قبل 79 عاما، وفي الثامن من أيار حسب تقويم وسط أوربا، والتاسع من أيار حسب التوقيت الروسي، انتهت الحرب العالمية الثانية في أوربا باستسلام المانيا النازية. لهذا فإن هذا اليوم من أيار هو يوم انتصار الحرية على الفاشية والعنف، وقد تحقق هذا النصر بفضل تحالف قوى عالمية واسعة، كان الدور الرئيس فيها لشعوب الاتحاد السوفيتي وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة وفرنسا، وللمقاومة ضد الفاشية في أوربا والصين وشرق آسيا، والتي كان الشيوعيون يشكلون قوة أساسية فيها. وللمرة الثالثة على التوالي يستذكر العالم يوم التحرير من النازية الألمانية والفاشية الإيطالية تحت تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا وحرب الهيمنة الجارية على أراضيها. في هذه الحرب يسعى الطرفان المعسكر الغربي، وروسيا لتوظيف التاريخ كلا وفق مصالحه وعلى حساب حقائقه المعروفة.
في 22 حزيران 1941، غزت المانيا النازية الاتحاد السوفيتي، وشكل ذلك نقطة تحول نوعية في مسار الحرب، وكان في الوقت نفسه بداية النهاية للنازية والفاشية والعسكرية اليابانية. فالغزو الذي اعتقد هتلر في البداية أنه سيكون نزهة تحقق أحلامه المريضة، تحول إلى كابوس بالنسبة لنظامه، وانتهى بدخول الجيش الأحمر برلين واسقاط نظامه العدواني.
لقد أدت الحرب العالمية الثانية إلى سقوط أكثر من 60 مليون ضحية من العسكريين والمدنيين، كان نصيب الاتحاد السوفيتي منها 20 مليونا على الأقل (تقول الحكومة الروسية الآن انه 6. 26 مليون). وشكلت وحشية النازيين وحلفائهم وصمة عار في تاريخ البشرية، وشملت جرائم الإبادة الجماعية التي اقترفوها ملايين الأبرياء في أوربا، لأسباب عرقية ودينية وثقافية، ولهذا فمن الضروري ان تبقى الذاكرة الجمعية للشعوب حية ولا تنسى ما حدث. ورغم خلط الأوراق الذي أحدثه الغزو الروسي لأوكرانيا، وسعي بلدان الناتو لإطالة أمد الحرب وتسعير الكراهية ضد كل ما هو روسي، يقول استطلاع لمعهد فورسا للاستطلاع الراي ومقره برلين ان 89 من الالمان يعتبرون الثامن من أيار يوما للتحرير.
لقد تشكلت معالم خطر صعود الفاشية في العشرينيات والثلاثينات من القرن العشرين، في سياق الكساد الاقتصادي العظيم، وبدعم من قوى الرأسمالية المهيمنة في أوربا، التي شجعت هجومها ضد جبهة الديمقراطية والسلام، وبهدف القضاء على دولة البديل الاشتراكي في الإتحاد السوفيتي.
وسوف لن ينسى التاريخ ممهدات هذه الحرب التي تمثلت في الانقلاب الفاشي في إيطاليا وإحراق الرايشتاغ (البرلمان الالماني) في برلين، وغزو الحبشة وحرب الغازات السامة فيها، والانقلاب الفاشي في إسبانيا، ومعاهدة الخيانة في ميونخ في ايلول 1938، التي عقدت في 30 ايلول 1938 بين ألمانيا النازية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا الفاشية.
حظر الإعلام والرموز السوفيتية
للسنة الثالثة على التوالي تسعى السلطات الألمانية إلى تحجيم الاحتفالات في يوم النصر. وتقوم السلطات بمنع رفع أعلام النصر والأعلام السوفيتية، وكذلك الأغاني الشهيرة التي ارتبطت بالانتصار على الفاشية، مثل أغنية «الحرب المقدسة». وتحظر الشرطة جميع ما يرتبط المسيرات والأغاني الوطنية الأخرى وأي أزياء رسمية وأعلام ورموز روسية وسوفيتية. ويسري هذا الحظر خلال 9 أيار، يوم النصر، وفق التقويم الروسي. ويشمل الحظر أيضا فقرات الفعاليات التي تقام عند النصب التذكارية السوفيتية في مناطق تيرغارتن وفي شونهولزر هايد في برلين.
عبر غيرهارد لانغوث، ابن أحد مقاتلي المقاومة، عن غضبه لدى وزير داخلية ولاية برلين إيريس سبرانغر (الحزب الاجتماعي الديمقراطي) بالقول: إن» أي شخص يحظر علم المنتصر يقف إلى جانب المهزوم، أي فاشية هتلر»، وأكد عدم جواز حظر أغنية «الحرب المقدسة» أيضًا.
أراد الحزب الشيوعي الألماني رفع الأعلام السوفيتية وبث الأغنية أيضًا في التاسع من أيار. وبعد الحظر يقول مسؤول منظمة برلين للحزب الشيوعي الألماني ستيفان ناتكي: «من السخف المتناقض حظر رموز وموسيقى محررينا في يوم الانتصار على الفاشية الألمانية». ويعتبر هذا الأمر «بشعاً ومحرجاً للغاية» لجميع شعوب الاتحاد السوفييتي السابق، التي «قدمت أكبر التضحيات خلال حرب الإبادة التي شنتها ألمانيا».
عضوة البرلمان الألماني والقيادية في حزب اليسار غيزينا لوتش ستضع إكليلا من الزهور في وقت مبكر على النصب التذكاري في حديقة «تيرغارتن» في برلين. وفي رد على استفسار تحريري لها، اكتشفت أن الحكومة الألمانية لا تخطط لأي فعاليات بمناسبة عيد التحرير وأن المستشار الألماني والوزراء لن يشاركوا في فعاليات أخرى بهذه المناسبة. ولذلك فهي تتساءل هل ينبغي محو التحرر من الوعي. و «هل يتم استغلال حرب روسيا لجعل مسؤولية ألمانيا عن الحرب العالمية الثانية نسبية؟» وترى لوتش أن اللياقة تتطلب وضع الزهور في 8 أيار، على قبور «الذين ضحوا بحياتهم من أجل حريتنا». من الساعة 3 بعد الظهر إلى الساعة 5 مساءً، تدعو لوتش لحضور القراءة التقليدية ضد النسيان في «ساحة بيبل» لإحياء ذكرى محرقة الكتب التي نفذها النازيون في عام 1933. وسيشارك في قراءة نصوص من الكتب المحروقة، غريغور غيزي القيادي الأكثر شهرة في حزب اليسار، والقيادية بيترا باو، وصائدة النازيين الشهيرة «بآته كلارسفيلد»، والمغنية ماريان روزنبرغ وآخرون.
وغني عن القول إن العديد من بلدان العالم ستشهد استنكارات متنوعة بهذه المناسبة.