اخر الاخبار

 فناجين

اعطى ظهره للجالسين خلفه وانتبذ مكانا قصيا في المقهى الذي كان يعبق برائحة القهوة التي شرعت تصطاد الزبائن الذاهبين والقادمين...الضجيج لم يقيض له ان يستغرق في تأملاته واحلامه بيد انه انتبه لصوت رجل لم يدخر جهدا برفع صوته لكي يسمع احدا ما.. استبد بي الفضول والتفت ليتأكد من صاحب الصوت الذي اذهلني بالشبه العجيب بيننا .. حتى الملابس كانت تتشابه تماما ..بعد قليل صمت منصتا للمرأة الجميلة التي كانت تجلس امامه على نفس الطاولة.. قالت وهي تتأمل فنجانه _ ثمة رجل نحيف ،يحمل كتابا يبدو منحنيا وكأنه يتأمل مشهدا ما ،الغيوم تحيط به من كل الجهات وتزاحمه زوبعة غاضبة ..هيا اقترب وانظر.. صمت الرجل وهو يتطلع الى فنجانه ولم يحر جوابا ...أدنت الفنجان واستدركت ..هذه العاصفة لن تترك له متسعا من الوقت ليلملم جراحه ويمضي ،ثم شيعته بابتسامة وقالت ..حان الآن دورك ..كنت اتطلع اليهما دونما وجل او تردد .. قال الرجل وهو يرنو عن كثب الى فنجانها..ياه.. ما اصعب هذه التكوينات ،امراة تحمل حقيبة ثقيلة وتومئ الى شيء بعيد ،قد يكون قطارا او غيمة ودودة ستقلها الى جزيرة بعيدة ..ما هذه الاسلاك الشائكة التي تمنعها من المواصلة .. ألامر يدعو للريبة والشك ..نهضا بعد قليل وغادرا المقهى شانهما شأن الآخرين الذين تركوا فناجينهم على الطاولات التي كانت قبل قليل تضطرم نقاشا وجدالا واحلاما مؤجلة.. وقبل ان أنهض قامتي مغادرا اقترب رجل مكفهر الوجه ، رفع فنجانها ، تأمل التفاصيل وقال بصوت مسموع يا لبؤسهما.

ما جادت به البحارة

ما جادت به المحارة .. هكذا ارتأت ان تسمي كتابه الجديد الذي يضم بين دفتيه عشرات الرسائل وقالت لاشيء يمكن ان يضاهي كلماتها المجبولة باللهفة والاشتياق غير ان تكون اشبه بما تجود به المحارة ومع انه استغرب من العنوان قليلا الا انه وافق اخيرا عندما اطلع على بعض الرسائل التي كتبها في ليالي الانتظار القاسية. تردد في البدء واعتبر هذه الرسائل هي نتاج قصة حب استمرت لاعوام دأب فيها ان يكتب ويسجل كل خلجاته ومشاعره وافكاره وردود أفعاله على مواقف وحالات كانا يعيشانها معا..قالت صاحبة العنوان ناصحة اياه بطبعها في كتاب مع انه عاهد التي احب ان لا ينشر شيئا من هذه الرسائل لما تنطوي عليه من خصوصية وتفاصيل محرجة بالنسبة لها...وكان يقول لها ممازحا هل يخجل المطر حين يهمي مدرارا او نثيثا ..قصتنا اشبه بأية قصة حب أخرى تحتشد بلحظات الفرح والتعاسة وتنتهي مثل كل القصص بسكاكين الغياب والفراق ..ما الضير ان يطلع العشاق على كلماتها التي بذرها حبك في روحي وقلبي وفرائصي وكانت تشيح بوجهها جانبا رافضة فكرة ان تتحول الرسائل الى كتاب يتداوله العشاق..قالت امراة العنوان_ لاتتردد ..اقدم على نشرها ..لقد مضى زمن طويل على نهاية قصتكما ..من يدري اين هي الان .. فكر طويلا وشرع بطباعة اول رسالة ريثما يأزف الوقت لارسال بقية الرسائل الى المطبعة

عرض مقالات: