اخر الاخبار

كثيراً ما يواجَه المثقف العراقي بسؤال صادم عن موقفه من التحوّلات التي تحصل في البلاد وبخاصة الحراك الشعبي الذي ينشد الحرية وتحقيق الأهداف والطموحات التي ينشدها المجتمع . والسؤال لايخلو من تلميح خفي يُشير إلى ضعف موقف المثقف العراقي . ونظراً لتهافت هكذا سؤال وعدم واقعيته من الناحية العملية ، فإن َّ التوضيح يكتسب أهميته :

كما هو معروف ، إنَّ المثقف لايملك عدّة السلاح ، لكنه يتمترس بوعيٍّ عال ٍ قادر ٍ على الكشف والإكتشاف بطريقة ٍ تتفوق على الملامسات السطحية للأحداث والتحولات التي تحصل في مجتمعه. ومن هنا يكون دوره حدسياً ، تحليلياً ، واثقاً وسابِقاً لغيره ، انه الضوء والمجس في الوقت ذاته

في الحراك الشعبي الاخير ( حراك تشرين ) تفاعل المثقف بدراية العارف مع طبيعة المحركات لهذا النوع من الحراك ، أسبابها ومبتغياتها ، ومن ثم توصيف الحلول الناجعة ، وهكذا أشارَ وكتبَ وساهمَ ميدانياً لأنه فرد من المجتمع وليس فرداً في المجتمع ، إلّا أن هذا التفاعل لم يكن في الحد المطلق ، كون التباين في مواقف المثقفين مازال يحدُّ من تكوين الرؤية الواحدة نتيجة لتشعب المنابع الثقافية والفكرية والسياسية وقوّة سطوة السياسي الطاغية التي ترى فهم التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية بمنظار آيدلوجي واحد بعيداً عن المتغيرات العالمية.

أما وعي المثقف ابداعياً مع مراعاة ماتقدّم ، فإنَّ الارجحية واضحة في مساندة الحراك الشعبي ، حيث المشاركة الأدبية المتنوعة الداعمة : المقالات ، الدراسات ، الشعر ، القصة ، الأغنية ، المحاضرات ،   اللوحة ، اللقاءات المرئية ،  تفعيل وسائل التواصل الاجتماعي ،  وغير ذلك الكثير ، وصولا ً إلى شرف الإستشهاد .

إنَّ المثقفين كتحديد إحصائي يمثلون النخبة في المجتمع ، وعلى الرغم من هذه النخبة ، إلّا انها تبقى النوع الذي منح الحراك الشعبي معناه الفكري والجمالي والبعد السلمي وصولاً الى  تحقيق الغاية النبيلة من هذا الحراك . من هنا لابدَّ أن يكون تقييم وفهم المثقف من قبل الدولة منسجماً ومتواشجاً مع هذا المعنى ، لأن الإنصات الى الطروحات الفكرية والفلسفية والثقافية غالباً ما يوفّر الحل ، ولنا في تجارب عالمية متعددة الدليل الراسخ وقوّة الاستنتاج ، حيث اثبتت تلك التجارب انَّ المثقف هو المتن في كل التحولات التي تحصل وليس الهامش ، وبذلك تكون مراجعة التغافل لدور المثقف في واقعنا السياسي وتفرعاته حتميّة ً وواجبة َ التحقق من أجل ِ وجود ٍ أبقى وحياة ٍ أنقى وانسان ٍ أرقى ...

عرض مقالات: