اخر الاخبار

يوصف تيد هيوز المتوفي في عام 1998، بأنه شاعر الطبيعة بامتياز. وهو يتميز، أكثر من أي شاعر آخر، بأنه وظّف الطبيعة وصورها وتحولاتها لينقل باحترافية لافتة فلسفته ورؤيته الشعرية إلى القارئ. ولعل توظيفه لأحوال طائر “الغراب” الذي يمثل له صورة فنية عن الإنسان المعاصر في إحباطاته وروحه الانفصامية وعجزه عن التوفيق بين حيواته الداخلية والخارجية، هو التمثيل الأبرز في الاستعارة الشعرية التي يركز عليها هيوز في جُل أعماله. هنا ترجمة لثلاث من قصائده عن “الغراب”.

هستيريا الغراب

يشعر الغراب بأن دماغه ينزلق ،

ويجد كل ريشة حفرة لجريمة قتل.

من قتل كل هؤلاء؟

هؤلاء الأحياء الأموات، ذلك الجذر في أعصابه ودمه

حتى يبدو أسود بوضوح؟

كيف يمكن أن يطير من ريشه؟

ولماذا هاجموه؟

هل هو ارشيف اتهاماتهم؟

أم هو هدفهم الشبحي وانتقامهم المتلهف؟

أم هو أسيرهم الذي لا يغفر له ذنب؟

لا يمكن أن يُغفر له.

سجنهُ الأرض. فما كان منه غير أن يرتدي إدانته،

محاولاً تذكر جرائمه

ويطير مثقلاً.

الغراب والبحر

حاول نسيان البحر

لكنه كان أكبر من الموت، مثلما هو أكبر من الحياة.

حاول مكالمة البحر

لكن عقله تشتت وجفلت عيناه

مثلما تجفل من لهيب مندفع

حاول ملاطفة البحر

لكنه دفعه بالمناكب ــ مثلما يدفعك شيء ميت

حاول ان يكره البحر

لكنه شعر فجأة كأنه أرنب ناحل ــ يسقط على

صخرة تعصف بها الريح.

حاول فقط أن يكون في ذات العالم كما البحر

لكن رئتيه لم تكونا عميقتين بما فيه الكفاية

وإن دمه المبتهج اصطدم بها

مثل قطرة ــ ماء تصدم بمدفأة ساخنة.

أخيراً

أدار ظهره وسار بعيداً عن البحر

مثل مصلوب لا يمكنه الحراك.

وقفة الغراب الأخيرة

حريق

حريق

حريق

أخيراً حدث شيء ما

لا يمكن للشمس أن تحترق ، حتى أنها

سلمت بكل شيء وصولا إلى - العقبة الأخيرة

وهي إزاء ذلك احتدمت وتفحمت

تحتدم وتتفحم

شفافة بين خبث الفرن الساطع

الألسنة الزرق والحمر والصفر النابضة

واللعقات الخضر للحريق المهول

شفاف وأسود -

بؤبؤ عين الغراب، في برج حصنه اللاهب.