات" المصروعين في معارك الأهوار.

لا تغفل قصائد الدفتر (٣٠ ورقة) مثل هذه الدورة الكبرى من الانسحاب والانفراط، التي زحفت بثقلها القاتم على وقت العراقيين، واختطفت منهم فرصةً أخرى لاسترجاع جأشهم وامتلاك الثوب المناسب لجسدهم الفتيّ والقويّ والشجاع. كتمت الحقبة التسعينية على أنفاس الشاعر، حينها بدأ ببثّ نشيده الجنائزي- الاحتجاجي بقوة المالك شظايا الروح الكسيرة، وجمرات الفقدان الحامية من موقد الحرب والحصار والقمع السلطوي. وتدلّ اهداءات القصائد لعدد من أصدقائه- قبل حذفها من طبعة أبجد- على توفير شهودٍ لقبضته الشعرية الشحيحة (ناجح المعموري، شكر حاجم، سلمان داود محمد، إضافة إلى ضياء الذي أهدى إليه القصيدة الأولى من الدفتر).

   هل لشهادتي- بين شهود الدفتر- قيمة إضافية؟ هل أبقت باقةُ الأشعار المنسولة من حقبتها قصيدةّ تنشد التعلّق بقارئ غريب عن عالمها، من سوى أصدقاء الشاعر المذكورين في الدفتر الصغير؟ أظنني على حق في أن أدّعي نسبة قصائد الدفتر أجمعها إلى أسماء عديدة خيطت "أسمالُها" برُفات مقابر الزمان التسعيني الجماعية، مع ما انطوى من مآسيه وسجلاته المنسية، فنعتبرها بسبب ذلك أندر اللقى المحشورة في متحف التاريخ الكبير.

سأختار من دفتر موفق محمد قصيدةً أهداها إلى سلمان داود محمد بعنوان (توقيع)، أقرأها وسط وادٍ "غير ذي زرع" إلا من شجرة تنوح في صمتٍ على قبره:

"لا، ليس عيباً أن تموت/ فقد تعبتَ من التسكّع في مواخير الكلام/

ومن التخفّي تحت جلدِك/ صوّبتَ فوّهةَ المسدّس/ نحو صدرِك/

واتجهتَ إلى الأمام/ كان الذي يأتيكَ في المرآة غيرك/ لم يُطعم

الطلقاتِ صدرَك/ بل أطفأ العينين والشفتين/ والرأسَ المدجّج بالمذلّة/

واستدار إلى الوراء/ وخطَّ في المرآة قبرَك".

*******************************************

سينما.. الفك المفترس: 50 عاماً على تحفة سبيلبرغ الرمزية..  إرادة الانسان في ترويض الطبيعة

رضا الأعرجي*                

كان فيلم ستيفن سبيلبرغ "الفك المفترس Jaws 1975" أحد أكثر الأفلام تأثيراً على صناعة السينما الأمريكية ليس فقط بسبب المخاوف التي أيقظها في ملايين الأشخاص، ولكن بشكل أساسي بسبب أسلوبه السينمائي الرائع في السرد، وإخراجه الماهر. والأهم من ذلك، الاستعارة السياسية التي تتناول غطرسة الإنسان تجاه الطبيعة، والرأسمالية الشرهة. توقف ملايين الأشخاص، بعد مشاهدة الفيلم عن النزول إلى المياه العميقة، واللعب مع راكبي الأمواج. وكان البعض الآخر يعاني من كوابيس أسماك القرش الشريرة. وهناك من حاول تحديد مكان التقاء الأفق مع البحر إذا ظهر شيء ما يهددهم.  بعد مرور نصف قرن على عرضه الأول، يشكل هذا الفيلم فرصة للتذكير بكيفية ولادته، وكيفية تصويره، والذي وصفته "مكتبة الكونجرس" عام 2001 بأنه "فيلم مهم ثقافياً وجمالياً وتاريخياً"، وجرى اختياره ليتم تضمينه في السجل الوطني للأفلام الأمريكية.

الكتاب المخيف:

كل شيء بدأ بالرواية الأولى للصحفي البالغ من العمر 34 عاماً وعاشق أسماك القرش بيتر بنشلي، والتي نُشرت في الولايات المتحدة عام 1974. وكان موضوعها قاتل متسلسل بحري، وهو موضوع غير مسبوق في سجلات الأدب الأمريكي. بعدما حصلت (يونيفرسال بيكتشرز) على حقوق نقل الرواية إلى الشاشة الكبيرة، كانت الفكرة الأصلية أن يتولى عملية الاخراج جون ستورجس، المخرج الذي عرف بأعماله الشهيرة كـ "الشيخ والبحر" و"السبعة الرائعون"، لكنه لم يتقدم للأمام. ثم جاء بعده ديك ريتشاردز المخرج الذي ظهر لأول مرة بفيلم  The Culpepper Cattle Co. 1972، وهو فيلم غربي عنيف. إلا أن المنتجين سرعان ما أدركوا أنه ليس المخرج المناسب للفيلم، فوقع اختيارهم أخيراً على سبيلبرغ، الذي كان قد انتهى للتو من اخراج فيلم من انتاجهم هو فيلم The Sugarland Express 1974.  كان سبيلبرغ يبلغ من العمر 26 عاماً آنذاك، وبمجرد أن قرأ الرواية، انبهر بها ووافق على إخراجها، حيث كان هناك العديد من أوجه التشابه مع فيلمه "المبارزة"  Duel 1971وهو فيلم إثارة منخفض الميزانية، تدور أحداثه بين سائق مسالم وشاحنة "شيطانية". وقد كشف بعد سنوات، أنه أعاد استخدام صوت الشاحنة التي يتم تدميرها على أنه خشخشة موت القرش. قبل وقت قصير من بدء التصوير، شعر سبيلبيرغ بعدم الارتياح، خوفاً من أن يتم تصنيفه على أنه "مخرج الشاحنة والقرش"، وأراد المغادرة والانتقال إلى شركة (فوكس للقرن العشرين) لكن (يونيفرسال) استطاعت اقناعه بالبقاء مع وعد بصنع عدد لا حصر لها من الأفلام بعد فيلم "الفك المفترس". لذا، سيبدأ المخرج التصوير بميزانية أولية قدرها 3.5 مليون دولار، والتي تبدو صغيرة مقارنة بالميزانية النهائية التي بلغت 12 مليون دولار.

سيبدأ سبيلبيرغ العمل فوراً، وسيعمل مع كاتب السيناريو والممثل الكوميدي والمخرج كارل غوتليب على كتابة السيناريو. كما سيعمل على تغيير العديد من الأشياء في الرواية والتركيز على النصف الثاني منها. بدأ التصوير في الجزيرة السياحية مارثا فينيارد، ومع ذلك، كانت هناك معركة سابقة حول الممثلين، حيث أراد المنتجون تقديم أسماء قوية، وهو الأمر الذي لم يوافق عليه سبيلبرغ، حيث جادل بأن "القرش" يجب أن يكون بطل الفيلم. كان هناك العديد من المرشحين للأدوار الرئيسية، من روبرت دوفال وشارلتون هيستون إلى لي مارفن وستيرلنغ هايدن، ولكن لحسن الحظ ذهب الدور في النهاية إلى المخرج، الذي أحضر روي شايدر لدور رجل الشرطة، وروبرت شو لصائد أسماك القرش، وريتشارد درايفوس لدور عالم المحيطات.

التصوير المغامر:

يمكن أن تكون مغامرات التصوير والتقنيات المذهلة التي تم تطويرها لجعل كل شيء يبدو حقيقياُ موضوعاً لكتاب مستقل، إذ أراد سبيلبيرغ تصوير المشاهد تحت الماء عن قرب، لتشبه ما يراه الأشخاص الذين يسبحون، لذلك ابتكر مصوره السينمائي بيل بتلر معدات جديدة لتسهيل التصوير تحت الماء، بما في ذلك جهاز للحفاظ على ثبات الكاميرا تحت الماء. ثم كان لا بد من العثور على القرش القاتل. في البداية، كان لدى المنتجين فكرة تدريب سمكة قرش بيضاء كبيرة، لكن ذلك كان مستحيلاً. وبناءً على ذلك، تم تصميم ثلاثة أسماك قرش لكل جانب من اللقطات، بواسطة مدير التصميم الفني جو ألفيس قامت "شركة رولي هاربر للتصوير السينمائي" بتنفيذها. كما تم بناء نموذجين متطابقين من سفينة "أوركا"، أحدهما مخصص لإغراقها.  كانت هناك أسباب كثيرة لتتجاوز ميزانية الإنتاج بشكل كبير الخطة الأصلية منها التأخير، وصعوبات التصوير، الذي تم لأول مرة في المحيط. بيد أن التأخير كان مفيداً في كثير من النواحي: تم تحسين السيناريو، وتحول فيلم الرعب إلى أسلوب هيتشكوكي، كما أصبحت دلالاته السياسية أكثر وضوحاً.

قصة الفيلم معروفة إلى حد ما: في جزيرة حيث كل شيء يتدفق بسلام ويأتي الدخل الرئيسي لسكانها من السياحة، مع بداية موسم الصيف تظهر سمكة قرش بيضاء تهاجم الناس. وعلى الرغم من إصرار قائد الشرطة، الذي يخاف من البحر، على إغلاق الشواطئ حفاظاً على سلامة المصطافين؛ يرفض رئيس البلدية ذلك خوفاً من كارثة اقتصادية. ولكن عندما يبدأ عدد الضحايا في الازدياد، سيتوجه برفقة قبطان ذي خبرة، وصياد أسماك قرش، وخبير محيطات، إلى المحيط لتحديد موقع الوحش البحري وقتله.

يظهر البعد الرمزي للفيلم حين يسلط الضوء على موقف كل من رئيس البلدية والسكان الذين لا يترددون في فعل أي شيء لمواجهة السعي لتحقيق الأرباح بذريعة تنمية السياحة، وهو الاتجاه الأميركي السائد. وفي الوقت نفسه، تسليط الضوء على إرادة الإنسان في ترويض الطبيعة، فضلاً عن التاريخ المؤلم لأمة تخفي وراء احتفالات صارخة بالاستقلال والديمقراطية جرائمها ضد الإنسانية (المشهد المتعلق بالقنبلة الذرية في عام 1945 وهو مشهد مميز) وعقوبتها الرمزية التي تأتي من سمكة القرش والموت المروع لصيادها، وهو من بقايا أميركا في الحرب الباردة. وليس من قبيل المصادفة أن عالم المحيطات الذي يمثل الجيل الجديد الذي لم يتحمل بعد خطايا الماضي، ورجل الشرطة الذي لا يريد "إنقاذ العالم" ولا فرض نفسه على الطبيعة، بل حماية إخوانه البشر كما يقتضي واجبه، سوف ينجو من الفخ. رأى النقاد في الإخراج النموذجي لسبيلبيرغ مساراً سينمائياً جديداً، من خلال الحفاظ على الوحدة غير القابلة للكسر بين الزمان والمكان والفعل، والتزامن الاستثنائي، والتدخلات الفنية الإبداعية، مما جعل الفيلم واحداً من أهم الأفلام الأمريكية. ولكن إلى جانب ذلك، كان لدى سبيلبيرغ، فضلا عن الثلاثي الرائع من الأبطال، وعلى رأسهم روبرت شو، مجموعة من المحترفين المثيرين للإعجاب: الصوت، المونتاج، التصوير، الإدارة الفنية، المؤثرات، وخصوصاً متعاونه الدائم جون ويليامز، الملحن وعازف البيانو الأمريكي الذي يُعرف، على نطاق واسع، بأنه واحد من أعظم مؤلفي الموسيقى التصويرية، ومن أكثرهم شهرة وتميزاً.

ــــــــــــــــــ

*صحفي وناقد سينمائي عراقي

*********************************************

الصفحة الثانية عشر

الباحث مزاحم الجزائري عن الشاعر الحاج زاير ومواويله

بغداد - طريق الشعب

احتضنت قاعة الجواهري في مقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب في بغداد، عصر الخميس قبل الماضي، ندوة تحدث فيها الباحث مزاحم الجزائري عن الشاعر الشعبي المخضرم الراحل الحاج زاير، وعن مواويله التي تخطت الزمان حسب تعبيره.

الندوة التي دعت اليها الجمعية العراقية لدعم الثقافة سويةً مع اتحاد الأدباء، وأدارها الكاتب والفنان د. معتز عناد غزوان، اجتذبت خصوصا المهتمين بنشأة الشعر الشعبي العراقي المعاصر، وبروّاده "المؤسسين" الذين يعتبر الحاج زاير بالذات واحداً من أشهرهم وأكثرهم تأثيرا.

عرض الجزائري في حديثه لسيرة الشاعر الكبير، وألقى ضوءاً على أهم المحطات فيها. وأفاض خلال ذلك في الحديث عن إنجازه في الشعر وفي الغناء. كما تحدث عن الدور الريادي الذي نهض به في تطوير الأبوذيّة والموّال بشكل خاص، موضحاً أن له "دور لم يضارعه فيه شاعر آخر ممن عاصروه، ولا ممن سبقوه او أعقبوه".

وعن لغة الحاج زاير الشعرية قال إنها "امتازت بالجزالة والوضوح، وكانت أقرب إلى لغة المدينة منها إلى لغة الريف".

وفي ما يخص مواويل الحاج زاير بيّن الباحث الجزائري أنه "ابتعد فيها عن الموضوعات المتخيلة او الوجدانية وعن المناسبات، وتناول ظاهرات اجتماعية وكيفية التعامل معها".

وأضاف أنه في موّالاته هذه "لم يطرح نفسه كشاعر قادر على الابتكار، بل بوصفه إنساناً يلج الشعر من باب الحياة، ويرصد في الموّالات التحولات المتصلة بالمتغير الزماني".

وعزز الجزائري كلامه بقراءة بعض تلك الموّالات، التي تلفت الانتباه بما تعكس من أفكار وما تحمل من صور ومن أحكام.

جدير بالذكر أن الراحل الحاج زاير ولد سنة 1860 في قرية قريبة من مدينة الحلة، لكنه عاش في مدينة النجف وفيها توفي سنة 1917.

هذا وتحدث في الندوة عدد من النقاد والباحثين الحاضرين، الذين أغنوها بتعقيباتهم وملاحظاتهم وإضافاتهم.

*******************************************

الشيوعي العراقي يُهنئ بنجاح مؤتمر الأدباء العراقيين

بغداد – طريق الشعب

زار وفد من الحزب الشيوعي العراقي صباح الأربعاء الماضي، مقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب، لتقديم التهاني في مناسبة نجاح المؤتمر العام للاتحاد وانتخاب هيئاته القيادية الجديدة.

الوفد الذي ترأسه عضو اللجنة المركزية للحزب الرفيق د. علي مهدي، كان في استقباله رئيس الاتحاد د. عارف الساعدي وعضوا المكتب التنفيذي الناقد علي حسن الفواز والأديب جمال الهاشمي.

وعبّر وفد الحزب عن تهنئته الصادقة بنجاح المؤتمر العام، مشيداً بـ "الدور التاريخي الذي اضطلع به الاتحاد كمنبر حر مدافع عن الكلمة الصادقة والثقافة التقدمية في البلاد".

وأكد أن "الحزب الشيوعي العراقي يرى في اتحاد الأدباء مؤسسة وطنية ثقافية عابرة للتجاذبات، تحمل رسالة التنوير والعدالة والجمال".

وخلال اللقاء أشاد الطرفان بالإنجازات التي حققها الاتحاد في دورته السابقة، مشددين على أهمية المضي قدمًا في تعزيز الزخم الثقافي الراهن، والمحافظة على استقلالية الاتحاد ودوره الريادي في الحياة الثقافية العراقية.

كما جرى تأكيد ضرورة الاهتمام بأوضاع الأدباء والكتّاب المعيشية والمهنية، بما يعزز من قدراتهم الإبداعية ويساهم في استمرار عطائهم في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه المشهد الثقافي.

واختُتم اللقاء بالتشديد على أهمية توسيع مساحات التعاون بين القوى الثقافية الوطنية، من أجل تعزيز دور الثقافة في بناء دولة مدنية ديمقراطية، تُعلي من قيمة الإنسان وتكفل حرية الإبداع والتعبير.

هذا وسلم د. علي مهدي د. عارف الساعدي، باقة ورد باسم الحزب، تعبيرا عن الابتهاج بنجاح مؤتمر الاتحاد.

ضم الوفد نخبة من الشخصيات الثقافية والفنية، تمثلت في كل من نائب رئيس جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين د. جواد الزيدي، د. علي إبراهيم، المخرج المسرحي د. زهير البياتي، الأديبة ابتهال بليبل، الشاعر عادل الياسري والروائي عباس الحداد.

***************************************

في سوق الشيوخ شباب يقرأون كتبا ويناقشونها في جلسات أسبوعية

متابعة – طريق الشعب

قبل عامين قرر عدد من شباب مدينة سوق الشيوخ جنوبي ذي قار، أن يجعلوا قراءاتهم للكتب فعلاً جماعياً يتجاوز العزلة، ويمنحهم مساحة حوار وانفتاح. حيث أسسوا "نادي القراءة" كمنصة ثقافية تجمع محبي الأدب والفكر، ليناقشوا تحولات المجتمع وتحديات الثقافة.

ويجتمع أعضاء النادي أسبوعياً في "حديقة التجمع الثقافي" وسط المدينة. إذ يعقدون جلسات حوارية حول كتاب يحددونه مسبقا، ويقرأونه خلال أسبوع، ثم يناقشونه مجتمعين.

في حديث صحفي، يقول عضو النادي أحمد جاسم، إن فكرة تأسيس النادي جاءت بناء على رغبة جماعية للتعبير عن اهتماماتهم الثقافية كشباب، مبينا أنه "نؤمن أن لغة الحوار أقرب إلينا وإلى المجتمع، وهي الطريقة الأهم لبناء فهم حقيقي وعميق".

ويضيف قوله إن النادي يُناقش كتبا أدبية وفكرية وفلسفية ونقدية، ما يمنح أعضاءه فرصة للتعبير عن أفكارهم من زوايا متعددة.

فيما يقول عضو النادي حسين كريم، أنهم كشباب لديهم اهتمامات مختلفة، لكن يجمعهم حب القراءة، موضحا أنهم يقرأون أسبوعيا كتابا واحدا، ثم يناقشونه معا ويبحثون في معانيه ورسائله النقدية.

ويعتقد كريم أن الجلسات النقاشية تغني فهمهم وتنعكس إيجابا على وعيهم ووعي مجتمعهم "فمدينتنا معروفة بتاريخها الأدبي، وتأثيرها الثقافي الواسع في عموم ذي قار".

ويشير إلى ان نادي القراءة يُعد أبرز الأنشطة التي يشجعها التجمع الثقافي في سوق الشيوخ، والذي يعمل على دعم المبادرات الشبابية المهتمة بالكتاب والحوار.

إلى ذلك، يقول رئيس التجمع الثقافي في سوق الشيوخ، علي مجبل، أنهم يوفرون مساحة حرة للشباب، يختارون فيها كتبهم ويناقشونها بشغف، مضيفا قوله إن هذه المبادرات لا تضيء فقط محتويات الكتب، بل تضيء وعي القراء، وتعزز العلاقة بين الإنسان والكتاب.

ويتابع في حديث صحفي قائلا إنه "عبر هذا النشاط تتحول القراءة من فعل فردي إلى نشاط جماعي نابض بالحياة، ويصبح الكتاب وسيلة لاكتشاف الذات، وتوسيع الأفق، وتشكيل الوعي الثقافي".

*****************************************

جمعية التشكيليين توزع مهام هيئتها الإدارية الجديدة

متابعة – طريق الشعب

عقدت الهيئة الإدارية الجديدة لجمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، الثلاثاء الماضي، اجتماعها الأول لتوزيع مهامها التنظيمية ومسؤولياتها. 

وأسفرت عملية الاقتراع السري التي أجرتها الهيئة الإدارية، عن فوز سعد العاني رئيسا للهيئة، ود. جواد الزيدي نائبا له، وعلوان العلوان أمينا للسر، وسعد الربيعي أمينا ماليا، وحسن إبراهيم مسؤول لجنة الرسم، وعادل رشيد مسؤول لجنة النحت، وسعد العاني مسؤول لجنة الخزف، ومؤيد محسن مسؤول العلاقات العامة، وتمارا الشيخون مسؤولة اللجنة الثقافية، وقاسم سبتي عضو هيئة إدارية. 

وجرت انتخابات الهيئة الإدارية للجمعية يوم السبت 21 من الشهر الجاري، بإشراف قانوني وبمشاركة أعضاء الهيئة العامة في بغداد وبقية المحافظات. وقد تنافس على عضوية الهيئة الإدارية 21 مرشحا، فاز منهم 9 مع 2 احتياط.    

**********************************************

في الصويرة.. تأبين الشاعر موفق محمد والرفيق جليل حسون

الصويرة – سيف فاضل

أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في قضاء الصويرة، الثلاثاء الماضي، حفل تأبين للشاعر موفق محمد والرفيق جليل حسون عاصي (أبو نغم)، حضره جمهور من الشيوعيين وأصدقائهم، إلى جانب سكرتير اللجنة المحلية للحزب في واسط الرفيق تيسير العتابي.  أدار الحفل الذي أقيم على قاعة منتدى الشباب، الرفيق علاء حميد. فيما استهله الرفيق وصفي هلال بكلمة باسم منظمة الحزب، حيّا فيها نضال الشخصيتين المؤبنتين، وأشاد بمواقفهما الوطنية.  بعدها ألقى السيد علي أنيس كلمة باسم عائلة الرفيق الراحل جليل حسون، تحدث فيها عن مآثر الفقيد البطولية في ظروف العمل السري، وعن وفائه لمبادئه حتى يوم رحيله.

وكانت هناك كلمة للجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الشطرة، ألقاها الرفيق شاكر خضير (أبو محمود).

وتخللت الحفل قراءات شعرية للشعراء علي المحسن وفيصل الفهداوي وعباس خلف. كما تخلله عزف على العود للعازف أمير النهر.  وفي الختام، وزعت على الحاضرين نسخ من كتاب يسرد فيه الفقيد جليل حسون سيرته الذاتية، عنوانه "البيت. السياج. الطريق".

*********************************************

مشرق المظفّر يوقّع كتابه الجديد  في ضيافة {جيكور}

البصرة – طريق الشعب

احتضنت "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، أخيرا، جلسة عقدها "ملتقى جيكور" الثقافي وضيّف فيها الشاعر مشرق المظفّر ليوقع كتابه الشعري الجديد "أبجدية محمد بن مسعود وأشياء أخرى".

الجلسة التي حضرها جمع من الأدباء والمثقفين، أدارها رئيس الملتقى الشاعر والاعلامي عبد السادة البصري، واستهلها بالحديث عن برنامج الملتقى المتنوّع، والذي يشمل الاحتفاء بإصدارات المبدعين الجديدة.

ثم عرّج على سيرة الشاعر المظفّر وإصداراته الثلاثة السابقة. بينما تحدّث المظفّر من جانبه، عن كتابه الجديد، ذاكراً اشتغالاته على أماكن وشخصيات في مدينة القرنة التي سكنت ذاكرته منذ الطفولة والصبا.

بعدها قرأ عدداً من قصائد كتابه. كما شاركه مدير الجلسة الشاعر البصري في قراءة النصوص النثرية التي ضمها الكتاب في قسمه الثاني.

هذا وشارك في الحديث عن الشاعر الضيف وكتابه كل من الأدباء سعد المظفّر، مقداد مسعود، ازهار عيسى محسن ومحمد امين المظفّر.

وفي الختام قدم الكاتب باسم محمد حسين شهادة تقدير باسم الملتقى إلى الضيف، ليوقّع الأخير بدوره نسخا من كتابه ويهديها إلى الحاضرين.

********************************************

معاً لبناء بيت الحزب.. بيت الشعب

دعماً للحملة الوطنية لبناء مقر الحزب الشيوعي العراقي، تبرع الرفاق والأصدقاء:

  • يساهم العراقيون، بمختلف أعراقهم وقومياتهم وانتماءاتهم في الحملة. حيث استلمنا هذه المرة مساهمة قيّمة من احد أبناء شعبنا من طائفة الصابئة المندائية، حيث قدّم الربي الجليل رافد الريش أما عبد الله تبرعاً بمبلغ 250 يورو.
  • المربي الفاضل كاظم نصيف 100 الف دينار.

الشكر والتقدير للرفاق والأصدقاء على دعمهم واسنادهم حملة الحزب لبناء مقره المركزي في بغداد.

معاً حتى يكتمل بناء بيت الشيوعيين.. بيت العراقيين.

**********************************************

انطلاق الدورات الصيفية لمركز {الفانوس السحري}

متابعة – طريق الشعب

احتضنت دار ثقافة الأطفال، أخيرا، حفل انطلاق فعاليات النسخة الـ 17 من الدورات الصيفية للأطفال، والتي دأب على تنظيمها سنويا المركز الثقافي للطفل في المنصور (الفانوس السحري).

وتستمر الدورات التي انطلقت تحت شعار "صيف الفن والإبداع مع دار ثقافة الأطفال"، حتى 31 تموز المقبل، وتتضمن دورتين للرسم والمسرح، يُشرف عليهما اختصاصيون ذوو خبرات في مجال تنمية مواهب الأطفال.

ووفقا لمركز "الفانوس السحري"، فإن الدورات تستقبل الفئات العمرية من 7 إلى 13 عاما، وأنها تتضمن برنامجا متكاملا يهدف إلى تنمية المهارات الإبداعية والفكرية لدى الأطفال، في أجواء تعليمية وترفيهية.

وإضافة إلى الرسم والمسرح، ستكون هناك دورتان في الموسيقى والتصوير الفوتوغرافي.