اخر الاخبار

في تقرير لمؤسسة عراق المستقبل للدراسات والاستشارات الاقتصادية نشرته وكالة شفق نيوز، أن قيمة صادرات 11 دولة من السلع إلى العراق بلغت نحو 70 مليار دولار في عام 2023، وأن معلوماتها مستقاة من دوائر الكمارك للدول المصدرة، وهذه الدول المصدرة هي الإمارات العربية المتحدة، الصين، تركيا، الهند، الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية، البرازيل، كوريا الجنوبية، المانيا، اليابان، إيران، وأن نسبة الزيادة في الاستيراد بلغت 6 بالمائة عما كانت عليه في عام 2022. أي أن نسبة الزيادة هذه تشير إلى إصرار متعمد على إبقاء البلاد بلا انتاج، وأن الحديث عن التنمية ونسبها المعلنة إنما هو حديث كاذب يراد من ورائه التغطية على نوايا الكثير من المسؤولين في الاستمرار في سياسة استحصال العملات وتنمية الشركات الولادة للفقر والبطالة والتبعية للاقتصادات الأجنبية.

إن إجمالي الاستيراد المعلن عنه لم يكن مفاجئا لنا فقد ذكرناه في عدة مقالات قبل أكثر من عامين، ونود أن نضيف عليه ما هو متستر عليه من مبالغ طائلة جراء تهريب للأسلحة والمخدرات والخدمات غير الأخلاقية وتحويلات العمالة الأجنبية القانونية وغير القانونية وبعض مواد المتاجرة التي تدخل في خانة البضائع النادرة أو النفيسة.

إن مبيعات البنك المركزي (في بدعة مزاد العملة) تدور حول ال 48 مليار دولار سنويا، وأن ما يوصل حجم الاستيراد إلى 71 مليار دولار سنويا، أي بنسبة الثلث، ناتج عن طريقين لا ثالث لهما، أما تحصيل حاصل ما يسرق باستمرار من أموال الدولة، وأما عن طريق غسيل الأموال المكدسة في الخارج والتي هي أيضا تحصيل حاصل سرقات سابقة للمال العام، فالحقيقة المعروفة أن العراق لم يكن يمتلك رأسمال حقيقي قبل عام 2003.

إن خسارة البلاد جراء الاستيراد خسارة مضاعفة، فهي تعني فقدان ملكية البلد لتلك الأموال وتسخيرها لخدمة اقتصادات الدول المصدرة للعراق، وأنها بالمقابل تفقد البلد فرص كبيرة جدا في الإنتاج والتنمية المستدامة، وهذا بدوره ينتج البطالة ومن ثم الفقر ومنها مشاكل اجتماعية بدأت تطفو على سطوح العلاقات بين أفراد العائلة الواحدة أو العلاقات الاجتماعية على مستوى عموم البلاد. كما وان هناك خسارة من نوع آخر تلحق بإيرادات الدولة جراء عدم ضبط الحدود، وتقدر هذه الخسارة بمبلغ 10 مليار دولار سنويا، وهي ناتجة عن اختلاف نسب الرسوم الجمركية التي تتراوح وحسب أهمية كل سلعة من 5 بالمائة، 10 بالمائة، و15 بالمائة. 20 بالمائة، 25 بالمائة، وناتج قسمة المجموع البالغ 75 بالمائة من الرسوم على 5، فإن متوسط معدل الرسم في كل الأحوال سيكون 15 بالمائة، وهي ستكون أيضا وفي كل الأحوال 10،5 مليار دولار سنويا، وهو المبلغ الواجب تسجيله سنويا لحساب إيرادات الخزينة.

إن تضخم الاستيراد السافر والمعلن من قبل مؤسسة المستقبل وهو الأقرب إلى الصحة لكون أولياته منسوبة إلى دوائر كمارك الدول المصدرة،  وان الاستيراد المبرگع المستور هما وجهان لحقيقة واحدة تدور حول جهالة المسؤول أو تغافله عن دور العمل باعتباره أساس القيمة ، وأن هذا العمل لا ينتج الخيرات فقط ، بل له مخرجات اجتماعية وأمنية طالما صارت مفقودة لدينا، وان الدولة بحاجة لإعادة النظر في السياسة الاقتصادية من الجذور ، وان لا يظل نهجها نهجا رأسماليا تخطى في إجراءاته حتى ثوابت الرأسمالية التي بدأت تأخذ بمبدأ الحماية التجارية، أي أن لا تكون سياستنا أكثر رأسمالية من الرأسماليين ، وان نلتفت الى حقيقة واحدة ألا وهي كون الاستيراد هو تدمير مبرگع للبلاد.