اخر الاخبار

احدى واربعون سنة انقضت على انطفاء فوهة بركان ثائر اسمه ابو كاطع .. بركان لا يغيب لهيبه  .. بركان من كلمات تطفيء لهيب القلوب المكلومة، التي تشعر بالظلم والعوز وجور السلطات المستبدة، الذي تسلط في غفلة من الزمن على الارض وعلى رقاب الناس وهم يصارعون الفقر والجهل والامية والتخلف. ويكدحون من اجل الحصول على فضلة من جهدهم المضني، يسدون به رمقهم، لكي يظلوا على امل الحياة .

ابو كاطع ذلك البركان الذي انفجر ذات يوم من بين هؤلاء الفقراء والفلاحين وتحول الى تاريخ لحياتهم اليومية من خلال مهارته الفنية الابداعية، حين قبض على تقنيات الرواية الحديثة وراح يؤرخ بها لحياة ابناء جلدته من الذين لا تاريخ لهم ، يؤرخ حياتهم في روايات وحكايات ورباعيات ندر وجودها لا من قبله ولا من بعده في ادب روائي عراقي حديث.

ابو كاطع قد يقول البعض عنه، انه ليس روائيا ، وما كتب ليس فنا ، غير ان منظري الرواية الاوربيين يرون بانه اذا كان اثنان من كتاب الرواية او الشعر ، احدهما  لايكتب الرواية الا باللغة الفصيحة ، والاخر يجيد كتابة الرواية باللغة الفصيحة والشعبية ، فسيكون الاخير ، هو الاكثر ثقافة من الاول. او انه يمتلك ثقافة ضعف ثقافة من يكتب بلون واحد. ولما كانت اللغة الشعبية عندنا في العراق هي الاكثر انتشارا واستخداما شفويا ، فان من يكتب ابداعا روائيا بهذه اللغة ، هو الاكثر قدرة على الوصول الى قلوب الناس . ولما كانت الرواية هي تعبير عن حياة الناس اليومية، فان ابو كاطع هو الاقدر على الوصول الى قلوب الناس، والانسجام مع مزاجهم .

وابو كطع لم يكن كاتبا روائيا فحسب ، بل هو صحفي لامع ، في العمود، وفي التحقيق، وهو اذاعي مسموع الصوت ، وانني لا انسى ذلك التحقيق الذي كتبه في السبعينات عن مدينة الثورة ، ونشرته “طريق الشعب” على صفحة كاملة ، حيث كانت خلاصته (ان مدينة الثورة تشبه (الرغل) والرغل لا هو طلي ولا هو صخل .. اي ان مدينة الثورة لاهي بالمدينة ، ولا هي بالقرية. واخيرا انت مع ابو كاطع تعيش الحالتين تضحك وتتألم في الوقت ذاته.

عرض مقالات: