اخر الاخبار

شعار عرفناه منذ نعومة اظفارنا في حقبة الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم عندما كان المد القومي في أوجه ولم تعرف المنطقة العربية حينها التكتلات الاثنية والطائفية وعندما كان اعلام الحكومات مسخرا لمناصرة الحق الفلسطيني المغتصب اتذكر عند سوقنا للخدمة العسكرية الالزامية في منتصف ستينات القرن الماضي كانت المعسكرات عبارة عن لوحات على الجدران وفي ثكنات الجنود كلها تشير إلى قضية واحدة الا وهي القضية الفلسطينية وكانت الاناشيد الحربية الحماسية تدوي في ساحات التدريب فخلق هذا الجو حماسا منقطع النظير لدينا ورحنا نضع الحق المسلوب من أهلنا واخوتنا نصب اعيننا ولم نعلم حقا الدوافع السياسية والحفاظ على كراسي السلطة انها من أولويات الحكام العرب وبقينا هكذا، حتى اندلعت حرب 1967 التهب الحماس مع شعار (سنرميهم في البحر) ولكن للأسف فقدنا مزيدا من الدماء والأراضي لصالح المحتل الصهيوني وكانت خيبة الأمل وازدادت الشعارات الثورية بعد هذه الواقعة وبدأ الشك يراود البعض عن جدوى الشعارات وماهي إلا سنوات قلائل حتى كانت واقعة أكتوبر ١٩٧٣ وكانت معركة اعادت الثقة للنفوس على الرغم من اليأس والقنوط لتأتي زيارة السادات للصهاينة في عقر دارهم لتعيد الحسابات وتضرب الإجماع العربي بمقتل كل هذا والصهاينة يبنون كيانهم على أسس رصينة وجاءت الانتفاضات الخالدة التي احرجت مروجي التطبيع، وها هي غزة اليوم تثبت ان الامبريالية والاستعمار الغاشم لادوام له مهما طال صبر الشعوب ولابد لليل ان ينجلي، تحية لنضال الشعب  الفلسطيني وهو يلقن الصهاينة دروسا في التضحية والنضال، ليبقى شعار فلسطين الجرح الكبير وكل الجروح خدوش صالحا حتى تحرير عروس العرب فلسطين...

لا شيء يوازي حزن إنسان يظلمه العالم بقلب بارد، وهو يرى كيف ان التضامن يجيء ضده لا معه، ما يجري في فلسطين منذ سنوات طويلة حزن مكثّفٌ بات من العار السكوت عليه.  إن نكأ الجرح وسيلة مثلى لعلاجه، وليس من الصواب أن تظل الآلام طريقا للاستمرار من دون نقطة توقف، الفلسطينيون أرباب الأرض وسدنة تاريخها شعب اتُفق الصهاينة على تشريده فكانت السهام التي تفرّق مصنوعة من اشجار بنيه واخوته والمتاجرين بدمه.  أي دمار هذا الذي استحلته الدول الكبرى المتنفذة، واي صغار هذا الذي ينتاب الدول الأخرى التي تتختّل وراء الكثبان وتخاف ظلالها، واية حقوق تلك التي يدّعي بها غرب مقيتٌ يتبجح بأنه منبع للمدنية والقوانين والديمقراطية. مشافي تقصف، مدن تسبى، غارات تترى، قنابل تفوح منها الدماء، والقاتل يدّعي بأنه الضحية، أرض تغتصب، حقوق تُصادر، أمة تُنفى، وتاريخ يُزوّر، وفلسطين حلم قديم لا يخصّ من وُلد فيها وتنفس هواء بحرها، فهي الأرض الوحيدة التي تورِّث نفسها بوصفها مسقط رأس لكل محب لها. ما الذي يمكن أن يقوله إنسان وسط كل النشاز الذي يعزفه الغرب المتجبّر، لتتبناه الصهيونية العالمية بأنيابها السود، كيف يبرر المعتدي لنفسه وهو يرى آثار ما فعل، كيف يقوى على التطلع بوجه ابنائه بعد ان فجع الناس بأبنائها الأبرياء. لا استغراب ابدا، فالسكوت ديدن للخانعين، ولا عجب ابدا فالدول العظمى تجيد اذلال البشر بمقتضيات حياتهم، لذلك، كل شيء مهيّأ للخسارة، والتقارير المستمرة ستعتمد التبرير وإلصاق الوحشية بمن لا يمتلك مخالب، والآراء العالمية تعرف كيف تحاسب المغدور على صرخة خفيضة صدرت منه وعكّرت مزاج المتجبرين..

لا استغراب ابدا، انه زمن الصمت الباكي والمبكي، والشهادة على أخطر مؤامرة تعمل على قهر العدل وتعلن انتهاء العالم الذي بات عليه ان يخجل من شدة ما وصل اليه من سلبيات.

عرض مقالات: