اخر الاخبار

ولد الحزب الشيوعي العراقي عام 1934، وولد معه الحب والكراهية. حب الذين وجدوا فيهم صوتهم الجديد في دولة لم تبلغ سن الرشد بعد، واعداء وهم كثر، يرون فيه كائنا شب خارج الطوق.

هذا (الشبح) تحول إلى واقع، له لسان (صحف سرية) وأذرع كثيرة (خلاياه) المنتشرة، طرح برنامجه الوطني، فألتف حوله مثقفون ووجدوا فيه طريقهم إلى الحداثة، وأن ضاقوا بقواعده التنظيمية الحديدية، وجاءه بسطاء من عمال وفلاحين يعانون الأمرين من ظلم اجتماعي فاقع في المدينة أو الريف، وأن لم يعرفوا فكره الماركسي جيدا، وأبناء الطبقة الوسطى الذين شكلوا عموده الفقري، ساهموا بتقويته وفي بعثرته أيضا.

وكان الحزب بالنسبة لإعداء الشيوعية، بعبعا مخيفا ينذر بالشر، فهو (الثورة البلشفية) التي أعلنت سلطة الشعب، وقد يكون (المقصلة) الفرنسية التي حصدت رؤوس أصحاب الجلالة، وربما (فاضح) التدليس والخرافة.

ومن جانبها وضعت الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس شعار (خطر الشيوعية) لإيهام العبيد في مستعمراتها ومنها العراق، بالخطر الذي يهددهم.

 وفتحت الداخلية العراقية منذ تأسيسها الأول اقساما لمكافحة الشيوعية، وزرعت المقاهي والشوارع بالمخبرين السريين.  وضاقت السجون والمعتقلات بالنزلاء.

 ولما زاد الصراع بين محبي الوطن واعدائه، قررت الحكومة البريطانية قطع رأس هذا الكائن، فأمرت بقتل قادة الحزب، وطوي صفحته إلى الأبد. غير أن هذا الشبح زاد وكبر، وأخرج قادة آخرين، فالصراع الضاري في المجتمع بين ما يملكون والذين لا يملكون لن ينتهي بقمع قواه الحية، وان كان يؤخر انتصارها، وهذا الدرس لم يستفد منه أعداء الشيوعية بأشكالهم وألوانهم المختلفة. فعداء الحزب يعني عداء الشعب، ومن يعادي الشعب سيدخل خريفه الأبدي بينما شجرة الشعب، شجرة الحياة، تبقى خضراء وباسقة.

ومع مرور الأعوام أصبح الحزب الشيوعي ضمير الشعب الحي، رغم ما مر به من صعوبات وأخطاء، وما يعاني اليوم من انحسار، وظل وما يزال مدافعا عن الكادحين والحريات العامة، ودولة القانون والعدالة والديمقراطية. وقد دفع الكثير من التضحيات والشهداء من أبنائه وبناته قربانا لهذا النهج.

إنه وجد ليبقى فهو ايقونة العراق والأمين على مصالحه وحضارته وثقافته ونسيجه الاجتماعي.

فسلاما أيها الحزب، فرغم أن القوى الرثة قد خنقت الهواء بمستنقعها الآسن، فأنت مازالت تنشر عطرك الفواح الطيب وتضيف لنا نكهة جديدة في عيد ميلادك كل عام.

عرض مقالات: