اخر الاخبار

تمر علينا هذه الايام الذكرى الستين، لاستشهاد رمز وطني عظيم وشجاع، الشهيد سلام عادل، تاركا في قلوب بنات وابناء شعبه ذاكرة عطرة، وبطولة فريدة في صموده امام جلاديه المجرمين، محافظا على اسرار حزبه، امينا لمبادئه السامية، فهو رمزا للشهادة من اجل وطنه الحر وشعبه السعيد.

سلام عادل، هو الاسم الحركي الحزبي ل (حسين احمد الرضي الموسوي)، ولد الشهيد في مدينة النجف في العر اق عام 1922، اكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة في النجف. ثم التحق بدار المعلمين في بغداد عام 1940، وتخرج منه عام 1943، وفيه بدات علاقته بالحزب الشيوعي العراقي، وانتظم فيه عام 1942، بعد تخرجه من الدار.. عين معلما في احدى المدارس البتدائية في الديوانية، عام 1944.، الشهيد سلام عادل، كان يتمتع بمواهب عديدة، فهو رياضي ولاعب كرة سلة ماهر، رسام وخطاط وممثل ومخرج مسر ح، وكان مدربا لفريق الجيش الكروي في الديوانية، اضافة لكونه معلما للرياضة والرسم في المدرسة.

مدير تربية الديوانية الاستاذ ناجي يوسف، وفي احدى جولاته التفتيشية للمدارس، شاهد المعلم حسين الرضي، فاعجب به، لشخصيته وضبطه للصف، وراي المعلمين الايجابي فيه، ولهذه المواصفات وغيرها، قرر مدير التربية نقله الى التعليم الثانوي لتدريس مادة الرسم، وتم تعينه في ثانوية البنات بالديوانية، واثناء مرافقته لمدير التربية ومديرة المدرسة في جولة لصفوف الثانوية، لتقديم المدرس الجديد لمادة الرسم للطالبات، التقى للمرة الاولى بالانسة ثمينة ناجي يوسف، ابنة مدير التربية والطالبة في الصف الخامس، والتي اصبحت زوجته فيما بعد، وام لبناته ايمان وشذى، وابنه علي.

وبسبب مهاراته في الرسم والرياضة والتحكيم للعبة السلة والكرة الطائرة، كسب ود الشبيبة والطلبة في المدارس والنوادي الرياضية، ونظرا لنشاطاته الاجتماعية والحزبية، قررت اللجنة المحلية للحزب في الديوانية، ضمه اليها عام 1944، بعد اخذ موافقة المركز في بغداد. كما حضي بشرف اللقاء مع الرفيق الخالد فهد، الذي اعجب بذكائه وفطنته، ونتيجة لنشاطاته الرياضية والاجتماعية والحزبية، استدعى من قبل مدير شرطة الديوانية، بهجت العطية، وجرى حوار بينهما، انتهى بفصله من الوظيفة، بسبب رفض مغريات مدير الشرطة.

بعد فصله من الوظيفة، طرح عليه الرفيق فهد، التفرغ للعمل الحزبي براتب 6 دينار شهريا، اجابه الرفيق سلام عادل، ان عدد المفصولين  الحزبيين من عملهم، اصبح كبيرا، وهو قادر على تدبير امور معيشته.

سافر سلام عادل الى بغداد، وفتح محل لبيع الفشافيش (اكباد وقلوب غنم مشوية) ليكون مركزا للحزب ومصدر عيشة في منطقة علاوي الحلة بالقرب من سينما قدوري، (سينما بغداد لاحقا ) وكان بصحبته رفيقه حسين فرج الله وهو ايضا مفصولا من الوظيفة،، بعدها  افتتح محل لبيع الكبة ووجبات الافطار في ساحة الوصي  ( ساحة الوثبة لاحقا ).. ثم اشتغل مفتش باصات، وفصل ثانيا من العمل، لقيامه بتنظيم اضراب لجباة ومفتشي الباصات، وبعدها عمل مدرسا في مدرسة خاصة للكرد الفيلية، ومن ثم مدرسا في المدرسة التطبيقية النموذجية (دار المعلمين الريفية) التي تخرج معلمين للعمل في الريف وكان بصحبته محمد شرارة ومهدي المخزومي ومدحت عبد الله، ونشات له علاقة مع بدر شاكر السياب، وكاظم السماوي، ونازك الملائكة، وفي نهاية 1948، تم فصله مجددا، وفي تلك الفترة تعرف على القائد الشيوعي حسين مروة، الذي كان صديقا لوالد زوجته ثمينة. وهنا احترف العمل الحزبي براتب 6 دينار شهريا، اعتقل عام 1949 في 19 كانون ثاني، بعد احدى التظاهرات، وحكم علية بثلاث سنوات فعلية في نقرة السلمان، وتليها اقامة جبرية في مدينة الرمادي... وبعد وصوله الى الرمادي هرب في اليوم الثاني، والتحق بالحزب. انتدبه الحزب ليكون مسؤولا عن المنطقة الجنوبية، وبعدها اصبح عضوا للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي.

خطب سلام عادل الانسة ثمينة ناجي يوسف، قبل دخوله السجن، حتى انه حين القي عليه القبض، ودخل السجن، كان خاتم الخطوبة في اصبعه الايمن. وبعد خروجه من السجن، ارتبط بها رسميا في حزيران عام 1953، ويروي الرفيق ناصر عبود، ان سلام عادل، كان قد تزوج في بيته في منطقة القاهرة ببغداد، بقي ثلاثة ايام، ثم سافر الى البصرة  مقر عمله الحزبي، واصبحت زوجته ثمنية ناجي يوسف  عضوا في الحزب الشيوعي عام 1949، تعرف عليها  عندما كان مدرسا بالثانوية، وكلفه والدها  بان يكون مدرسا خاصا لابنته  ثمينة.

اهم انجازات الرفيق الشهيد الخالد سلام عادل:

تمكن من استعادة وحدة الحزب وتجميع قواه، خصوصا بقدرته الذاتية على استيعاب التنظيمات المختلفة، وضمها الى الحزب، مشخصا النواقص والاخطاء، لدى جميع الفرقاء، حيث انتهاج سياسة جديدة، قوامها البحث عن المشتركات التي تقّرب، ولا تبعد، ووضع نصب عينيه، انهاء نهج الاقصاء، والتفريط والعزل للكادر الحزبي، الامر الذي جعل الحزب قوة سياسية فاعلة بالشارع العراقي، وبرزت خلال الانتفاضة الشعبية في عام 1956، التي عمت محافظات العراق، ضد العدوان الثلاثي على الشقيقة مصر، بعد تأميم قناة السويس بمصر.

من الجدير بالذكر ان قيادة سلام عادل (بعد تنحية حميد عثمان)، كان قد استجمع قوى الحزب وكتله وتنظيماته المختلفة، حيث اعترف الجميع باخطائهم، بهدف توحيد الحزب.

فقد وحد راية الشغيلة، ومن ابرز قادتها جمال الحيدري وعزيز محمد، مع منظمة وحدة الشيوعين برئاسة عزيز شريف، وعبد الر حيم شريف، مع التنظيم الاصلي القاعدة التي اعترف، ان القيادة التي اتخذت قرارات الفصل،كانت جاهلة ( قيادة حميد عثمان ) التي تقرر مساءلته وتجميد عضويته بمبادرة شجاعة من الشهيد سلام عادل، وهكذا تم استعادة وحدة الشيوعيين بتدخل من خالد بكداش والحزب الشيوعي السوري، وصدرت حينها جريدة اتحاد الشعب السرية عام 1956، لتعلن عن قيام وحدة الحزب.

سلام عادل كان حريص على كل رفيق في الحزب ووحدته، وكان باقر ابراهيم وحسين سلطان، يرددان دائما مقولته الشهيرة (ان اخراج اي رفيق من الحزب، هو اقلاع شعرة من عيوني).

وقد شكل سلام عادل لجنة مركزية جديدة، حضرت الكونفرس الثاني في حزيران 1956، وقد ضمت الرفاق

1 - حسين احمد الرضي (سلام عادل) سكرتيرا للجنة المركزية للحزب

2 - عامر عبد الله

3 - كريم احمد الداود

4 - فرحان طعمة

5 - جورج حنا تلو

6 - محمد صالح العبلي

7 - هادي هاشم الاعضمي

8 - عطشان ضيول الازرجاوي

9 - ناصر عبود

وبعد الكونفرنس الثاني، ولغاية ايلول 1958، ضمت الى اللجنة المركزية للحزب، اعضاء جدد، حيث اصبح عددهم 12 رفيق، وهم شريف الشيخ، محمد بابلي، كاكا فلاح، جمال الحيدري، واعضاء احتياط، عزيز الشيخ، وصالح الحيدري، عبد الرحيم شريف، وحكمان فارس الربيعي، وداود الصائغ، وصالح الرازقي، حيث انتهجت هذه القيادة الجديدة التي رجحت الاختيار السلمي الجماهيري كاسلوب للنضال

 الشهيد سلام عادل اعتقل في 19 شباط 1963،وقد تعرض الى ما لا يتصوره العقل، قسم منهم احياء من اعضاء الهيئة التحقيقية في قصر النهاية، حيث قام المجرم رئيس الهيئة بتقطيع اوصال الشهيد وعضلات جسمه ب (الكتر)- -وكسر العمود الفقري وفقئ عينيه، والركل والضرب باخمص البنادق والدماء تنزف من جسده،من دون ان ينال منه المجرمون الجلادون، بقي شامخا بوجه اعدائه القتلة،الذين ان الاوان لتقديم الاحياء منهم الى محاكمة عادلة،من اجل ادانة حزب البعث الفاشي، وانقلاب 8 شباط الاسود،وتعريف الشعب الى جرائم البعثيين الفاشيين.واعلنت اذاعة بغداد مساء السابع من اذار 1963،عن تنفيذ حكم الاعدام بالرفيق سلام عادل ورفيقيه محمد حسين ابو العيس وحسن عونيه.

هكذا عاش سلام عادل حياة نضالية مشرقة متالقة، ومات شهيدا شامخا، مدافعا حتى النفس الاخير من حياته، عن مبادئ واسرار حزبه، واعطى مثالا ملهما لكل الشيوعيين في نضالهم وحياتهم. وقدم مثلا اعلى في الصمود والتضحية من اجل المبادئ العليا وقضية الحزب والشعب.

فتحية لرمز الشموخ والصلابة سلام عادل.

عرض مقالات: