اخر الاخبار

إليك شطر من قلبي يا شقيقة نضالي!

إليك ايتها المرأة اينما تكدحين وتقفين!

في المطبخ او في الحقل، في المعمل او المكتب!

على ذرى كردستان وفي سهول العراق واهواره

على ضفاف دجلة والفرات، وتحت ظلال اشجار

الجوز الوارفة او النخيل الباسقة!

إليك ايتها الام واهبة الحياة

إليك ايتها المجاهدة من اجل حمايتها من الفناء

من اجل التحرر والمساواة

من اجل السلام والغد الافضل للبشرية

سعاد خيري

20/ 2/ 1998

هذا الاهداء جاء في كتاب “المرأة العراقية: كفاح وعطاء” الذي اهدته لي المناضلة سعاد خيري بتاريخ 11/ 9/ 1998 عندما التقينا في دمشق.

كان ذلك مبعث سروري، فمثل هذا الكتاب الطافح بكفاح المرأة العراقية ونضالاتها في ظل ظروف صعبة وعصيبة تخللتها اعتقالات وملاحقة وسجون تملك روح التحدي والأمل والتقدم والتفاؤل مع الآخرين.

ولدت الرائدة في 19 آذار 1929 في وسط عائلي محافظ، كان والدها متدينا من اهل الكوت يهودي الاصل، وفي منطقة العمارة سكنت وسط جيران منهم المسلم والصابئي والمسيحي، في العمارة أسس مدرسة ابتدائية، اكملت الدراسة فيها وسط معلمات من جميع الاطياف، لم تكن هناك مدارس ثانوية لإكمال الدراسة بعد المتوسطة، وأصرت والدتها على الانتقال إلى بغداد لكي تكمل دراستها الثانوية حتى فضلت ان تسكن مع عمتها.

تأثرت بالفكر الماركسي مما جعلها تعيد النظر بكل جوانب حياتها ومواقفها واختارت الصحيح حسب قولها. وحددت اهدافها وبالأخص بعد محاكمة الرفيق فهد الذي حولها إلى محاكمة للنظام السائر في فلك المستعمرين والقائم على اضطهاد الشعب، ومما قاله:

“كنت وطنياً قبل ان أصبح شيوعياً.. وعندما اصبحت شيوعياً شعرت بمسؤولية أكبر تجاه وطني..”.

سعاد خيري.. كاتبة وناشطة شيوعية كرست كل طاقاتها منذ بداية وعيها في الثامنة عشر لخدمة شعبها وتعزيز ثقة قرائها بأنفسهم لتنطلق طاقاتهم في تحرير شعوبهم والمساهمة في بناء العالم المتحرر من جميع اشكال الاستغلال. حاملة شهادة الدكتوراه في الاشتراكية العلمية عام 1976 من موسكو.

تميزت شخصيتها بالذاكرة القوية والوعي لمجريات الاحداث، وروحها المرحة حتى تصل بعض الاحيان إلى أن تغني للحياة. لها من الذكريات الحية لمجريات عاشتها خلال حياتها. كانت تسكن في بغداد وتحدق في جمالها او دمشق التاريخية وموسكو الحضارة والسويد وما فيها من الخدمات والضمان الصحي.

عاشت حياتها التي تقارب من مئة عام بين متناقضات ظاهرية سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية.

ناضلت من أجل الكثير من القضايا، أولها انضمامها للحزب الشيوعي العراقي وكذلك انضمامها لمجموعة “العصبة” التي ناهضت الحركة الصهيونية وخطرها على المنطقة.

دخلت كلية الطب عام 1947 وشاركت وهي طالبة في التظاهرات التي عمت البلاد احتجاجاً على قرار تقسيم فلسطين في 15 أيار عام 1948، حينها سارع الجيش لاعتقال الكثير من السياسيين والحكم عليهم بالإعدام. كانت ضمن المعتقلات من النساء ومنهن عميدة المصري، اخت المناضل عادل المصري حيث حكم عليها بالسجن المؤبد بعد تعذيبها في دوائر الامن وبالأخص اثناء التحقيقات العامة عام 1949.

ساهمت في نشاطات رابطة المرأة العراقية بين النساء والجماهير من الموظفات والعاملات والفلاحات في مناسبات كثيرة وألفت الكتب مناصرة للمرأة العراقية. رفضت الهجرة مع آلاف اليهود الذين غادروا العراق بداية الخمسينيات، رفضت وازداد حبها لبغداد.

بعد نجاح ثورة 14 تموز 1958 أطلق سراحها بتاريخ 27 آب، وعملت في مصرف الرافدين لمدة عام كامل وتركته لتعمل في صفوف الحزب والتفرغ للعمل الصحفي وفي المدرسة المركزية والتثقيف بين الرفاق. اعتقلت عدة مرات على نشاطها الملحوظ مما جعلها تقرر الاختفاء.

عام 1964 تزوجت من المناضل الشيوعي زكي خيري وفي عام 1967 اكملت دراستها الجامعية وحصلت على شهادة الماجستير. سافرت إلى بلغاريا عام 1973 وقبل التوقيع على ميثاق الجبهة في 17 تموز اوقفوا زوجها زكي خيري في المطار، وتم تسفيرهم هي والاولاد إلى بلغاريا، ومن بعدها إلى موسكو لتقدم مشروع تخرجها تحت عنوان “ من تاريخ الحركة الثورية المعاصرة في العراق” بدءاً من ثورة العشرين في حزيران 1920 حتى ثورة 14 تموز 1958.

عادت للعراق في السبعينيات للعمل في صفوف الحزب وواكبت العمل في صحافة الحزب.

بعد الهجمة الفاشية التي انتهجها حزب البعث عام 1978 وفك الاتفاق مع الحزب الشيوعي تم ملاحقة واعتقال واعدام الكثير من اعضاء الحزب مما اضطرها السفر إلى دمشق حيث بقيت هناك تسعة اعوام ومنها إلى براغ لتعمل هناك في مجلة “السلم والاشتراكية”.

كانت تتمتع بذاكرة متقدة ومشاعر يقظة. وكانت تنشد الاغاني الوطنية بعيد ميلادها الواحد والتسعين، وعلى الرغم من امتداد عمرها فقد كانت تقول: نحتاج إلى عقول الاطفال الذين يحملون الكومبيوتر لكي نجدد افكارنا.

كتبت الكثير من المقالات والكتب السياسية والاجتماعية وهي:

-من تاريخ الحركة الثورية المعاصرة في العراق

(1920-1958). صدر عام 1974.

-فهد والنهج الماركسي اللينيني في قضايا الثورة– بغداد، 1974.

-المرأة وآفاق التطور في العراق– بغداد، مطبعة الرواد، 1975.

-دراسات في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي بالاشتراك مع زوجها المفكر زكي خيري. بمناسبة اليوبيل الذهبي للحزب 1934-1984.

-ثورة 14 تموز 1958 بعد اربعة عقود-السويد 1998.

-المرأة العراقية كفاح وعطاء-السويد 1998.

-العولمة: وحدة وصراع النقيضين-العولمة الانسانية والعولمة الرأسمالية-السويد 2006.

-تاريخ الحركة الثورية المعاصرة في العراق-الجزء الثاني.

-صدى السنين في كتابات شيوعي مخضرم/ زكي خيري-السويد، 1996.

-مراجعات ماركسية/ زكي خيري-السويد، 2006.

عرض مقالات: