اخر الاخبار

هل يستحق من ينشر محتوى تافها حقا او هابطا كما يسمى عقوبة السجن؟ وهل ان الدافع الى ذلك هو الإصلاح فعلا والخوف على الذوق العام والآداب العامة؟

لطالما كان موضوع الذوق العام والآداب العامة محط جدل بين القانونيين والناشطين، وعندما كان يزج في مسودات القوانين مثل المتعلقة بالجرائم الالكترونية وحرية التعبير والاعتصام والتظاهر السلمي، كانت تثار تساؤلات عن أسباب إعدادها، ومن الذي يقرر مخالفة هذا الفعل للذوق العام او الآداب العامة، وما هي معايير تحديد الذوق العام والآداب العامة، التي يفترض الا نتجاوزها؟ وهل المشرع عاجز حقا عن وضع معايير او شروط لها؟ ولماذا تتم المحاسبة على أساس تقدير من القاضي قد يجهله المتهم؟

طبعا يمكن محاسبة من يخالف هذه المعايير ان وجدت، ولكن يجب ان يكون هناك تناسب بين الجرم والعقوبة، خصوصا في الأنظمة التي يكون هدفها الإصلاح وزيادة وعي المجتمع، حيث يجري الاهتمام بالعقوبات البديلة مثل دفع الغرامة او العمل في خدمات اجتماعية. وهذا موجود في كل العالم.

 ان السجن حتى وان كان ليوم واحد، عقابا على نشر محتوى اعتبر هابطا او مسيئا، هو اجراء قاسٍ، خصوصا مع عدم  نشر تحذيرات مسبقة او وضع شروط او ضوابط. اما اذا كان القصد من العقوبة توجيه رسائل الى المجتمع، فان الموضوع خطر ويعد تعديا على حرية التعبير، ويمكن ان يتطور الى جوانب أخرى تستخدم فيها المادة لأهداف قمعية ولتكميم للأفواه.

فهناك يوميا محتويات تنشر عبر الفضائيات والاذاعات وعبر المسلسلات والبرامج ومختلف الاعمال الأخرى، بعضه يحرض على الكراهية والعنصرية والتطرف والعنف والتنمر، فضلا عن اعمال اكثر تفاهة مما ينشر في التواصل الاجتماعي، فهل ستتم محاسبة كل كتابها وحبسهم؟ وهل سيجرأ احد على محاسبة بعض من يعتلون منابر الجوامع وبعض السياسيين ممن ينشرون خطابات كراهية وطائفية.

ان الأفضل برأيي هو التوجه الى طرق أخرى في المحاسبة والمعاقبة، والاهم ان تحدد وتوضع أولا معايير لما يسمى المحتوى المسيء، وان يكون التركيز على من ينشرون خطاب الكراهية والتطرف والعنف، وتحديد معايير للذوق العام والآداب العامة وعدم ترك المجال مفتوحا للتأويلات.

وفي الوقت ذاته نتمنى من القضاء الذي تحرك بكل اجهزته للمحاسبة وإصدار الاحكام بهذه السرعة، ان ينطلق بنفس الهمة والسرعة لمحاسبة الفاسدين والقتلة وناهبي وسراق أموال العراقيين.

ان ما حدث يجب ان يُشعر كل الناشطين وسائر المجتمع المدني والفاعلين السياسيين بالقلق من إمكانية استخدامه لتقييد الحريات لاحقا.

عرض مقالات: