اخر الاخبار

شهدت هولندا في أواسط آذار 2022 انتخابات مجالس البلديات، وفاز 8237 مرشحاً، غالبيتهم من مرشحي الأحزاب المحلية؛ حيث بلغت نسبهم 36.5 في المائة، مقارنة بـ 28.8 في المائة في انتخابات العام 2018، مع ارتفاع ملحوظ لعدد النساء في عضوية المجالس البلدية.

نجاحات لقوى التقدم

وسجلت جبهة اليسار المتمثلة بتحالف حزب العمل (من أحزاب الاشتراكية الدولية) مع حزب اليسار الأخضر في مدن معينة، وتحالفهما مع حزب الديمقراطيين ٦٦ (حزب ليبرالي) في مدن اخرى، بالاضافة إلى المشاركة الأولى لحزب “الاشتراكيون 10”، وهو حزب يساري تشكل على خلفية الانشقاق في الحزب الاشتراكي الهولندي، وعدد من الأحزاب المحلية الناشئة، نجاحاً متميزاً في الانتخابات الأخيرة في أكثر من خمسين بلدية من مجموع 345 بلدية في هولندا، محققة بذلك خطوة باتجاه هولندا أكثر تقدمية.

فشل الأحزاب التقليديّة

وبينما لم يتمكن أيّ من الأحزاب الكبيرة الناشطة على المستوى الوطني من تحقيق الأغلبية، حققت الأحزاب المحلية، التي تنشط في حدود بلديات معينة، والتي تعتمد على التمويل الذاتي ولا تتلقى دعماً حكومياً، فوزاً لافتاً، مما يدل على عدم ثقة المواطنين بالأحزاب التقليدية الكبيرة، وتحديد الملفات المحلية لمسار ونتائج انتخابات المجالس البلدية.

من جانبها بررت الأحزاب الكبيرة تراجعها بانشغالها بالشأن الأوروبي، والحرب على اوكرانيا.

مواجهة اليمين الشعبوي

وعاد حزب العمل للصدارة في انتخابات مجلس بلدية امستردام، بحصوله على 9 مقاعد مقابل 5 مقاعد في الانتخابات السابقة، متجاوزاً بذلك حزب اليسار الأخضر الذي شغل الصدارة في انتخابات عام 2018، والذي خسر مقعدين، محتفظا بـ 8 مقاعد فقط. واكد قادة الحزبين ان تحالفهما الانتخابي لم يأت بفعل مشتركات فكرية، وانما لمواجهة صعود اليمين الشعبوي.

وعزا المراقبون نجاح حزب العمل الى الأداء المتميز لماريولين مورمان عضو المجلس البلدي في امستردام، المسؤولة عن ملف التعليم والمعروفة بنضالها من أجل فرص متساوية، ما أسهم في ان تتسم حملتها الانتخابية والتي قادتها بنفسها بالتركيز على مصالح الفقراء والمهمشين من سكان المدينة، وبهذا استحقت اصوات الناخبين لتصبح امستردام اليسارية اكثر يسارية، خاصة بعد تراجع الأحزاب الليبرالية: حزب الديمقراطيين 66، وحزب الشعب للحرية والديمقراطية، وتضاعف مقاعد حزب الـ BIJ1 (معا) المناهض للرأسمالية، الذي اسسته الإعلامية السوداء سلفيا سيمونز في العام 216 .

الحزب الاشتراكي

وتراجع الحزب الاشتراكي، الذي يعد أكبر أحزاب اليسار الجذري، بسبب تبنيه سياسات الأحزاب المتنفذة في السلطة واغلب حلول الاحزاب اليمينية للقضايا التي شغلت الجمهور الهولندي مؤخراً، ومحاولته تقاسم النجاح معها، وبالتالي فقد خصوصيته، بالإضافة الى ان تحول احزاب اليسار الاخرى من مواقع المعارضة، الى سياسات تبرير الأداء الحكومي، أفقدها التواصل مع الحراك الاحتجاجي.

وينشغل الحزب الاشتراكي في البحث عن سبل استعادة دوره بين الجماهير، بعد الشرخ الذي حصل بين قيادة الحزب وشبيبته الحمراء، الذي شغل حيزاً كبيراً في الاعلام الهولندي.

ولقد وجد ناخبون هولنديون في حزب “اشتراكيون 10” بديلا عن الحزب الأم. ويعتبر “اشتراكيون 10” أنفسهم أكثر قرباً للجماهير من الحزب الأم، وأكثر واقعية في تقديم الحلول للموضوعات المحلية، واقل انشغالاً بالنظرية والشحذ الأيديولوجي، بحسب مرشحهم في بلدية روتردام السيد فان دير فيين.

نجاحات نسوية

وكان تسلسل قوائم الأحزاب منحازا للرجال دوما، الا ان الناخبين فضلوا الانحياز الى النساء، ولمزيد من المحتوى بدلاً من الصراع على موازين القوى. لقد اتسمت السياسة المحلية خلال العقود الماضية بالذكورية، إلا ان النساء حققن في السنوات الاخيرة حضوراً ملحوظاً في انتخابات البلديات الهولندية، والفضل في ذلك لخيارات الناخبين، وليس الى البرامج السياسية للأحزاب التي تدعي المزيد من المساواة في تشكيل القائمة الانتخابية.

ويعود هذا التحول، الى النداء الوطني الذي أطلقته حملة “صوّت للمرأة” التي انطلقت في العام 2017، لدعم المرشحات ومنحهن الأفضلية في التصويت، وهي حملة تهدف للمساواة السياسية، ودعم التحرر السياسي وتمثيل المرأة في هولندا، ما دفع عددا كبيرا من النساء للأدلاء بأصواتهن لصالح المرشحات. وكانت النتيجة انتخاب أكثر من 150 مرشحة في 70 بلدية، مقارنة بـ 70 مرشحة في الانتخابات السابقة، لتصل نسبة تمثيل النساء في المجالس البلدية الى 41 مقابل 30 في المائة في الانتخابات السابقة. وبهذا زاد عدد البلديات التي تتمثل فيها النساء من 7 بلديات إلى 24 بلدية. وهناك 23 بلدية أخرى يغلب على عضوية مجلسها حضور النساء مقابل رجل واحد فقط، ما يؤكد قدرة الناخب على اصلاح ما لا تستطيع الاحزاب السياسية اصلاحه.

عرض مقالات: