اخر الاخبار

 شهدت العقود الأخيرة تراجعا كبيرا في الاهتمام الشعبي بالمسلسلات العراقية والعربية، بعد غزو المسلسلات الأجنبية وخصوصا التركية للفضائيات العربية مع قلة المعروض العربي من الدراما التلفزيونية، والذي كان هو الطاغي وله جمهوره الكبير حتى الآن، كونه يعالج مشاكل من الواقع الاجتماعي لجماهير المشاهدين. لكن المتابعة المباشرة خلال السنوات الأخيرة أظهرت أن ما تقدمه الدراما العربية وبضمنها العراقية لا يعكس الواقع الفعلي لمجتمعات المشاهدين إلا ما ندر، أو قد يعكس أمورا سطحية منه.  وفي مسلسلات رمضان هذه السنة حاولت بعض المسلسلات الدرامية تناول قضايا مهمة، فيما لوحظ شبه غياب للكوميديا والمسلسلات الاستعراضية، كذلك غياب المواضيع التاريخية والمتعلقة بالشخصيات الدينية.  لكن تجدر الإشارة إلى مسلسل “الحشاشين” المصري، وهو عمل ضخم أثار الجدل والنقد بحكم تناوله قضية خطيرة في التاريخ الإسلامي، تتصل بكيفية استخدام الدين لتبرير اقدام البعض على ارتكاب الجرائم وإرهاب الآخرين.

اما المسلسل السوري “تاج” فتناول الأوضاع في سوريا أيام الانتداب الفرنسي، وما جرى من صراعات خلال تلك الفترة، ويمكن اعتباره عملا ضخما، تم فيه الاهتمام بالصورة بالاستفادة من النمط الهوليوودي، إضافة إلى ان بطله هو النجم تيم حسن الذي كان له مع زملائه دور كبير في إنجاح العمل.

أما المسلسلات الأخرى ومنها المصرية، مثل “حق عرب” و”العتالين”، فقد كررت مواضيع البلطجة والشقاوات. في حين أثار مسلسل “زوجة واحدة لا تكفي” الخليجي، الذي تناول ظاهرة الزواج السري وتعدد الزوجات بشكل مبالغ فيه، وعكس نوعا من الفنتازيا التي لا يمكن تخيّلها كونها بعيدة جدا عن الواقع، أثار لغطا وجدلا واسعين في دول الخليج ذاتها، ووصل الحال درجة اصدار قرارات قضائية ضد كل من ساهم في العمل.

 الدراما الرمضانية العراقية

اما المسلسلات العراقية التي عرضت في رمضان، نشير إلى دخول وجوه جديدة واعدة، والى تناول بعضها قضايا من صميم حياة المجتمع العراقي، بضمنها قضايا الفساد والابتزاز والتهديد بأنواعهما والخطف والقتل والانتقام والاستهتار والانتحار والتنمر والطمع والجشع ... مما يعاني منه مجتمعنا.

ومما يذكر عموما إن الدراما العراقية لشهر رمضان 2024 شهدت انتاجا واسعا قياسا بالسنوات الماضية. حيث تم إنتاج حوالي 25 مسلسلاً، وبثت الفضائيات العراقية أعمالاً درامية منوعة منها، مثل “آمرلي”، و”الساتر الغربي”، و”ذي قار ترحب بكم”، و”عالم الست وهيبة” بجزئه الثاني، و”المتمرد”، و”عش الدبابير”، و”خان الذهب” الجزء الثاني، ومسلسل “حامض حلو”، و”ورث عمتي”، و”انفصال”، و”شجرة التفاح”، و”أقوى من الحب”،  و”وطن” الجزء الثاني، و”روح” وغيرها. وكان من الصعب طبعا متابعتها جميعها، لكن ما يمكن قوله في ضوء ما امكننا مشاهدته، هو أن الدراما العراقية شهدت تطوراً ملموسا من ناحية الإخراج، وان أغلب المسلسلات تابعها الجمهور باهتمام. وكان منها:

*(العائلة إكس) من تأليف واخراج علي فاضل، والذي تناول أزمة العلاقة بين الآباء والأبناء، وصراع الأجيال، وصعوبات التفاهم بين هؤلاء وأولئك.

*(قصة) تأليف واخراج مراد الترك، وهو يطرح موضوع الحب في ظل الصراعات على السلطة والمال، وتغير المواقف في اطارها.

* “روح” اخراج حسن حسني وﺗﺄﻟﻴﻒ محمد خماس (قصة وسيناريو وحوار)، وهو يتناول  التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة مثل المصابين بمتلازمة داون، وينبه بلغة الدراما إلى وجوب عدم اغفالهم لأنهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم.

*”خان الذهب البداية” إخراج جوليان معلوف، تأليف محمد حنش، والذي حاول العودة الى مسلسل”خان الذهب” الذي عرض بنجاح في رمضان 2023. وهو يتناول قصص الحب والصراعات العائلية، وعمد المخرج الى الزج بفريق العمل السابق نفسه وعلى رأسه الفنان سامي قفطان، لكن المسلسل لم يحظ بالاهتمام الذي حققه سابقه.

* “عسل مسموم” من ﺇﺧﺮاﺝ فادي سليم وﺗﺄﻟﻴﻒ ندى عماد خليل، والذي عالج ظواهر عراقية منوعة وشائكة، بضمنها الفساد والجشع والقتل والاختطاف والابتزاز، وغيرها مما يجذب اهتمام المشاهدين.

 * “عالم الست وهيبة” إﺧﺮاﺝ سامر حكمت، وﺗﺄﻟﻴﻒ: صباح عطوان، وبطولة: سمر محمد، وفوزية حسن، وغالب جواد، وبراء الزبيدي، وساندي جمال، والذي أثار ضجة مزدوجة بسبب خلافات بين المؤلف صباح عطوان والمنتجين، بعضها مالي وبعض يتعلق بتغيير في النص وقد تم حسم الموضوع قضائيا. والمسلسل يتناول قضايا الشباب العراقي من زوايا وبأساليب جديدة.

*”ملاك” ﺇﺧﺮاﺝ أيمن ناصر الدين وﺗﺄﻟﻴﻒ حسين النجار، وهو يناقش قضايا اجتماعية مما أبتلي به مجتمعنا العراقي في السنين الاخيرة، وتعرض قصته لفتاة من عائلة ثرية تقع في حب شخص وتتزوجه من دون موافقة أهلها، ثم تكتشف بعد الزواج أنه من متعاطى المخدرات.

* (الساتر الغربي) للمخرج محمد جعفر ومن تأليف مهند الطيب، تعكس أحداثه صمود أهالي مدينة (حديثة) وهم يتصدون لعصابات داعش الإرهابي، وما تعرضوا له من ويلات خلال ذلك.

 *(آمرلي) من اخراج أحمد إبراهيم وﺗﺄﻟﻴﻒ أحمد تايه، وهو يروي قصة مدينة (آمرلي) وكيف قاومت داعش الإرهابي ببطولة، وقدمت التضحيات خلال ذلك.

أملنا مستقبلا بتطور الدراما العراقية لتكون عاكسا للواقع بسلبياته وإيجابياته، ومن أجل التوجه لإصلاحه  نحو الأبهى.

عرض مقالات: