اخر الاخبار

ليس وداعاً تقليدياً بكل تأكيد، فمثل ألفريد سمعان لا يمكن ان نودعه ونترك امره لذاكرة التاريخ، ذلك انه الصفحة المشرقة والحية في تاريخ العراق النضالي الباسل، مثلما هو شاعر ومسرحي وقاص وكاتب له ثمرات عقله ووجوده التي تركت بصماتها في حياة وكتابات الأجيال.

ومثل ألفريد سمعان، لا يليق به الرحيل، ولا الوداع الأخير.. لأنه حين ابتدأ رحلته مع الفكر والابداع.. نسي الموت أصلاً، وظل اميناً لقيمه ومبادئه وشرف مواقفه وغايات كلماته التي لا تشيخ ولا تنطفئ بغيابه..

من هنا نكرس له هذه الاستذكارات الحية.

«طريق الشعب»

**********

رئيس الجمهورية يعزّي بوفاة الشاعر ألفريد سمعان

 “تلقينا بألم بالغ رحيل الشاعر والكاتب الكبير ألفريد سمعان بعد مسيرة طويلة حافلة بالإبداع، كان فيها أحد أبرز المساهمين في المشهد الشعري العراقي، ومثّلت نتاجاته صوتاً وطنياً معبراً عن هموم الوطن وشعبه.

وبوفاته تفقد الساحة الأدبية واحداً من أعمدتها الأصيلة.

 أعزي الشعب العراقي والأوساط الثقافية برحيل الفقيد. ولعائلته ومحبيه جميل الصبر والسلوان، ولروحه الرحمة”.

 برهم صالح

رئيس جمهورية العراق

  •••••

 رئيس الوزراء: العراق فقد نخلة شامخة

  “‏تلقينا بألم بالغ، نبأ رحيل الأستاذ الفريد سمعان، الذي أمضى عمره حاملا لمبادئ الحرية والكرامة والعدالة، لقد فقد العراق نخلة شامخة من نخيله الباسقات، غرست فسائلَ ستُزهر إبداعاً ووطنية ونضالاً.

‏الرحمة للفقيد، والعزاء لكل من عرفه ولمس مواقفه الراسخة بالمحبة والنبل والإنسانية.”

مصطفى الكاظمي

رئيس مجلس الوزراء

***********

ألفريد.. كائن فريد

  ناجح المعموري

لم يكن سهلاً على التلميذ ان ينسى معلمه الذي فتح كثيرا مع أسماء بارزة وهو الأول بينهم، معلم مغاير ومختلف عن الأول وهو الأستاذ الكبير فاضل ثامر الذي علمني ومنحني اكثر مما حصلت عليه من الآخر.

لم يكتف بالعطاء، بل قدم لي مفاتيح الدخول القوي والجريء والشجاع للعقل والمعرفة. واتذكره في مرات عديدة يقول مردداً بما يشعره بالسعادة ويضحك الفريد فرحاً بالذي قاله معلمي فاضل ثامر. ويكرر ما يقوله بأن الاساطير العراقية واحدة، والاختلاف مع السرديات الأخرى طفيف وبسيط.

وقلت للأستاذ الفريد ان الاساطير العراقية مدفونة تحت مرايا المسيحية التي كرست الخصوبة بالحياة، وأكدت له ان الشباب هو حيوية المسيحية ويسوع مماثل للآلهة الشباب في الشرق، مات وانبعث ثانية، لانها المسيحية تذهب وراء الانبعاث دوماً وابدا ويسوع وريث الآلهة ديموزي/ اوزيرس/ وديونسيس، وكل الآلهة الشباب.

التقيته في عمان وأشاد بمشروعي الخاص بالاساطير وقال عنه حفريات مهمة وكبيرة.

سيظل الفريد كائناً فريدا، ونحن ورثنا عنه الكثير.

**********

ألفريد.. تأريخ مشرف

  ياسين النصير

الرحمة للشاعر المناضل الفريد سمعان، كان رمزا وقدوة وكائنا افنى عمره بحب وطنه وحزبه  والثقافة، وناضل في ميادين مختلفة من اجل حق المثقفين في العيش والكرامة، وضرب انموذجا للإنسان المكافح الذي لا يساوم ولا يدعي بغير ما يملك من معرفة، آثر الآخرين على نفسه في مواقف كثيرة وقدمهم  كي يفسح المجال لهم بالعمل والظهور، ولشدة حرصه كنا نختلف معه وأحيانا نتقاطع، إلا أنه اثبت وعبر تجربة طويلة مع النضال السياسي والاجتماعي ان مواقفه هي الاصح والأكثر نفعا، رحمك الله اخي ابا شروق فقد كنت معلما وكائنا شيوعيا بامتياز. ومتفانيا في اعادة أتحاد الأدباء للحضور الاجتماعي والمؤسساتي. لقد عشت معه في مراحل مختلفة تنظيما ورفقة عمل في صحافة الحزب ومشاركة ثقافية في منتديات ومهرجانات، وكان دائما ياخذ بايدينا ويصوّب مواقفنا ولا يعمل لنفسه غير ما يعمله لرفاقه ولاصدقائه وللأدباء.

تاريخ طويل مشرف بمواقف نضالية وسياسية وثقافية، الرحمة لروحك والصبر لذويه و للأدباء الذين يعملون الآن في صرح اتحادهم الذي ناضلت لعودته والمحافظة على ممتلكاته والمدافع عن وجوده وحقوقه. كنت محاميا وشاعرا وأديبا وابا لأجيال من مثقفي العراق. الصبر لنا نحن ابناؤك.

********

الصانع الأمهر للحياة

  عمر السراي 

هو ممن نفخر أننا التقطنا صورةً معهم في يوم ما،

فكيف بنا وقد تتلمذنا على يديه،

ألفريد سمعان.. الوطنيُّ المجبول من طين التاريخ،

والصانع الأمهر للحياة والتحدي والشموخ.

أمسكَنا من أيدينا الغضّة قبل سبعة عشر عاماً، وقال: أنتم ذخيرتُنا للمستقبل، فارتقوا منصّات الشعر، واقرأوا قصائدكم، فالأمل كل الأمل في الشباب، لذلك كانت بصمته علينا، نحن (جيل نادي الشعر) راسخةً وواضحة..

علّمنا أن الحياة مهمّة لذلك علينا أن نعيشها بقوة، وأن المواقف لا تتأرجح أو تتوزع على جهات عدّة..

وأورثنا من عناده العتيد قدرةً على التواصل.

الآن فقط..

بعد رحيله أدركتُ أننا كبرنا..

فالعمرُ الذي ضاق عليه اليوم، ما عاد يتّسع لأحلامنا الطفلة،

الآن فقط..

أشعر بالشيخوخة قبل الأوان..

الآن فقط..

أحسّ بجفوتنا إزاءه، فقد ضيّعنا الكثير من الوقت من دون أن نظل راسين في موانئه،

الآن فقط..

هطل الليل في عيوننا المعتمة، فالضوء المنتشر منه ما عاد قادراً على الصحو المبين،

يا قدّيسنا المنير..

علّمني كيف أمحو من الذاكرة رنين صوتك، وهدوئك الصاخب، وغضبك المحبب، وعنفوانك الشاهق،

علّمني كيف أنسى..

علّمني كيف يكون الكون صالحاً للعيش في ظل غيابك،

علّمنا كيف نصير مثلك (أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق).. تلك المقولة التي كنت أول راوٍ لها من خلف قضبان،

علّمنا أن لا نستوحش زمناً رحل عنك فصار يتيماً في عطر غربة،

أيها الحيُّ المبتسم،

تقبّل منّا.. نحن أبناءك الدامعين.

************

أبو شروق يرثي ام شروق 

قلبي

على صرخاتك العطشى

على تلك الدقائق

وهي تشهد مصرع البسمات

ورعشة الجسد

المعطر بالنقاء

ـــــــــــــــــــــــــــــ

* قتلت زوجة الشاعر الفريد سمعان، جاكلين الياس رزوقي عام 1966 في ظروف غامضة، وقد اصدر الشاعر ديوانه (ام شروق/ رحلة الحب والتعب) عام 1967 في رثائها.

 مقطع من قصيدة “ام الحنان”.

********

من مواقف ألفريد سمعان

  حسب الله يحيى

 لا احب الكتابة عن الماضي كثيراً، ذلك انني حريص على التوجه نحو المستقبل الذي يفترض ان يكون هو الأفضل بسبب ما قطعته البشرية من متغيرات تعمل على تيسير الحياة للإنسان.

لكن ماضياً مضيئاً لحياة انسان مبدع ومناضل مثل ألفريد سمعان، لا بد ان يكون نبراساً امام الأجيال بوصفه نجمة مضيئة في سماء شديدة العتمة خاض غمارها بشجاعة وثبات.

اذكر مرة التقيته في محكمة الكرخ، حيث كنت متهماً بخسارة فنان مسرحي كتبت نقدا عن عمله، فتوقف العرض وتسبب في خسارته المادية.

عرفني ألفريد سمعان قبل ان اعرفه، وكنت اعتقد انه قد مات في واحدة من أساليب التعذيب التي تعرض لها مراراً، او سافر متخفياً الى الخارج.

كنت افتقد حضوره لسنوات عديدة.. سألته عن السبب، قال الآن امارس مهنتي (المحاماة) ودعاني الى مكتبه في الكرادة.

زرته، ودعوته للكتابة الى الصحف والمجلات التي كنت اعمل فيها محرراً ثقافياً.

وكان جوابه:

- لديّ الكثير الذي لم ينشر، ولا اريد نشره.

- لماذا؟

- لا اريد ان يعرف احد انني ما زلت اكتب، واذا ما نشرت مرة فانني سأكلف بالتأكيد، بكتابة قصيدة تمجد السلطة، وهذا ما لا اريد ان افعله ابداً.. اريد ان ابقى منسياً كشاعر بدلا من ان أكون بوقاً لسلطة مدانة.

احترمت هذا الموقف، وبقيت اتواصل معه واستعير من النادر من الكتب لقراءته. كان الرجل كريماً في عطائه ومحبته ونبله..

وعندما توطدت علاقتي به سألته بعد قراءتي للديوان الذي اهداني إياه (ام شروق).

- ما زلت شاباً وام شروق رحمها الله قد رحلت.. لماذا لا تتزوج؟

وفوجئت به ينهض غاضباً وكأنني وجهت اليه ما يسئ الى شخصه وموقفه.

- ألا تخجل من هذا السؤال.. ماذا أقول لام شروق؟

- ولكنها ماتت..

- لا .. لا لم تمت، ام شروق حية لا تموت.

وعندما اصبح في قيادة اتحاد الادباء – وكان من مؤسسيه – بعد ثورة 1958، وجدته الشخصية التي تتفاني في خدمة الادباء والدفاع عن حرية أفكارهم وتحقيق طموحاتهم.

هذه حقائق لا بد من التذكير بها ووضعها امام هذا الجيل من الادباء والكتاب حتى تكون شاهد اثبات لشخصية وطنية فذة عرفت بماضيها المشرق وعطائها الإبداعي الملتزم.

**********

نشيد  الأنصار (البيشمركه)

  الفريد سمعان

 نحن أزهارك في روض الجمال

نحن راياتك في سوح النضال

نحن روضنا أخاديد الجبال

وصنعنا الفجر من ليل المحال

***

أسال الريح وغابات الكروم

صدى الرعد وموجات الغيوم

صرخة التحرير في الأفق تحوم

شعلة تغسل أحداق النجوم

***

عبر أمجادك أطلقنا الشعار

وطنا حرا وأعراس انتصار

وعبرناها صخور الانتظار

لغد يزهو بباقات الزهور

***

سوف نحميه برعشات القلوب

وهجا غادر أسوار الغروب

وتحدى عتمة الظلم الرهيب

وغدا رمزا لتحرير الشعوب

**********

ألفريد سمعان: ما قبل التغيير وما بعده

أ.د. عقيل مهدي يوسف

 كان الفريد سمعان، الشاعر اليساري، يمتهن المحاماة حين عرّفني عليه، قبل أكثر من عقدين من الزمان الإعلامي والقاص (عدنان منشد)، حينها صعدنا السلّم الى مكتبه للمحاماة وكان يقرأ في كتاب عن سيرة النبي محمد، ليأخذنا الحديث عن طبيعة متغيرات الفترات التاريخية المتعاقبة، وما تفرضه من (قيم) نسبية في النظر الى الحياة، والفكر، والعالم.

حينها حدّثني عن نص مسرحي كتبه بروح شعرية عن (ملك آشوري) وفيه دلالات مقترنة بواقعنا السياسي المعاصر، وما يتمخض عنه من صراعات ودسائس بروح استبدادية في قصر ذلك الملك الذي إنحرف عن مقتضيات الخلق القويم.

حين تفرّغتُ لإخراج هذه المسرحية التي أُجيزت من قبل وزارة الثقافة حينذاك، أثيرت زوبعة، بحجّة ان الرقيب إلتبس عليه إسم (الفريد) ما بين (سمعان) و (فرج) !

ولكننا قدمناها وكان بطلها الإذاعي المرموق (أحمد المظفر) بإسلوب (الإلقاء الفني) “ الرتسيتال “ في المتحف الوطني تحت جداريات آشورية دالة على عبقها التاريخي والإبداعي.

في مرحلة ما بعد التغيير، كنتُ أرقبٌ حذاقته وفطنته (القانونية) وكيفية تعامله وردوده على من لم يكن متفاعلاً مع اتحاد الأدباء من بعض أعضائه أو من الأدباء.. وجمعتني الصدفة، حين زار العراق (أحمدي نجاد)، وكنتُ عميداً لكلية الفنون، مع الفريد، الذي كان يمثّل الاتحاد، ليطرح أسئلته على الرئيس الإيراني، الذي كان ردّه، بأنه سيدعو وفداً متنوعاً من أساتذة الجامعة والأدباء والاعلاميين، وممثلي بعض الأحزاب الى (إيران)، ليحكموا هم بأنفسهم، على ما سيرونه هناك، بروح مستقلة وموضوعية.

وحين أصبحتُ عضواً في المجلس المركزي في اتحاد الأدباء، كنا نتحاور عبر اللقاءات مع رموز الثقافة، من عراقيين وعرب، وكان يحضرها ألفريد سمعان جميعاً، وقد بانت عليه آثار العمر، ولكنه كان يكابر دون توان أو تبرير بالتواصل مع هذه الجلسات، وتشرّفتُ بأنه قد منحني درع الاتحاد، تكريماً لمحاضرة كنتُ قد قدمتها.

ولا أنسَ ما تقدّم به الشاعر (عمر السراي)، في رسالة (الماجستير) عن التجربة الشعرية لـ (الفريد سمعان) التي كانت انموذجاً جاداً، تحت إشراف الاستاذة القديرة د. نادية العزاوي، وحضرنا جلسة المناقشة في الجامعة المستنصرية، بزهو، وثقة، بجدارة البحث ونتائجه العلمية والابداعية.

لم ينقطع (الفريد سمعان) عن النشر في الصحف المحلية اليومية، وكان يعبّر عن هاجسه الوطني، والتزامه وكأنه يريد إيصال صوته الجريء وهو يقيّم الظاهرة السياسية بموضوعية، تخص العراق، والأمم، والشعوب المناضلة من أجل الحرية والسعادة بروح متحمّسة شابة، وكأن الشيخوخة لم تدركه بعد !

*********

ساعة الفريد

 (أبا شروق) ما زلت ألبس ساعتك التي اهديتني إياها قبل سنين كثيرة. تلك التي تحمل صورة الجواهري.. اعاهدك انني لن انزعها..

كاظم الحجاج

******

وداعاً معلمنا .. ألفريد سمعان

 د. علي حداد

 (كل حي بالدنيه عليه موته) هكذا يردد أهلنا العراقيون حين يقحم الموت أصابع قسوته لتنتزع عزيزاً لديهم. ولكن شتان بين موتة وأخرى ، بين موتة من جاء إلى هذه الدنيا وذهب منها طارئاً ، أو من جاءها فحملت أعباء وجوده مكرهة ، وبين من جاءها فحفر بأصابع إصراره اسمه ومسعاه الإنساني وجهده القيمي الذي تبناه مساراً، ظل ينافح عنه معانداً ، وما حاد  أو توانى.

هكذا كان راحلنا النبيل الأستاذ (الفريد سمعان) الرجل والشاعر والمناضل المتماهي مع ما التاذ به وجوده القيمي سلوكاً ووعياً وعطاء إبداعياً وعمراً مديداً صيّره ذاكرة حية للثقافة العراقية المعطاء ، وبقية جيل من المثقفين الذين تحصن عطاؤهم الإبداعي بفيض من ارتهان فكري ماغادروه ، ونبل موقف إنساني مجالد هو وديعتهم الخالدة  لمن سيأتي بعدهم.

 لقد كان الراحل يحمل سجايا عطاء وإيثار لا يفقه نبلها إلا من اقترب منه ، وأدرك أن صراحته وحرصه وغضبته النبيلة هي بعض من اشتراطات ذلك الموقف الذي اختطه لنفسه منذ أن وعى وجوده الإنساني والفكري والأدبي ، وطيلة العقود السبعين التي عاشها لاحقاً.

لك الخلود أيها الراحل المستوحد الذي أترع تاريخه بالقيم والعطاء والاجتهاد ونقاء السريرة . ولن ننسى ما حيينا أنك كنت بيننا عطر أزمنة ويقظة ضمير وترداد قصيدة نبل عراقية لن يذبل صوتها.

********

ذاكرة نقرة السلمان

وقطار الموت

 ثامر أمين

 يمثل رحيل الشاعر والكاتب والمناضل الفريد سمعان خسارة كبيرة للساحتين الوطنية والثقافية لما قدمّه من عطاء وطني ممثلا في نضاله الطويل من أجل حرية وكرامة العراق والعيش الكريم لأبنائه دفع بسببها سنوات عديدة من عمره قضاها متنقلا بين زنازين وسجون الاتظمة الدكتاتورية ومن أبرزها سجن ( نقرة السلمان ) كما كان أحد ابرز المناضلين في ملحمة ( قطار الموت ) عام 1963 ، وكذلك دوره الفاعل في الساحة الثقافية على صعيد انجازه الأدبي حيث أصدر اكثر من عشرين مجموعة شعرية وقصصية  و في عطائه من خلال وجوده على رأس الهيئات الادارية للاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق عبر فترات متعددة  من تاريخه الثقافي ، لقد امتزج نشاطه السياسي والثقافي معا الى درجة يصعب الفصل بينهما ، عزاؤنا الوحيد بفقدان الفريد سمعان ما تركه من إرث أدبي ونضالي سيظل نبراسا تهتدي به الأجيال .

*******

ألفريد سمعان.. الرجل النبيل

 سلوى زكو

 كان قد مر  اكثر من عشر سنوات على انقطاع  صلتي به بعد الضربة التي وحهت للشيوعيين.

لم التقه في الشارع حتى بالمصادفة رغم اننا كنا نحن الاثنين نعيش  في الكرادة.

جاءني يوما الى مطبعة الاديب حيث كنت اعمل يحمل ورقة من فئة مائة دولار قائلا هذه ارسلها من  لندن ابو عمار.

لم اتوقف كثيرا عند فكرة كيف وصلت.

كانت حلا لأزمة مالية مستحكمة.

مرت السنوات وسقط النظام لألتقي بأبي عمار واسأله.

قال لي لم تكن هناك وسيلة للاتصال او ايصال اي مبلغ

من اين جاء الفريد بهذا الكلام؟

ظلت المائة دولار معلقة في فضاء الزمن.

بعد سنوات هنا في عمان سألته عنها

- ابو شروق فد يوم انطيتني 100 دولار هاي منين؟

- حييييل شعندج سوالف هاي شلون تذكرتيها؟

- ما انساها وسعود يقول ما بعث فلوس هاي منين؟

- يابه اعتبريها كانت مساعدة من الحزب.

- ابو شروق الحزب ما يوزع فلوس هذي منين جانت؟

حاصرته بالاسئلة فشرح لي وهو محرج كأنه جاء ليستدين مني.

- اني سمعت دتشتغلين عاملة بالمطبعة وجان عندي شوية فلوس اذا اقول هاي من عندي ما راح تقبلين ذبيناها براس سعود. منين اعرف راح يسقط النظام وتلتقون؟

ثم قال وهو يمط الكلام على طريقته

- هسه فادتج لو لا؟

هذا الرجل النبيل كم اختلفت معه واختصمنا واصطلحنا

كنا على طرفي نقيض في مواقف عديدة

لكن القلب الطاهر يبقى طاهرا

طوبى لمن رحل تاركا خلفه ذكرى طيبة.

*******

ألفريد سمعان .. حب العراق

 معتز عناد غزوان

 حزن وألم وفراق لا يمكن لي احتماله حال سماع خبر رحيلك ايها الاب والمربي والمبدع الكبير الرائع (الفريد سمعان)  (ابو شروق) عرفتك انسانا صاحب مبادئ في الدفاع عن الحق بكل قوة وانت في ساحات القضاء مترافعا عن المظلومين بكل قوة واباء، كنت استمع لما كنت ترويه لي وانت في زنزانات العذاب والاضطهاد والعنف وكنت صلبا جريئا في مواقفك النبيلة تجاه الوطن وقضاياه العادلة، عرفتك شاعرا كبيرا مقتدرا في وطنياتك وغزلياتك ومواقفك في صور شعرية تجلت بكل معاني المحبة والاخلاص للوطن، لقد كنت تحلم وتجعلنا نجول في حلمك الوردي لوطن تسوده العدالة والمواقف النبيلة المشرفة التي لا تعرف الانتماء الا للعراق نفسه... رحيلك خسارة لا تعوض، نعم هي كذلك، نم قرير العين وسلام على روحك الطاهرة التي رحلت عنا تاركة لنا ما اوصيتنا به حب العراق اليوم وغدا وابدا.

******

ترجل عن صهوته

بعد طول السفر

 علي حنون العقابي

 تعرفت على الشاعر الفريد سمعان بعد سقوط النظام الصدامي البائد. وكان قد تولى مسؤولية الاشراف على منظمة المثقفين في الحزب الشيوعي العراقي . وتعلمت منه التفاني الحقيقي من اجل المبادىء والقيم الانسانية الرفيعة .. وعرفته مناضلا فذا وشاعرا رائدا وانسانا وطنيا ..لا يبخل في مساعدة الاخرين ..وقد كان له الفضل الكبير في ترميم المشهد الثقافي في الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق بعد تسلمه رئاسة  الامانة العامة ..وقدم العديد من الوجوه الشابة شعريا وادبيا ..على الرغم مما كان يعانيه من ظروف خاصة بعد فقدان زوجته ام شروق ورحيل ابناءه الى خارج البلد . الا انه كان يعد كل شباب العراق بمثابة ابناء له .

اختزل الفريد سمعان في ذاكرته العديد من الاحداث التي مرت بالعراق وبالحزب الشيوعي العراقي تحديدا .. وساهم في انتفاضة وثبة كانون عام 48  وتجول في معسكرات الاعتقال وكان محطته الاخير في ( نقرة السلمان ) فيما كان قبل ذلك معتقلا  بزنزانة الى جانب زنزانة الرفيق الخالد ( فهد )حيث شاهد كيف يتم اقتياد رفاقه الى منصة الاعدام ..

رحل الفريد سمعان وترك لنا ارثا كبيرا من الاعمال الشعرية والادبية الاخرى . ولم يبخل على احد في تقديم المساعدة والعون طوال حياته .. لقد خسرت ساحة النضال واحدا من شجعانها .. كما خسرت الثقافة العراقية فارسا ترجل بعد طول السفر ...

*********

اتحاد الأدباء والكتاب في العراق:

ألفريد سمعان.. سيرة حافلة بالابداع والمنجزات

نعى الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق، وجاء في النعي: الشاعر القدير ألفريد سمعان، الذي توفي يوم الثلاثاء ٥ كانون الثاني ٢٠٢٠، في العاصمة الأردنية عمّان، بعد مسيرة حافلة بالإبداع والمنجزات..

الرحمة لروحه الطاهرة، وخالص العزاء للوسط الثقافي، والتضامن والمواساة لعائلته الكريمة، وللأهل والمحبّين الصبر والسلوان.

كما ورد في النص موجز عن سيرته:

* ألفريد سمعان

- تولد نينوى (1928)

- شاعر قدير وكاتب مسرحي وحقوقي

- تخرج في كلية الحقوق 1961

- حصل على دبلوم عال في التخطيط من معهد الأمم المتحدة في دمشق سنة 1971

- له نشاطات سياسية وطنية مشهودة، إذ سجن أكثر من مرة، وتعرّض للقمع والاضطهاد على يد السلطات الغاشمة والقمعية.

- أصدر أكثر من عشرين مجموعة شعرية، وقصصاً ومسرحيات.

- كتبت عنه دراسات نقدية عدة، ورسائل جامعية.

- ترجمت أعماله إلى لغات حية عدة.

- شغل منصب الأمين العام لاتحاد أدباء العراق بعد الخلاص من الطغمة البعثية الديكتاتورية عام ٢٠٠٣

*وداعاً أبا شروق، لقد تركت في قلوبنا دمعاً لن يندمل، ووجعاً حارّاً يسحق الروح، يبكيك اتحادك، وتبكيك المنصّات والمحافل والكلمات والحروف، زملاؤك وأبناؤك على خطاك البيض، يستلهمون منك الأمل والنقاء، فدُم خالداً يا راهب الأدب والثقافة والاتحاد.