اخر الاخبار

هذا الأيعاز يمكن أن تنتهي إليه نتائج أنتخابات الأحد المقبل في السويد. فحزب (( ديمقراطيي السويد )) ذو الجذور النازية هو المرشح لاحتلال المشهد كثاني أكبر حزب في البلاد، حسب عمليات استطلاع الرأي العام المتتابعة والتي تمنحه 20% من أصوات الناخبين، أكثر قليلا في بعضها، وأدنى قليلا في بعض آخر منها.

تزايد التأييد لديمقراطيي السويد، لا يشكل مأزقا لـ “الديمقراطيين الأجتماعيين” الذين يحكمون السويد منذ ثماني سنوات، قدر ما يسبب لكتلة اليمين من مأزق، إذ أن بعض أطراف الكتلة كان يتحرج من الأعلان عن استعداده للدخول في إئتلاف مع ديمقراطيي السويد بسبب جذوره النازية، خاصة وأنه سيكون في حال فوز الكتلة، صاحب الحق في قيادة الإئتلاف، إستنادا إلى تفوقه المحتمل على كل أحزاب تلك الكتلة في عدد المقاعد البرلمانية.

هذا التحول في توجهات الرأي العام السويدي نحو اليمين، والذي تواصل وأتسع على مدى الدورات البرلمانية الأربع الأخيرة، لا يعني فقدان الديمقراطيين الأجتماعيين لموقعهم الذي احتفظوا به عقودا عديدة متصلة، كأكبر أحزاب البلاد، فاستطلاعات الرأي مازالت تمنحهم ما يقرب من الثلاثين بالمئة من أصوات الناخبين، لكن الحصول على نسبة تزيد عن الخمسين بالمئة المؤهلة لأي ائتلاف حكومي بقيادتهم ليست مضمونة أبدا، حتى مع دعم حزب الوسط بالإضافة إلى الداعمين التقليديين حزبي الخضر واليسار. والوسط كما هو معروف كان على مدى أكثر من ثلاثة عقود عضوا في تحالف اليمين، قبل صعود أسهم ديمقراطيي السويد، الذي يرفض الوسط التعاون مع أيه حكومة تستمد قدرتها على البقاء بفضل تأييدهم. وقد مكن موقف الوسط هذا، الديمقراطيين الاجتماعيين من مواصل حكم البلاد في السنوات الثماني الماضية. سوى أن ابتعاد حزب الوسط عن محيطه الطبيعي، كلفه خسائر أنتخابية جسيمة، كما تؤكد نتائج سبر الرأي العام.

الأمر المؤكد الآن أن كتلة اليمين حتى مع بقاء حزب الوسط بعيدا عنها تحوز على أكثر من 49% من ثقة الناخبين. والمفارقة أن تقدم اليمين السويدي، وخاصة الطرف الأكثر معاداة للسويديين من أصول غير أوربية، تحقق بفضل تزايد الميل إليه بين ألأوساط العمالية التي طالما شكلت القاعدة الأنتخابية للديمقراطيين الإجتماعيين، أذ أفاد استطلاع لميول الناخين أن 56,6% من شريحة الناخبين العمال الذين أستطلعت أراؤهم، ذكروا بانهم يفضلون التصويت لكتلة اليمين، ولديمقراطيي السويد بشكل خاص. وتقلصت بينهم نسبة من احتفظوا بالولاء للديمقراطيين الاجتماعيين وحلفائهم الى 44.7% فقط. ويبدو من غير المحتمل تغير هذا المنحى في توجهات الرأي العام السويدي، مع النتائج التي خلص لها المختصون بدراسة الرأي العام، في ضوء المناظرة التلفزيونية التي جرت مساء التاسع من أيلول ـ قبل يومين فقط من يوم الإقتراع ـ  بين قادة الأحزاب البرلمانية، وهي أن كتلة اليمين حققت الفوز فيها، على خلفية  ما اعتبروه فشلا من رئيسة الوزراء، رئيسة الحزب الديمقراطي الاجتماعي الجديدة، ماغدلينا أنديرشون، في الأجابة على عديد من الأسئلة التي طرحها خصومها بشأن أكثر من قضية، وخاصة قضية معالجة تصاعد نشاط عصابات الجريمة، التي تستقطب الشباب، وخاصة من المناطق ذات الغالبية من السويديين من أصول غير أوربية.

ولا يمكن أهمال حقيقة إن تقارب نسب التأييد لكلا الكتلتين لا تسمح بتأكيد قدرة أي منهما على تشكيل الإئتلاف الحكومي الذي سيعقب الأنتخابات، كما أن كلتيهما تعانيان من تصدعات عميقة وعدم أنسجام. ففي كتلة اليمين هناك تحفظات على الدور الذي يمكن أن يلعبه  “ديمقراطيو السويد” ولا يعرف أن كان سيشترك في الحكومة اليمينية أم سيكتفي بدعمها من خارجها مقابل تبنيها لجوهر سياساته، أم أن موقعه المحتمل كثاني أكبر حزب في البرلمان سيجعله يصر على المشاركة فيها، إن لم يطالب برئاستها.

وعلى الجانب الآخر يناصب حزب الوسط العداء لحزب اليسار، ويشترط لدعم الديمقراطيين الإجتماعيين أن يخلو برنامجهم الحكومي من أية أهداف يطالب بها اليساريون. لكن مشكلة الديمقراطي الأجتماعي أنه في وضع لا يمكّنه من الإستغناء عن دعم أي من الحزبين.

وأيا كانت النتيجة، وبغض النظر عن من سينجح في تشكل الإئتلاف الحكومي المقبل، فانه سيكون إئتلافا ضعيفا، في أوضاع محلية معقدة، وأوضاع دولية أكثر تعقيدا، خاصة بعد تقدم السويد بطلب عضوية حلف الناتو، على خلفية الأزمة الأوكرانية.

عرض مقالات: