اخر الاخبار

تعتبر وثيقة (قدما نحو التغيير الشامل) إحدى أهم الوثائق التي تناولها مندوبو المؤتمر الحادي عشر في نقاشاتهم وحواراتهم، وتكتسب الوثيقة أهميتها باعتبارها تكثيفا لوثيقتين أساسيتين وهما التقرير السياسي والبرنامج وتنسجم مع ملاحظات العديد من الرفاق والأصدقاء الذين طالبوا بتكثيف الوثائق لتكون سهلة التداول والانتشار، وكما تعتبر الوثيقة برنامجا متكاملا لحل الازمة الشاملة التي تعصف ببلادنا، وقد رسمت خارطة طريق عبر حلول سياسية اقتصادية واجتماعية مختلفة.

ويمكن اعتبار الوثيقة ايضا برنامجا انتخابيا يمكن ان يكون اساسا وناصية لبناء التحالفات الانتخابية والتنسيق مع القوى المدنية الديمقراطية الداعية إلى دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية. وتشكل الوثيقة أيضا برنامجا آنيا يمكن تفكيكه على شكل مطالب قطاعية وتحويله إلى شعارات مطلبيه يومية تسهم في تجسير العلاقة مع جماهير الكادحين والشغيلة والفئات والطبقات المسحوقة صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير.

لقد تناولت الوثيقة عملية التغيير انطلاقا من المفهوم الماركسي الجدلي ، ابتداء من الاشارة  إلى الازمة العامة واعتبارها أزمة مستعصية ومركبة ل يمكن حلها بواسطة الاصلاح السياسي فلابد من التغير، كما عرضت الوثيقة طبيعة الصراع الطبقي الاجتماعي القائم في ظل الاقتصاد الريعي الوحيد الجانب، حيث يجري الصراع  بين فئات متخمة من البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية وحلفائهم من البرجوازية التجارية الكبيرة  من جانب، ومن الجانب الآخر الطبقات والفئات الكادحة والمسحوقة التي تعاني من شظف العيش والبطالة والهجرة والتشرد.

وأشارت الوثيقة أيضا إلى أن النظام المحصصاتي الطائفي الاثني القائم  قد وصل إلى حالة الافلاس والاستعصاء ولم يعد اصلاحه ممكنا فلابد من التغيير الشامل، وان التغيير عملية ديناميكية وليست عملية ميكانيكية ولا تمثل رغبات إرادوية تتجاوز الواقع الموضوعي ولا يمكن صناعة التغيير خارج محددات الواقع، أي فرض الذاتي على الموضوعي حيث يشكل التباسا للفهم الجدلي الماركسي، ومن هنا  فإن التغيير مرهون بعوامل موضوعية وذاتية، ففي الجانب الموضوعي يتطلب تغيير موازين القوى والتحول من حالة التوافق إلى الأغلبية التي تشكل العامل الاساس في انهاء المحاصصة الطائفية وتمهد الطريق  لبناء دولة المواطنة والقيام بجملة من الاصلاحات الجذرية على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإنساني.

أما الجانب الذاتي فالتغيير يتطلب توفير الحامل الاجتماعي الذاتي، ويمثل الحزب الثوري الماركسي القوة السياسية الرئيسية المكونة له، ومنا هنا يرى الحزب أن عملية التغيير تتطلب إعادة بناء الحزب ومنظماته بما يتناسب ودوره في عملية التغيير التي تمثل تقاطعا مع النظام القائم ومع نهج الليبرالية الجديدة بمختلف ابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية. كما يتطلب التغيير الشامل كما جاءت في الوثيقة بناء تحالف للقوى المدنية والديمقراطية والتي تعاني من ضعف في التأثير على الوسط الجماهيري، ويتطلب تثوير الجماهير الصامتة ومد الجسور معها واستعادة دور الحزب الريادي عبر تفعيل المنظمات الجماهيرية والديمقراطية.

 اكدت الوثيقة على ان انتفاضة تشرين السلمية افرزت العديد من المعطيات الأساسية، ألا وهي زج قوى اجتماعية جديدة في سوح الاحتجاجات اليومية وانتشار الوعي الاحتجاجي واتساعه ليشمل قطاعات مختلفة، وعلى الرغم من احتواء الانتفاضة عبر الوسائل المختلفة، ولكن جذوتها لازالت متقدة، كما تناولت الوثيقة دور قوى الدولة العميقة وتأثيرهما في الصراع السياسي الاجتماعي وحمايتها للفساد والجريمة المنظمة والمليشيات وسلاحها المنفلت.

كما تطرح الوثيقة تقاطعها مع الأبعاد الاقتصادية للنهج الليبرالي الجديد الداعي لإطلاق العنان لسياسة اقتصاد السوق الحر واستمرارية الخصخصة والقضاء على رأسمالية الدولة وبقاء الاقتصاد الريعي الوحيد الجانب، ولمواجهة هذه السياسة التي اوصلت بلادنا إلى الهاوية يطرح الحزب سياسة اقتصاد السوق المشترك التي تلعب فيها رأسمالية الدولة الدور الرئيسي بالمشاركة مع القطاع الخاص والمختلط من خلال العمل على رسم الخطط المرحلية والطويلة للتنمية المستدامة وإنهاء  الاقتصاد الوحيد الجانب وإعادة دوران عجلة الاقتصاد العراقي والاستثمار الأمثل للإمكانيات المادية والبشرية .

اما على الصعيد الاجتماعي فالقضية الاساسية التي تطرحها الوثيقة هي قضية القضاء على البطالة وتوفير الخدمات البلدية والصحية والاهتمام في التعليم وسن قوانين تحمي الطفل والمرأة والأسرة وغيرها من القوانين.

كما اشارات الوثيقة إلى العامل الخارجي والذي يلعب دورا سلبيا بتحالفه مع المليشيات وقوى الدولة العميقة وتأثيرها المعيق للتغيير الشامل، بالإضافة إلى دور الاحتكارات المتعددة الجنسية والمتحالفة مع تحالف البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية والبرجوازية التجارية الكبيرة، والتي تعمل على استمرارية الاقتصاد العراقي الريعي الوحيد الجانب ورهن الاقتصاد العرقي لسياسية الهيكلة والخصخصة وفق سياسة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

ومن هنا نرى أن الوثيقة ترى في عملية التغيير عملية بنيوية تتعلق في التغيير السلمي للبناء الفوقي عبر الوسائل السلمية، وأصبح التغيير مطلبا جماهيريا، وان النظام القائم قد وصل إلى مرحلة لا يمكنه الاستمرار بالحكم بذات الوسائل القديمة.

عرض مقالات: