اخر الاخبار

افتتحت خيمة الندوات يوم المهرجان الثاني، الجمعة 11/11/2022، بندوة عن “شخصية المهرجان” شخصية القيادي الشيوعي الراحل، رئيس تحرير “طريق الشعب” في سنوات سبعين القرن الماضي، الرفيق عبد الرزاق الصافي.

متميزون بالوفاء

شارك في الندوة عدد ممن عرفوا الفقيد عن كثب او عاصروه، وهم رئيس تحرير “طريق الشعب” الرفيق مفيد الجزائري، والناقد والشخصية الادبية فاضل ثامر، والكاتب المعروف جمال العتابي، والكاتب الرفيق رضا الظاهر، والناقد المرموق ياسين النصير.

وفي البداية قال مدير الندوة الكاتب حسب الله يحيى انه “ما من عراقي منصف الا وينظر الى الشيوعيين باعتبارهم يتصفون بصفات اثيرة، ابرزها انهم مثقفون وبناة لثقافة الوطن. ومن النادر ان نجد مثقفاً لم يتأثر او يتعامل او ينتمي الى فكرهم الماركسي. كان الكتاب على الدوام رفيقهم الأساس، الذي يملأ حياتهم حتى في السجون. كذلك يتميزون بالصدق والنزاهة والشرف، فما من شيوعي ادين في جميع الأزمنة بالفساد المالي او الإداري او الأخلاقي”.

واضاف انهم ايضا “متميزون عن سواهم بالوفاء الذي بات مفقودا في مجتمعنا. ولا أدل على هذا الوفاء من هذا المهرجان، الذي نسلط فيه الضوء على الشخصية النضالية المتمثلة في نموذجها الأصيل الرفيق الراحل عبد الرزاق الصافي”.

وتابع مضيفا ان “الشيوعيين متمردون على العقلية البالية، معادون للقيود والأفكار الصدئة والممارسات الرجعية. ثائرون على كل ما هو فاسد وجاهل ومريض ومتخلف عقلا وسلوكاً. وان الوطن الحر الذي ينشدون الوصول اليه، والشعب السعيد الذي يسعون الى رؤيته واقعا، هما المبدأ الأساس الذي يعملون من اجله، ويفدون ارواحهم دفاعا عن قيمه النبيلة”.

“خيمة للصحف الوطنية”

كان الناقد فاضل ثامر اول المتحدثين في الندوة، وقد قال: “احييكم في هذا الملتقى الجميل الذي نظمته اسرة “طريق الشعب”، لكي يكون ملتقى استذكاريا لمسيرة الصحافة العراقية بشكل عام والشيوعية بشكل خاص، وهو يذكرنا بتقليد عالمي عرفناه في فرنسا، في مهرجان صحيفة اللومانتيه، الذي تشارك فيه صحف من شتى البلدان، ومنها جريدة “طريق الشعب” التي لها خيمة ثابتة فيه”.

واضاف “لقد عمدت جريدتنا في هذه الفعالية لان تمنح فرصة لجميع الصحف المحلية الوطنية للمشاركة، وهذا دليل على ان “طريق الشعب” هي خيمة لكل الصحافة الوطنية العراقية”، مبينا انها مبادرة طيبة “من الزملاء والرفاق في الجريدة، ان يحتفوا بشخصية وطنية وصحفية كبيرة مثل الفقيد الأستاذ عبد الرزاق الصافي”.

وقال مضيفا: “اعتدنا ان نلتقيه دائماً في فترة السبعينيات اثناء العمل في الجريدة، التي كان لي شرف المساهمة فيها بالقسم الثقافي. وكان مسؤول القسم آنذاك هو حميد الخاقاني”.

واستطرد يقول انه “في هذا العمل تشعر أنك تمتلك نفساً من الصحافة السرية الشيوعية، فجميع العاملين في هذه الصحيفة لا يشعرون بانهم مجرد موظفين كما هو الحال بالنسبة لبقية الصحف، لا بل انهم جزء من عمل نضالي، وهذه السمة نادرة في العمل، لأنك تعمل بشكل ذاتي وتشعر بان العمل يخصك قبل ان يخص رئيس التحرير او المؤسسة نفسها”.

واكد انه  ورفاقه في العمل مُنحوا “الحرية الكاملة في التصميم والتخطيط ورسم المحاور، وكانت رئاسة التحرير وإدارة التحرير تبارك ذلك. بهذه الروحية كنا نعمل”.

واشار ثامر الى موقف عاشه في تلك الفترة ، وقال “أتذكر مشهدا لا يمكن ان انساه، حيث استدعاني الرفيق عبد الرزاق الصافي الى غرفته وطلب مني ان ابدي رأياً بمقالة كُتبت حول مفهوم التراث. وقرأت المقالة ولاحظت انها تحوي بعض المواقف المتشنجة التي لا تخدم التعبير الصحيح عن رؤيتنا كماركسيين، تجاه التراث والموروث بشكل عام”.

 سألته عن اسم كاتب المقالة، فاعتذر عن اطلاعي عليه، وعبرت عن رأيي قائلا ان المقالة لا تخدمنا، لان تتضمن وجهة نظر فيها نوع من التصلب، ونحن نحتاج الى موقف أكثر انفتاحا. وعندما سألته مرة أخرى عن اسم الكاتب وألححت، قال ان كاتبها هوالرفيق زكي خيري. وقال لي: ولا يهمك، رأيكم صحيح. كان الرفاق القياديون يعلموننا الا نتقيد بالمراكز الحزبية لمن يكتبون للجريدة من الرفاق، وانما علينا الانطلاق من مستوى ما نتسلم من مادة”.

واوضح ثامرانه كانت هناك “إدارة ديمقراطية في العمل تسودها الروح الرفاقية، حتى بالنسبة للأشخاص غير الحزبيين، فكان لدينا عاملون في الجريدة ليسوا ضمن صفوف الحزب الشيوعي، وانما مجرد أصدقاء او رفاق سابقين. وأتذكر أني في ذلك الوقت كنت مسؤولا عن كتابة العمود الصحفي للصفحة بعنوان “كلمة ثقافة” .

وعن ذكرياته مع الصفحة الثقافية، قال “كانت مقروءة ومؤثرة، وانتجت الكثير من الأسماء القصصية والأدبية، ولو رجعنا الى الأسماء القصصية والشعرية التي برزت في الصحافة العراقية، لوجدنا انها مرت بالضرورة في هذه الصفحات”.

وختم فاضل ثامر حديثه محييا “هذا الجمع الكبير من الصحفيين والمناضلين الشيوعيين، الذين بدأوا منذ أيام حسين الرحال والى اليوم، وقاموا بجهود كبيرة، وأحيي رموز الصحافة السرية التي كانت تناضل وبصعوبة من اجل إيصال صوت المناضل، صوت الكادح، وتقاوم الطغيان والتعسف، وكل الصحفيين العراقيين الذين يعملون من اجل الكرامة والحرية وحرية التعبير”.

محطات من تاريخ الصافي

بعدها استعرض مدير الندوة حسب الله يحيى عددا من المحطات في حياة الفقيد عبد الرزاق الصافي، قائلا: انه احد الشخصيات السياسية البارزة في تأريخ العراق. ولنحو أربعين عاما كان الراحل عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وفي المكتب السياسي، وتولى رئاسة تحرير جريدة “طريق الشعب” في مراحل متميزة من تاريخها. واحتل مكانة مرموقة بين الشخصيات الوطنية العراقية في الحركة الشيوعية العالمية.

ولد الفقيد مطلع حزيران 1931 في كربلاء، واكمل دراسته الثانوية في المدينة نفسها عام 1948 وانخرط في النشاط الوطني والديمقراطي في صفوف اتحاد الطلبة العراقي العام في نفس السنة. وسجل في كلية الحقوق ببغداد في العام الدراسي 1949ـ 1948، وشارك بنشاط في الكفاح الطلابي بالكلية، ما أدى الى الحكم عليه بالسجن مدة 11 شهرا مع وقف التنفيذ “لنشاطه في صفوف الحزب الشيوعي العراقي” في العام 1950.

وفي السنة الأخيرة من دراسته عام 1952 تم تنفيذ الحكم السابق عليه، بذريعة الاخلال في التزامه بعدم المشاركة في النشاط المخلّ بالأمن، وأودع السجن في شهر نيسان، وفصل من الكلية طبعا ولم يستطع اكمال دراسته والحصول على شهادة التخرج في السنة نفسها.

وعاد الصافي الى الدراسة في الكلية بعد سنة، ورشحه الحزب لدراسة الفلسفة في المدرسة الحزبية في بلغاريا، وبقي هناك بعد انقلاب شباط الأسود، حيث عمل محررا في إذاعة صوت الشعب العراقي الموجهة ضد الانقلابيين، وعاد سراً الى البلاد قبل انقلاب 1968.

عمل الصافي في المنابر الإعلامية للحزب الشيوعي العراقي (مجلة الثقافة الجديدة، الفكر الجديد، طريق الشعب) واصبح رئيس تحرير الجريدة عام 1973 حتى عام 1979. ونظراً للملاحقات المستمرة وتصاعد شراسة الحكم البعثي، اضطر الى مغادرة البلاد في عام 1979، بعد العديد من المناورات لتضليل عملاء الأجهزة الأمنية. وانتقل الى سوريا ثم التحق بصفوف الأنصار الشيوعيين في إقليم كردستان. بعدها اضطر الى المغادرة واللجوء الى بريطانيا، الى ان أثقل عليه المرض وودعنا في 14 حزيران 2019 عن عمر ناهز 88 عاما.

عبد الرزاق الصافي وعملية التجديد

وانتقل الحديث الى الكاتب جمال العتابي الذي مرّ في مستهل حديثه على حادثة وقعت في العام 1955، عندما كان الصافي متخفيا في البصرة، حيث انه بعد خروجه من الاعتقال ذهب الى هناك للاختفاء. “وتم القاء القبض عليه في المدينة وأحيل للمحكمة بتهمة التشرد”.

وروى العتابي كيفية تعرفه على عبد الرزاق الصافي قائلا: “تعرفت عليه منذ صدور اول عدد لمجلة الثقافة الجديدة في نيسان 1969، على الرغم من انه لم يكن ضمن هيئة التحرير، لكنه كان حاضراً ونشيطاً في الكثير من الفعاليات التي بدأت في مبنى المجلة، التي شهدت حراكا ثقافيا وسياسيا بعد انقلاب 1968”.

واوضح في سياق حديثه ان مبنى المجلة كان ملتقى “لعدد من قادة الحزب وعدد كبير من المثقفين، وشهدت ايضاً الخطوات الأولى لإعادة تأسيس اتحاد الادباء العراقيين. كما ان هذا الحراك تمثل بالتصدي لـ “البيان الشعري” الذي نشر في مجلة الشعر عام 1969، وأتذكر ان الأستاذ فاضل ثامر كتب عنه بطريقة وصيغة هادئة ومعتدلة”.

واكد العتابي انه “شخصيا اتشرف في ان أكون مع زملائي واصدقائي، الذين تتلمذوا في هذه المدرسة التي كان اساتذتها كبار الصحفيين العراقيين ومن بينهم عبد الرزاق الصافي”.

واضاف انه تعلم فيها “مبادئ وتقاليد كثيرة، سياسية واخلاقية ومهنية، فكنت اعمل في مجلة الثقافة الجديدة في المجال الفني ومتابعة طباعة المجلة، ومن بعدها انتقلت الى الفكر الجديد منذ اول اعدادها. وكان عبد الرزاق الصافي حاضرا وفاعلا ومؤثرا بمتابعاته وملاحظاته ونشاطه الواضح والمتميز”.

ووصف العتابي معلمه عبد الرزاق الصافي بانه كان “من بين قادة الحزب والجريدة والعاملين فيها يتمتع ويتميز بتفهمه للواقع وفهمه الخاص وتصوره الى التزامه بالخط العام لسياسة الحزب. وكان ممكنا جدا ان تبني علاقة صداقة مع الصافي، بدون حواجز وبيروقراطية فهو كان قريبا من العاملين”.

واكد ان الصافي كان “يستمع ويحاور وربما يتبنى

افكارك التي تخالف افكاره إذا كانت مقنعة، فهو يمتلك مرونة وتقبلا لآراء الاخرين، ويدافع عن حقك في طرحها، وفي مجال القسم الفني كنا نواجه الكثير من الآراء والملاحظات التي تختلف وتعترض على وجود اشكال ورسومات وتصاميم، تأخذ مساحات واسعة من صفحات الجريدة، وكانوا يعتبرونها على حساب المادة المنشورة”.

واوضح قائلا: “كان الصافي يقف الى جانبنا في محاولات التحديث والتجديد. وهذا ما تميزت به “طريق الشعب” وما اغاض صحافة الحزب الحاكم وخاصة جريدة الثورة، وبدأوا يتابعون ويراقبون ارقام وكمية المطبوع من الجريدة، وأخذوا يغيرون أيضا تصميم الجريدة ويقلدون ما تفعله جريدتنا”.

وعمن اسهم في التجديد قال “انهم كانوا عددا من الفنانين وقائمة اسمائهم قد تطول؛ ففي إدارة القسم الفني ليث الحمداني، والرسامون محمود حمد، فيصل لعيبي، خالد النائب، يحيى الشيخ، عفيفة لعيبي، حميد عبد الحسين، إبراهيم رشيد، مؤيد نعمة، فلاح البصري. والتحق أيضا عدد من الشباب منهم الراحل عبد علي طعمة، شقيقي صفاء الى جانب شقيقي اآخر الشهيد سامي، الذي كان المصمم الأول في مطبوعات الحزب جميعاً. وكانت الجريدة تطبع اكثر من 60 الف نسخة يوميا، يوزعها السائق كاكا محمد الذي يوصل الجريدة صباحا الى إقليم كردستان، وسائق آخر يوصلها الى كل محافظات الجنوب يومياً”.

وقال ايضا عن “طريق الشعب” ان “هذه المدرسة دربت عددا كبيرا من الصحفيين الشباب، وهؤلاء

الصحفيون اصبحوا هم في مقدمة المثقفين والصحفيين العراقيين وربما العرب أيضا، ومنهم من تعلم على يد عبد المجيد المنداوي او حميد رشيد او رشدي العامل او سعدي يوسف ويوسف الصايغ وشمران الياسري ومصطفى عبود وصادق البلادي وغانم حمدون، وكان هؤلاء أساتذة حقيقيين في العمل الصحفي والثقافي. فغانم حمدون لوحده مدرسة، وكان يستطيع ان يكتب ويتابع ويقرأ ويدقق ويترجم في الوقت نفسه”. وذكر من هؤلاء الشباب الذين تصدروا المشهد الثقافي العراقي والعربي “فالح عبد الجبار وزهير الجزائري وحميد الخاقاني ونبيل ياسين ومخلص خليل وعبد المنعم الاعسم ومصطفى عبود وعواد ناصر وخليل الاسدي وسعاد الجزائري “.

وعن عبد الرزاق الصافي قال انه كان “يتابع ويدقق منذ ساعات الصباح الأولى، ثم ينتقل الى مطبعة الرواد، وكان يمتلك لغته المميزة، ويحرص على كتابة الهمزة بصورة صحيحة، ويعلمنا على ذلك. وكانت لديه ملاحظات منها وانا الى الان اتذكرها، الفرق بين ما يزال ولا يزال. وكنا نتساءل دائما كيف تمكن من اللغة العربية وهو رجل قانون. كان حريصا جدا على اللغة ومتمكنا منها، وهذا يعود الى دراسته ضمن عائلته الدينية حيث تعلم القران والحديث واصول اللغة، منذ بداياته الأولى في المدرسة الابتدائية”.

واضاف ان الصافي “وضع تقليدا يوميا في عملنا الصحفي، كان يسميه “جريدة الملاحظات”، حيث تمر نسخة من الجريدة على كل الأقسام، فيثبت العاملون فيها آراءهم وملاحظاتهم عليها . ومن خلال هذه الجريدة استطعنا ان نتجاوز الكثير من الأخطاء والمعوقات، وهذا تقليد محترم وثابت نعتز به”.

واضاف ان “شخصية أبي مخلص الاريحية استطاعت ان تطغي على أجواء العمل المضنية والمتأزمة في ظروف الملاحقة، وكان لا يبدو عليه انه متطير او خائف او مذعور في وقت اشتدت فيه المضايقات للجريدة. علما انه ظل حتى آخر الساعات في مبنى الجريدة مع قلة من الرفاق وهو ملاحق ومطارد، الا انه استطاع الإفلات منهم بعد ان هجموا على الجريدة.

تحية له ولرفاقه ولكل الزملاء والرفاق الذين عملنا معهم وتعلمنا منهم”.

 عبد الرزاق “الباسم”

أما الرفيق مفيد الجزائري فابتدأ حديثه بالقول أنه “بعد كل ما قيل.. هناك ما يمكن ان يضاف”. واشار الى “ابتسام الرفيق الصافي الدائم. عندما اتذكره اتذكر ابتسامته. لا اتذكر انني رأيته مرة عابسا. وهذا يعكس طبيعته المتسمة بالأمل والتفاؤل”.

واضاف ان “موقفه من الحياة كان دائما موقف الواثق من انتصار الخير في النهاية، مهما تعاظم جبروت الشر. وان زمن هذا الانتصار آتٍ لا ريب فيه”.

واشار الى حرص الفقيد الشديد على كل ما يتعلق بالحزب، وكل ما يخص رفاق الحزب وحياتهم وسلامتهم، وتأمين كل ما يمكن من احتياجاتهم، وتوفير كل ما هو ضروري لتيسير وتطوير عملهم في الجريدة وفي غيرها”.

واستذكر حادثة وقعت قبل ست سنوات ربما من وفاة أبي مخلص وفي مقر الجريدة ببغداد “عندما نهضت قاصدا  الخروج من المكتب، فإذا بالباب مقفل ولا مفتاح فيها، اتصلت تلفونيا بزملائي في الغرف الأخرى ليفتحوا لي الباب، فقد يكون المفتاح فيها من الخارج، لكنهم لم يجدوه. واستغرق الامر بعض الوقت قبل ان يعثروا على المفتاح الاحتياطي واخرج من الغرفة. وتبين لاحقا ان أبا مخلص كان قادما لزيارتي فوجد المفتاح في باب مكتبي من الخارج، واراد ان يعاقبني بـ “جرة اذن” كما قال لي لاحقاً، جزاء عدم حذري وعدم انتباهي لما قد اواجه من مخاطر”.

قلت له مبتسماً “يا رفيق أبو مخلص معقوله هكذا تحبسني؟”، فردّ قائلا بابتسامة اعرض:”لعلها تكون لك عبرة!”.

واشار الجزائري الى ان ابا مخلص “كان لطيفا مرحا، يجد في اعقد الظروف ما يبعث على الابتسام، ويروي من الطرائف ما كان يسميه “شقشقيات”، وهذه كانت جزءأ من عربون علاقته بالآخرين عامة وليس بالرفاق وحدهم “.  واوضح انه “ كان يتصرف دائما كتلميذ برغم كل معرفته وسعة افقه واطلاعه وتجربته الغنية وخبرته في العمل الصحفي وغير الصحفي، ورغم كونه معلما حقيقيا، وقد تعلمنا منه الكثير فعلا.  كان يرى انه حتى الانسان البسيط يمكن ان يمتلك ما هو نافع ويمكن الاستفادة منه. فالكل بالنسبة اليه معلمون بصورة او بأخرى ويمكننا ان نتعلم منهم”.

وقال الجزائري ايضا ان ابا مخلص “لم يكن يطيق ان يرى عملا غير متقن، سواء في عملنا الصحفي او في حياتنا اليومية وتعاملنا مع الناس ومجمل سلوكنا، وبكل صغيرة وكبيرة”.

وخلص الى ان عبد الرزاق الصافي لم يكن يفكر بنفسه: “كان منشغلا بالبشر والإنسانية، بالعالم واحوال الشعوب ومصيرها والناس في وطنه، بإخوانه واخواته وأصدقائه البعيدين والقريبين، وبرفاقه وقضية كل عراقي. فلم يكن يتوفر على وقت  للتفكير بنفسه وفي هذا ايضاً كانت تتجلى شيوعيته”.